بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 16 مارس 2021

شيء يثير الغيظ

 

 

 

يرفع أحدهم عقيرته ويقول: كورونا أثَّر على حياتنا الطبيعية!

أحاول لجم لساني وشعور بالغيظ. هل كورونا جاء ليؤثر على حياتنا المدنية في علب الكبريت التي نسميها مدنا؟ أم ما يفعله يعيدنا لحياتنا الطبيعية؟ ولماذا نتلاعب بتعريف ما هو طبيعي وغير طبيعي؟ الطبيعي أن نكون في الغابة والبراري نطور الأسلحة وأدوات الزراعة ونعيش في وحدات قبلية وعائلية ومدنية متفرقة متصالحين مع الأرض والبيئة بسلام ووئام، نعيش، ونموت ونبقى عددنا مناسبا لقدرات وخصوبة التراب الذي يضمنا، هذا هو الطبيعي يا متطاول على اللغة! كورونا هو الطبيعي ونحن الذين نعيش في فقاعة وهم غير طبيعية، منذ الثورة الزراعية ونحن ندفع ثمنا باهظا لتغير سلوكنا الفطري إلى ما نحن عليه الآن في عصر مدن الكهرباء والبطاريات، تعلقت عيوننا بالإضاءة المفتعلة ونكاد ننسى ضوء الشمس، نأكل طعاما زُرع في أرض فقدت مكوناتها الرئيسية ونتناول لحوما بعضها غذي ببقايا اللحوم، نسمي ما يحدث طبيعيا ونتساءل لماذا عمر بقاء الإنسان لا يصل إلى مائة عام إلا فيما ندر؟

كورونا أثر على حياتنا الطبيعية؟ كلا يا سيّد، كورونا حاول أن يذكرنا بها وسنعود بعده إلى علب الكبريت التي نسميها مدنا، وإلى السكنى في دول الخيوط والأنابيب والصرف الصحي وسيطرة شركات المال والأعمال والمصانع على التجمع البشري في هذا الكوكب التعيس!

الأحد، 7 مارس 2021

نرجسية جلد الذات

 

 

#نرجسية_جلد_الذات: يبدو جلاد ذاتِه غير مؤذ، وربما قريباً إليك، فلعلك تحب التقرب من هؤلاء الذين يشعرونك أنك أقل سوءا منهم، هؤلاء لقيا كبيرة لكل موهوم بالعظمة فلا يكفي أن الآخرَ الذي يمثله الآخر منفوخ بذاته، يأتي آخرٌ لهذا مشحونا بكل اللغة التي تمكنه أن ينال منك، يخدعك، فجالد ذاته كنافخ ذاته وجهان لعملة واحدة، إنها النرجسية الخفية المتعلقة بمعرفة الفرد لنفسه الداخلية، وإدراكه لما ينطوي عليه من حقائق وما يحاول أن يؤمن به من أوهام.

من مقتضيات الحكمة أن تحذر للغاية عندما يمرُّ عليك نموذج لهؤلاء البشر، ولا سيما لو كنت أنت ذاتك من هؤلاء الذين لا يلقون بالا لمشاعر الآخرين، ربما تكون أنت نفسك مزيفا، منافقا، تحب أن تُحمد بما لم تفعل، وما يدريك ربما تكون منتفخا نرجسيا يحب أن يجلد الآخرين وتقعُ في فخِّ لشخصية مريضة ذات عُقد مركبة. تمضي شهور وربما سنوات وأنت مطمئن لهذا الذي لم يترك صفة سيئة عن نفسه إلا وقالها لك، كلامٌ في كلام، لم يصل لمرحلة الفعل يوما ما لكنك تحب ذلك، وربما تصدقه، وربما تريد أن تسمعه فقط ولا تلقي بالا لذلك الذي يمور في حشا هذا الجلاد لنفسه، تنطلي عليك مجموعة مركبة من الخدع فتقول أكثر مما يجب وتقع تحت فخ صيّاد عقول محترف يهمّه أن يعرف أكثر من أي شيء آخر، لا يعنيه انطباعات البشر عنه فهو نرجسي مثلك يا عزيزي الجلاد.

شخصية الصياد جالد الذات النرجسي تتبلور حول الترفع والتعالي على أهمية انطباعات الآخرين عنه، هو يعلم من يكون وربما يعي جيدا أنه ليس مطلقا بالسوء الذي ينسبه لنفسه، يتلاعب الصياد بمشاعر النرجسيين بسهولة بالغة، هؤلاء ونزعتهم لتحقير الآخرين وشعورهم بالطمأنينة أنهم على اتصال مع شخص [أسوأ منهم] يكفي ليخففوا من الدفاعات التي سيغرقهم الندم لاحقا على تخفيفها، يحتمل الصياد جالد الذات النرجسي الكراهية والتحقير لكنه لا يقبل الأذى، ولا سيما عندما يأتي على هيئة أفعال، الموضوع بالنسبة له كلام في كلام وتلاعبٌ بالحقائق من أجل لحظة الكشف التي تتجلى بعفن النفس البشرية أمام عينيه، قد يكون كائنا بريئا محطما وقد يكون متلاعبا محترف أو مزيجا من هذا أو ذاك، أنت أيها النرجسي الأعمى تتحول مع الوقت إلى فريسةٍ تستحق العقاب، فهذا الصياد لا يخلو من قيم ومبادئ في هذه الحياة تجعله يلوم نفسه على مخالفتها أجمعين وإن لم يخالفها، ينسب الصفات الوضيعة إلى نفسه، هو لا يفعل ذلك ليسعدك ولكنه يهبك هذا الانطباع الفادح، وأنت أيها النرجسي تصدق ذلك، ولا تعرف أنك أمام شخصية نرجسية تطرفت حد المرض وتناقضت حد عدم اهتمامها للحقيقة، الهم هو أن يكشفك، أن يعرف خباياك وأن تطمئن إلى ضعفه المفتعل وذاته التي يقنعك أنها لن تشكل خطرا عليك، قد تكون نرجسيا لا يؤذي الآخرين ولذلك قد تفعل خيرا وتحاول تذكيره بالحياة وحب الذات ولكنك إن كنت من النوع الذي يحب النرجسي الصياد جالد الذات أن يفتك به فستستمرئ أن تفعل القليل من القُبح، الغدر، الاستهزاء بردة فعل شخصٍ من الأساس لا يهتم لانطباع أي  إنسان في هذا الكوكب، إنه يعيش في لعبته المريرة ويكتشف ليعرف، ويعرف ليكتشف وربما لا يريد أكثر من ذلك، ربما كان عليك أن تتركه دون أن تؤذيه، أو أن تلعب على حبال مصيره وخيوط أقداره، هُنا تصلُ إلى لحظة التوازن المرعبة بين حقيقة ذات الصياد، لقد كشفت نفسك أكثر مما ينبغي، إلى الحد الذي تيقن فيه هذا الأرعن مبحوح النظرة لذاته أنه ليس أسوأ منك، وأنك بالغتَ في التعالي بسيئاتك حتى دخلت  إلى أقبح قصص حياتك، عندما يتضح لك أن ذلك الغافل يتربص، وأن دفاعاته أكثر تعقيدا من أن تفهمها في دقائق، وأن أشباحا من الشخصيات المتعددة قد لعبت عليك لسنوات، قد استغفلتك، قد راوغتك وجعلتك لا تعرف أنت أمام من بالضبط، أما أنت أيها النرجسي المنفوخ فقد قلت أكثر مما ينبغي، وفعلت ما لم يكن عليك فعله ورحلتَ من إنسانيتك إلى الأذى أو الغدر بل وربما السرقة أو غير ذلك من خطايا لا يغفرها صيادٌ يقول الكثير ولا يفعل شيئا، لقد تجاوزت الخط الذي تصنع فيه مشكلتك بنفسك، وها أنت أمام نرجسي مثلك، لا عاطفة لديه عندما يتعلق الأمر بالعداء، يضربك كما ضربته، ويعاقبك كما عاقبته، ويؤذيك كما أذيته ولا يكتفي بذلك بل وسيشعرك بالكثير من الغباء والحماقة، كيف حدث كل ذلك ولم تر بعينيك؟ ألم يكن يجب عليك أن تشعر بوطأة  أفعالك؟ لا أيها المريض، لقد وقعت في شَرك مريض آخر من فرط ما عاقب نفسه أصبح عقاب القبح لديه واجب وجودي، وأنت تتوجع من هذا الشبح الذي أوجعته كثيرا ستكتشف نمطا نادرا من الشخصيات في هذه الحياة، نمطا يعرفون حقيقتهم ولا يستمدونها من الآخر، نمطا من البساطة والحدة سيعلمانك درسا كبيرا، ألا تثق مطلقا في صياد يجلد ذاته، إنها حيلة أخرى لتستحق عقابا وردة فعل من إنسان لطالما ظننته ساذجا وقليل الانتباه.