بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 29 سبتمبر 2021

تأمل عابر

 كل إنسان في هذه الحياة يتبع منهجا يقرر به طريقة حياتِه. هل يصلح أن تكون اجتماعياً غارقا في المناسبات وأنت لا تطيق التجمعات؟ وهل يصلح أن تختار العزلة والصمت وأنت لا تطيق الحياة دون خروج، وتغيير جو؟ كل إنسان يختلف عن الآخر، فلا منهج صحيح أو خطأ، نحن نعيش ونتعايش ونجرّب.

يميل كثيرون إلى افتراض أن الحياة الناجحة هي النمطية المبنية على الاستيقاظ مبكرا، ومن ثم العمل بلا توقف حتى المساء. وفعلا يحقق البعض ذواتهم بهذه الطريقة، ثم يأتي لك مغني روك كسول غارق في المخدرات ويحقق ملايين الملايين! ألا يكفي هذا لنعلم أنه لا وصفة حياة نمطية تضمن لك النجاح؟
كذلك خيارات الوظيفة! تلزمك الحياة أن تأكل عيشك وأن تتسبب في جلب الرزق. هل تعمل لتعيش؟ هل تعيش لتعمل؟ هل تريد أن تكون مدمن عمل يعود لمنزله في نهاية الليل ويتمنى ترقية استثنائية؟ هل تفضل أن تكون تاجراً وتغامر في السوق وتجازف في أوضاعه المتقلبة؟ ماذا تختار؟ ماذا تُريد؟
ماذا عن الذي يختار أمرين يستهلكان العمر والصحة؟ يعمل في شركة، وفي المساء لديه شركة يعمل بها، حياته عمل في عمل. البعض ينجح، والبعض لا يتمكن من الجمع بين أمرين فيستقيل من أجل شركته، أو يبيع الشركة من أجل وظيفته، ماذا تريد؟ تريد النجاح؟ إذن التضحية، والإرادة، والصبر، والتخطيط.
ثمة خيارات أخرى في هذه الحياة، كأن تحترف الجريمة، أن تتجول في الأحياء حاملا سلاحك، أو أن تسلك طريق العنف سواء ذلك القانوني في جيوش الدول أو ذلك غير القانوني في المليشيات الفوضوية. هؤلاء لا يفكرون بهذه الحياة النمطية، ولا يخططون لحياة طويلة، يقامرون وقد يصبح أحدهم ناجيا نمطيا!
وماذا عن الذي يعيش متصعلكا! حياته نزهة بين الأرصفة ونزوة من العلاقات المؤقتة. يحمل جيتاره، أو حقيبته ويتجوّل بلا توقف، يصبح الطريق وطنه! أليس هذا خيار يستحق التمعن بعض الشيء؟ ماذا خسر؟ وماذا كسبَ؟ الحياة مجموعة منظمة من القيود المعقولة. لا مفر من الاعتراف بهذه الحقيقة الصادمة!

الاثنين، 27 سبتمبر 2021

مرور مع اللغة!

 أخافُ تراتيلَ روحي إذا أسدلتَ

 ماءُ وجدانِها للسرائرِ أخشى جنوحَ الضمائرِ.. إنِّي إلى ماء أجنحتي أستجيرُ وكنتُ إذا استلبت ضوءَ أشرعتي سفنٌ أنتمي للفضاءِ وأهمسُ: لستُ من الأوَّلين؛ لأخشى ضياعَ الغناءِ. وما كنتُ حيَّا لأفنى.. ولا كنت ميتا لأحيا بلا هدفٍ أو شعور!
أنا غارقٌ. هاربٌ من تراتيل أسئلتي عازفٌ عن جنوني أهرِّبُ ما لست أدركُه من شجونٍ طوتَ ــ بعد أغنيةٍ ــ معجزات التشرِّد آلامَها. يا زِحامي. تردَّدْتُ هل أيقظَ العزمُ ما لم أكنْه؟ وهل سابق الناسُ أهل القبورِ؟ أنا حائرٌ سبقتني البصائرُ واكتنفتني البحورْ!
أغني لأنِّي أنا سابقُ النايِ. والصوتُ درَّعَ أسمالَه بالغموضِ تلوتُ تكاسلَه في مرايا الغروبِ ولذتُ بما ترك النورُ للمبصرين! تقلبتُ في بصري خائفا من مجونِ المسالكِ لا أريدُ تشابهها، لا أخاف تماثلها لا أحبُّ تقاطعها لست أعرفُ أينَّ المسار، ولا ويل يكفي لأقبلَ شرَّ الثبور!
سأغفو لأنِّي أنا خطأ لغويٌّ تخون الأصابعُ مقصدَه وتغيّب إعرابَه هل أعيدُ كتابته أم أغادرُ أزمنة الشعر منهزماً [كان يكتبُ] أم قد سها! [كان يلغو] وعلَّمه الشعرُ درسا صغيراً عن اللحظةِ المنتقاةِ إذا انكسرت أمنياتٌ وفازت ببعض القصائدِ بعضُ الشرور! معاوية

الثلاثاء، 21 سبتمبر 2021

عن التخفي بالصمت!

 تجاوزت عبارة نعمل بصمت كونها شيئا غير منطقي، إلى كونها عبارة خطأ وتخالف الحقيقة. تعمل بصمت لما يكون عملك أساسه الصمت، واستنساخ خطاب المؤسسات السيادية من قبل مؤسسات تتبع الخدمة المدنية هذه محاولة في غير موقعها للتستر بأستار الصمت!

 كيف تعمل بصمت وأنت ليل نهار تصرّح في الإعلام؟
العمل في مؤسسات تتبع الخدمة المدنية لها علاقة مباشرة بمصالح الشعب، وحقوقهم، كيف عاد تو استوينا نعمل في صمت؟ ليش صمت يعني؟ معك ملفات سريّة؟ هل طبيعة عملك عسكرية أو دبلوماسية؟ ما هذا الاستنساخ الفج؟ كيف يعني تعمل في صمت؟ وليش ليلك ونهارك في الإعلام؟ هذا هو الصمت؟
باغي تعمل في صمت خلي منجزاتك تتكلم عنّك، ما طالع في الإعلام عشان تتباهى بعملك في صمت، والآن أصبحت هذه الجُملة تكئة للتصدي إلى الرأي العام، وسخط الناس وتجاهل آراء الجمهور الذي يعبّر عن سخطه المستحق. لما تكون في مؤسسة لها علاقة بالخدمة المدنية، تذكر إنّك ما جهة سيادية!
لا أنت تعمل في محيط دبلوماسي، ولا أمني، ولا عسكري عشان نقول إنه سرية العمل جاية مع شغلك، والآن ماذا؟ هل صارت نعمل في صمت العبارة الجديدة التي تعبّر عن المسؤول الذي يصمّ أذنيه متعاليا عن كلام الناس، متعمدا تجاهله؟ لو تريد تصمت أنت شخصيا افعل ذلك، مؤسستك واجبها تتكلم وتوضح.
وماذا الآن عبارة نعمل في صمت ستكون "الحرز" الذي يحمله المسؤول كلما انتقده الناس وانتقدوا وحدته الحكومية؟ التلاعب بالسياق ليس أكثر من عملية خداع، وتناسخ هذا الخطاب وما يبدأ من تكراره ليس أكثر من إطلاق آذان صمّاء، نفس حكاية الضجيج، ونفس حكاية التصريح الجديد عن هذا "الصمت"!
كل مسؤول عمله مرتبط بحقوق الناس، وبمصالحهم يحاول أن يلصق الانتقادات التي تأتي عليه وعلى وحدته الحكومية بمفهوم الدولة فهو أول من يسيء للدولة، أنت تابع الحكومة التابعة للدولة، في وزارة خدمية، وهذا ما فيها حد يعمل في صمت، لو ما باغي تتكلم بنفسك، خلي قسم الإعلام في وحدتك يتكلم.
وماذا الآن هل ستكون عبارة [نعمل في صمت] الحرز الدفاعي الجديد؟ يعني ما قادر تتحمل آراء وانتقادات؟ خلاص يعني نبدأ نظام العزة بالإثم؟ وسنرى هذه الجملة أيقونة المواجهات بين المسؤول وبين الشعب عندما يقوم بانتقاده! لو تعمل في صمت ليش تعقد مؤتمرات صحفية؟
وأيا ما كان هذا المسؤول، في السياحة، في الصحة، في وزارة العمل، أنت مسؤول ومساءل وحقوق الناس ومصالحهم وحقهم في الشفافية مرتهن بالكلام ما بالصمت، إن كان يزعجك سقف الحرية في العهد الجديد فالصمت ليس حلا، وإنما الوضوح والشفافية، والناس من حقها تعترض وتنتقد عملك لا شخصك الكريم.
ولا يا عزيزي المسؤول، لا ثم ألف لا، إن كان ردك على انتقادات الناس المستحقة والتي تنتقد أخطاء وإخفاقات وزارتك هو أن [تصمت] فلا يا عزيزي، هذا ما جهة شخصية تابعك لشخصك الكريم، وما حد يستهدف شخصك، ناس تدفع ضرائب، وقلوبها على بلدها، والقانون كفل حقها في الكلام، فلا ترفع الصمت درعا!
وكلمة نعمل في صمت خارج سياقها لها معنى قبيح وسيء، هل قصدك إنك تعمل في خفاء؟ بعيد عن نقد الناس؟ وتمحيصهم؟ ونظرهم؟ هل هذا هو القصد؟ كيف يعني تعمل في صمت؟ لا يا عزيزي المسؤول، كفل القانون حق الكلام وحق الانتقاد وناس تدفع ضرائب وحقوق ومصالح مرتهنة بقراراتك، هذي ما فيها صمت!
وماذا يعشعش في عالم الصمت! الخطأ، والفساد، والتسيب. هذه كلها تموّل من عُملة الصمت، العمل العام يضع كل شيء على الواجهة، ويكون رهن التمحيص والتدقيق، منذ متى أصبح الصمت في الشؤون العامّة الآن منهج عمل! لا يا عزيزي المسؤول، أنت تعمل في مؤسسة خدمة مدنية، الصمت درع لا يسمح لك بارتدائه!
+

الأحد، 19 سبتمبر 2021

عن هذا الكوكب في حاليّته!

 بين الموقف الفلسفي والموقف العلمي للحياة يتجلى الأدب. ألسنا كائنات أصلها من الطبيعة؟ فالأوجب أن نعود لها، وأن ندرك أن المدنية فخ مؤقت، وعصر الوقود الأحفوري أيضا عصر مؤقت، ونهاية التكدس السكاني المجازر والحروب والأوبئة.

 هذا الموقف الفلسفي أما الموقف العلمي سوق سيارتك وانت ساكت!
الطبيعة، والعدالة مثاليات حالمة، موازين نحلم أن يتساوى فيها البشر، موقف حنبلي كالرياضيات والمنطق، أما حقيقة الحياة فهي كالفيزياء، أبعد ما تكون عن الحدة المنطقية، وأقرب إلى التجريب بكثير، أقرب للحياة، بل ربما هي الحياة ذاتها رغم أنف الرياضيين.
إنَّه عصر المدن، ومهندسي الطرقات، وعلماء الأوبئة والسدود، عصر الجيلوجيا وصناعة محركات السفن، زمان التكدس والصناديق الانتخابية وجيوش الطغاة وترددات البث والألياف الضوئية، عصر صراع الصين وأمريكا، ثورة الرأسمالية، ومؤشرات الحرب الكبرى الثالثة، إنه عصر الراحة قبل المجزرة القادمة.
إنه عصر سيكولوجية الجماهير، وصناعة الواقع المغاير، عصر سيطرة النخب على نصف الكوكب، وسيطرة الأفراد على النصف الآخر، عصر المؤسسات الفاسدة، والأسلحة الجرثومية، والنووية، عصر صراع الحضارات، وقمع الشعوب، وموت الأحلام الفردية، وانتصار الأوهام القومية. إنه عصر المأساة، وعلب الكبريت.
إنه أكثر العصور الذي تليق به مأساة النهاية، عصر كورونا، وفاوتشي، ومنظمة الصحة العالمية، عصر أقنعة الوجه، وصناعة الأسلحة، والمزيد من الأسلحة، والمزيد من الأسلحة، عصر طائرات الشبح، وفاء السادسة عشر، وعصر تسمية بشار الأسد بالمنتصر، وترامب بالرئيس الديمقراطي! إنه عصر العجائب!

الثلاثاء، 7 سبتمبر 2021

هذيان الحنين والرفض

 حدثت زيارتي لسماحة الشيخ، وكنتُ أعلمُ أنَّها ستسبب لي حصيلة معرفية وذاتية في هذه الحياة. لم يفتح سماحته أي موضوع من الماضي، وكأن شيئا لم يكن، ولم يعتب أو يبدِ صفحا أو عفوا، كان ودودا بشكل أصيل، ولكن ليست هذه ردة الفعل التي أتحدث عنها، إنها ردة فعل رفاق الأمس وغضبهم، وارتيابهم!

إنَّه لتساؤل محق! ما دافعي؟ ما حكاية هذا التصالح وموّال معاوية الذي "تغيّر" هل هذا حقيقي؟ أفعله لأنني أريده أم هو رياء للناس، نفاق للمجتمع؟ هل المهاجر سابقا حقّا يريد ما يفعله؟ أم هو منساق وراء هزيمة؟ وإن كنت تتساءل، لدي الأسئلة نفسها، والخوف نفسه: هل أفعل ما أفعله من قلبي؟
كان في قلبي حديث أريد فضفضته، من البداية وكنت أنتظر ردة الفعل المناسبة، ولا أقصد تلك الاجتماعية، أو تلك الفردية من سماحة الشيخ! ماذا عساه أن يحمل من الحقد على شخص ثرثار متلخبط متناقض؟ لقد كان موقفه نبيلا للغاية، ولكن ماذا عن رفاق الأمس؟عن المرتابين في كل شيء والغاضبين لأجل الغضب!
كان موّالا مضحكا من مواويل اللادينيين، والمرتابين، والصعاليك الذين يلبسون بزّة رسمية، لماذا أنت غاضب؟ لماذا تحترمُ كل الخيارات الفردية في الكون سوى أن يؤمن إنسان بالله! وأن يؤمن إنسان بالله دون أن يفرض عليك يقينه؟ ما الذي يغضبك؟ أين احترامك للخيار الفردي أيها المتحذلق؟
غاضب؟ لكن غضبك لا يعني مطلقا أن تتدخل في خياراتي! ترى في الدين رجعية وتخلّف، ترى في الإيمان وهما! هذه اختياراتك في الارتياب، هل تريد أن أقول لك عن [نمونة] اللادينيين الذين عرفتهم؟ ربما أنت لم تكن نذلا، لكن بعضهم كانوا أنذالا، غاب عنهم اليقين ليتركهم سفلةً بمعنى الكلمة! وكنت منهم
اللاديني الحرامي! الذي يعتبر نفسه ذكيا عندما يسرقك وأنت سكران! بالله عليك هل تظن أنه هذه صحبة يؤسف عليها؟ أو يحترم لها رأي؟ ما الجامع المشترك بينهم؟ أليس الجزم بعدم وجود الخالق؟ وتكذيب النبوّة؟ وما النتيجة النهائية؟ ميكافيللي يظن نفسه ذكيا عندما يسرقك، أو يستغلك سكرك!
وماذا عشتُ معكم، يعلم الله أنني أقاومُ مشاكلي، وأخفق أحيانا، ولكن ماذا عشتُ معكم يا ثلّة الملاحدة؟ الغضب، واحتقار كل ما هو إيمانيّ؟ وماذا؟ الذاتية المفرطة! ألم يرق لبعضكم حالي المزري، وجلسات جلد الذات وتشويهها! أليس هذا معاوية الذي تحبون؟ ذلك السكران المسطول الذي يكره نفسه؟
ونعم، أنا المنافق الآن! أما أنت فأنت الصادق الأمين، يمكنني أن أحترم المرتاب، المتسائل الذي لديه نظرية، ولكن ماذا عن هذا الذي تحوّل إلى كتلة كراهية، خائف من الله ولا يعترف بالله! أي سخف هذا! هل أعترف لكم بشيء يا رفاق الأمس، إنني أخاف منكم بشدّة، وأعلم أي شيطان يقودكم! وأمقته!
وماذا أجدُ من فارق بين صحبتكم وصحبة المؤمنين؟ أنني أرافق إنسانا يعترف على الأقل بأن عقله قاصر عن القسمة على الصفر، وأن المطلق واللانهائي ليس من دأبه ولا شأنه أن يعلمه وأن يعرفه! هل تعلم كلمة [الله يوفقك] .. أنت تعيش بدونها! المهم هو من يجلب غرشة الجاك دانيالز، هذا الصديق!
وماذا وجدت من صحبتكم؟ الارتياب! يا سلام على بعضكم! الارتياب لشرعنة السفالة! يحتاج المرء أحيانا إلى ساعتين من جلد الذات وتشويهها لتطمئن له، يجب أن تؤلف الكثير من الخطايا فقط ليُعرف أبعد ما في طريقك، وبعضكم أبعد ما في طريقه بعيد جدا! حدَّ إزهاق حياة إنسان بلا ندم أو ضمير!
ويشهد الله أنني لا أكره بعضكم، ولا أمقته، ولا أحتقره، ولكنني أحتقر وأمقت بعضكم الآخر، أساتذة الكذب على الذات، هل هناك احتمال أنني ألعب لعبة [بذكاء] كما تسمونه؟ ربما، أخاف من ذلك دائما، وأسأل قلبي مرارا وكل يوم: هل هذا الذي تختاره وتريده؟ وكم أخاف أن يكون كلامكم صحيحا!
لا يزعلن بعضكم إن قلتُ له، أنت في أزمة حقيقية! ملحدٌ في مجتمع مؤمن! بالله عليك أي كذبة تعيش! كذبة فوق كذبة فوق كذبة فوق كذبة! من الذي سيريد لك الخير؟ رفاق الخمر؟ رفاق الحشيش؟ أنتم تعلمون لأي دركٍ نزلتُ، لست هُنا لأطلق أحكاما عليكم، أنا هُنا لأعتزلكم مليّا!
لكم دينكم ولي دين! هذه تكفيني لنتفق في هذه الحياة أن نختلف. هل تعلم الذعر الذي أعيشُه عندما أتذكر فقط ذلك الجو المشحون بالعدم! والتسليم البائس السريع المرتجل، والتبريرات الحمقاء لغياب الرب! لماذا؟ لأن من يفسر الدين يخطئ! ومن الذي يفسر الكون؟ وما قبل الكون؟ وكأنك تعلم ذلك!
يمكنني تبادل الملاسنات معكم حتى يقوم القيامة، هذا لن يغير من حقيقة الأمر شيئا، بعضكم إنسان مُحترم بمعنى الكلمة، لا يصادر حق الآخر في اليقين! ولكن ماذا عن هؤلاء الذين مدرستهم الفكرية الكراهية، والإلغاء، وتغليف الندم بالمكابرة! لا أفرض عليك أي شيء، فلماذا يغضبك أن أختار يقيني؟
سخف التفلّت البوهيمي! لماذا لا تسمي إدمان الكحول إدمانا، ومرضا؟ لماذا لا تسمي التحشيش وآثاره على العقل ذهانا! لماذا كل هذا التلميع لمشاكل صحيّة، بعضكم يا رفاق الأمس مريض لا أكثر، يحتاج للعلاج، ويحتاج للعناية، وليتكم تتعلمون من هؤلاء القلة الذين يحترمون خيار الآخر، ويقدرونه.
لا أكرهكم ولا أحبكم، أصف ما أصفه بما صرتُ أعرفه. أحاول أن أعمّق إيماني بالله، وكم أنا مخطئ في جنبه، لكنني أترك حسابي لله، هل كانت فكرة حكيمة أن أترك حسابي لكم! أيتها الكتل الذاتية المتناقضة؟ النرجسية المتجسدة في عقل فرد يستطيع إلغاء الله بنقرة زر! لكم دينكم ولي دين!
وأفضّل أن أترك أسئلة كثيرة في الحياة بلا إجابة، لكنني لن أحسم النسبي بالمطلق، ولا المطلق بالنسبي، أؤمن بالله لنفسي، وأقر بعبوديتي لله، صدقني، عبادة الله خير من عبادة الرفاق، وهلاوسهم، هل نفعت العربدة أحدكم؟ هل نفع الحشيش أحدكم؟ أنت تعلمون الإجابة وتكابرون!
لذلك، الحياة تتسع لكم ولي. وسأبقى وفيا لكل إنسان منكم لم يؤذني، أو يستغلني، أو يسممني، أو يستغل إدماني أو مرضي أو نوباتي، سأبقى وفيا لكل هؤلاء وسأحترم خيارهم، هذا ما أمرني به الله، ألا أفتش عن ما في قلوبكم وألا أزعم معرفتي به. ولكل سؤال إجابة ولو بعد حين.
وخِتاما، كم يفزعني أن يكون كل ما أفعله عملاً بارعا. كم يفزعني أن أجد نفسي صديقا لكم مجددا، كم أخشى أن تفتك بي شياطيني فأصدّق أنني كنت بينكم ومعكم حقيقيا، وأن البوهيمية طريقة حياة! كم هو مضحك حال بعضكم هيبّي يسكن منزلا فخما، ولديه لاندروزر آخر موديل!
لا أعلم عن حال كثير منكم الآن، ومن أتواصل معه من قليلكم أعلم أنّه يختار لنفسه لا لغيره. بعضكم مشغول بالمؤمنين أكثر من انشغال المؤمنين بإيمانهم! أنقذ نفسك من الكحول، أو الحشيش، قبل أن تحاول إصلاح العالم! أقول هذا الكلام لي ولكم، بلاش مبالغات في مديح العربدة!
وهذا ما لديّ، إن لم يعجبك، يمكننا أن نعيش بعيدا عن بعضنا، لا تظن أنني أرحب بك أو بغيرك أن يتدخل في خياراتي المستحقة، هذا [حق] ومثلما هو حق لك أن ترتاب، هو حق لي أن أؤمن، هذا ما أفهمه من الإيمان، فإن كنت تختلف معي، نتفق أن نختلف، لا داعي أن نصبح أعداءً.
ولقد تكلّفت ما لا أطيق من ترّهات، وابتكرت خطايا كثيرة، وتباهيت بشيطانيتي التي حدثت والتي لم تحدث! بالله عليكم! هذه صحبة يُرثى لها؟ يجب أن تثبت أنك وسخ، وحقير، وسافل ليبقى مكانك محفوظا في الشلة، كنت تعلمون ذلك! وماذا الآن، فقدتم صديقكم الذي كان يشعركم أنكم أفضل حالا!
كم أخاف أن يكون كلامكم صحيحا، كم أخشى أنني عيّار، كذّاب، محتال بما فيه الكفاية لأذهب إلى عالمٍ من علماء الدين لأكذب عليه أنه ليس لدي أدنى ذرة شك أن الذي خلق هذا العالم اسمه [الله]، وأن نبيا اسمه محمد تحدى البشرية بكتاب اسمه القرآن، كلنا نعلم أن هذا محتمل دائما من أي إنسان!
الذي أعلمُه أنني لا أتكلّف خصلة ليست بي من أجل نرجسي سامّ، وأنني لست متعلقا بكم، ولستم دائرة اجتماعية صحية، أنتم كحالي، تحتاجون لعلاجٍ، وصدق مع الذات، ولا أعلم هل ستنفعكم الروحانيات [الماورائية] كما تحبون تسميتها، لم يعد هذا مهما، لم نعد أصدقاء، لسنا أعداء، نحن غرباء، فقط!
وياللهول! ماذا تنتظر من إنسان لا يخاف أي شيء! لا يخاف الله! لا عجبَ أن يحدث ما حدث! لا عجبَ مطلقا! سمني وصفني بما شئت، أحمق، متوهم، سطحي، ساذج، مخدوع، مؤدلج، مبرمج! هذا حقك في الحياة، ولكن إياك أن تظن أن صديقك مدمن جلد وتشويه الذات سيعود لمراضاة مشاكلك النرجسية! هيهات!
وما أقوله لك وللعالَم، وللعالِم، أعلم علم اليقين أنني مؤمن بالله، وكم أنا مسلم سيء ومليء بالأخطاء، لماذا لا أعبأ برأيك؟ لأن ذلك بيني وبين الله، هو الحكم بيني وبينك، وهذا ما أؤمن به بلا ذرة شك. عندما تؤلف قرآنا، وتنسف نبوّة راعي الغنم الأمّي، سأعود لك ساجدا من دون الله. حاول!
عدا ذلك، إن عجزت أن تكون نبيّا، أو أن تنسف القرآن، أو تأتي بمثله، فاخلق ذبابة، أو بعوضة، يا رجل حتى لو خلقت لي سنجاب صغير، لا تقلق، سأقر لك بالألوهية. أرني بداية التاريخ أو نهاية العالم، افعل معجزة ما ودع عنك الارتياب السهل سريع القطع، سريع الجزم! كلنا نعلم أنك لن تفعل ذلك أبدا!
وسلامٌ سلام، لكم دينكم ولي دين. لا تزعل لأنني لا أتقرب لك بالخطايا،ولا تغضب لأنني لست المرتاب النمطي الذي يروق لك أن تلعب معه النرد في مسلّمات هذه الحياة القصيرة.لا شيء يجعلك تتحسر على صديق الليالي الملاح. يمكننا أن نتفق أن نختلف، وأن يعيش كل إنسان اختياراته بعيدا عن الآخر. سلام!