بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 30 يونيو 2021

كلام فوق طاقة تويتر

 

 

عشتُ آخر [16] سنة من حياتي، والتي أصبحت الآن [17] في صراعات لا تتوقف، مع المجتمع، ومع السلطة، ومع الناس، ومع الثقافة، وأخيرا مع كل شيء، عندما توقفت عن الصراع دخلت صراعا مع نفسي، وصرت عدوا لها، وكانت مهزلة كبيرة جدا، أن تتمرد لأنك تتمرد، وعندما تصل لمبتغاك تصاب بالهلع! وربما تجن!

لست عاقلا، ولست مجنونا، أعيش بالمتيسر من البصيرة الذي يكفل لي الاعتناء بالمهم حقا في هذه الحياة، أن أرى أمّي مرتين أسبوعيا أهمُّ لي من أن أكون فيلسوف الفلاسفة المتجول بين القارَّات والجماهير التابعة. أليس من المضحك أن تجد الدهشة في العادي! والنمطي!

سبحان مغير الأحوال!

أتمسَّك بهذه العاديَّة المُدهشة. لست ساخطا على الحياة كما كنت، ولست غاضبا. ولا أعبأ كثيرا بما يقوله الآخر عنّي، يحق لك أن تكرهني لا يحق لي أن أمنعك ومن الغباء أن أحاول إقناعك بالعكس، حقي الذي أتمسك به هو نفس حقك في الحياة، أن أجنبك شرّي، وأن تجنبني شرّك، هذه صفقة عادلة وتكفي.

أجمل حياة في العالم تلك التي يمكنك أن تصاب فيها بالضجر. وليت شعري! لم أتوقع في يوم من الأيام أنني سأقاتل العالم لأعيش هذه الحياة المملة، كنت أظنها لعنة حتى اتضح أن الجحيم يكمن في كل المدهشات، يا لطف الله! لهذا تنطفئ الأحلام، إنها من رحمة الله بالإنسان.

الحياة في عمان صعبة، ولا أقصد ظروف الآلة المدنية، أقصد أن تكون في دولة مجتمع قليلة السكان، الآخر هو الجحيم الحقيقي في عُمان، وإن لم تكن مسكونا بالآخر، ذلك المكان الشاغر في روحك يظنه الآخر مكانه، يا لها من مأساة! محظوظ من يولد في عمان التي عدد سكانها 15 مليون نسمة!

أن تتمردَ في عُمان مسار السجون والتمرد على السلطة أسهل بكثير وبه خط عودة، وأكثر رحمة من التمرد على المجتمع. مسكين الملحد في عُمان، يُحرم حتى من اللجوء إلى من يساعده، ما أكثر المساكين الذين يتربص بهم المجتمع بسلاحه الأقوى، سلطة لسان الغريب. رحمَ الله كل من ظُلم بهذا اللسان.

عندما يهيج المجتمع ويستخدم سلطاته وصلاحياته تجاه الفرد، ياللهول! أي سعار غاضب سيحدث، ومن سيكون في المواجهة! متحمس في العشرين من العمر، استعجل الصدام، قد أستخف وأحتقر الأسماء المستعارة لكنني لا ألومهم، الصدام مع المجتمع العُماني مخيف، ومدمر، ولا خط عودة له، ولا رحمة فيه ولا شفقة.

هل تعرف هؤلاء الذين يعيشون الحياة مفزوعين؟ مكتئبين؟ لا طاقة لهم حتى للغضب! هؤلاء الذين تعب المجموع الكبير من التنكيل بهم، سلطة الغرباء! سلطة لسان الناس، ذلك الحصار الشرس والتأجيج والتأليب وإغراء الغريب بفرد. هذا هو الظلم بعينه، يتوزع وزره بين الجموع فنعجز عن لوم ظالمه! ظلم!

تويتر الذي كان ظاهرة ثقافية نخبوية مليئة بادعاء المثالية أصبح اليوم بيئة واقعية،هذا الذي نكتبه في تويتر يعكس أكثر من الواقع، وأبعد، يعكس النفوس وتأزمها وحزنها ويأسها وغضبها وتواطئها، يقدم لك على طبق من ذهب التطابق التام بين الذي تقرؤه والذي يُعاش في المجتمع الكبير.

تغير الزمان!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.