بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 20 نوفمبر 2025

#عائلة_العامرات: أين السؤال حقا؟


يصابُ المرء الطبيعي بصدمةٍ عاطفية حقيقيةٍ أمام هذا الخبر! نحن لا نتكلم عن وفاةٍ عادية لإنسان تعرض لحادث، الوفاة في حد ذاتِها مصابٌ غير عادي في الذاكرة، عائلة كاملة، وللموت هذه المرَّة سياقٌ واسع متكامل، وأسئلة صعبة للغاية كلها تبدأ: لماذا؟

تتضارب التصريحات، وكل من يغني على ليلاه يحاول تأطير الأمر كما يشاء. ولنا في تسمية (حادثة) خير مثال!! هذا فقط هو الأمر؟ حادثة؟ لا أكثر؟ أم وفاة عائلة نتيجة مجموعة مركبة من الأسباب والظروف؟ لا أحد يلام على الذي تفعله العواطف في موقف مثل هذا، نحن لا نتكلم عن موت لفرد واحد، نتكلم عن بترٍ حقيقي لوحدة عائلية كاملة اختفت وانتهت من المجتمع حرفيا في ليلة وضحاها.

البحث عن من يُصلب ويلام إحدى الطرق الطبيعية جدا للتعامل مع صدمةٍ مثل هذه. الغضب على السياق الكبير أيضا طريقة طبيعية. كلها وسائل تفكير تحاول أن تفهمَ لماذا فاجعة مثل هذه تحدث!! ويبدأ المشهد يتكون أمام عينيك، مولد كهرباء البديل هذا لماذا جاء؟ جاء لسبب أليس كذلك؟ والسؤال؟ الكهرباء كيف اختفت عن منزل هذه العائلة، هذا في حد ذاته سؤالٌ كبير إجابته لن تعيد هذه العائلة للحياة، ولكن على الأقل تفتح باب استيقاظ الضمائر تجاه أرواح البشر وحياتهم وأنماط حياتهم. معمعة ليس من السهل أن تستطيع التفكير وهو تحدث بكل قوتها وتضرب بكل تأثيرها عواطفنا وأفكارنا. والبحث عن متسبب إحدى طرق التعامل مع هذه الصدمات، والسؤال الكبير هو: من هو الشيطان في هذه المعادلة؟ وما صفاته؟ فهذا القدر نعم بيد رب العباد، لكن الأسباب بيد البشر، فأي نوعٍ من البشر قادَ لمثل هذه النتائج النهائية؟ وهُنا قد نكتشف في نهاية المطاف أن السبب فكري، أكثر من كونه اجتماعي. ثمَّة فكرة وراء كل هذه الأحداث المؤلمة. ونمط تفكير لعل رب العباد شاء أن يلطمَ الذي يفكر به لعله يستيقظ، وينتبه للمهم حقا للحياة في هذا المجتمع الذي نعيش فيه. نمطٌ رائجٌ يُنظر فيه للبشر كأرقام، ويُعلى فيه من شأن المنظومات، والتي من ضمنها الشركات، والبنوك على سبيل المثال! أحدهم في مكان ما قال ببرود: هذه ليست مشكلتنا! على كل إنسان أن يقاوم ليتعلم أن يحل مشكلته بنفسه! شخص في شركة الكهرباء لعله قالها بهذا الشكل، شخص آخر في شركة المياه يقولها بالشكل نفسه، شخصٌ في بنك من البنوك يرفع عقيرته ويتباهى بنسبة التحصيل العالية التي يحققها والمكافأة التي يحصل عليها لأنه يربط تاريخ المطالبات ورفع القضايا باقتراب رمضان! ثم ماذا يقول في اجتماع القسم الدوري: الموظف فلان يحقق نتائج جيدة لماذا؟ (لأنَّه بلا قلب) وربما يتبادلون مزحة عن ذلك الموظف صاحب الجبروت المجيد، الذي لا تأخذه في البنك لومة لائم. من الذي سيتعاطف مع سجين بسبب دين بنك؟ عائلته كحد أقصى، وبالنسبة لفئات صغيرة يكتنفها القدر بالدعم الاجتماعي يحدث ذلك فقط في حالاتٍ تصل فيه إلى العموم، وتؤطر بشكل عاطفي محكم، وتصل إلى حالة (التريند) الذي يجعل التكافل الاجتماعي أحيانا موجها ليكون ظاهرة إشباع شخصية، مئة شخص من العاجزين عن دفع قرض البنك يكملون الحياة في السجن، وخمس حالات تجد نجاحا في الوصول، حسب (شطارة) المؤسسة الخيرية، وحسب خصوصية الحالة!
لم تتحول #عائلة_العامرات إلى قضية خيرية عامَّة. لم تقطع الشوط الكلاسيكي العادي للوصول إلى هذه النهاية، لقد ذهبت إلى الموت مباشرةٌ. ذهبت لتردَّ على كل الذين يفكرون بمنطق مادي بحت عن مآلات التعامل الفكري الجامد مع شؤون البشر، وحياتهم، ورخائهم، ونمط حياتهم، وحقوقهم، وما يفتح ذلك معه من أسئلة المجتمع وشيوع ظاهرة التخلي عن الآخر. كلها أسئلة تفتح على مصراعيها أمام حادثة مثل هذه.

ثمَّة فكرة شيطانية خطرة للغاية ترعرعت في عقلٍ ما، تحولت لقرار، وتحولت لسلسة من الإجراءات التي يدفع بها دفعا من؟ هذا الذي يتعامل مع البشر كما لو كانوا ظاهرةً تطورية تحدث على ورق. البقاء للأصلح، وللأقوى، وللأنفع، وللأكثر صمودا! وقد قامت عائلة العامرات بواجبها من هذه الصفقة الفكرية، وقام رب أسرتها بالتعايش مع ظروفه، وتقبل كل الوضع الذي كان فيه، وحاول العيش مع البديلِ الذي وضعت يد الله فيه سبب النهاية، الغاز الذي فتك بأسرة كاملةٍ حاولت إيجاد البديل على ما لم يقدمه السياق الكبير لها! وهذه المأساة تحدث في النهاية.

أعلم أن البعض سيتعامل مع الموضوع عاطفيا، وأن البعض سيجد في هذه الحادثة فرصة مناسبة لكي يقحمَ غضبه الشخصي، وأن البعض سيغضب صادقا، والبعض سيستخدمها كقميص عثمان، والبعض سوف يشوه، ويكذب، ويزور، ويخفف، ويلطف، والبعض سوف يتلاعب الدين والأقدار فقط لكي يقول لك: ما حدث طبيعي!
سيقول البعض: المجتمع وتقصيره هو السبب، وسيقول آخر الحكومة وضغطها على الناس هو السبب، وسيقول ثالث أن الخطأ فني، وتقني، وكأنها حادثة في ورشة توفى فيها عامل أمام آلة ألمانية جديدة لم يجد المهندس تركيبها! كل من يفعل ذلك مصيبٌ، ومخطئ في وقت واحد، الكل يبحث عن طريقة لاستيعاب هذه الفاجعة، وتجنب مثل هذا الموت!!

لهذا الموت تحديدا سياق مؤلم! ليس مثل الوفيات التي تحدث في الدول الباردة التي إن نسي سائح لا يعلم عن خطورة مدفأة الغاز ما يمكن أن تفعله تقرأ النهاية نفسها. لهذا الموت سياق بشري، يتحدث عن المادية المفرطة التي تعشعش كل يوم في أنماط التفكير الاجتماعي العُماني. المادية العمياء، العجماء. والشركات التي تستخدم الصواب الفلسفي لكي تبرر ما تفعله! والتشريع الذي يجب أن ينتفض في وجه هذه الظاهرة الفكرية قبل أن تنفتح أبواب الفواجع على مصراعيها. التفكير المادي، الرأسمالي الذي يضرب في مثل هذه الظروف عرض الحائط. الاختناق الذي يحاول البعض التعامل معه بروح فلسفية جامدة وباردة (كل إنسان عليه أن يحمل نفسه) وكل إنسان عليه أن يقاوم. وهذه النهايات المأساوية لكل ذلك البرود الفلسفي. وفاة هذه العائلة تطرح أسئلة لا نهاية لها أمام العقول التي تختار المقاربة المناسبة للتعامل مع البشر. البنك الذي يسجن معسرا على خمسة آلاف ريال! والتشريع خطوة أولى، وإجراءات التنفيذ خطوة ثانية، وقس على ذلك. ما الذي يراد من هذا التفكير المادي الموغل في اعتبار الإنسان (فاتورة دفع). لا أعرفُ حقاً شيئا مؤكدا عن عائلة العامرات رحمة الله عليهم سوى شيء واحد، في عُمان، ماتت أسرة كاملة لأنَّها أرادت النور والضوء بمولد كهرباء!! أين كانت الكهرباء؟ هنا تضيع الحقيقة بين الذي يهاجم والذي يدافع. أما الفكرة الرئيسية؟ فتذهب أدراج الرياح، الفكرة التي نعيشها نحن شخصيا أمام تلك المواقف الرخيصة، عندما يزورك ذلك الموظف البارد الجامد القميء الذي يقطع عنك الكهرباء في عز الظهر، لتجده في الخارج يكلمك بوجه مادي جامد، وعقل محض مجادل في الإجراء والقانون (وحقوق الشركة). ويقول لك: ولكنك لم تدفع الفاتورة! سيقول قائل: ولكن الأسرة هذه لم تقطع عنها الكهرباء! كانت تعيش في في شقةٍ بكهرباء مسبوقة الدفع!! وما أدراني، لا أعرف من الأساس إلا شيئا واحدا، ثمة عائلة كانت تحتاج لمولد كهرباء لكي تحصل على الضوء!! هذا هو الخبر اليقين! أن الحل البديل لمشكلة أخرى كان حلا قاتلا! البنك الذي يسجن عاجزا عن الدفع! لا يعبأ بالعواقب الإنسانية؟ لماذا؟ لأن التفكير بالعقل المحض، والرأسمالية النيولبيرالية الأمريكية وكأنه نمط التفكير المادي النفعي الجديد الذي أصبح مقبولا! وإلا فما الذي يجعل شركة كهرباء تقطع الخدمة عن عائلة مع اقتراب العيد! لأن موظفا يريد رفع أرقام التحصيل التي لديه، ولأن الموظف (الفاشل) الذي ينظر للأمر بمنظور القلوب، هو موظف ضعيف، لا ينفع لكي يعمل في شركة، حاله حال موظف البنك الذي لا يرفع قضيةً على رب أسرة أخرى. وسيتجادل ذوو العقول المحضة عن أن ذلك (حق) وكأنه يتكلم عن حق المجتمع العام، وعن العدالة في العالم! وقس على ذلك في هذا التفكير المادي البحت. كل من اختار تسريحَ العقود المكلفة، ولكنه ويا سبحان الله لا يتخلى عن المأذونيات الثمينة التي يحاول تفريخها قدر الإمكان بكل ثغرة يجدها في قانون أو تشريع. كل هذه الأحداث قادمة من فكرة خطرة للغاية، لا تقيم أدنى اعتبار لحياة إنسان، ولا تهتم من الأساس لأي مدى سوف يستنزف من حياته وإرادته لكي يتأقلم مع الظروف التي تصنعها هذه الفكرة الجامدة! هل خالف رب أسرة عائلة العامرات التزامه أمام هذه الصفقة المجحفة؟ كلا لم يفعل! لقد حاول الإتيان بحلول، والتأقلم، وجاء بمولد كهرباء. من الذي لديه الحقيقة الكاملة! الذي يعرف جيدا أنَّه لن يقولها. المؤكد الوحيد، لدينا عائلة ماتت بسبب حل بديل، لماذا اختفت الكهرباء عن ذلك المنزل! هنا السؤال الكبير الذي يجب أن يجاب عليه. أبارك وأهنئ لكل المؤمنين ومعتنقي التفكير المادي الجامد البارد، والمتعاملين مع ظروف الحياة كما لو كانت مختبراً بشريا ينجو فيه الأقوى، أهنئ جميع الداروينيين، والنيوليبراليين، والساجدين في محاريب آدم سميث على هذا الموقف المجيد! أنصح شركات الكهرباء بالإعلان عن نبأ موت عائلة العامرات كتهديد لكل عائلة أخرى، بل وأعطيه فكرة إعلان: لكي لا تكون أنت التالي! ألا نتكلم كعقل محض؟ كعقل مادي محض! دعونا نفكر في المصلحة المادية للشركات! لماذا تفوت الآن هذه الفرصة؟ التحصيل سوف يرتفع! فلماذا تفوتون هذه الفرصة؟ لديكم حدث اجتماعي هائل ومهم، سوف تدفع فواتير كثيرة، وحتى وإن كانت عائلة العامرات لديها فاتورة مسبقة الدفع، لا بأس ببعض الكذب، المهم هو تحصيل المبالغ وليست الحقيقة. كذلك أنصح البنوك أيضا، أن تستخدم هذا الحدث لكي تستعيد قدر الإمكان أكبر مبالغ من المال، وأن تحرك الآن قضايها، فالناس عاطفيون، متأثرون بما حدث في العامرات، وسوف يدفعون لإخراج ذويهم، شدوا حيلكم، لا يجب أن تفوت هذه المأساة (مجانا) الموظف المثالي الآن وقته وفرصته، ولعلكم تكونون محظوظون فتجدون عائلة أخرى تموت لظروف شبيهة، سوف يرفع هذا نسبة التحصيل لديكم بشكل عالٍ. وكذلك، ثمَّة مجموعة أشخاص، في مكانٍ ما، قرروا في وقت سابقٍ أن يكون كل هذا ممكناً. إن لم يستيقظ ضميرك الآن أمام هذه الفاجعة، فاعلم، أن نتائج تنظيرك المحض، وتعاملك مع البشر بهذه الطريقة الموغلة في تحوليهم من قيمة بشرية إلى (فواتير) مستحقة لشركات تريد (حقوقها) كما تقول! هذه مآلاته!! وهذه نهاياته! أعترف أنني عاطفي، ومشتت، ولا أجزم أنني أستطيع رؤية الصورة بوضوح! لست متأكدا من أي شيء سوى أن خدمة مثل الكهرباء غابت عن عائلة فماتت بسبب مولد كهرباء! هذا هو الشيء الوحيد المؤكد لدي! أما إن كنت سأبحث عن الشيطان في هذه المسألة، فهي حزمة أفكار، وطريقة تفكير، ومنهج عمل، ومدرسةٌ عاثت ما عاثته حتى أصبحت هذه هي المآلات لها! هنيئا لكل عقل محض هذه الوفاة، عسى أن تساعده على المزيد من التفكير الأمريكي الذي لا يقيم أدنى اعتبار لشيء سوى أن يكون كل إنسان (فاتورة) مطيعة لشركةٍ أيضا تقوم على فكرة، وتستمر على فكرة. هناك من سمح بكل ذلك للحدوث، وحانَ له الآن أن يفتح عينيه، وأن يرى نتائج أفعاله!


ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!


عندما يتعلق الأمر بمعتقدات فكرية، هذه هي المآلات النهائية التي توقف غلواء العقل المحض! تشارلي كيرك قال بلسانه: يجب أن نتحمل مجموعة من وفيات السلاح للحفاظ على حق حمل السلاح المقدس في القانون الأمريكي!!! وكل شيء يبدأ من فكرة أليس كذلك؟ التسريح: فكرة، رأسمالية، واضحة وعادية، إنه أرباح الشركة أولوية! طيب، لماذا لم تأتي الفكرة على هيئة تخفيض الرواتب؟ وبدلا من السماح للتسريح، تسير الشركة بطاقة تشغيلية منخفضة؟ وتحاول النجاة؟ لكن هل هذه الفكرة جاءت بحلول؟ مثلا؟ المأذونيات الثمينة؟ موظف البنك: أمامه نظرية مطبقة وممارسة، وأيضا كانت قرارا فكريا من أحدهم، واختار الصواب الرأسمالي، الربحي. والنتيجة؟؟ موظف في البنك في مكان ما يختار وقت رمضان لسجن المعسرين! كلها نتائج مدراس تفكير: وهذه المآلات! ثمة شيطانٌ في مكان ما الآن يلف ويدور حول أن هذا الشيء (طبيعي) ويحدث، ومتوقع، بل وربما من فرط ما يريد استنزاف غيره في المجادلة سيقول: المولد الكهربائي كان مغشوشاً، وحماية المستهلك هي سبب وفاة هذه العائلة! هي فكرة! الشيطان في المسألة طريقة تفكير خطرة نزعت الإنسانية من البشر وهذه هي المآلات! عندما ترى فريق قطع الكهرباء، في عز الظهر! وكأنهم فرقة سطو في فيلم أمريكي، يقطع الكهرباء، ويهرب بسيارته! لماذا يفعل ذلك؟ سيقول لك: عملي؟ من الذي أعطاه مهمة العمل؟ مديره!!! من الذي أعطى مديره صلاحية ليأمره بذلك؟ مدير مديره! وتذهب تتقصى حتى تصل إلى العقل الذي جعل ذلك ممكنا، الذي نظّر أمام الإنسانيين (الضعفاء) أن المنظومات لا تقوم بالقلوب، وإنها تحتاج لعقل محض. وكلامه صحيح بلا قلب: تحصل فواتير أكثر للشركات. بلا قلب: تحصل ديون متعسرة أكثر للبنوك. بلا قلب: تسريح أي موظف في شركة خاسرة حق من حقوق الشركة. السؤال هو: ماذا عن المآلات؟ هذه إحدى المآلات، وكل ما بيدنا من حقائق حتى الآن هي الحقيقة الآتية (إنسان ماتَ هو وعائلته بسبب مولد كهرباء) لماذا لم تصل له الكهرباء؟ هنا ألف سؤال!! ستسمع الآن المجادلات القبيحة: لو كان غير قادر على إعالتهم فلماذا جاء بهم؟ وستسمع: "لو كان رب أسرة مسؤول لدرس بعض الكيمياء، والأحياء، ولعرف خطورة ثاني أكسيد الكربون، ولما قتل عائلة كاملة بجهله" ستسمع المجادلات الشيطانية التي تحاول صناعة شيء (طبيعي) في هذه المأساة. السؤال الكبير هو: لماذا لم يكن لديه كهرباء!! هذا هو السؤال الجوهري والكبير! ثمة فكرة شيطانية وراء هذه المآسي، وما دام الموت قد قال كلمته، فليمارس الأحياء أنانيتهم في جعل حياتهم أفضل. هي مدرسة تفكير، كل يوم تقود إلى هذه النتاج المفزعة. وفي مكانٍ ما، هناك شيطان رأسمالي يقف أمام هذا الفيضان من المشاعر البشرية قلقا للغاية، شيطان فكري من ذلك النوع الذي يرفع عقيرته الداروينية وينادي العالم بالتأقلم وممارسة دستور داروين للبقاء للأقوى، وفناء الأضعف. الموضوع فكري أولا، وثانيا، وثالثا، وأخيرا. وما لم تفكك هذه الفكرة المادية، العجماء، العوجاء، غير الإنسانة، فإن الأمر لن يتجاوز ذر الرماد على العيون! كل هذا يحدث منذ زمن، والتجربة تقود لخطأ، والذي يدير التنظير للمرحلة الاقتصادية الحالية وجب عليه أن يستيقظ الآن، قبل أن يذهب للبعيد في سبيل (تحقيق النتائج) ويعتبر كل هذه الأحداث مجرد خسائر جانبية في الطريق للهدف الكبير. المغالاة في المادية لها حدود. ابحث عن هؤلاء الشياطين، ستجدهم حولك، ينظرون ببرود عن الاقتصاد وما له وما به وما عليه. ولا يختلف هؤلاء عن الذين يتعاملون أيضا مع موت هذه العائلة كعقل محض مضاد، عقل الغضب، والتأجيج، وإخراج الأشياء من سياقها، سترى العقلين، المحضين، يصولان ويجولان في الجدال، أما هذه العائلة، فتعني من؟؟؟ اسمها #حادثة !!!! مجرد وقود في آتون الجدال أليس كذلك؟ وكأن هذا الموت الفاجع لا يكفي لكي يفتح أعيننا!! الحقيقة الواضحة أمام الجميع: ثمة إنسان مات لأن الكهرباء الكلاسيكية الاعتيادية اليومية العادية لم تكن لديه!! لماذا!!! لماذا لم تكن لديه كهرباء!! هذا هو السؤال!!!! المقرف دائما هو ما يحدث دائما!! هذا يقول مسرح، والتسريح هو السبب. هذا يقول قطعت الفاتورة والشركات هي السبب. هذا يقول المجتمع غير متكافل والأنانية هي السبب. هذا يقول الحكومة تضغط على الناس والضغط هو السبب. هذا يقول رب الأسرة ليس مهندسا في الكيمياء والكهرباء وهو السبب. وهذا يقول أنَّه مجرد قدر ولا يجب أن نعترض على مشيئة الله!! أين المؤلم في المسألة: الجميع على صواب، والجميع على خطأ، الجميع يحاول أن يأخذ جزءا من السياق الكبير وأن يوجهه بناء على تحيزاته المسبقة، ولكن ما هي الحقيقة حتى الآن؟ لماذا لم يكن لديه كهرباء!!! هذا هو السؤال الكبير، لماذا يستخدم مولدا؟؟ هذا هو السؤال الذي يحتاج إلى إجابة، ومن هذه الإجابة يمكننا على الأقل وفاء لإرث هذه العائلة أن نخلد ذكراهم بحقيقة تتغير، وأفكار ترتكس، وتتراجع، أفكار مادية بحتة ترى في الناس مجرد فواتير، وترى في شركاتٍ ربحيةٍ أولويةٍ قصوى. التسريح: لماذا لم تخفض الرواتب للجميع؟ وهل التسريح كان مكافئا للمأذونيات الثمينة والعامل القادم بنصف موظف!!! كلها أسئلة تغيير، أسئلة تغيير عميقة للغاية في عمان، وليست تغيير تشريعات فقط، وليست تغيير إجراءات، وإنما تغيير مدارس تفكير، ومدارس اتخاذ القرار، ومدارس تحليل. هذا الذي جعل ذلك ممكنا هي شبكة بشرية من الذين يفكرون، حزب فكري انتصر على حزب آخر، حزب مادي بحت لديه من النتائج ما يكفي لكي يكون صوابا!!! نعم، صواب فكري حقيقي بحت، التسريح ينفع الشركات!!! من قال أن هذا خطأ، هذا صواب فكري، ولكن ماذا وراء النظرية الاجتماعية التي خلفه؟؟ هي نفسها النظرية التي أطلقت الرصاصة على رقبة تشارلي كيرك، الصواب الفلسفي في أبهى حلله وتناقضه مع إنسانية البشر. أعتقد أن الوضع الفكري العام في عمان ذهب بعيدا في هذا التفكير الجامد، وأن الوقفة التي لا بد منها مع نظرية الحياة في عمان قد حان تمحيصها وتفنيدها، وأن طرق التفكير المادية الموغلة في تجاهل إنسانية البشر قد حان لها أن تتلقى جدالا حقيقيا. هذه مآلات أفكار، وليست مآلات قرارات. هي المنبع الرئيسي الأوَّل الذي يؤدي لمثل هذه النهايات، لذلك الذي يريد أن يتصدى لأطرافٍ ونهاياتٍ لفكرة جوهرية، سيبقى دائما يبحث عن الشماعة التي يعلق عليها أعذاره وتبريراته. صحة البنوك تنفع الاقتصاد؟؟ نعم تنفع الاقتصاد، ولكن كثرة المساجين تؤذي المجتمع، وتدمر استقراره. التسريح ينقذ الشركات: نعم، ينقذ الشركات، ولكن الاحتفاظ بالمأذونيات الثمينة ينقذ أرباحها! كلها أسئلة تلطم في أسئلة، والإجابات ليست سهلة، الذي أنا متأكد منه أن المساءلة الفكرية هي الخطوة الأولى، وهذه مهمة من الذي يتصدى لها؟؟ لا أعرف!!!!! موت عائلة يسمى (حادثة) عادي جدا صح؟ العقل المحض الأول يلقي باللائمة على المجتمع القاسي الأناني. والعقل المحض الثاني يستخدم الحادثة لمجادلات سوق العمل والنشاط الاقتصادي. حادثة صح؟؟ أتمنى فقط البنوك تنتهز الفرصة الآن لأنه الوضع العاطفي الآن يسمح لها بالمزيد من التحصيل. كذلك شركات الكهرباء أتمنى فرق الكوماندوز التي ترسلها لسحب فيوز الكهرباء تنتشر، لأنه الآن وقت الضربة المناسبة. الأرقام لا تكذب، ونتائج التحصيل سترتفع. وخلونا نخلي الأمور عقل محض!! ربما هكذا أسهل لكي نعيش بلا مشاعر، وربما: بلا ضمائر!! فلا نامت أعين المتخشبين!