بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 28 أغسطس 2017

لا أشعر بشيء!


 عمري 33 عاماً، ما زلت أكابر أن العمر لم يمر بدون جدوى. أفتح الماضي وأرى ما به، أعلم أن هناك شيئا ما خطأ! لكنني أتجاهل، وأعود لهذا الصمت، ولا أشعر بأي شيء.
لا أشعر أنني متهور، أو أنني فعلت شيئا جسيما عندما مارست فعل الصدق القبيح علنا، كذلك لا أشعر بالندم على كل الحيل المتهورة التي كنت أحاول يائسا بها حصار ما بقي من الحقيقة، في مكان. لكن لا المكان خلاص، ولا الغربة عزاء. لا أشعر بشيء، لا أشعر أنني في حياة مختلفة أو غير عادية، كل شيء عادي، الأيام تمضي، والعمر يمر!


برمنجهام
أغسطس

2017

الاثنين، 21 أغسطس 2017

المنزل بدون كهرباء!


 من ضمن الأيام المضحكة لصانعي الشموع، أن تقلق ذات يوم على غياب الإنارة في منزلك تحت أي ظرف. بدءا من تلك المشية المظلمة العشوائية في الظلام، في الطريق من زر الإنارة إلى السرير، أو وجود ضوء بشكل عام، تستدل به على ملامح المنزل الشبحية وهي تسلم أشكالها مندمجة مع الظلام. من ضمن أيامي المضحكة، أن تنقطع الكهرباء، مباشرة بعدما أعددت الشمعة الأولى، لذلك، لا أستطيع في أي سياق منطقي ممكن أن أكون قلقا!

الشمعة جيدة، ولكن لا يبدو الخيط مناسبا لها. اضطررت لشراء خيوط جاهزة بدلا من تجهيزها بنفسي وتشميعها واختيار أطوالها بنفسي، خطأ لن أكرره بعدما تجاوزت الوقوع فيه في بداية صناعتي للشموع. مع الوقت، ستتناسب الشموع، مع القوالب، مع الخيوط، مع المدد الزمنية للاحتراق، والأهم تناسب [الوعاء/ الشمعة] مع العطر الموجود في جسد الشمع. إنها حكاية طريفة، صناعة شمعة ذات عطر جميل، وليست مهنة سهلة للغاية، بسبب العناية اليدوية المباشرة بكل شمعة على حدة، وكذلك التعامل مع الشمع الخام والتذويب، حكاية تحتاج إلى منزل تملكه، أو إلى مكان به سعة لكي تصنع كميات جيدة، ولكن هل الكمية مهمة في الشموع. شموع الإنارة لا تحتاج إلى [دق طبل] لكي تصنع، الشموع المعطرة هي الصداع، والمضحك أن الصنعة في الشموع المعطرة كلها عبارة عن هدية، فلا تعتبر قيمة الشمعة ماليا مكلفة مقارنة بالعطور التي تجعلها جميلة الرائحة، قمت اليوم بشراء عطر بينوكلادا، آمل أن يكون جميلا عندما أعود لصنعه، ولكن متى؟؟ فقط فقط، بعد عودة الكهرباء.

21 أغسطس .. ليس من أيامي الأجمل هنا في هذا المكان!


يوميات "اليوم" العادي


"مرحبا" يا أصدقاء


لم يعد المدوّن قضية مدونتي بعد اليوم، هذا شيء جديد وأنا أعود إلى الورقة البيضاء بعد سنوات اضطرارية في العالم الأزرق. كمدون متطرف للغاية في الاكتفاء بالتدوين النصي، وعدم المبالغة في خلط الصورة والصوت بالكلمات والحروف، وجدت نفسي أقع في الفخ نفسه الذي كنت أخشى الوقوع فيه، فخ المحيط الواسع جدا الذي يحفل به الفيس بوك، الذي هو بصراحة لا بأس به كبرنامج، ولكنه أيضا، منصة عملية للحياة أكثر مما هو منصة مفيدة لشؤون الكتابة التي تحتاج دائما للخوض في التفاصيل.
لم يعد [المدوّن] قضية هذه المدوّنة، لأن السؤال الوجودي الذي دارت حوله هذه المدونات المتتالية لصاحبها [كاتب هذه الحروف] كانت كلها تطرح السؤال المحوري ليل نهار، صبح مساء، في البداية من قبل الغرباء، ثم من قبل الغرباء، والخصوم، والأصدقاء، بل والدولة، وفي حالتي، الدولة المجاورة، هل يجب أن يكون التدوين سؤالا قانونيا ونحن نتحدث عن أبسط بديهيات حرية التعبير؟
من الصعب جدا أن يشرح مدون نشط ما الذي يعنيه التدوين، وما فائدته، قد تبدو مجموعة من الآراء والكتابات العابرة شيئا لا يستحق أن [يكتب عنه]، ونعم، مع تعدد المواضيع وقصر عمر الإنسان يظهر التخصص كخيار مصيري سواء كان مبكرا، أو متأخرا، ولذلك ما لا تكتب عنه، [دوّن] فيه، كن نشطا في فهمه وفهم الناشطين في هذا المجال، سواء كان ذلك، مجال المطاعم، أو قراءة في أبطال [السناب شات] الذين يصنعون الثقافة الجديدة، ثقافة بدون حبر.

سيكون مصيرا محزنا لهؤلاء الذين ينسون قيمة الكتاب الورقي في عالم القراءة، ولكن الكرة الأرضية تحفل بعدد كبير من الأشخاص الذين لا يربطون بين الأسلوب الأدبي، وكلمة الكتابة كما يفعلون لدينا في عمان، لذلك، سأتجاوز مآزق التعريفات التي أقع فيها دائما، وأقول أنني سعيد بلقياكم هنا مجددا يا أصدقاء.

لست أدري من أين أبدأ حقا. ما زلت أحاول التفلت من نزعة النص القصير الذي تحاصرنا فيها مواقع التعبير عن الرأي حاليا، التواصل الاجتماعي الذي ما يزال يحمل نصفيا شقيقةَ التدوين وصداعها المعتاد. ما زالت هذه الشعلة تنير، وتضيء، الشموع، والقناديل، وتمهد الطريق لدفء الحرية وهو يشق دربه في الشتاء القارس، فالحرية ليست شيئا جميلا في النهاية، يجب أن يقول شخصا ما هذا لأننا كلنا بشكل أو بآخر، نطمح لتجليات الحرية الكبرى كمجموع عام بما يناسب ظروف الأكثرية، في عمان الأغلبية، أو الأكثرية مسلمة، وعربية، وفي دول أخرى تختلف المعايير والمقاييس حسب نوعية البشر، شئنا أو أبينا، الحرية شيء يجب أن يكون لأنها [حق] والحقوق تأتي مع قائمة طويلة من الاستعداد لها، والأهم الحفاظ عليها والتأكد من بقائها عبر الزمن.
ما زلنا في بداية الدرب، هذا الذي أنا متيقن منه ..
ولكن؟
من سمع ذات يوم أن للكلمات نهاية؟

لا نهاية للكلمات ..

ولذلك ..


نلتقي في التدوينة القادمة

اعترافات ليلة لئيمة ..


 أعترف أنني لا أفهم ما الذي يعنيه أن يكون الإنسان كاتبا، ظننت لسنوات أن الكاتب هو إنسان ما لكنني لم أستطع إيجاد ذلك، لا في الإنسان الذي أعبر عنه ككاتب، ولا في الكاتب الذي أعبر عنه كإنسان، المغالطة غير منطقية من البداية بين الكتابة والحروف، وذلك التمايز الدقيق بين نص وآخر يجعلك تتساءل أحيانا عن الفرق، في ليلة تنتج فيها نصا أدبيا، وفي ليالٍ أخرى لا تفوح من الأفكار إلا الثرثرة التافهة، ونعم للأسف بعض الكتابة ثرثرة، تحوم دائما حول تلك المناطق التي لم يكن يجب أن تكون [حمى] فضلا عن أن تكون شيئا آخر، لا أعرف ما الذي يعنيه أن يكون الإنسان كاتبا، هذا سؤال معقد، أطرحه ببراءة ظاهرية في مدونتي، التي هي أيضا [محل كتابة] وأتذكر، ذلك الإنسان الذي كان يكتب بذلك الإفراط الكبير المبالغ فيه عن قضايا قد لا تبدو مهمة جدا، أو عن قضايا كبيرة لا يعبأ بها كثيرا. مغالطة الكتابة معاكسة بين الكاتب، وبين فهمه لما يكتبه، الأمر مثل البئر، التي تضطر أحيانا إلى تعميقها، بئر الكتابة غدة تشبه غدة العريفي، فيها شيء من السحر اللامعقول من تكامل كل الظروف العقلية لكي تنتج كتابة، تدهشك أنها خرجت من عقلك، نوع من العلاقة الطويلة جدا بين البئر وبين كل لاجئ إلى معينه.

معضلة الكتابة الدائمة أنها تؤمن بالحرية، لديها نزعة للتطاول على الأشياء التي يعلم الجميع بوجودها ولكن لسبب ما يرفض أن تكون محور نطق، نوع من الأمر بالصمت، لممارسة جماعية للصمت يصبح فيها المستحق لحقه والممارس له، على الجانب الآخر من السياج المر. جانب مرير عاشه آلاف العرب، آلاف الشباب، لم أتوقع أن أكون منهم، لقد كانت لدغات الحرية مرعبة حقا.
معضلة الكتابة، أنها دائما مرتبطة بالثقافة لسبب غريب، لا أرى أي مانع أن يكون حداد كاتب أغاني راب، أو أن تكتب راقصة باليه قصصا قصيرة، معضلة الكتابة أنها واسعة شاسعة، لها مليار تعريف، نعرف جيدا أن التعريف الخطأ منها، نتاج [تجربة] خطأ، وحتى عنما نمارس هذا التعفف، أن نصف الكتابة بالتجربة، نعطيها صفة [غير كتابة] لأنها ربما لم ترق لنا، وهنا دخلنا في القارئ أكثر الأشياء مرعبة في الكاتب، هنا دخلنا في ما يمثله الكاتب خارج محيط حياته بين الكلمات والحروف، جانب الحقيقة أن كائنا في الجانب الآخر يتذكر جيدا ما كتبته ربما ونسيت الكثير منه، يعلم جيدا المنطق الحرجة في روحك، وتخرج الأشياء فيها، إلى كتابة أخرى، واسعة ممتدة، كتابة أشبه بمغامرة في الجبال المجاورة، دون ماء، ودون حقيبة، تتجول بملابسك في مكان لا ينتهي اتساعه، وهنا دخلنا، في التدوين، الذي جعل شكل الكتابة يوميا، وبالتالي جعلها واجب يومي.
هناك دائما مرحلة ما، تصمت الكتابة عن الكلام، وهذه المرحلة، هي التي تحدث الآن بكرم باذخ من قبل الوضع العربي المرير، كلنا الذين قررنا الكتابة بهذا اللغة، نعلم أنني اخترنا قارئا عربيا، ونعلم أنني نتحدث في مشاكل متشابهة، تشابهت الأحزاب والقمع واحد، سواء وجود شيء اسمه حزب الله في ما يفترض أن يكون دولة مستقلة ذات دستور وسيادة، إلى تسلط جهاز الأمن الداخلي في سلطنة عمان على المغردين والكتاب الإلكترونيين، إلى ما يحدث من كوارث إنسانية في الإمارات، إلى ما يحدث أحيانا من فصل لأكاديميين أمريكيين بسبب تعليقات كانت في أغلب الأحيان بريئة وتقع في نطاق الحرية، ولكن هناك دائما تلك اللحظة التي تسيس فعلا يوميا عاديا، وتجعله دائما في حالة عودة دائما للصمت الأول، النزعة الأصيلة الأكثر تطورا في الإنسان، نزعة الصمت.
الإنسان لا يحب الحرية كثيرا، هذه حقيقة يجب أن نعترف بها، وعندما أقول الإنسان، أتكلم عن كوكب الأرض بكل تاريخ الأرض المتناقض، يعني الإنسان الإنسان العام، يرى دائما في الحرية شيئا مزعجا، ويحتاج إلى رعاية دائما وأسئلته لا تتوقف، وكل إنسان في مجتمع، يميل كثيرا، كثيرا إلى أن يأخذ من الحرية ما يكفيه، ظانا أن ما يكفيه لا يقع ضمن حقوق غيره، لذلك الكتابة، تبدو مغامرة دائمة مرتبطة مع الحرية، ومع الحياة، ودخلنا للحياة، كل إنسان بشكل ما يريد أن [يكتب] ما عاشه من حرية في حياته، بالمعنى العام، أنه عاش كل حياته دون أن يسجن، فهذه في حد ذاتها حياة جميلة جدا، كل شخص عاش دون دراما لعينة غيرت أفكاره بشكل جذري، يفهم جيدا حاجته إلى الحياة، وإلى كتابة هذه الحياة، وحتى المصور، يكتب ألف كلمة دائما في كل صورة على الأقل، عندما تتعدد المعاني والتأويلات، يمكنك أن تقيس فكرة هذه الصورة [كم كلمة] وتصل للنتيجة نفسها، بعض الصور تستحق مئات الكلمات، وبعض الصور أفرزت آلاف الكلمات، سواء كانت صورة دليل على جريمة سرقة بنك، أو كانت صورة لإنسان يوثق أيامه في جبل من الجبال، أو إنسان كان محبوبا، شاءت الظروف الصحية أن يودع كل من يحبهم، في سريره الأخير بعدما داهمه المرض عاجلا. كلنا نكتب بشكل أو بآخر، وهذا هو العناد الذي أمارسه بشكل قهري، أن الكتابة، هي ليست من [الأشياء الجميلة في الحياة] لكنها من الحقوق الأولى.
الكتابة، عندما تدون أي شيء فتلك كتابة، فكل التدوين كتابة، ولكن ليس كل الكتابة تدوين، أتحدث على الأقل عن التدوين كما عرفناه في السنوات الفانية، عندما كان يمكن للإنسان أن يعبر عن رأيه في عمان بحرية جميلة. بصدق كانت فترة رائعة جدا امتلأ الجيل فيها كاملا بحماسة حالمة عن اقتراب الإصلاح.
صارت هذه الكلمة، كلمة تودي بأصحابها للسجون!

حسنا
إلى أن أخرج من  جو الفيس بوك سأحتاج بعض الوقت للتعود.
فلنترك الأشياء معلقة في زمام أحلامها إلى أن أعود من هذا الصداع المفاجئ ..


والجو أصبح حارا جدا وخانق .. ولا مكيفات في هذه البلاد

تدوينة !


 مرحبا يا أصدقاء. زمنٌ مرَّ وأحداث كثيرة حدثت منذ آخرة مرة التقينا هنا في هذا المكان بالحروف والكلمات. مدونتي الجديدة [دون حبر] .. ستكون امتدادا لما أفعله عادة في الفيس بوك. تعريف الكتابة بالنسبة لي هو أن تفكر حتى تفوح الكلمات من أفكارك، وهذا المنطق أواصل هذا العبث الكتابي المرير الذي أترك الحياة بسببه، وأنقطع، لأشاهد تدفق هذه الكلمات عبر لوحة المفاتيح. حسنا! .. الحروف تسير بشكل جميل وسلس، إن في هذا إشارة جميلة بشكل أو بآخر.

لمن لم يعرفني من قبل، اسمي معاوية الرواحي، أنا لاجئ عماني في بريطانيا، هربت من الانتقامات الحكومية المتتالية التي تطال كثيرين في عمان، بعضهم ليس لديه ظروف تسمح له بالهجرة. مهاجر عازب، كنت حكيما بما فيه الكفاية لأعيش حماقة الحياة كعازب حتى الثالثة والثلاثين. معاوية قصة عمانية مختلفة قليلا، وأعلم كم هو غريب أن يصدر هذا الكلام مني، لم أعد أعبأ كثيرا بتفسير حياتي، الأسباب كثيرة ومعقدة ولم أعد أريد خوض هذا الموضوع. أنا مدونٌ وكاتب، عشت دائما وأنا أفضل الكتابة بالنوعية، والتدوين بالكم، ولذلك مع الزمن، وجدت نفسي أنسى ذلك العالم المهم في حياتي، عالم الشعر، وعالم الأدب، وصناعة ونحت اللغة من العدم، كل هذه الأشياء، كانت أشياء جميلة عشتها، قبل أن تتغير حياتي إلى التدوين، التدوين الذي جعلني بسبب انفلاتة غاضبة [كانت حمقاء حقا] أعيش ظروفا لم أكن أتصورها. اسمي معاوية، وأنا خريج سجون، تكلبشت في حياتي مئات المرات، وقضيت حياتي أتنقل من تجربة لأخرى في حياة لست نادما عليها. سأكتب في هذه المدونة كثيرا عن ذكريات سجن الوثبة، سأكتب محافظا الحفاظ على ذاكرتي التي صرت أخاف عليها من الانهيار. عشت أشياء غريبة، منها ما يسمى "المرض النفسي" ومنها ما يمسى [العداء من قبل الدولة] قصتي صارت عامة، قلتها بكل ظنونها وجنونها وما عرفته منها، ولم أعد أعبأ، نعم لم أعد أعبأ مطلقا بأي حياة لي في عمان. اسمي معاوية، وأنا إنسان وطني، وطني جدا حتى النخاع، مؤمن بعمان بجنون، لست مؤمنا بها كدولة أو كمكان، وإنما مؤمن بها على أنها حكاية جميلة تاريخية عتيقة بها الكثير من الأيام التي تستحق أن تفهم، سعدت أنني ولدت عمانيا، سعدت أنني عشت في عمان معظم شبابي، سعدت أنني أكملت كل شبابي في عمان، لكن جاء ذلك اليوم الحزين الذي وجب فيه أن نفترق. عشت حياة غريبة حقا، لكن لا يعنيني منها أي شيء. أي شيء، سوى ما يمكن أن يتحول ذات يوم إلى خيال. إلى لغة تصنع فارقا في حياة البشر، إلى شيء إنسانية يجعل الكلمات والحروف ذات معنى وفائدة، وذات قيمة، وذات رائحة يجب أن تفوح بين زكام وزحام الأفكار.

حسنا، بعيدا عن الثرثرات النرجسية .. هناك شيء يجب أن أخبركم به. وهو أنني لست براجع إلى عمان مهما كانت الظروف. من الصعب أن يفهم أي شخص معنى أن ترى ذلك القبح الإنساني من شخص يحمل اسم [عمان مثلك] .. ذلك الجو المقيت، البغيض الذي تدفع فيه ثمن تلفظك برأيك .. تدفع الثمن لأنك نسيت أن تخاف، ومن بين جميع الأشياء التي يجب أن ننساها، يجب أن ننسى الخوف، بقدر أكبر مما نتذكر الألم ..
ومن يفهم ألم عمان إلا العماني؟؟ وياه يا أم عمان؟ ما أكبرك؟

حسنا، الأشياء ما زالت [هجلو نسبيا] .. لوحة المفاتيح تعمل بكل جيد، هناك بعض الحروف التي لا تنطبع جيدا بسبب كثرة الأشياء التي أسقطها على لوحة المفاتيح. وهناك اعترافات غبية، أود لو أكتبها اليوم، اعترافات عمياء، حمقاء، قد تبدو بغيضة نسبية، ولكن لا بأس، في الحياة مساحة لكل مشاعر بغيضة وجميلة، لم تصنع الكتابة لكي تكتب الأشياء الجميلة، العالم به نسبة كافية من القبح كفيلة بجعل لون الحروف بغيضا، وإن كانت رائحة الحبر جيدة، نعم الأشياء ما زالت هجلو نسبيا، ما زلت أكتب، ما زلت [أدوّن] وأعتقد أنني أكتب هذا الفعل المضارع لمرات نادرة في حياتي. لم أترك التدوين ذات يوم، أقول للجميع ذلك، ولكنني نشط يوميا في الفيس بوك إلى أن صارت [ظاهرة منشورات معاوية] سببا لإيقاف متابعتي من قبل كثير من الأصدقاء يقرأون ما أكتبه في وقت لاحق. لا أعرف حقا من أكون عشان أكون صادق معكم، أنا شخص ما، يحب الكتابة لدرجة أنه لا يعبأ بأي شيء آخر. أنفقت وقتي وجهدي على التدوين، دون هدف ربحي، أو شخصي، أو أي شيء آخر، كنت أكتب في حالي وحال نفسي حتى حدث ما حدث، نعم أعرف أين انفلتت الأشياء، وهذه لها حكاية، وما أكثر حكايات ماريو!

عدت من يوم كبير في حياتي، يوم عشت فيه اعترافات عظيمة، مع الصديق ناصر البدري، الحليم الغفور لزلات أصدقائه المجانين والحمقى. كانت ذكريات جميلة جدا، كتمت دموعها وأنا أعود إلى بلدتي التي أسكن فيها. بيرمنجهام، مدينتي التي أعيش فيها حاليا لاجئا. وهي تجربة، أنوي الكتابة عنها بشكل مفصل وكبير هنا، في هذا الدفتر الذي أجمع في قصاصات الأوراق. حسنا، لماذا اسم المدونة بدون حبر. لذلك قصة غريبة ..
هل تتخيل أن يعشق  إنسان الكتابة بجنون، ولكنه للأسف يملك خط يد سيء زاده سوءا كسر في اليد بسبب كرة قدم مفاجئة. عشت طفولتي أتوق لذلك اليوم الذي أكسر فيه هذه العقدة، حتى التقيت مع لوحة المفاتيح للمرة الأولى، هناك، هناك فقط شعرت أن الكلمات تتدفق بشكل طبيعي بدلا من النحت المؤلم لليد الذي يحدث لي كلما وقعت أحد كتبي. يا إلهي، حفلات التوقيع، أنسى أنني كاتب دائما، لا أفهم ما معنى كاتب. الكتابة هي الكتابة، هي أن تكتب هي أن تجعل الأصوات كلمات في تعريف صوتي، وهي أن تجعل الأفكار رسما وخيالا بتعريف آخر، الكلمات رائحة تفوح من الأفكار، شيء أكثر غموضا من معرفة سبب حدوثه، ويجب أن يترك وشأنه لأسباب حكيمة، من هذا الذي يريد أن يخمد شجرة الحكمة في فؤاده؟

أنا أعرف جيدا أنني أعيش حياة غريبة، حياة تشبه غرابة الأفكار التي في رأسي، لكنني أعلم أنني لم أكن دائما مخطئا، لسبب ما عندما تحاصر الخصم المفترض بحججك، تعيش نوعا من الجزاء المعنوي الذي يلاحقك، هذا الجزاء يعاني منه كل شخص يعيش في عمان، كل شخص يعرف إنه عمان وطن رائع وعظيم وجميل، لكنه موبوء بحزمة من المنافقين في حب الوطن، ومن الفاسدين الذين يملكون خبرة قوية جدا في الحفاظ على فسادهم بعيدا عن الالتقاط المباشر من المجتمع، عمان قصة كبيرة للغاية، وحكاية كبيرة يعرفها العمانيون، بلاد مشغولة ونشطة دائما بالتفكير في إعادة عمان كما هي، أمة جميلة، منتجة، متعلمة، لا تحارب الحرية ولا تقبل الجهل، عمان .. عمان !! عشقنا الدائم الذي يجعلنا نندم دائما على أحلامنا الجميلة. نعم لدينا حياة جميلة في عمان وتستحق أن يحافظ عليها، ما بكم؟ أليست الحياة جميلة في عمان؟ لولا البراغيث البشرية التي أصيب بها ما يسمى بالوطن؟
عمان عمان .. كما هي منذ قديم العصور، بلاد متناقضة ترى فيها العجائب والغرائب. تميل للصمت، ولا تحب أن تثرثر كثيرا، ومن المحزن جدا، أن شيئا قد اختفى من منها. تاريخها حاليا. نعيش كما عاشت عمان عدة مرات فترى ذبول حاكم قوي، كان ذات يوم يصنع التاريخ بثقة وإقدام، لكنه الآن ليس من كان، ويتغير كل يوم. نعم، عمان عمان، بلدة صارت فيها الكلمات عدوة للنظام، وصارت فيها الحرية آخر ما يفكر به المواطن الذي بدأ يحرم من رفاهية العيش الوهمية التي تضع عمان زورا وبهتانا مع دول الخليج.
عمان عمان .. لم تكن يوما دولة خليجية، ولم نكن يوما أثرياء ولم نكن ذات يوم إلا دولة كان يمكنها أن تكون وفية للطبقة الوسطى المسحوقة، وأن تصنع توازنا ما، يضمن حياة الجميع بسلامة، كان يمكن لعمان أن تفعل كل هذا، لكنها اختارت أن تكون حكومة توزيع نصيب من النفط، والمضحك أن عمان أيضا من الدول التي تشارك نصيبها من النفط، بعقودها الخارجية الغامضة، نعم، عمان عمان .. الدولة الغريبة التي تحتاج إلى سنوات لكي تفهم تناقضاتها الملعونة، فأن تكون عمانيا يعني بالفطرة أن تكون متناقضا، لذلك علاقة قديمة جدا بعمان نفسها عبر العصور وعبر الدهور السياسية التي تمر عليها.
لا ننكر، أننا عشنا عهدا استثنائيا في عصر السلطان قابوس، يبقى السلطان قابوس شخص ممتاز جدا بالنظر إلى [كواليتي] باقي الحكام العرب، لكن عمان تستحق أكثر، عمان تستحق أكثر من قابوس، عمان تستحق أكثر من سلطانها، وهذه مشكلة عمان الكبرى، المشكلة التي جعلت عمان تتلقى الضربات بعد الأخرى، ونعم، جسد الوطن صامد، متحد، لكنه كل يوم يصاب بما يأكله من عمقه، من فساد وتنفع، نعم، عشنا، عشنا عمان الجميلة في عهد قابوس، وكانت لدينا أحلام. نعم الكثير منها كان مبالغات في صناعة شكل الحاكم، لكن في الحقيقة كانت أيضا صناعة شعب لديه عزم وطموح ووطنية جميلة تؤمن بالإخاء والاختلاف. عمان لم تعد تؤمن بالاختلاف. عمان صارت فقط، تؤمن بما يؤمن به الحزب القابوسي الحاكم، حزب من السياسيين المتعفنين بكل معاني الكلمة، كان سلطانهم يراقبهم بشكل لصيق ودقيق وصار الآن يقول [لم أكن أعرف] حتى قامت شبه ثورة ضده، أين؟؟ في العهد المجيد، في أكبر العهود التي يتشدق فيه سياسيوها بالحكمة والعدالة، وماذا كانت النتيجة، شتات الكل يعيش لحظته حتى هذه اللحظة، والسلطان قابوس يتنقل بالبزة العسكرية ليفتتح المتاحف، وينشغل بالتصوير مع نفس رجالات الدولة التي تسجنه في قصوره.
قابوس قصة من قصص عمان، الحزينة والمحزنة. دعونا منه الآن من باب عدم فتح جروح الماضي.
اسمي معاوية، وأنا من عمان ..
أحب التدوين ..

وأنوي أن أكتب في هذه المدونة كثيرا

أراكم بعد حين .. سأحتاج إلى بعض الوقت لأخرج من أزمة التدوين في الفيس بوك. لعين هذا الفيس بوك لكنه يعلمك أن تفهم اللحظة بشكل أكبر. سأضع قانونا، اسمه قانون الألف كلمة. ومع الوقت تدريجيا، سوف أتخلص من هذه النزعة القهرية للفيس بوك، الذي لا يزعجني فعلا. لكن التدوين مكان أجمل من الفيس بوك، مساحة أوضح للتفكير بالكلمات.
وهذه كل المسألة. التفكير بها ..


أراكم لاحقا



ماريو