دون هذا الحبر، إلى أين لا أعرف نهاية المسار! حلمت لسنواتٍ أن يحلّ اليومُ المبارك الذي سيسمح لي بالخروج من مواويل معركةِ الكتابة، سيظن ظانٌّ بالكتابة ظن السوء أن حقّه منها أن يكتب، في أجمل أوهامه نعم! وقد يتمادى متمادٍ ليطمئن أن كلَّ ما عليه فعله هو أن يكتب فقط، ها ها ها، في أجمل الأحلام ربما. هذه معركةٌ لا نهاية لها ولا يمكن الفلاتُ منها.
أدخل عامي الخامس عشر في هذا الاحتدام؛ أحلم بيومٍ أتفرغ فيه لتفاهاتي، وهذوناتي، وأغنيات الراب التعيسة التي أمضغها في عزلتي، هذا أيضا لا يحدث ولا يبدو أنه سيحدث، تمر الأيام والمعركة تشتعل وأنا أحترق، لا أعرف هل أنا شمعة أم حريق من القش أم نخلة شامخة تعب الكبريت من محاولاته في حرقها، لا أعرف من أنا "الكاتب" وماهية هذه الأنا، لا تهمني هذه الأنا من الأساس، أعرف أنني في هذا الدرب الضائع حتى النهاية، لن أخرج منه ولن أفلت منه، لن أعرف راحة البال التي كانت كل همي وكانت شغلي الشاغل، الانعزال عن العالم. أطوف على ذكريات الأمس وأشعر بالأسى، متى سأتفرغ لتفاهاتي؟ متى سأعتزل هذا الصداع؟ متى سأنزوي في ركن قصيٍّ لأعيش ما تبقى لي من أيام في اختياري؟ هذا لن يحدث، ولن يكون، لقد قبلت بأقداري، أنا قربان، وحياتي قربان.
أيه أيتها الكتابة، سنختصم إلى يوم يبعثون.