بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 29 مايو 2021

منطق الكراهية والتعبير عن الذات تجاه الآخر الغامض!

 هل تعرف ما هو النصر الكبير؟ أن تُحافظ على استقلالك الذهني، لعلك تظن إنك تفعل خيرا بنفسك عندما تسير في درب البطولة والممانعة كمعارض أو التطبيل والتضحية من أجل الحكومة كموالي، تظن إنك انتصرت للشعب أو للنظام، وفي الحقيقة كلها خسارات، كلها تسليم أنك صرت رهن الجمعي، وأنك لم تعد حرا.

ما قايم أطلق أحكام على اللي مسوي نفسه [أبو الشباب] اللي يهدي الشعب ضد الحكومة، في زماني كانت أخطائي أقبح من أن تُقارن بهذا البرجماتي المتذاكي. ولكن تراه كل حد عارفنك! على الأقل كون صريح مع نفسك وقول: أختار الحكومة ظالمة أو مظلومة! والله كذا حتى خصمك يحترمك ويقدر خيارك! ويتفهمه.
جالس تحوم حول الآراء وأصحابها، تنتظر الزلَّة! بالله عليك هذي حياة! والغم إنك تختارها بإرادتك ما مجبور عليها! عامل نفسك زعيم الحزب الوطني، ومتأهب للفتك بمن يتكهرب منه الموالون! مالك تو؟ ما قادر تفهم إنه حقك في موالاة الحكومة يشبه حقك في ممانعتها! تستغرب بعده إنه الناس تستملغك؟
أجيبها من الآخر؟ بعض الأشياء ما مهمتك! ما دورك ولا واجبك أنت اخترت ذلك بنفسك، تظن نفسك مهم صح؟ وتظن نفسك مؤثر؟ تراه حالك ما يختلف عن المُعارض المتشنج اللي منصب نفسه حكم الوطني وغير الوطني، عادي يلغي أي وسطي لو ما كان معه وبالنسبة له خساراته لازم الجميع يدفعها معه. لا فرق بينكما!
حالك مقزز تعرف ليش؟ لأنه تزلفك للحكومة أهم من الوطن وأحداثه، وعشان تفهمني، ما أطلب منك تكون معارض ولا ممانع مع إني ما أؤمن بهذي التصنيفات، هُناك من ظُلم، أبسط شيء إنك ما تُلغي حقه في أن يصرخ إنه ظلم. جالس تخسر الكثير وتقدم نفسك أضحية لمن ينظر لك كورقة تُحرق في أي لحظة! خسارتك!
وويش أكبر مشاكلك؟ إنك تضع نفسك في المطلقات الكبيرة، شاحط عُمرك [بالوطن!] .. تنادي بالعقوبة كأنك صاحب القرار، تنادي بالضرب من يد من حديد وأنت لو أطلقت رصاصة على سنجاب تبول في وزارك! .. مشكلتك إنك ظاهرة كرتونية، ما تختلف عن ثوار الاسم المستعار وجنود البلوك المجندة!
وتعرف شيء، أميل عاطفيا للمانع، لأنه على الأقل يدافع عن مظلوم أو يقف في وجه ظالم، أنت موه وضعك؟ طبّال! كل همك تتزلف حالك حال الكلب يلحس نعال سيده! هذي حقيقتك، لا همك وطن ولا صالح عام ولا همّك رخاء ولا سلام ولا حرية ولا عدل بلاد، تلمّع نعال الطغيان بلسانك. حشرة!
ونعم، العاقل أحيانا يتجنب مواجهة الحكومة أو [النظام] كما تقول الكلمة الدارجة، لكنك طبال متزلف حقير وسخ جزمة، لو شخص اعترض على وزارة الزراعة ممكن تتهمة إنه متآمر على الوطن! ليش كذاك يا أستاذنا! لأنه يحرجك كل من يثبت لك إنك متناقض يكذب على نفسه!
المشكلة إنك مهزوز، الكراهية التي كيلت لك تعفّنت حتى جعلتك تندم على ما "فعلتك" .. ما قادر تتراجع، خايف شماتة أهل المنطق والحياد فيك، لازم تعمل فيها بلطجي ليش؟ لأنك سيف الدولة المتناقض، تدور أي مدخل عشان إما تكون بلطجي أو مدّاح، عنجهي جزمة ما عارف حال نفسه وناسي إنه من الناس!
ومن يغيظك أكثر شيء؟ الجزمة اللي مثلك، اللي قضية الوطن والحقوق بالنسبة له مدخل للتنمر، تراه ما شيء فرق بينكم، والحمد لله إنكم تنشغلوا ببعض لعل هذا يجعلكم تتركوا الناس في حالها! تحسبون كل صيحة عليكم، هذاك يقول أنت خائن لحقوق الوطن، وأنت تقول أنت خائن لحقوق الوطن! سبالات!
وتعرف ويش حالتك يا طبَّال؟ حالتك إنه اللي ما يمدح الحكومة ناقص وقليل شكر، واللي يمدحها منافس لك وتحسده، واللي يذمها عدوك لأنه حاقد، بينما أنت الجزمة في كل المعادلات، متزلف ناقص حقير ما عارف حتى تمدح الحكومة في الشيء الصح، تبرر لها الغلط، تخترع لها العذر بدون ما حد يطلب منك ذلك!
ولأنك جزمة ما قادر تفهم إنه الحكومة نفسها فيها أصوات متجادلة، يعني ما قادر تفهم إنها آلة وأنت تعاملها كشخص، مستعد تحط نفسك في أكثر موقف محرج في العالم عشان تبرر خطأ، حجتك الامتنان المزيف وإنك إنسان أصيل يذكر المعروف لكنك جزمة وأنت عارف إنك جزمة متزلف متناقض بلا منطق ولا منطلق.
والناس تكرهك، وأنت تكره نفسك لكنك تظن إنك تخدم مصالحك، مع إنه مصالحك يا غبي في إنك تكون ناصح أمين لكنك ترفض ذلك، معك إصرار على تغطية نقصك الذهني بعنجهية القوة، قوة ما في يدك، قوة ضدك أصلا، لكنك تظن نفسك استثناء، عايش العبط حتى تحترق من الداخل وتُصبح قصة حسرة متحركة! جزمة غبية!
وأنت جزمة، جالس تنتظر إشارة صغيرة بس عشان تشتعل بردة فعل فوق وجودك وطاقتك وقدرتك الذهنية، تعرف ليش؟ لأنه سهل تكون منحاز ومتجني، سهل جدا تكون جزمة، سهل جدا جدا تكون سبال مستعبط تُدين شخص بتأويلات بس عشان الإشارة وصلتك عشان تنطلق حالك حال الكلب الخارج من قفصه.
وتعرف شيء، مع إني أستخف بثوار الاسم المستعار، وأستسخف جماعة شرطة المثاليات، لكني أحتقرك، لأنك جزمة هم إن كانوا سبلان ملأى بالسذاجة، أنت وضيع متعفن بالحقارة، جبان، مرتكس، منهزم، متناقض، مزيف، لا وطن ولا شعب يهمك، همك لحظة الكلاب التي تشبهك عندما تحيط بخصم اللحظة وعبرة الوقت.
ولتعلم شيئا، أنا البغيض، الذي يمتعظ مني آلاف، الذي يعايرني بأخطائي كل نخبوي وثوري ومنتمي للثقافة؟ تخيل هذا الشخص الخطّا المليء بالخطايا؟ هذا الشخص يحتقرك، يتقزز منك، يمقتك، وأنت ومن هو مثلك يُشعره أنه بخير وأنه يفعل الشيء الصواب، فمثلك كراهيته واجب، واحتقاره حق، والتقزز منه منطق!
وختاما، أنت تعلم نفسك، تعلم تناقضك، تعلم إنك لا تنتمي للمنطق، وإنك إما منساق، أو تكذب على نفسك، إما غبي أو نذل، تعرف جيدا إنك وباء هذا الكوكب، قملة، وجزمة، ووضيع، تحب من يشبهك من جزم ومن سبالات، وتتمنى أن يكون الجميع مثلك ناقصا، وأنانيا، وطماعا، ومتناقضا ومزيفا، وقذرا. تفو عليك!

لماذا أنا مُحايد؟

  أزعمُ بوقاحةٍ تثير الغيظ أنني محايد. أتمسك بخطابٍ نقديٍّ يمكنني من تفسير ما للطرفين من دوافع، ويمنحني ذلك الحريَّة في التعبير عن رأيي دون الدخول في معارك الدعاية أو الحشد اللغوي الممارس من طرفٍ دون آخر. بينما الحقيقة التي أعلمها أنني لست مُحايدا على الإطلاق!
الحياد موقف منطقي، ميزان حُر خالٍ من الضغوط المسبقة، والأهم حالة فردية من الصعب أن تدمج في شجار الجموع. إنه المُنقذ والملاذ لعقلك من الانسحاق في مجادلات الجمعي، واشتراطات الانتماء، التجنب الأمثل لعسس الثورة والنظام في وقت واحد. فهو اختيار ذهني وليس شخصيا، لأنني كشخص لست مُحايدا.
كلمة المُحايد مراوغةومخاتلة ولا تخلو من مشكلات الذاتية. ميزتها أنها أقل استفحالات من خطابات الطرفين المتعاركين، أن تظن أن حيادَك مهم هذا يعني أنك تعاني من الأوهام نفسها التي يضخمها الطرفان الآخران. أنت في الحقيقة تختارُ الانعزال عن الواقع لتعيش في ذهنك، لتحافظ على فرديتك لا أكثر.
لذلك فإن ما أمارسه من حياد مزعوم هو في حقيقته حماية للمتبقي من استقلال رأيي الفردي. فهذا الحياد ليس أكثر من موقف دفاعي في وضع مُتلفٍ شرطه الرئيسي الجمعية والمُطلقات، الحياد انتماء لمنطق ومقاربة وتمسك بها، وهذا هو ما يجعلني أواصل الكتابة والوقوف بحذر ومسافة من طرفي النزاع.
وأكبر سبب للحياد في عُمان هو اختلافك مع الوسائل، أما الغايات فمن النادر للغاية أن تجد فردا لديه غاية جمعية تختلف عن باقي الجموع مهما تدافعت. الغايات في عمان تتعلق بالرخاء، والعدل، والسلام، والحرية. أما الوسائل فمنها نرى كل مشاهد الإقصاء والمواجهات والكراهية والنقمة والغل.

الجمعة، 28 مايو 2021

مع وضد

 اتهامات الناس والغرباء كثيرة ولا تنتهي، منهم من يحبك سجينا ليلبسك شارة البطولة، ومنهم من يحبك سجينا ليشمت بك، البعض يتعلق بالأمل أن الحل يأتي من الكتابة، والبعض الآخر لديه أمنية أن يسفر الضغط الشعبي عن نتائج متحققة.

 أنت فقط تعرف ما في نفسك، وتعرف حقيقتك فكن صادقا معها على الأقل!
الذي يتصدر المشهد العام مُتهم من جميع الأطراف، إن كان محايدا فهو متهم، وإن كان مع طرف دون آخر فهو متهم. وتشفُّ كتابات البعض المزينة بالمنطق والحكمة والرشد عن حقائق أخرى، عن الخوف، أو الطمع، أو التملق، أو اللعب على حبلين، أو اللامبالاة، أو اليأس، أو القرف من تكرار دائرة التاريخ.
تفرز هذه المشاهد أشخاصا حقيقيين يتمنى الجميع أن يكون منهم، بعضهم لا يستطيع، وبعضهم لا يريد، وبعضهم يخاف. شخص حقيقي مستعد للتضحية وينطلق بالصدق والمنطق وقول الحق، وهذا هو الذي يدفع الثمن، لأنه يحرجُ الجميع، وينتصر له كل صاحب حق ومظلوم، وهو أوَّل هدف يهاجمه المتناقض والمزيف.
ولك في الحالة الأخيرة خير مثال، هجوم الثوريّ على الحكوميّ والعكس. تصفية حسابات سابقة وأحيانا غل فلسفي متبادل. البعض لا يوضح دوافعه ولا وجهات نظره ولا منطلقاته ولا يوضح نظريته الفكرية، يتعلق بالحماسات الكبيرة والقيم المطلقة [الوطن، الحرية، الثورة، الشعب، العدالة]. ولا تعرف منهجه.
والموالي للحكومة لدرجة التطبيل يشبه المعارض لها لدرجة التشنج، تتساءل هو مع أي مقاربة؟ اسم مستعار يلبس صفة الثائر ولا هو في الميدان، ولا هو حقيقي، وليس له ناقة ولا جمل في الأحداث، لكنه ثائر، ويتمسك بالقيم المطلقة لدرجة الهوس، لا يختلف عن حكومي يتمسك بموضوع هيبة الدولة بشكل أعمى!
الحكوميّ يخوّن ويتهم الآخرين بالتآمر ويطلب الضرب بيد من حديد! وكأن ذلك يخدم الحكومة من الأساس والتي تُريد أن تظهر بمظهر المتعاطف الحليم، والثوري الذي لا تعرف مقاربته، سلاحه الغضب ولا منطق لديه سوى شيوع المواجهات والحرائق. شخص لم يكشف لك نظريته ولا مقاربته، حالة هوس وتشنج فقط!
ولذلك ترى الحرج على المتناقضين من الطرفين. الحكومي المتملق المتزلف عن طمع ينتظر السانحة ليهجم ويخوّن كل من لديه نظرية متكاملة للمواجهة وفوائدها ويحدد نقطة الوقوف. هذا يغيظه أكثر، فالحكومي المتعلق بالمطلقات يعرف فقط الكلام المطاطي الفضفاض، لكنه يفشل في أول مجادلة تفصيلية.
وكذلك الثوري المتشدق بالشجاعة! اسم مستعار نكرة يكتب كأنه زعيم ثوري في الميدان، يوزع الأوامر على الجماهير العريضة. يُحرجه جدا أن يعترف أنه بلا مقاربة، وأن الأمر ذاتي للغاية وأنه يعبر عن مشاعره وغضبه، وأنه عاطفي بلا أساس منطقي، وأنه فقط مشروع متنمر باسم القيم الكبيرة.
وما الذي يجمع الحكوميّ الأهوج بالثوري الشبح؟ الاتكاء المهووس على القيم المطلقة، هذا يقول لك [النظام/ الحكومة] وذلك يقول لك [الشعب/ الحقوق] .. اطلب منه أن يوضح لك أين يقف؟ لن يوضح. هذا يريد القمع والسجن ويد من حديد. وذلك يريد الثورة الكُبرى حتى النهاية.
وماذا عن الوطن الذي يتحدث باسمه الجميع؟ هُنا تتجلى الذاتية المفرطة في الطرفين، الوطن آخر ما يُحسب له حسابا، والناس مجرد ورقة، لدى الثوري هم جنوده ولدى الحكومي هم أتباعه. إنها لعبة المطلقات، والتعلق بالأهداف الكبيرة، بلا منطق ولا تسبيب ولا حتى نظرية مبدئية. فوضى متحمسي الهامش!
ونجي للنموذج الذي يمقته معظم الناس في عُمان، ربما حتى الذين كانوا من هؤلاء! هو ذلك المتقنع بحبه للوطن لكنه يتزلف للحكومة، ينتظر السانحة والفرصة، مشغول بالمؤامرات، يصدق الدعاية، وينساقُ بسهولة وراء أي بوق من أبواق الحرب. خاسر لنفسه ويعرف ذلك ويرفض الاعتراف، يعاني في صمت وإنكار.
وهو يعلم أن الجميع يكرهه، ويحس بذلك لكنه انساق وراء اللعبة حتى فقد قدرته على الخروج منها، متناقض وما أن يجد فسحة لتأكيد المؤامرات [وأنه يعلم ما لا يعلمه الجميع] سينطلق، جمهوره من الإمّعات الذين يريدون أن يكونوا مكانه، يكره نفسه وكل شيء آخر، ولا ملاذ له إلا شبه ضمير يؤرقه لاحقا.
وعلى الجانب الآخر، الثوري بلا نظرية ثورية، يتجنب الجميع مناقشته لأن سلاحه اتهام الآخرين بالجُبن والنكوص عن المواجهة، وهو حقا شجاع، لكنه أهوج وربما متهور، يخسر كل من حوله لأنه يراهم جبناء، لا خطة مواجهة لديه ولا تكتيك جماعي، إنه قائد من ورق في ثورة من أرقام والجميع جبناء ما عداه!
وفي الأخير، ينتصر الأهوج من الطرفين في النهاية، البلطجي باسم القيم الكبيرة الذي لا يفيق من سكرته إلا بعد نهاية المشهد، عندما يكتشف أنه مجرد أداة، بطارية استهلك غضبُها وحان وقت المجيء بغضب جديد، وهُنا نرى نهاية كل متشنج، متمسك بما كان يظنه حقا، تجاوزه الجميع إلى مرحلة منطقية.

من وحي الحزن الطفيف

هل تعرفون ما الذي يدهشني؟ التناقض الفج! اسم مستعار شاحط نفسه! كائن صامت وطنه الهامش وأحلام اليقظة بالفلات والبُعد يحاكِم ويحاسب الآخر باسم الوطن والدين والفلسفة والحياة. متشدق بالسلام والعدالة يصرخ [أنادي بإيقاع أكبر عقوبة ممكنة] .. حاسد لا يجيد الكتابة، وحاقد أعماه الغل.
أشباح! يكتب كأنه حقيقي، ويناقش كأنه حقيقي، ينحت اليأس كل ما يتعلق به، سقيمٌ بالتصورات ورافض لكل أشكال التعايش مع الحياة ولكنه يطالب بالثورة على الواقع من قبل من؟من قبل غيره، أما هو فهو في حالته الشبحية يتجرع أعذاره ومبرراته التي منعته أن يحاول وشجعته أن يدفع غيره لذلك!
وما هو الصادم؟ كل هؤلاء الذين يتأثرون ويتتبعون الإشارات من الأشباح! ذلك الهياج الجماعي الذي يُخرج المرء من ثباتِه إلى الحالات الجمعية المنتشية بالشعور بالصواب. دائرة تتكرر، من لم يقترب من الأحداث بما يكفي إلا بالتصورات يأتي بالعجائب، يصادر جزافا كل ما خاف أن يفعله!
وما هو المحزن؟ هذا الذي يمسك لواء المعلومة والحقيقة وينتظر أبسط فرصة لينطلق للفتك بغيره، باسم الجمعي، والوطني، والثوري، والعقديّ. حاجتُه بدء الزخم لا أكثر وبعدها إلى انطلاقه الكبير، صراع الشخصيات الذي فشل أن يتحول إلى نقاش، أحكام وراء أحكام، والكيد سيد الموقف!
وما هو الصعب؟ أن تكون مررت بكل هذه الأخطاء لكنك تقفُ حائرا! تتساءل ما الذي أزاحك عنها وما الذي دفع غيرك لها؟ أن المنطق معلوم من قبل الجميع لكنه يعطل مؤقتا، أن التوقعات تخيب بخيرها وشرها في الأشخاص، وأن النفس اللوامة لا تمنع النفس الأمارة بالسوء. وأن الحزن أجمل الاحتمالات الممكنة!
وما هو المخيّب؟ أن المواجهة تحدث في المكان الخطأ، وأن العدو الحقيقي بعيد عن متناول الجميع، وأن السيف سبق العذل، وذهب كُّل إلى مأساته راضيا بها. هذه الحياة ليست خيبة أمل، إنها خيبة لا أكثر أما الأمل فهو الوهم الحميد الذي يجعلك تتحمل كل هذا الحزن لعل لحظة سعادة تكسره لغمضة عين!
وما هو المستحيل؟ الحياة بدون هذه الخيبات، المستحيل هو السلام بين البشر، فما السلام إلى استراحة بين حربين، المستحيل هو العدالة، فالبشر يرفضون تقاسم الجوع، المستحيل هو أن تكون على صواب أنت وخصمك معا. المستحيل هو الطبيعي، والطبيعي هو المستحيل! انتهى

الخميس، 27 مايو 2021

كلمة اليوم: المندس

 أحداث اليوم برعاية كلمة [المندس] .. وهي تستخدم في سياقات متناقضة وكثيرة، فما هو المندس؟ ومن هو؟ وهل هو مع أم ضد؟ وما الحكاية بشكل عام؟

 سأخبركم عن المندسين، والبلطجية بعض الشيء ..
المُندس قد يكون مع الحكومة وضد الناس، فهو ليس موظفا في الحكومة، ولا له علاقة، ولا يهمه مصلحة الحكومة، ولا مصلحة الناس، هو شخص عدائي لديه أمراض اجتماعية ويتمنى مشاهدة الدمار والخراب، شخصية شامتة كريهة مستعد يعمل نفسي وطني وهو كل ما يتمناه أن يرى الخراب والدمار في كل مكان.
المندس قد يكون مع الحكومة وضد الحكومة، فهو ليس من ضمن أدواتها ولا معه تصريح ولا ترخيص، لكنه يظن إنه يفعل خيرا عندما يستخدم الهالة الرسمية، وهدفه عادة أن يثبت أن الحكومة تفعل كذا وكذا، يمكن للمندس أن يكون ضد الناس والحكومة في وقت واحد.
المندس قد يكون بلطجي، خريج سجون، شاف مظاهرة نقية لباحثين عن حق وقرر أن يمارس الفوضى خلالها، يستغل نقص خبرتهم في المواجهات لإثارة الشغب، بالنسبة له ما يحدث فرصة مقدسة ليمارسه الجريمة، ليس مع الناس، وليس ضد الحكومة، إنه مع جريمة اللحظة السائبة.
المندس قد يكون موظف رسمي، يظن أنه سيحل شيئا ما بأن يثير الفوضى والشغب في مظاهره، قد يتصرف لأنه يظن أن ذلك يخدم الحكومة التي تريد إنهاء الاعتصامات والمظاهرات والتي تريد أن تركز على أزماتها العديدة كأزمة كوفيد وأزمة الاقتصاد، هذا محتمل أيضا.
المندس قد يكون من ولاية أخرى، جاء لهدف منظم، وقد يكون من مكان بعيد جاء فقط لأنه طالب فوضى، جريمة اللحظة السائبة والوقت السائب والمكان السائب، محب للتخريب سايكوباثي ومتهور، مشروع مجرم لم يجد العصابة المناسبة، هذا قد يكون مندسا، ولا أجندة له سوى لذة الجريمة من أجل الجريمة.
المندس قد يكون متظاهر، فقد أعصابه، ولأن الميدان غير منظم ولم يجد فرصة للتنفس وتنظيم الصفوف فقد أعصابه مع الحماسة، ليست لديه خطة ولكنه كان في المكان الخطأ في الوقت الخطأ، ظن أن المواجهة العنيفة هي الحل، وآمن بذلك ووقع في الخطأ الكبير وقام بإيذاء كل من يمثلهم ويمثلوه.

الأربعاء، 26 مايو 2021

من ذاكرة الأزمة العُمانية ..

 موضوع اليوم في عُمان هو التخريب والشغب! بين جموع المسالمين تظهر فئة قليلة تحاول تصعيد المواجهة، هذا ما يحدث في الميدان وفي أي ميدان، يختلط الصالح بالطالح ويكون ما يحدث باسم الجميع ويدفعُ ثمن السيئة الحسن.

 الذين في الميدان يرفضون ذلك، ولكن ماذا عن الذين خارجه؟
وجد الذي ألقمته الحقائق حجرا فرصة ثمينة الآن ليدسَ تشنجه باسم الهدوء، ونعم هو يسمي هؤلاء بالمندسين، وقد يكونوا هكذا أو قد يكونوا مجموعة من المتهورين الذين يستخدمون العنف، كل شيء متوقع من النفس البشرية، ولكن هل المتشنج يدين التخريب لأنه ضد التخريب؟ طبعا كلا، لديه سبب آخر
المتشنج الآن يحمل قميص عثمان الجديد، فالتخريب يسمح له بالدعوة إلى الحلول العنيفة للمظاهرات، المخرب يريد رفع المواجهة، ويتمنى أن يراها تنتهي للدماء والعنف، والمتشنج أصبح لديه عذر كبير ليهدد الناس، ومن في الشارع، ويمهد لموضوع أن ما حدث دفاع عن النفس. واليوم هو يوم المتشنجين.
تحرك الناس بسرعة لإدانة التخريب، والمتظاهرون أنفسهم [أصحاب الحق] أدانوه، فمن هذا الذي يتسرب إلى مظاهرة عامَّة ويفعل ذلك؟ وواجب من حمايتهم؟ إن لم يتم تقبل هذه المظاهرات واعتبارها سلمية وسُمح لمن فيها بتنظيم صفوفهم واستخراج المندس، فإن المشهد الفوضوي سيسمح لأي شخص بأن يندس ويخرب!
أزمة ولا توجد حلول بدون خسائر، تهييج الناس ضد الجميع بحجة أن الجميع مخرب هذا ظلم للكل بسبب البعض، وكذلك اتخاذ التخريب عذرا للحلول العنيفة هذا سيقود لردة فعل وربما غضب شعبي عارم إن سقطت دماء أو حدثت وفيات؟ ما الحل في مثل هذه الأزمات؟ أقرب الحلول هو ترك المتظاهرين لتنظيف صفوفهم.
وماذا يقول ميزان الربح والخسارة؟ الحكومة معروف ما الذي تريده، لا تريد الناس في الشارع وتريد كل واحد يرجع بيته، ماذا يريد المعتصمون والمتظاهرون؟ يريدون حقهم في الاعتصام السلمي والتظاهر بسلام، ماذا يريد المخربون؟ يريدون الدنيا تولع، كيف تتخلص من المخربين؟ الميدان يفعل ذلك لا غير!
هُنا تبدأ المسؤولية الظرفية على المعتصمين في الميدان، تنظيم صفوفهم وحمايتها من البلطجي أو المندس أو ربما الشخص العنيف الذي جاء للمكان ليمارس العنف ولا علاقة له بقضية بطالة أو خبز، وهذا طبعا ما لا تريده الحكومة مطلقا، لأنه يعني المزيد من الاعتراف بالتظاهر، وربما المزيد من الناس.
فما هو أقرب الحلول الآن؟ هناك استعجال من قبل المؤمنين بالقوة الغاشمة لشيطنة أحادث التخريب ونسبها إلى الأغلبية، وانقسمت صفوف الناس في تأييد الأحداث، ونجحت مقاربة تفتيت الزخم في تخفيف الدعم المعنوي للمتظاهرين، الجدال الآن أصبح جدال الوسيلة، أما الحدث فهو يتفاعل بنفسه في ميدانه.
فلتتذكر الحكومة ما حدث لعمان 2011، من ليس له علاقة بالتظاهر أصبح له علاقة وتحولنا إلى خطاب شبه ثوري مباشرة بعد حادثة إطلاق الرصاص، هناك عنف من الطرفين يتربص بالآخر، من يندس في مظاهرات البطالة، ومن يؤمن بالرد العنيف، دخلنا في حالة مقلقة من الأزمة العُمانية. ولكن توجد حلول.
الحل هو المزيد من الناس، في عام 2011 توقف التخريب عندما نزل الناس من الولاية لحماية ولايتهم، وأخذ الاعتصام طابعا منظما بلا عنف ولا تخريب. إن تركت الحكومة تنظيم المشهد الداخلي في الميدان للمتظاهرين، وخف التوتر، سينزل العقلاء من المدينة لترتيب المكان ورصد المخربين، وإيقافهم.
المخرب لماذا يدخل في مظاهرة سلمية؟ لأنه وجد غطاءً، وما دامَ الجو في الشارع قلقا ومليئا بالتربص فهو أكثر من يتمنى حدوث العنف والمواجهات، إن استمر القلق واستمر خوف الناس في الولاية من النزول لحماية ولايتهم سيظهر عدد أكبر من المخربين، لا حل آخر، المزيد من الناس يعني مزيدا من الهدوء.
من الذي يستطيع التصرف الآن؟ من جهة الحكومة تخفيف الضغط على مواقع الاعتصام، وبعد دخول عقلاء الولاية في صفوف أبنائهم سينحل موضوع التخريب والعنف، أما إن كان البعض يريد هذا التخريب كعذر أو شماعة، فمزيد من الناس سينزلون الميدان ولكن هذه المرة بغضب لا بتعقل.
وهُنا عاد نأتي للقرارات التي ستصدر من الميدان ولكن على الجانب الحكومي، وأتمنى ألا يحدث ذلك، القلوب غاضبة والنفوس ساخنة، الذي يستطيع أن يهدئ الوضع هم فقط أهل الولاية لا غير، هذه ولايتهم وهم أدرى بها وأولى بحماية أبنائهم. التفريق بالقوة سيقود إلى مشكلة وربما غضب في ولايات أخرى.
شن الدعاية أن ما يحدث في صحار تخريب وفوضى هو ما سيؤدي إلى خروج المزيد من الناس، وسيخرجون بغضب، وحتى الذي تردد سيخرج إن شاهد أن حراكه الذي يؤمن أنه لحق يتم تشويهه بهذا الشكل، قبل أي سبب دنيوي للخروج، كل إنسان يعلم القيمة المعنوية العالية لهذا التظاهر السلمي، فلا تشيطنوا الجميع!
المخرب يريد الدمار، لا يهمه إن أدى ذلك إلى قتل شرطي أو متظاهر، وفي هذا الوقت يتعذر تنظيم ميدان الاعتصام والتظاهر من قبل الشرطة؟ فمن ينظمه؟ وماذا ينظمه؟ المزيد من الناس ستنزل لو حدث عنف، والمزيد ستنزل لو لم يحدث عُنف، هل تختار نزولهم غاضبين موتورين؟ أم خائفين على أبنائهم؟

يوميات الأزمة العُمانية

 

 

 

سرقني النوم ونهبَ نصف نهاري، فتحت عينيَّ على صداعٍ مع اكتئاب طفيف ونزعةٍ للهجرة من هذا الكوكب إلى أقرب خيار مطروح. المرجو من إنسانٍ يعمل في مجال الإعلانات أن يذهب إلى وجهه بعد أن يستيقظ، ينظفه ويجهزه للتصوير اللانهائي، أن يقضي كثيرا من الوقت متحدثا إلى الذين يعرفهم والذين لا يعرفهم عن فضائل الكماليات والضروريات، يلبس ملابسه النظيفة والتي لم يصوّر بها من قبل ويمارس عمله حتى ينقضي اليوم. لا أفعل كل ذلك ولا أعرف لماذا!

أذهب للأخبار كأنني أحد موتاها، أتابعُ ما يحدث على الساحة العُمانية من مستجداتٍ قد يكون لها ما بعدها، لقد خرج الناس للشارع وهذه المرة ليست كالفائتة، لقد خرج معهم مسرحون من أعمالهم وآخرون من الذين تعطلوا عن العمل لسنوات وسنوات، الغضب كان سيد الموقف في اليوم الأوَّل ويوم أمس أخذت خطابات التهدئة واللين تشعُّ في الوجدان الجمعي، انتهى ليل الأزمة الثاني بعد صدور توجيهات من السلطان بتوفير آلاف الوظائف. مهَّدت ليلة الأمس لما بعدها من قلق واضطرابٍ في هذا النهار، في هذه الثواني التي أكتبُ فيها ما أكتبُه.

حرب الوسوم استعرت، المواجهة بكل أدواتها اشتعلت، تفتت الخطاب الاجتماعي إلى مؤيد ومعارض، ظهر على السطح مفهوم المخربين فمن جانب المعترضين هم مندسون يخربون حراكهم، ومن الجانب الآخر هم مخربون يهاجمون الشرطة، والناس بين قلق أن تحدث كارثة أو من يتمناها. عُمان تدخل مسار القلق بخطواتٍ سريعة وكعادة عُمان فإن ردات الفعل التي تقود للتهدئة تزيد الغضب. الغضب سيد الموقف ويعلم الله ما الذي سيحدث غدا، كل ما يدفع للمزيد من الغضب يعمل تلقائيا باسم ما يدفع للهدوء هذه العُملة الصعبة شبه المستحيلة في أزمنة الغضب.

إنَّه يوم صعب، لن يكون سهلا على أحد، يوم صعب على كل من أخذ على عاتقه صناعة حدث ما، يوم سيمرُّ بصعوبة بالغة على أصحاب المقاربات التي يُظن بها الحلول، الذي مع الحكومة يحاول أن يبدو هادئا لكنه ينطلق فورا للإدانة والشيطنة، والذي مع المانعين يفعل الشيء نفسه، لا حوار في هذه اللحظة إنها تراكمات الضيق والغضب والتعسف قد نثرت شرارها على القش الوفير في كل أرصفة عُمان، وقت العبر والدروس والتغييرات وفي مثل هذه الأيام تُصنع الذاكرة ويُكتب تاريخ البدايات الجديدة. نهار الأخبار بدأ، ولديه المزيد ليقوله.

الثلاثاء، 25 مايو 2021

فتنة الدفتر القديم

 

 

 

عُدت إلى حيث بدأت! ألا تفعل الحياة ذلك بالجميع؟ تُصاب بعد أن تعيش ــ ما قد يكون نصف عُمرك ــ بتيّار من الأسئلة المنطقية يلحق به طوفان من الإجابات الصافية، لقد اختلفَ العُمر الذي كنت أزور فيه هذا الدفتر خاليا من الإجابات، لقد أصبحت كثيرةً ووفيرةً، إنها مرحلة البحث عن سؤالٍ، أي سؤال عن الغد لعل به شبه حُلم أو بعض أمنية.

الواقعُ ينهارُ، والذين توقعوا انهياره يعيشون في دهشة حدوث توقعاتهم، لقد سقط الحجر من السماء فاندهش الطائر؟ أي عجب نعيشه في هذا الزمان! ولماذا ألوم الزمان أليس العجب من صفات هذا الكوكب البشري منذ الأزل؟ ليس لدي ما أحلم به، لقد انطفأت أحلامي منذ أن أيقنت أن الحب لا يكفي، وأن اللغة ليست أكثر من بقايا الظل، أن شمس المعنى كشمس السماء تُشرق وتغرب وأن الظلام يحلُّ مكان النور، لا أحلام في هذا المكان إنها لحظة الصدام مع الحقيقة، إنها لحظة الواقع.

كيف تعبر عن إحباطك في مائة كلمة؟ هذا ما كان يجب أن أعنون به هذه التدوينة [الجديدة/ القديمة]. يحدثُ ما حدث من قبل ولكن هذه المرَّة لم أعد أصدق أحدا، إنها طريقة الحياة في إخبارك أنك ستبقى دائما وأبداً ذرّة رمل في شاطئ كبير، ذرة تحلم أن تغرق في البحر وأن تبحر على الأقل، أن تشعر بوهم الحركة حتى وإن قادها ذلك للقاع المظلم. هذه أحلامي، ذرة رمل تحلم بالغرق!

 

معاوية/مسقط 2021

احتمالات

 كيف التاريخ يكرر نفسه! ودائرة المراهنات، والتوقعات، والتطلعات، والاحتقان ..

 درس لمن كان يظن أن الحياة تجربة ذهنية في المقام الأوَّل، وعبرة وعظة لكل من لم يفهم الدائرة الأولى للتاريخ المصغّر. الأمل، وهمٌ ثمين وأنت تعيش كل هذه الإحباطات العامَّة وكأن إحباطك الشخصي لم يعد كافيا!
اختلفت الوجوه والأسماء، أما الخطابات فهي نفسها، الثوري والوطني، الممانع والمعارض، والذي في الخارج والذي في الداخل، الاحتقان العام، والورطة الجماعية، الظروف الاقتصادية، كل المؤشرات كانت تحدث لشهور وشهور، وفي النهاية حدث ما كان يتوقعه الجميع. ما المدهش في هذه الحياة؟ لا شيء!
ولعبة الاستحقاق هي أسوأ ما يمكن احتماله، فهناك من يستحق تسمية الفلان والعلان بالوطني، وهُناك من يستحق تسمية الفلان والعلان بالخائن، وخطاب المؤامرات، ونضال الأسماء المستعارة، والهاشتاقات، كل شيء مهم ما عدا ذلك المكسور الذي دفعته الظروف للخروج إلى الاحتمالات المهجورة!
هل يعلمُ المهاجرون للاحتمالات العصيّة الحقيقة؟ حقيقة اهتمامنا الشكلي والترفيّ بهم؟ أن الأمر قضية حَماسة، نضالٌ من بعيد ومعظم من فيه يريد الأمان قبل أي شيء، من كان من الأساس بعيدا كل البعد، ومن كان بعيدا وهو في الداخل. هل يعلمون إلى أي مدى سنخذلهم؟ وسنتخلى عنهم؟
لم يحدث ذلك بعد لكنه سيحدث، وسيعلم الوطني أنه كان أداةً ولم يعد لها فائدة، وسيعلم الثورة أنه كان في حالة زخم تفقد قوتها بعد حين، وسيعلم المحايد أنه أخطأ في حق أحد ما، وسيندم الذي تكلم، وسيندم الذي صمت، وإن مر كل شيء بسلام فالحزن هو أجمل الاحتمالات الممكنة.
الحزن أجمل الاحتمالات، إن لم ينته كل هذا إلى نهاية مأساوية، إلى عودة الحديد والأغلال، إلى صمت الأنقياء وحسرتهم. الأمل بالغد؟ أي غد؟ هل يعرف أحدكم شكلا منطقيا من أشكال الغد؟ كل شيء غائم وضبابي ومُحزن، والباقي ما سيفعله الجبناء عندما ينطقون فجأة بعد سبات طويل. فلا نامت أعينهم!
المهرجان لم يبدأ بعد، لكنه على وشك أن يحدث، وللكلمات نصيب من الهرج والمرج، فالجبان سيصبح شجاعا، والشجاع سيصبح جبانا، كل العيون ترصد وتراقب، كل شيء سوى الحاجات والحقوق، سوى المنطق البديهي، شيء اسمه العدالة، ومسار اسمه الأمل! كل شيء موجود ما عداهما!
الحزن أجمل الاحتمالات الممكنة! أن تسلم للحزن الباقي مما ظننته أحلامك، يمرُّ عليك الوقت وأنت في جمودك وجروحك وكسورك أكبر جرائمك أنك تحلم ولكنك غبي لا تحلم لنفسك فقط تحلم للجميع، غرقت في أوهام اليوتيوبيا، أخذك الحلم البعيد. انفردت بك الجروح والواقع يتهشم في يديك لتذروه الرياح!
وهُناك من ينتظر، من ذوي العقول المنظمة والأنيقة، ينتظر الوقت المناسب والآمن للدخول، يحسب حساب أقل الخسائر الممكنة، يحسب احتراق الفتائل الأولى في مواجهة النار، إنه ينتظر، فلم يحن وقته ولا دوره وإلى أن يحين فهو ينتظر ويتربص.
وفي الجانب الآخر هُناك من ينتظر، وفي يده السوط والعصا، ينتظر وهو يتمسك بكل ما سوّغ له أفعاله من قبل، أن البلدان لا تُحكم سوى بالحديد والنار، هُناك من ينتظر، ويتربص، ويتمنى أن ترجح الكفة لحلوله، ولطرقه، ولفاعليته التي ليست أكثر من تأجيل زمني ليلحق بأقصى ما يمكن لحاقه من غنائم.
الحزن أجمل الاحتمالات الممكنة! أن تحزن لأنك حاولت، وحلمت، وتمنيت. سيظن البعض أن الوعي يكفي لكي لا يعيد الزمن نفسه! هيهات، ذوو العقول الأنيقة يعلمون ذلك جيدا، والعقلاء يعرفون الدفاع عن مصالحهم جيدا، حتى في قلب الخسارات يعرفون المسار البعيد الآمن الذي سيذهبون إليه.
وسينفض المشهد إلى نهايته، إلى اللانهاية، إلى اللابداية. الهدف هو نقطة المكوث، الطريق إلى توقف الزمن، إلى انتظار بدء شيء ما، إلى أي شيء. وسيعود المحمل بخيبته وانتصار إلى الفراغ نفسه. الحزن احتمال جميل أما الندم فهو أكبر الاحتمالات الممكنة! انتهى

الثلاثاء، 18 مايو 2021

تقيؤات صباحية

 وانته شوف الوضع المحزن. ينادي بالحرية، لتكوين الرأي، لتنفيذ الاختيار، للتعبير عنه. [مشاهير برجر!] كأنه شيء عيب أو غلط!

 معنا أزمة وظائف، وتشجيع على الابتكار، ولما شخص يتصرَّف يجيك من يتشاحط عليه لأنه لا يؤدي دورا مهما! مستغرب، شخص يعيّرك لأنك تسوي إعلانات! ليش؟ ما شغل حلال؟
وشوف الكلمة القذرة [مشهور] .. موه يعني مشهور! خير يا طير! معك ناس تتابعك، خير يا طير! هذا ما يعني إنك سبع البرمبة، ولا يعني إنه من حق شخص يعاملك بتحيز مسبق وتمييز. واحد شد حيله في العمل الإلكتروني، وهذا شغله، وماشي فيه، من متى صارت عليه مسؤولية جمعية هو فرد في حاله!
ولما يصدر هذا الرأي الاحتقاري مِن مَن؟ من مثقف مغمور هو وعنجهيته ومثالياته. [خليك في إعلاناتك!] ليش يا شمس المعارف الكبرى، المعرفة مخلّف جدودك! يسخر من فلان ويلمز فلان لأنه [ما عميق] .. ليش يا الطوي! يا البئر الارتوازية، ليش يا الغرقان في برجك العاجي؟
وما يفوتك لما يطلع لك شخص عباله نحن في جريدة. وهذا يليق بك وهذا لا يليق بك! هذا منبري يا زفت الطين! أنت ووصايتك سلوك قذر، اللي يليق ولا يليق هو إنك يا زفت الطين متشاحط سمج جاي تشوشر منبر غيرك وما حاس بسماجتك وتقيؤك وتفاهة استحقاقك واستحقاق الآخر في النفور منك!
تقضي عشر دقائق في اليوم في تويتر، تكتب لجماعتك وربعك، قليل الكتابة بشكل عام، عاشق استفادة ودحيح جديّة. طيب يا زفت ليش ما رحت لحسابات غير العمانيين عشان تنصحهم بالجدية. باغي مدرسين خصوصيين على مدار الساعة لأنه تويتر بالنسبة لك [موقع مؤثر] .. وتستغرب إنك تُعامل كبغيض!
والزفت الآخر اللي معه الناس ما تفهم، مشكلة المجتمع، مشكلة الناس، مشكلتنا كعمانيين، مشكلتنا الجمعية. بس عايش جو المولود في غير زمانه ويصنع غربة ما يعيشها! واحد سمج يدخل المشكلة الجمعية في حسابك غصبا عنك، وما داري إنه كلامه مكرر وممل وما فيه تواصل بس وصاية وإملاء.
وعاد نجي لمأساة معاوية. زعلان عليه وهو يرتكب الخطأ، وزعلان عليه وهو يحاول يصلحه. لأنه هدف سهل، أخطاؤه مالية الدنيا، خليني أفترسه وأطلع حرّتي فيه. أجلس أهايش بيني وبين نفسي، يجيك شمس التأويلات عشان يوجهها لفلان وعلّان. مهمتي بس أكون النموذج الذي أخطأ ويحق لك تحاكمه!
كل ما أتذكر وضعي السابق أقول جزاك الله خير أيها السلطان هيثم. أي وضع مرير كنت فيه، من جاء ينهش، حد باسم الوطن، وحد باسم الدين، وحد فقط لأنه [اللي يحب النبي يضرب]. أعيش متعلقا بعفوك الذي أعاد لي حياتي من كل هؤلاء حماة العدالة بالظلم! جزاك الله كل خير!
وهذا النظام تو [اللي يحب النبي يضرب] .. أدوات قذرة كنت أظنها تخصنا نحن فقط المشوهين بالكراهية والتجارب السيئة. قال لك رأي ونقاش وجدال والحقيقة إنه كيد اجتماعي، وعمان دولة اعتبار اجتماعي، من هُناك تُلوى ذراعك وأنت جاي فقط تقول رأي، وغيرك يقول: افصلوه من عمله!
لقد ظُلمت في هذه الحياة، كان يمكنني أن أعيش حياة سعيدا لو لم أظلم غيري. وجدت السعادة عندما انشغلت بالدفاع عن نفسي في وجه من ظلمني حقَّا. تفو على كل جبان عرفته في حياتي، على كل نكرة وضيع، على كل انتهازي متناقض مزيف، تفو على معاوية السابق وكل ما يمثله وما آمن به.
وهذا شعار مرحلة الكتابة الجديدة، البحث عن من يُصلب. واجد عليكم جنود البلوك المجندة! الشعار هو: الحرية للجميع ولكن بشرط إنه يكون في صفنا. قال لك موه: قوَّة الجماهير! مخلَّف جدودك هذيلا الجماهير يا زفت الطين انت واياه!
وأنت شوف هذا الشخص المقرف، تارك حسابه عشان يركض لحسابك عشان يقولك لك ما أتابعك ولا أسوي لك بلوك! تو أنت مالك؟ سمعنا عن السماجة، لكن عاد تكون لوح لهذا الحد وتتلزق في شخص ما جاله يوما ما ضايقك بشيء، من أجل ماذا؟ حسابي ومنبري مخلّف جدود جدودك يا سمج!
لا وبعد [واثقة من نفسيها] .. اسم مستعار يقحم على الردود ما عاجبنه الموضوع، ويقول لك أعبر عن رأيي. ضيف يريد يدخل نفسه بالغصب في بيتك! وفوق ذلك لوح، ويتكلم عن المثاليات ويقول لك [تنادي بحرية التعبير] شيء حرية تعبير تسمح لك تتسمج، وشيء حقوق تسمح لي أرفضك وأرد عليك إنك سمج وخلصنا!
وزفت أزفات الطين، يجيك من تحت الأرض لا متابعنه ولا متابعنك ويقول لك [ياخي فكّونا من تفاهتكم] .. يا ساتر! الطوي العميق متضايق من حساب ما يتابعه! انته سمج لأي مرحلة! ما عاجبنك حساب ما تتابعه! هذا مستوى ارتوازي ما بعده غير لب الأرض .. مقرف ومقزز وسمج ولوح!
والخلاصة هناك سبب لفشل وصول حسابك إلى الناس، لأنك من الأساس تعتبره سلاح موجه وأداة تغير بها الواقع بالإكراه. ظاهرة المحاكمة والتنكيل الاجتماعي وغيرها من البلاهات تنحسر عنك وعن غيرك من المهووسين بأوهام الوصاية. تفو عليك وعلى اللي ما قال لك إنك غبي ونكرة والرد عليك خطيئة!
ولا ننسى كلاب الهمز واللمز، شغلته في الحياة يدخل على كوكبك الشخصي عشان عاد يقرصك. حد يعيرك بالمرض النفسي، وحد ماسك عليك أخطاء الماضي، وحد جاي لأنه إعلامي جهبذ أو مثقف نحرير. فهمنا إنك من كلاب الهمز واللمز، واجد عليك يا جبان كيف تخفي حقدك وما قادر تعترف إنك تكره! الغضب نبل!
وانتهى التقيؤ السيكولوجي .. أعود الآن إلى ما هو مهم من لغو الضحك، وسَمر تزجية الوقت، وصناعة ابتسامة عابرة في وجه إنسان مكتئب على أن يكتب الله لي بها أجرين، ابتسامة في وجهٍ تذهب إلى وجه آخر.