تجاوزت عبارة نعمل بصمت كونها شيئا غير منطقي، إلى كونها عبارة خطأ وتخالف الحقيقة. تعمل بصمت لما يكون عملك أساسه الصمت، واستنساخ خطاب المؤسسات السيادية من قبل مؤسسات تتبع الخدمة المدنية هذه محاولة في غير موقعها للتستر بأستار الصمت!
كيف تعمل بصمت وأنت ليل نهار تصرّح في الإعلام؟
العمل في مؤسسات تتبع الخدمة المدنية لها علاقة مباشرة بمصالح الشعب، وحقوقهم، كيف عاد تو استوينا نعمل في صمت؟ ليش صمت يعني؟ معك ملفات سريّة؟ هل طبيعة عملك عسكرية أو دبلوماسية؟ ما هذا الاستنساخ الفج؟ كيف يعني تعمل في صمت؟ وليش ليلك ونهارك في الإعلام؟ هذا هو الصمت؟
باغي تعمل في صمت خلي منجزاتك تتكلم عنّك، ما طالع في الإعلام عشان تتباهى بعملك في صمت، والآن أصبحت هذه الجُملة تكئة للتصدي إلى الرأي العام، وسخط الناس وتجاهل آراء الجمهور الذي يعبّر عن سخطه المستحق. لما تكون في مؤسسة لها علاقة بالخدمة المدنية، تذكر إنّك ما جهة سيادية!
لا أنت تعمل في محيط دبلوماسي، ولا أمني، ولا عسكري عشان نقول إنه سرية العمل جاية مع شغلك، والآن ماذا؟ هل صارت نعمل في صمت العبارة الجديدة التي تعبّر عن المسؤول الذي يصمّ أذنيه متعاليا عن كلام الناس، متعمدا تجاهله؟ لو تريد تصمت أنت شخصيا افعل ذلك، مؤسستك واجبها تتكلم وتوضح.
وماذا الآن عبارة نعمل في صمت ستكون "الحرز" الذي يحمله المسؤول كلما انتقده الناس وانتقدوا وحدته الحكومية؟ التلاعب بالسياق ليس أكثر من عملية خداع، وتناسخ هذا الخطاب وما يبدأ من تكراره ليس أكثر من إطلاق آذان صمّاء، نفس حكاية الضجيج، ونفس حكاية التصريح الجديد عن هذا "الصمت"!
كل مسؤول عمله مرتبط بحقوق الناس، وبمصالحهم يحاول أن يلصق الانتقادات التي تأتي عليه وعلى وحدته الحكومية بمفهوم الدولة فهو أول من يسيء للدولة، أنت تابع الحكومة التابعة للدولة، في وزارة خدمية، وهذا ما فيها حد يعمل في صمت، لو ما باغي تتكلم بنفسك، خلي قسم الإعلام في وحدتك يتكلم.
وماذا الآن هل ستكون عبارة [نعمل في صمت] الحرز الدفاعي الجديد؟ يعني ما قادر تتحمل آراء وانتقادات؟ خلاص يعني نبدأ نظام العزة بالإثم؟ وسنرى هذه الجملة أيقونة المواجهات بين المسؤول وبين الشعب عندما يقوم بانتقاده! لو تعمل في صمت ليش تعقد مؤتمرات صحفية؟
وأيا ما كان هذا المسؤول، في السياحة، في الصحة، في وزارة العمل، أنت مسؤول ومساءل وحقوق الناس ومصالحهم وحقهم في الشفافية مرتهن بالكلام ما بالصمت، إن كان يزعجك سقف الحرية في العهد الجديد فالصمت ليس حلا، وإنما الوضوح والشفافية، والناس من حقها تعترض وتنتقد عملك لا شخصك الكريم.
ولا يا عزيزي المسؤول، لا ثم ألف لا، إن كان ردك على انتقادات الناس المستحقة والتي تنتقد أخطاء وإخفاقات وزارتك هو أن [تصمت] فلا يا عزيزي، هذا ما جهة شخصية تابعك لشخصك الكريم، وما حد يستهدف شخصك، ناس تدفع ضرائب، وقلوبها على بلدها، والقانون كفل حقها في الكلام، فلا ترفع الصمت درعا!
وكلمة نعمل في صمت خارج سياقها لها معنى قبيح وسيء، هل قصدك إنك تعمل في خفاء؟ بعيد عن نقد الناس؟ وتمحيصهم؟ ونظرهم؟ هل هذا هو القصد؟ كيف يعني تعمل في صمت؟ لا يا عزيزي المسؤول، كفل القانون حق الكلام وحق الانتقاد وناس تدفع ضرائب وحقوق ومصالح مرتهنة بقراراتك، هذي ما فيها صمت!
وماذا يعشعش في عالم الصمت! الخطأ، والفساد، والتسيب. هذه كلها تموّل من عُملة الصمت، العمل العام يضع كل شيء على الواجهة، ويكون رهن التمحيص والتدقيق، منذ متى أصبح الصمت في الشؤون العامّة الآن منهج عمل! لا يا عزيزي المسؤول، أنت تعمل في مؤسسة خدمة مدنية، الصمت درع لا يسمح لك بارتدائه!
+