بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 29 مايو 2021

لماذا أنا مُحايد؟

  أزعمُ بوقاحةٍ تثير الغيظ أنني محايد. أتمسك بخطابٍ نقديٍّ يمكنني من تفسير ما للطرفين من دوافع، ويمنحني ذلك الحريَّة في التعبير عن رأيي دون الدخول في معارك الدعاية أو الحشد اللغوي الممارس من طرفٍ دون آخر. بينما الحقيقة التي أعلمها أنني لست مُحايدا على الإطلاق!
الحياد موقف منطقي، ميزان حُر خالٍ من الضغوط المسبقة، والأهم حالة فردية من الصعب أن تدمج في شجار الجموع. إنه المُنقذ والملاذ لعقلك من الانسحاق في مجادلات الجمعي، واشتراطات الانتماء، التجنب الأمثل لعسس الثورة والنظام في وقت واحد. فهو اختيار ذهني وليس شخصيا، لأنني كشخص لست مُحايدا.
كلمة المُحايد مراوغةومخاتلة ولا تخلو من مشكلات الذاتية. ميزتها أنها أقل استفحالات من خطابات الطرفين المتعاركين، أن تظن أن حيادَك مهم هذا يعني أنك تعاني من الأوهام نفسها التي يضخمها الطرفان الآخران. أنت في الحقيقة تختارُ الانعزال عن الواقع لتعيش في ذهنك، لتحافظ على فرديتك لا أكثر.
لذلك فإن ما أمارسه من حياد مزعوم هو في حقيقته حماية للمتبقي من استقلال رأيي الفردي. فهذا الحياد ليس أكثر من موقف دفاعي في وضع مُتلفٍ شرطه الرئيسي الجمعية والمُطلقات، الحياد انتماء لمنطق ومقاربة وتمسك بها، وهذا هو ما يجعلني أواصل الكتابة والوقوف بحذر ومسافة من طرفي النزاع.
وأكبر سبب للحياد في عُمان هو اختلافك مع الوسائل، أما الغايات فمن النادر للغاية أن تجد فردا لديه غاية جمعية تختلف عن باقي الجموع مهما تدافعت. الغايات في عمان تتعلق بالرخاء، والعدل، والسلام، والحرية. أما الوسائل فمنها نرى كل مشاهد الإقصاء والمواجهات والكراهية والنقمة والغل.