بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 26 فبراير 2024

أيام معرض الكتاب

 ياخي الضوء، والانتشار، والشكر، ينسف لك رأسك نسف!

كدت أن "أنزحط" .. ويداخلني ذلك الشعور إنه كل شيء في المبادرة "كافي"
أمس إبليس شخصيا يكلمني ويقول لي: خلاص لاه! الناس تقول لك شكرا! خليك مكانك، اقبل بأي شيء ممكن يصير، تراه يشكروك انته! تراه يسموه مبادرتك!
إبليس شخصيا جالس يوسوس لي، وإنصافا لنفسي أعلم أنني لم "أنزحط" ولكن داخلني ذلك الشعور المقزز بالزهو ..

اليوم، جلست جلسة مع الذات، ومسكت هذا الإبليس عشان أمسح به البلاط، وتذكرت إنه أمامي تحدي ..

التحدي هو توسعة هذه المبادرة، وفعل كل شيء من أجلها، ولو كان هذا يعني السعي من أجل كتابٍ واحد إضافي، هذه مهمتي، هذا دوري في المبادرة، تغطيتها، النشر عنها، جلب التبرعات، وإمداد أولئك المرهقين في ركن المبادرة بالكتب والمزيد من الكتب، والمزيد من الكتب.

كدت أن "أنزحط" وأن أصاب بالكسل، ولكن الحمد لله، هنالك الصديق الذي يذكرك، والذي ينصحك. كدت أن "أنزحط" وأن أصاب بذلك الشعور إنه "خلاص لاه، تراه شيء كتب"

لا يا ماريو!

ولو شيء مليون كتاب، شيء بعده مساحة للتحدي حتى يغلق باب معرض الكتاب، استيقظ، وانطلق غدا في عملك في المبادرة، ولا تجعل شيئا يزيحك عن العمل باجتهاد أكبر من أجل هذه المبادرة.

نعم أقول شكرا، لكن عندما يتعلق الأمر بهذه المبادرة، الهدف بسيط
أكبر عدد من الكتب لأكبر عدد من الطلاب!

غدا بإذن الله حملة #كتاب_غير_حياتك ..

وكل يوم حملة جديدة، وأيضا يوم الاحتفاء بماركيز ..

استيقظ يا ماريو، ولا تجعل الضوء يجعل قلبك مظلما!

توكلت على الله


بشأن هذه المبادرة، هذه رسالة اعتذار من القلب. لجميع من في المبادرة، ليس لأنني قصَّرت في حقِّا، ما أفعله يصنف بأنَّه [جيّد] .. أنشر عنها، وأكتب عنها.
لا أعتذر عن تقصير في الفعل، لكنني أعتذر عن تقصير في النية. أعتذر لنفسي أولا.
لقد شغلك يا ماريو حسن الذكر عند الناس. تطوف في ردهات المعرض وخيلاؤك، وإبليس شخصيا يوسوس لك: نعم! أنت معاوية الرواحي أيها العظيم! يا عضو مجلس إدارة النادي الثقافي، أيها المثقف النجم الذي يصور الناس معك!
عيب يا ماريو! عيب! عيب بمعنى الكلمة أن تسمح لإبليس بإقناعِك بأنَّك صرتَ تكفي بوجودك فحسب، لا بأفعالك!
أعتذر لنفسي، لأنني لم أقدم كل طاقتي وجهدي في هذه المبادرة، أعتذر حقا لنفسي، ويجب أن أفعل ذلك.

أعتذر للأصدقاء الذين لمسوا انطفاء في حماستي تجاه المبادرة، لقد وقعت في فخِّ ذاتي، وكدت أن "أنزحطَ" فيها طويلا، ولكن! لم يفت الوقت، لا للاعتذار، ولا للأفعال.
لقد كنت أقدم لهذه المبادرة أشياء أكبر بكثير من لعب دور النجم وتصوير [السيلفي] وأعترف بكل صدق الأرض أنني ابتلعت سنَّارة الذات.
أعتذر لمتطوعي المبادرة الذين كنت أخوض معهم النقاشات، وصرت أمرُّ مرور الكرام عليهم، أعتذر لأنني قصرت معهم في النصح، وقصرت معهم في إخبارهم بقصة المبادرة. نعم أعتذر، وأعرف أن الوقت لم يفت، لكنني أعتذر لهم. لقد وقعت في فخ الذاتية وكدت أن أصدق أن وجودي يكفي! وراهنت على ذلك، ونجح إبليس في إقناعي بذلك.

أعتذرُ لنفسي، ليس لأنني قصرت بشكل فادح، ولكن لأنني لم أقم بكل ما بوسعي، كان يجب أن أفعل أكثر، وأن أصور أكثر، وأن أطوف على دور نشر أكثر، وأن أتصل بكل الذين تبرعوا للمبادرة، أن أسعى للحصول حتى على كتابٍ مستعمل ممزق الغلاف سليم الصفحات.

أعتذر لكل طالب جامعي، كان بيدي خلال ثلاثة أيام أن أجلب مئات الكتب المستعملة لهم، انشغل ماريو بكونه معاوية الرواحي، مجنون بريطانيا السابق الذي أصبح اليوم نجما يشار له بالبنان! نعم، عيب يا ماريو! عيب، ليس في حق المبادرة تسمح لهذه الأنا أن تلقنك هذا الدرس في أعزِّ مبادرة لك في هذه الحياة، أطهر مكانٍ تعلمت منه النقاء الذي تعلم جيدا كم أنت بحاجة إليه!

أعتذر يا أصدقاء، وفي هذه الليلة، سأعيد تصويب مساري، وسأعيد تصويب خطابي، وسأعيد تصويب كلماتي..

أعتذر لجمعية الكتاب والأدباء التي نسيتُ أن أشكرها مرارا وتكرارا، وأن أقول لهم كم نحن نشتاق إليكم.
أعتذر لمعرض الكتاب الذين غفلت عن إعطائهم شكرهم المستحق ..
أعتذر لفودافون لأنني لم أفعل ما يكفي لأوضح للجميع، أنها تدخل معنا هذا العمل التعاوني، ودفعت مبالغ للكتب، ووثقت بنا، وأنا كل الذي فعلته هو القليل من التصوير، وبعض التغريدات!

أعتذر لأنني وقعت في فخِّ معاوية الرواحي، هذه الشخصية الملتبسة، وآن لماريو أن يعود إلى معرض الكتاب، بربشته، وحماسته، وأن ينسى ذاتيته، وسعيه السخيف إلى اعتبارات المكانة.

غدا، هو يومي الأوَّل في المبادرة، بعد هذا المطب الذي اسمه معاوية الرواحي، الذي يعتذر لماريو على ما فعله في نواياه.

ولأنني ماريو: أقبل اعتذاره بكل سرور وأقول!
نحن نعيش في جسدٍ واحدٍ، ودماغٍ واحدي، وحان الوقت لكي يتحول جنون الحماسة إلى واقع، ولتقطع هذه المبادرة رحلتها بكل المحبة والحماسة والشغف.

أعتذر، وأقبل اعتذاري، وغدا يوم تصويب المسار بعد هذا المقلب السخيف الذي لم أكن أتوقع أنني سأقع فيه!

عموما!

باكر الاحتفال بماركيز .. ونعود إلى سائر الأيام ..
أعلم أن أحدا لم يلمني على سخافتي، وغرقي في هذه الذاتية، لكن هذه ليست روح المبادرة، ولا روح العمل فيها، تعلمنا من القيم في هذه المبادرة ما يكفي لكي نعترف بالخطأ.

إلى كل الرفاق والأصدقاء، فليكن الجمال، وليكن العطاء، ولنجعل مبادرة هذا العام الأجمل، والأكبر، أعتذر لكم أجمعين، ماريو عائد إلى صفوفكم بكل حماسته بإذن الله.

توكلت على الله.

الثلاثاء، 20 فبراير 2024

عادات/ سلوك/ اعتياد/ مسالك

 كل ما أجي أروح أتمرن، أشوف صيدلية المكملات اللي أخصائية التغذية وقفت 90% منها، وأسأل نفسي: أنا ليش أروح أتمرن؟


عقلي لديه قرار، وسلوكي لديه شيء معاكس. جربت حتى وصل عمري لأربعين سنة فكرة الانطلاق المندفع، والنتيجة ماذا؟ بعد نزول الوزن يتحقق الهدف، ثم ماذا بعد؟ ليست لدي خطة بعدها!

الآن، أذكر نفسي كل يوم، لماذا أذهب؟ لأن هذا جزء من حياتي، جزء منطقي منها، يرفع طاقتي، وينمي كتلة العضلات، ويمنع سكاكين الدسك من الهجوم على الظهر. هذا ما أقوله لنفسي: ما مستعجل!

أروح أتمرن، هل لازم أستجيب للضغط الرائج؟ لازم ترفع الوزن، لازم تتحدى نفسك، لازم تحطم أرقام جديدة؟ ليش؟ ليش لازم أحطم رقم جديد؟ لو كانت الزيادة في الوزن نصف كيلو [Per] حديدة! ليش أخليها اثنين كيلو؟ موه يعني اللي يزيد لو تأخرت شهر؟ الهدف هو الاستمرار، الهدف هو تكوين السلوك، وتثبيته، لماذا أجازف بتخريب نشوة الرياضة لأنني أريد أرضي شيئا ما متعلقا بتجاوز الحدود!

لما أروح متحمس، أتدرب أكثر، لما أروح ما متحمس أنفذ الخطة. هذا الذي ضبط معي بعد سنوات من التجربة، وهذا اللي جالس يعطي نتيجة بطيئة وتدريجية. أقول لنفسي دائما: أنت تريد تستمر؟ ولا تريد تخلي الموضوع دورة زمنية وتوقف؟ أكبح اندفاعي بصعوبة بالغة، وبعد حادثة التنس الأسبوع الماضي أخصائية التغذية انزعجت جدا. ست ساعات من التنس! ليش يا ماريو! ما طايرة الأكاديمية، ولا طايرات الطاولات!

طبعا، وطبعا، وبلا شك، وبلا ريبة، وبلا حتى اضطرار للتمحيص أو التنفنيد أو المساءلة أو هيكلة التسبيب، أي شخص هدفه في رياضة الحديد هو الشكل، وتعديله، وجمال العضلات، وغيرها من الشكليات هو آخر شخص أسمع منه نصيحة، أفضل شخص مهووس بالكروس فت، ولا شخص كل همه تضخيم العضلة وشكلها. وطبعا، هو يمارس خياره في الحياة، فقط أهم شيء ما أستجيب لفكرة إنه شيء مدرسة صواب ومدرسة خطأ، الذي يناسبني شيء مختلف، ما له علاقة برأسمالية الشكليات، أو شكليات الرأسمالية! هدفي صحي.

الخطة اللي كنت مسوي لها ألف سالفة صارت الآن روتين عادي جدا، وحتى الوقت اللي كنت أخذه عشان أستعد قل، وفكرة ذهابي للتمرين ارتبطت بتوقيت حياتي بشكل متناغم. روح التمرين، وارجع ذاكر. أو ارجع خلص شغل، أو اقضي وقت عائلي. بدل المشي، أركض أحيانا، وأطنش البخار وحوض السباحة عشان المشاغل، ما شيء مشاغل، أكمل الجلسة في الجم، أو أروح ساعة أسمع لي كتاب، وأرجع البيت نشيط.

كل هذه الجداول تتحول مع الوقت إلى إحساس، وإدراك. على صعيد الإحساس تتعلم تسمع جسمك وتعرف حدود طاقته، على صعيد الإدراك تشوف التغييرات اللي جالسة تصير. لما تكون ناوي تستمر، لا تجازف بشيء يجعلك تتوقف، تمرين فوق طاقتك، أو محاولة مجنونة عشان تدفع بكيمياء جسدك لفعل ما هو فوق طاقتها.

مرحلة يثبت فيها الوزن، مرحلة يجمع فيها الجسم سوائل، مرحلة فيها جوع، مرحلة فيها نقص شهية، هو نفسه ما تفعله الحياة بخططك في كل شيء، أهم شيء إنك مستمر، خطة بسيطة، سهل تثبت عليها بدلا من خطط الصواب المفرط.

الصواب المفرط! تتمرن جلستين في اليوم، وتسوي جلستين استشفاء، ولو معك طاقم متكامل حتى تجيب آلات تساعدك على الاستشفاء، وفريق مختص، ولو بغيت ميزان بالنانوجرام عشان تسوي الصواب مالك! نعم هذا الصواب جميل وغاوي حتى يُختبر عمليا!

رجعت أكل عيش، وكنت أظن إني لازم أقطعه، ورجعت أتناول خبز بين عشوة والثانية وكنت أظن إني لازم أقطعه، وأتمرن ساعة ونصف وكنت أظن أن [الوحوشية] إنك تتمرن ثلاث واربع. صارت الرياضة تصنع الوقت، وتصنع وقتاً وفيرا نوعيا.

أحتفل بتغييرات صغيرة جدا، العضلة الضامة تستجيب للتمرين، وحتى هذه اللحظة لم أتعلم الإطالات، وأستكاود تذكرها، سأضيف هذا بعد أن أكمل أول شهر في تمارين المقاومة. ما مستعجل أضيف هذي التمارين، مع إنه هناك سوسة تنخر الرأس كي أفعل كل شيء صائبا، وأضيف أكبر قدر ممكن من [الصوابية]. أذكر نفسي، تو عاد الصوابية؟ بعد عشرين سنة من المصائب؟ الله ستر على كبدي، والسكري مجرد مزاح خفيف لما كان يمكن أن يحدث.

الأهداف لم تتغير، وذلك الذي كان انطلاقا لتغيير كبير أصبح الآن روتينا عاديا، جزء من الأيام، التزام آخر، أؤديه كما يجب. اللي لازم أسويه هو إني ما أسوي أكثر من اللي خططت أسويه. بعدني أفكر في الإطالات بإلحاح، لكن سأنتظر الوقت المناسب.

المدرب سوف يسافر لمدة أسبوع، لا أعرف كيف سيكون ارتباطي مع الرياضة بدون هذا الرابط الشخصي، لكن أظن أن هذا سيكون صحيا. بعدني ما أعرف أتمرن وحدي، بعدني ما أعرف أقيس شدة التمرين، وطبعا بعدني ما أعرف التكنيك الملائم، بس مجددا أذكر نفسي، أفعل كل هذا لأستمر، تأخرت شهرين، تأخرت شهر، تأخرت أسبوع ما دامت الخطة ماشية ما مهمة الطريقة.

نعم، شيء جميل إنك تتعلم كل شيء على طريقة [افعلها بنفسك] ولكن ما فرقت، ما دام التمرين يمضي والأسبوع وراء الثاني يمضي، الحياة ماشية، بهدوء، وعقلانية، بأقل قدر من المجازفة. آلام الركبة مخيفة بعد الركض، أرتاح عدة أيام بين الركضة والأخرى، ما شيء عاجل! عشرين دقيقة! حلوات، شخص يشوفها رقم تافه لا أمانع أشوفه هو شخص تافه، شخص يشوف ما أفعله غير كافي لا أمانع أن أعتبره زائدا في حياتي، وشخص يشجعني بكلمة [استمر] هو الشخص المناسب اللي أسمع منه كلمة مشجعة. غير ذلك، كل واحد ومدرسته.


إلى التمرين بعد ساعة، باقي جلستين تمرين وأكمل أول شهر. هل أراقب التغيير؟ بصراحة، لا! أشعر به، لكنني لا أهتم كثيرا. إذا أكملت خمسة أشهر وستة أشهر، يمكن وقتها سأبدأ في مراقبة التغيير فقط لأنني سأضغط مرحلة وأخفف مرحلة أخرى، ولكن كل هذا مبكر للغاية، المهم الآن هو ذلك التاج الذي اسمه "الصحة" عدا ذلك، كل شيء شكلي غير مهم أبدا!!!

وعموما، مساء الخير ..

الأربعاء، 14 فبراير 2024

راحة، وحديد، وأفكار

 يوم الراحة من التمرين! تراجيديا فكرية، اليوم لا تمرين، غدا لا تمرين، بعد غد لا تمرين، بعد بعد غد لا تمرين. أربعة أيام متتالية من الاستشفاء القسري.

الجسد يتطور، والنفس تشعر بالربكة. كنت أعلم أن تجربةَ تمرين الحديد ستكون مختلفة، لكنني لم أعلم أنها شاملة إلى هذا الحد!
شاملة بدنيا: تستهدف الجسد كاملا، حتى لو أردت عضلات الأنف، والأذن، هنالك خطة للوصول لها!
لا أقول ذلك من باب الطرافة! نعم هنالك تمارين ابتكرها البعض للحواجب، والعين، والأذن، بل وحتى اللسان! حيثما كانت هنالك عضلة في الجسم، هنالك طريقة للوصول لها!

شاملة نفسيا:

وهذه بها كلام كثير، البعض يظن أن تمرين الحديد مكان لكي [تفرغ فيه] طاقتك، وغيرها من التأطيرات التي تعكس أهدافه. هذا ما يجعل البعض ربما يأخذ تمرين الحديد كتحدٍ لكسر رقم دائم، ولا يتعامل مع المسألة بشكل موجي، مستواه يتقدم، ثم يتراجع. البعض يأخذها كخطة طويلة المدى، وهناك من يتعامل مع الموضوع بغشامة سوف تودي به للمشاكل، وقد يتعلم من الدرس وقد لا يتعلم، من الناحية النفسية! الثبات يجب أن يكون سيد الموقف وإلا فإنَّ الدروس الكبير تتربص به كما تفعل الضباع بجاموس برِّي شارد!

تجربة مختلفة أن تبدأ تمارين الحديد بعد الأربعين، ولعله خير ووقت مناسب بالنظر إلى ما يحدث من تراجع وانطفاء حيوي، أيضا، تختلف الأهداف، الثابت في شمولية هذه التمارين نفسيا هو أنَّك يجب أن تتقبل عامل الوقت، وتدريجية كل شيء، الاستعجال لا يكلفك جهدك ومالك، قد يكلفك صحتك، أو ما هو أسوأ، قد يكلفك حياتك.

ثم شمولية كل شيء آخر، الغذاء، والنوم، والسلوك الصحي، كلها عواملٌ تدخل في صميم هذه التجربة. كل شيء مرتبط بالآخر. هذا هو المبحث الذي يلوكه الجميع في هذه التجربة، المهم جدا لأجل النتائج وقليل الأهمية من حيث التجربة، أن تتمرن يعني أن تستمر، ولكي تستمر عليك أن تحدد الاحتراق الذي تقدر عليه في حياتك.

سأعطيك مثالا عزيزي القارئ:

إن كانت حياتك مليئة بالتحديات والمصاعب، هل من المنطقي أن تجعل ذهابك إلى صالة التمرين تدريبا على المزيد من الصعوبات؟ أظن أن البعض يغالي في تصوير عالم الحديد كعالمٍ شاقِّ مليء بالتحديات، والصعوبة!
تحمل ثقلا يقارب طاقتك الكاملة، وتعود للمنزل وترتاح وتنام وتتابع التلفاز ثم تخرج على الناس كأنك أندرو تيت تتهمهم بالضعف، وضعف الإرادة، وتستخدم خطاب التشجيع السام! هل هذا الذي يجعلك قويا!
أين القوة في ذلك؟ تبني عضلات ثم ترجع لكي تتهم الجميع بالضعف؟ لديك مشكلة يا هذا! الأمر لا يتعلق ببناء العضلات لو كنت مهتما بالأشكال لهذا الحدث، لعلك أقل شخص مناسبةً لكي يشجع أي إنسان على خوض هذه التجربة.
أتفهم الآن لماذا يترك كثيرون هذه الرحلة. إنها حقا لا تخلو من السمية! وإن لم تكن التجربة سامَّة، فهي لا تخلو من الخطورة، وإن لم تكن خطرة، فهي لا تخلو من غياب الفوائد العملية والنفسية لساعة ونصف من التمرين!

مشكلة ألاحظها الآن بعد ما دخلت هذا المجال، كل إنسان يريد أن يخطط لك ما الذي تفعله بجسدك! وإذا لا سمح الله أجرمت وقلت له: "تهمني قوة العضلة وذاكرتها، وأداؤها في الحياة" كأنك أصبته في مقتل!
يعني تتمرن ولا تريد عضلات جميلة! هل أنت غبي؟ ترد عليه، أريد التغلب على آثار العمر، تجاوز الضمور العضلي، وأخطط لأحلام بسيطة، كالركض ساعة على البحر، أو السباحة بضعة كيلومترات، مباشرةً يزعل عابد العضلات ويعتبرك إنسانا يضيع الوقت!

ما هذا البحر الواسع الشاسع! الكروس فت لهم فلسفة ومدرسة، وبكل صراحة هي الأقرب لعقلي والأبعد عن جسدي. بناة العضلات لهم مدرسة أخرى وهي الأقرب لجسدي والأبعد عن عقلي، ومن ثم معك الرياضات التحمليَّة الشاقَّة التي تجمع البساطة والصعوبة، وأخيرا الرياضات المهارية التي بها التعقيد الشديد. ما الذي تريده في هذا الكوكب الضاري الذي أساسه الاحتراق!

أقول لصديق مهووس بالتمرين، شعاره في هذه الحياة "لا يكفي، لا يكفي" أنني أختلف في أهدافي معه، يزنُّ على أذني كأنَّه دبور هارب من الحريق: يجب أن تضع أهدافا صعبة، وإلا لن تصل؟

أصل لأين؟ لمسابقة؟ لبطولة؟ لا أريد أن أصل إلى مكان أريد أن أصنع عادةً جيدة، أتمرن، أعود للمنزل أحمل معي "نشعة" هرمونية، أكتب عليها بعض السطور، أو أذاكر!
يصاب بصدمة، وكأنني أهنت معبدا مقدسا ينفق فيه يقينه وإيمانه، وصحته، وطاقته النفسية!

بصدق! هل عالم الحديد حدي إلى هذه الدرجة؟ يبدو أنني اخترتُ مجالاً سوف يتحدى طبيعتي، أم هو عمر الأربعين الذي جعلني أبدأ بهدوء؟ لا أعرف، كل الذي أعرفه أنني أعيش ما يكفي من التحديات في هذه الحياة بحيث لا أحتاج إلى آلام عضلية شاقَّة لأشعر أنني أحسن حالا، أتأخر شهرين؟ ثلاثة؟ لا بأس. تأخرت سنوات من قبل، دع العضلة تنام، ودعني في شأني، واذهب أنت وتمرن عشر مرات في الأسبوع، كل إنسان لديه طريقته في صناعة تحديات في حياته.

لا تخلو الحياة من الصديق الحكيم، الذي يقول لك الشيء الصائب. من مضغ الطعام، إلى طريقة الشفاء من التمرين، كيف تحدد طاقتك، وقوتك، والأهم كيف تأكل. لم أعد ألقي بالا لموضوع الطعام، كلمت أخصائية تغذية وأمشي على الجدول الذي لدي بحذافيره، أزعجني جدا أنها حذفت مكملاتي ولم تبق منها إلا على شيئين فقط، مع ذلك، أشعر بتحسن في طاقتي ونومي، وأنتظر ذلك اليوم الذي أستطيع جمع تمرين الحديد مع تنس الطاولة في يوم واحد، يبدو أنه لن يأخذ أكثر من شهرين، لا بأس، ملتزم بالخطة، وأمضي فيها قبلت أو لم أقبل.

كنت أقضي ساعات على دراجتي، وكانت الرحلة تمتد لساعات متتالية، لم أفهم كيف لشخص لديه هذا الصبر على رياضة مثل الدراجة أن يفرَّ من تمرين الحديد الذي لا يأخذ أكثر من ساعة ونصف! الآن فقط فهمت السبب! لأن البيئة النفسية المحيطة بالحديد أصعب بكثير من البيئة تلك التي في الرياضات المهارية، أو رياضات القدرة والاحتمال!

لحسن الحظ أنني شرحت كل هذا للمدرب، وطبعا، أضطر لشرح هذا لكل صديق متحمس يدفعني دفعا لكي أعتبر بناء العضلات هدفا، منذ متى العضلة هدف؟ هي وسيلة، ما فائدة عضلة لا أستخدمها لاحقا في رياضة! ما فائدة تمارين الرجل إن لم تنفعني في الذهاب إلى [هايك] طويل!

كلمة "كمال الأجسام" في حد ذاتها كلمة خطرة نفسيا، وسامَّة جدا، من أين هذا الكمال المزعوم! عموما، الذي يسعى لهذا الهدف لست ضده، ولا أعتبره مخطئا، لكنني أقول: هذه الطريقة من التفكير مضرة نفسيا، وقد تنقلب على صاحبها ذات يوم، وقد انقلبت على كثيرين.

المشوار في بدايته، أتأمل آثاره علي، وأتأمل البيئة المحيطة التي به وأخوض التجربة وأشاركها للناس، لطالما كنت أتمنى أن يكون المحتوى الذي أنشره وأكتبه متعلقا بشيء مثل الرياضة، الآن أصبح متعلقا بالصحة، وبحياة ما بعد الأربعين، بلا جنون، بلا مجازفات، شيء واقعي. لذلك أجلت اعترافي بخطتي الغذائية والرياضية حتى بدأت بفعل الأشياء بأقرب الطرق للصواب، الطريقة طويلة المدى، المملة، الخالية من الصرامة، والمعقولة منطقيا.

ثلاث مرات في الأسبوع للحديد، مرتين أسبوعيا لتنس الطاولة، ومع الوقت ستكون ثلاث بثلاث في يوم واحد، سآخذ عدة شهور حتى يكون الوقت الكلي الذي أدفعه للرياضة "تسع ساعات" وهذا يكفي تماما، ولكن إلى حين الوصول لهذا، ثمة عملية تأهيل طويلة المدى سوف تحدث، الجميل في وجود خطة هو وجود نتائج، ولأنني لست متعجلا، أقضي هذه الأيام الإجبارية من الاستشفاء في الكتابة، والمذاكرة، وإنهاء متعلقات العمل والحياة، هذا الوضع أجمل من توقعي السابق.

ماذا أريد أصلا؟ أريد الشعور بأنني قادر على التمرين ست ساعات؟ بمستحضر ما قبل التمرين، ثم بالأحماض الأمينية؟ أم أريد الوصول إلى المستوى الذي أعصر فيه تمريني في ساعتين، أعود منها نشطا؟

الأمل بعيد المدى هو الدخول نادي الرابعة فجرا، والنوم التاسعة ليلا، هذا لن يحدث بسهولة، وربما لن يحدث مطلقا! هذا تغيير جذري شديد، ولكنني أدخره للعمر المناسب، ربما خلال عام.

لست متفائلا، لست متشائما، أذكر نفسي بكلمة واحدة "منضبط" لدي خطة، وأتبعها، وكذلك لست خائفا من الصدمات، سواء الصحية، أو الإصابات، أبني كل الاحتمالات الممكنة لاعتبار أن وجود عدة خطط صغيرة كل منها يمشي قليلا على مدار اليوم أفضل من الطريقة السابقة، المندفعة، والحادة.

هذه هي التأملات العامَّة التي تتعلق برحلتي حتى الآن في رياضة الحديد، بماذا سينصحني المدربون؟ لا أعرف، وماذا سأجرب؟ لا أعرف، لا تأخذ وقتا طويلا، ولا تستهلك جهدا صعبا، وأمضي بروية إلى هدف بعيد المدى.
هل سيسمح لي الدسك والسكري بإتمام الرحلة بسلام؟ لا أعرف، أعطيت الخبز خبازه، وأمضي بهدوء إلى حلمٍ سلوكي، أساسه صناعة الروتين، هذا الذي يهرب منه الجميع كم أتمناه في حياتي!

يوم الراحة، أربعة أيام بلا تنس، وبلا حديد، وبلا أي شيء. بعض المشيء، وكثير من المذاكرة، وبعض الكتابة، وربما القليل من البيانو! ربما !!!

على أية حال.. نلتقي عندما نلتقي

نهاركم سعيد .. لو كنت أكملت إلى هذه الجملة، شكرا لك على اهتمامك.