بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 23 ديسمبر 2017

ندّاهةٌ اسمها الإنترنت


 هناك في الليل البهيم هذا، نداءٌ من كائنٍ غامضٍ من الصعب جدا أن تتركه. أكمل في معركتي مع مواقع التواصل الشهر الخامس دون انقطاع حقيقي يذكر. تتغير الحسابات فقط، ولا يتغير ما يسمى [بالتواصل] الذي أصبح السمة الغالبة على وجود كثيرين في كوكب الأرض، وللأسف كنت من هؤلاء، في خيار مبكر لم أحسب حسابه جيدا.
مع ذلك، لا يجب أن أشتكي. قطعت شوطا جيداً، عاد لي ما يقارب العشر ساعات من وقتي يوميا. وصار التواجد اليومي مقتصرا على الواتساب، والقليل من الرسائل هنا وهناك. الفيس بوك، يشبه نهاية علاقة سيئة مع شخص يضرك لكنك تحبه كثيرا. شخص يضرك بحكم وجوده، هذا هو الفيس بوك هو وخوارزمياته المحدودة ونصوصه البرمجية الكثيرة، وبنوك البيانات الضخمة التي يعيش عليها، نحن طبعا!! لا أحد يمانع أن يعيش الفيس بوك علينا، يبدو أن الفيس بوك هي الأداة المثالية لكي تثبت أنك على قيد الحياة. مع ذلك لا يجب أن أشتكي، قطعت شوطا، وباقي شوط قليل.
الأمر ليس سهلا بعد سنوات. لكنه يصبح واضحا عندما تكون كل أجزاء الحكايات المترابطة موجودة في مجموعة تغريدات، أو منشورات، أو تدوينات. قلت لنفسي مليار مرة، أن الفيس بوك ليس صديقا للكتابة ولو كان صديقا لها لما وضع لها [تايملاين] لتعبر كما تعبر أي لوحة في مطارات حملت رقم رحلة ربما وصلت الآن، ونسيت [اللوحة] لا الرحلة نهائيا بعد أن تحقق غرضها. [توصيل] المعلومة.
من ضمن الفضائل الصغيرة لهذه المواقع السرطانية اللعينة، أنها تجعلك مطلعا ثانية بالثانية على ما يحدث في العالم، أو في حياتك حتى، لست بحاجة ربما لمعرفة ما يحدث في كل مكان، لكن المكان الذي أنت به يخبرك تلقائيا بالكثير.
عدت لهذه المدونة، هذا شيء جيد. التدوين يجعلك تجمع الأفكار المتناثرة في نص واحد، كانت له ميزة كبيرة من البداية لا يجب أن يغفل عنها مدون. نداهة اسمها النت جعلتني أستيقظ شوقا لمكان اسمه الفيس بوك، فيه أصدقاء جميلون أشتاق لهم.
خارج الفيس بوك، الصداقات التي ما تزال ما هي، صداقات حقيقية. أما داخل الفيس بوك، فنحن في نداء مستمر، وإشباع معنوي دائم ومتواصل. استثارة شعورية كبيرة وعميقة، ترى صورك كثيرا، وحتى عندما ترى صور غيرك ترى [سيلفيات] لهم، مرآة عاكسة وشفافة عندما تشاء. وبمجرد وجودك فإن روابطك السابقة تجذبك إلى عالمك السابق، حتى عندما تنشئ حسابا جديدا، برقم جديد، وبإيميل جديد. يا له من عالم لزج جدا هذا العالم الأزرق. صعب الخروج منه، وسهل جدا أن تعود له وأن تدخل فيه.
أحتفل بعدة شهور بدون فيس بوك. هذا حقا يستدعي الاحتفال. أتمنى أن أقول الشيء نفسه عن تويتر، وعن مواقع التواصل الأخرى. تعبت من هذه النداهة التي اسمها الإنترنت، مثل الزوجة السيئة التي لا تصبر لتتخانق مع شريكها فتوقظه من النوم لتصرخ في وجهه وتسممه بكلام قاسٍ وتعود هي للنوم هانئة وتركته ساهرا، هذا هو التشبيه الذي يصف علاقتي بمواقع التواصل الاجتماعي، ولست حزينا أنني وصلت لهذه الخلاصة، أنا حزين لأنني في مدونتي، وأكتب كأنني لست في بيتي، لطالما كانت هذه المدونة بيتي. ، لا أعرف لماذا تركتها؟




معاوية الرواحي
أولدبري

23/12/2017