بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 26 مايو 2021

يوميات الأزمة العُمانية

 

 

 

سرقني النوم ونهبَ نصف نهاري، فتحت عينيَّ على صداعٍ مع اكتئاب طفيف ونزعةٍ للهجرة من هذا الكوكب إلى أقرب خيار مطروح. المرجو من إنسانٍ يعمل في مجال الإعلانات أن يذهب إلى وجهه بعد أن يستيقظ، ينظفه ويجهزه للتصوير اللانهائي، أن يقضي كثيرا من الوقت متحدثا إلى الذين يعرفهم والذين لا يعرفهم عن فضائل الكماليات والضروريات، يلبس ملابسه النظيفة والتي لم يصوّر بها من قبل ويمارس عمله حتى ينقضي اليوم. لا أفعل كل ذلك ولا أعرف لماذا!

أذهب للأخبار كأنني أحد موتاها، أتابعُ ما يحدث على الساحة العُمانية من مستجداتٍ قد يكون لها ما بعدها، لقد خرج الناس للشارع وهذه المرة ليست كالفائتة، لقد خرج معهم مسرحون من أعمالهم وآخرون من الذين تعطلوا عن العمل لسنوات وسنوات، الغضب كان سيد الموقف في اليوم الأوَّل ويوم أمس أخذت خطابات التهدئة واللين تشعُّ في الوجدان الجمعي، انتهى ليل الأزمة الثاني بعد صدور توجيهات من السلطان بتوفير آلاف الوظائف. مهَّدت ليلة الأمس لما بعدها من قلق واضطرابٍ في هذا النهار، في هذه الثواني التي أكتبُ فيها ما أكتبُه.

حرب الوسوم استعرت، المواجهة بكل أدواتها اشتعلت، تفتت الخطاب الاجتماعي إلى مؤيد ومعارض، ظهر على السطح مفهوم المخربين فمن جانب المعترضين هم مندسون يخربون حراكهم، ومن الجانب الآخر هم مخربون يهاجمون الشرطة، والناس بين قلق أن تحدث كارثة أو من يتمناها. عُمان تدخل مسار القلق بخطواتٍ سريعة وكعادة عُمان فإن ردات الفعل التي تقود للتهدئة تزيد الغضب. الغضب سيد الموقف ويعلم الله ما الذي سيحدث غدا، كل ما يدفع للمزيد من الغضب يعمل تلقائيا باسم ما يدفع للهدوء هذه العُملة الصعبة شبه المستحيلة في أزمنة الغضب.

إنَّه يوم صعب، لن يكون سهلا على أحد، يوم صعب على كل من أخذ على عاتقه صناعة حدث ما، يوم سيمرُّ بصعوبة بالغة على أصحاب المقاربات التي يُظن بها الحلول، الذي مع الحكومة يحاول أن يبدو هادئا لكنه ينطلق فورا للإدانة والشيطنة، والذي مع المانعين يفعل الشيء نفسه، لا حوار في هذه اللحظة إنها تراكمات الضيق والغضب والتعسف قد نثرت شرارها على القش الوفير في كل أرصفة عُمان، وقت العبر والدروس والتغييرات وفي مثل هذه الأيام تُصنع الذاكرة ويُكتب تاريخ البدايات الجديدة. نهار الأخبار بدأ، ولديه المزيد ليقوله.