بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 أبريل 2024

جمر في طيات الخفاء

 هي دائرة تعزز نفسها تلقائيا، تلك التي بين إنسان أنت تريد مساعدته وهو يريد لك الأذى، يؤذيه أن تكون صاحبَ فضلٍ عليه، فيتراكم تجاهك أكثر وأكثر، ويحاول أن يؤذيك.

ودع نفسك أيضا في الموقف نفسه، إنسان تريد له الأذى، يتلطف بك، يحاول مساعدتك، يُشعرك بالضيق تجاه نفسك، ويضيف إلى تلك المشاعر السيئة التي تشعر بها تجاهه مشاعر أخرى إضافية. هذه المناطق غير المُعرَّفة من الكراهية، والغل، أو الحسد، أو الحقد هي أعقد ما يواجهه الإنسان، لأنك تتعامل مع إنسان مغلق، لا يضع على الطاولة حقيقة مشاعره، وبالتالي لا يناقش أفعاله بناءً على مشاعره الحقيقية. نفترض أنك الطرف رقم واحد، الذي يريد مساعدة أحدهم من شخص تلقى الأذى منه. ما هو موقفك؟ تبقى حائرا، لأن أمامك تصرفات غامضة، شخص يرفض حتى أن تكون لطيفا معه، وتظن أنك بلطفك معه تخفف مشاعره تجاهك، بينما في الحقيقة أنت تدفع بتلك الكراهية للالتهاب الشديد، وسينالك الأذى في التدفقات التي ستأتي لاحقا، والاندفاع الذي ستصنعه الظروف، وهي الكراهية، والندم، والحقد، والحسد، والغل، وأشياء اخرى اعتملت في الفؤاد وتحولت لاحقا إلى مآسٍ لا ينساها المرء في حياته. والجانب الآخر، الذي يعاني من مشاعرٍ غير منطقية تدفعه لإيذاء شخص آخر، بشكل هوسي، أو قهري، يكتم في قلبه آلاف التبريرات، ويعقلن بشتى الطرق والوسائل الداخلية استحقاقه لهذه الكراهية. يقسم وجوده صراعان، الأوَّل ذلك النابع من النفس الخيِّرة، والندم على ما فات، والثاني ذلك النابع من النفس الأمَّارة بالانتقام والغضب، جمرٌ يُنفخُ بالإقناع الداخلي. وكل هذا خافٍ، غامض، يحدث داخليا فقط، لا يُعترف به. وتحدث المعضلة، تُمد يد العون والمساعدة، وتجهل تلك اليد ما يعتمل في فؤاد الشخص الآخر، فيختلط كل شيء، السخط، والحقد، الحسد، الحقد، الاستحقاق، والنسمات التي تنفخ في الجمر، ويشتعل كل شيء بالكراهية. الحب والعطاء لا يكفيان، لا بد من فهم وتجربة. فكرة أن كل شيء يعالج بالصبر، والحب، والتغاضي فكرة لا تتحقق مع ملابسات كثيرة، وحالات بعض تناقضاتها حتمي. مثل هذا المثال، يحتاج إلى عقلٍ محض، الحب بما به من قيم العطاء والتضحية والصبر والتغاضي سيؤدي إلى ما هو أسوأ، مثل هذا المثال يحتاج إلى خطاب عقلاني، منطقي، ومساحات واضحة، مثل هذا المثال الأمل يضره ويؤذيه، والمنطق والوقت يصنعان نتيجة أفضل من تلك التي يصنعها الاندفع العاطفي المليء بالاحتواء والتغاضي. لو شعرت يوما ما بأنَّك تعيش هذه المشاعر، فلا ترهق من حولك بطلب العون إن لم تكن قادرا وعلى نية أن تضع تلك المشاعر الغامضة على الطاولة وتتكلم عنها وتجد لها الحلول، ولو شعرت يوما ما بأنَّك الشخص الذي يتعامل مع حالةٍ غامضةٍ من الحقد تجاهك، حالة تعلم جيدا أنَّها غير مستحقة منطقيا، فلا ترهق نفسك بأن تكل الأمر للقلوب والتغاضي الملائكي، هُنا يعمل المنطق والوقت، وعملهما يؤدي نتيجة حسنة تفوق تبعات المحبة بكل تضحياتها التي تنعكس إن جاوزت المدى الممكن من الاحتمال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.