بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 مايو 2021

دروس في الانتقام [1]

 

كيف تنتقم من نرجسي سممك؟

 

يظن البعض أن النرجسية مرتبطة بالتباهي الدائم، بالهوس بالأناقة، والمال، والمكانة الاجتماعية.

قد يكون نرجسيا من يفعل ذلك ولكنها ترتبط أيضا بغياب الشفقة، وبالفساد، وبالكذب على النفس، وبادعاء الكمالية، والمثالية، وبالخوف من مواجهة الذات بأخطائها، وبالفتكِ بكل من يقترب من عيوبك.

قد تظنُّ الخير في نرجسيٍّ حتى تصبح جنديا في خدمته، تفعل المستحيل لإرضائه، تدخل كبيدق في لعبة كبيرة من أجل كاذبٍ كذوب يذهب بك للجحيم من أجل مصالح مؤقتة، قد تظن الخير في ذوي الدين أو الأفكار، أو الثقافة وأنت لست أكثر من قطعة شطرنج لها عمرها المؤقت في لعبة لا تديرها.

قد تظن الخير في النرجسيين، بعضهم حقا أنقياء، مع تضخم ذواتهم يفعلون الخير يحسنون للناس يعيشون تضخمهم دون تحقير الآخرين، وقد لا يتبلورون إلى كائنات سامّة تسمم دمك وروحك وحياتك.

قد تظن بهم خيرا وأنت تبحثُ عن تعزيز منهم. يلعبون على عقدك ومشاكلك ويبقونك تحت سيطرتهم وأنت تظن بهم خيرا.

ستبرر للنرجسي الذي ترى فيه صديقا، معلما، منوّرا، رفيقا، ناصحا. سترى أكاذيبه وستتلقف تبريراته له وتعقلنها، ستبالغ في إلغاء عقلك، سيأخذ راحته ويمارس كل قبحه أمامك ومعك، وربما يشركك في جرائمه ورزاياه، سيشعرك أنك مثله تماما، ولكن ينقصك فقط الذكاء في النجاة من سيئاته.

التخلص من صداقة مع نرجسي سام سلاحه الرئيسي استغلال ضعفك الداخلي ضدك من انتصارات الحياة الكبيرة، يحب النرجسيون المتأزمين داخليا، إنهم [زبائنهم] الأبرز في حياتهم، يتعلقون بهم كما يتعلق المأزوم داخليا بالكائن النرجسي الذي يظن أنه يستمد منه الثقة بالنفس، والشعور بالتقدير.

ذلك المتباهي، الصفيق الذي لا يذمك ليُعلي من ذاته، خير من غيره، ذلك المختال الذي لا يخرج إلا بعد أن يكوي دشداشته خمس مرات ويعدل من كمّته عشرين مرة خير من ذلك الذي يسممك، ويتتبع نقاط ضعفك، ويبث خيوطه السامة في روحك، ذلك المتبجح اللطيف خير من النرجسي السام بألف مرة.

إن كنت على علاقة مع إنسان نرجسي فتأكد أنه لا يشفق عليك، ولا يعطف عليك ولا على غيرك. النرجسي السام لديه أهداف، وقد تكون محظوظا بنرجسي لديه أهداف خارجية، وقد تكون سيء الحظ أن تنجذب مساوئك إلى نرجسي أهدافه الداخلية أخطر، يحب أن يودي بك للمهالك معززا روح القتال والصدام والبطولة بك.

ستعلقُ في تلك الدائرة، حائرا حزينا. من تظنه قدوتك فاسد، كاذب، كذوب، تحاول أن تتقمصه فيجلدك لأنك كاذب كذوب وفاسد مثله، فخطؤك خطأ، أما خطؤه فهو ذكاء، واضطرار، وظروف الحياة، والتصرف الأمثل في عالم قبيح هو أجمل ما فيه، النرجسي كل من حوله أوراق تحقق له تطلعاته.

صفات الشخص النرجسي السام إن تيقنت منها يمكنك أن تقلبها عليه، أن تصيبه بالهلع، يمكنك أن تكذب عليه، أن تدفعه للبوح بخطاياه، أن تفتعل الشخصية التي يحب أن يراها بك، أن تكيد به، أن تصبح أقبح منه، طريق سينتهي بكل للندم وتأنيب الضمير لنهاية عمرك، أو يمكنك اختيار نهاية ظريفة.

أنت وخيارك، إذا أردت الخيار الرديء، فالحل أن تطمئنه بكل الأكاذيب التي تكشف لك كل خططه وأدواته، ومن ثم تؤذيه بكل قوتك دفعة واحدة، تؤذيه بالحقيقة التي يبررها، تؤذيه بأنك لا تختلف عنه، تؤذيه بأن تقول له [كنت أكذب عليك]، تؤذيه بأن تقول له أنك تحتقره، وأنه كاذب مزيف سام وقبيح.

ويمكنك إن كان القبح قد استبد بك أن تسرد له تحليلك النهائي عنه، أن تجلده جلدا طويل المدى، متواصلا حتى يخاف أن يكلمك، وحتى يحاول أن يعاديك، النرجسي جبان، يتجنب المواجهة، يستعطفك، يحاول أن يبين لك أنه آسف، وأنه لم يقصد وربما يقول: كان يريد مصلحتك!

إن أردت الخيار القبيح. احقنه بسمك.

المقاربة القبيحة لها التزامات منطقية، اللسعة لا تكفي، يجب أن تكون لدغة نهائية تُلغي كل احتمالات المصالحة، أنت أعلم بضعفك الداخلي، وتذكر أن تكون نبيلا، أن تكتفي بحقائقه فهي أكبر ما يؤذيه، إياك أن تفعل مثله وتخترع حقائق ليست به، فهذا يرضيه، ويشعره أنه مستهدف منك لأنك تحسده مثلا!

أنت هُنا رسميا مريض، لك ألف تصنيف مع النفسانيين وأطباء النفس، تنتقم من نرجسي أذاك وسممك بأن تسممه، احذر أن تجابهه بغير حقيقته، تذكر، أكثر ما يخافه منك هو حقيقته، لأنه يعلم ما فعله بك، يعلم كم أذاك وسممك، يعلم أنك أحد هؤلاء الذين سئموا منه وقرروا أن يخسروه، أنت لست أولهم.

هُنا وصلتَ لنقطة اللاعودة، أنت مريض، وانتقامي وحقود تعرَّف على أول ضحاياك الذين استحقوا ما أحاق بهم. ضربة معنوية، يمكنك أن تعترف لاحقا له أنك كنت تكذب عليه وأنك كنت تبحث عن حقيقته، وأنه كان يبصق في قناعٍ مقاوم للماء، أو يمكنك أن تغيظه أكثر، أن تقول له: أنا الأقبح منك أراك قبيحا

وفي نهاية تصفية الحساب بينك وبينه، تقيم حاجزاً كبيرا، وتقوّي قلبك، فالنرجسي الذي أذاك يلعبُ لاحقا دور الضحية، سيحزنُ عليك كأنه حقا كان يعبأ بك وبأحلامك وبمصيرك، يعلمُ أن رقة قلبك عليه هي سلاحه الوحيد، وسيحاول إيجاد مدخل لنفسك بكل السبل، حتى بالصلح الوهمي أو بالمسامحة الكاذبة.

هُنا أنت أنهيت الانتقام [غير الظريف] وهذا مشكلته إنه لا يسمح لك بتقوية نفسك وتمكين أدواتك الدفاعية، إنه حل هجومي مريض غير نافع معرفيا، قد يفيدك حياتيا ويجنب اللئام فرصة الولوج لذاتك المأزومة، لكنه لن ينفع وجدانك، ولن يضيف لمعارفك سوى ذاكرة من الصدمة، أنك لم تعد نقيا، ولا طيبا.

وهكذا عزيزي الذي أصبح رسميا مريضا، لقد صفيت حسابك مع أول جلاديك، قد تستمر للنهاية في هذا الطريق وربما تصبح قاتلا، هذا ليس دربا يسلكه محبو الحياة، وربما ترعوي وتكتفي بالخروج بخلاصاتك الجديدة وتتعلم الحذر من النرجسي الذي يجيد التلاعب بك لتحقيق مآربه.

اعلم أنك هُنا قد حققت هدفك من صداقتك مع النرجسي، صرت مثله يا صديقي، أصبحت قبيحا، كل ما ظننته به من ذكاء هو في حقيقته قبح وكيد وكذب، لقد كذبت عليه، وزيفت أمامه الإنسان الذي يريد أن يراه، ومن ثم أجهزت عليه دفعة واحدة، أهلا بك في عالم الندم، والقسوة، والمغالاة في الكيد.

هُناك نهاية أخرى، أظرف بكثير من هذه المريضة المليئة بالقسوة والكيد والكذب والأقنعة والتربص. وهذه التي أنصحك بها يا صديقي المتعلق بالذي يؤذيه ويسممه. أن تتبصر أكثر في سمات الشخص النرجسي، وأن تتعلم أدواتها، وأن تحصن نفسك شيئا فشيئا.

وأن تتقن ذلك جيدا قبل أن تخطط للنهاية.

وصلنا للنهاية الأجمل يا صديقي، أن تجعل من النرجسي الذي يسممك دمية تختبر بها حصانتك الداخلية. حافظ على وضعك السابق كتابعٍ أو كشخص ابتلع الطعم. وخلال فترة التمرين التي تتعلم فيها حماية هشاشتك واكتشاف ضعفك اقرأ عن النرجسيين كثيرا، وتعلم أدواتهم، وافهم لماذا خدعتَ نفسك بهم.

ها أنا أفترض أنك تعلمت، وتبصرت، وصرتَ تراقب سلوك النرجسي بدلا من أن تقاومه، أصبح كتابا تتعلم منه. ستعلم أنك صرت محصنا عندما يصبح كلامه في الهواء، لا يعنيك، تعلم أنها [نمرة] مجرد سطر في مسرحية، شيء أجاد خداعك به لسنوات، لم يعد سوى شبح كاذب، أنت جاهز الآن للانتقام الظريف.

البداية: تتوقف بشكل مفاجئ عن إخباره بمستجدات حياتك، أن تتوقف نهائيا عن طلب رأيه في كل شيء، سيقلقه ذلك ويدفع لسؤالك كل مرة عن جديدك. مبارك لك، هذه أول الخطوات، حافظ على وضعك السابق كتابع هش، ولكن أبق حياتك بعيدة عنه، أنت بدأت في شق حياة بعيدة عن من يستغلونك أجمعين وليس هو فقط.

الخطوة الثانية: تبدأ بشكل لطيف وظريف بإخباره أن رأيه في هذه القضية لم يعد مهما، لماذا؟ لأنك اكتشفت أن رأيا آخر [لعالمٍ/لمفكرٍ/ لأديب] خير من رأيه، سيرهقه ذلك كثيرا، سينكمش بحثا عن مدخل آخر لنفسك، هُنا تربص بالبصيرة الجديدة سيكشف لك مدخلا ضعيفا في نفسك، ربما تستسلم له، ربما لا.

ستبدأ لعبتك المرهقة، كلما وجدَ النرجسي مدخلا لنفسك أغلقتَه، ما زلت في المستوى الثاني من الانتقام الظريف، [رأيه لا يهم] والأنكى والأدهى أنك لم تعد تسأله عن رأيه في أي شيء، إنه شخص تمضي معه الوقت، مدرس خصوصي يكشف لك ألعابه، وأنت تتربص به معنويا، وتصنع انتقامك المستحق.

بعد سدك كل المداخل الممكنة، تعرف أنك نجحت عندما يصاب بالهلع، يسممك فلا تهتم، يقول لك [أنت تغيرت] فتقول له [حاشا لله يا معلمي العظيم]، تُبقي المودة المزيفة بينكما بكيدٍ محكم، وتبدأ قرصاتك الصغيرة تجاهه، إنه مصاب بالهلع وقد يخسر جنديا من جنوده، استثمر الفرصة لتنتقم. لقد حان الوقت.

قرصات صغيرة، لا توجهها نحوه. تحدث عن المزيف مثله ولكن لا تتحدث عنه، عن الفاسد مثله ولكن لا توجه سهامك له، أكّد له وعيك الجديد، وتجنب صفاته المباشرة وأخطائه، اجعل كلامك نظريا، واسلقه كل يوم بحقيقة من حقائقه، إن حاول توجيه الحديث لك قل له، صرت آخذ برأي العالم فلان، إنه مرشدي.

ونقطة لا بد من الإشارة لها، يجب أن يكون لك مرشد نفساني ثقة، ولا أقصد أخصائيا تقابله مرة كل أسبوع، بل مرشد كتب كتابا عن النرجسيين وشرح لك كل اللعبة. ما أن يحاول أن يدين أدواتك الجديدة تلطمه بالحقائق العلمية التي يعجز عن صدها وردها، أنت قوي، وبخير، وصرت تعرف حماية نفسك. انطلق

كيف تعرف أنك في مسار الانتقام الظريف؟ سيدهشك انقلاب آية الإلحاح، كنتَ تسعى له وأصبح يسعى لك، يشعر بالهلع ولأنه نرجسي يشعر أن أحدهم [غير رأيه بك] مبارك لك، لقد بدأت ترد الصاع له، لم يعد يريد تسميمك، أصبح فقط يريد حماية نفسه من شبحٍ، كن ذكيا، ولا ترض تساؤله بكذب، فهذا ليس ظريفا.

واصل تعلمك من أدواته، إن هددك أو حاول أن يقلب الطاولة عليك فأنت مضطر للانتقام غير الظريف، أما إن كان جبانا [ومعظم النرجسيين كذلك] فاستمتع بقوتك الجديدة، لقد أصبح هو الذي يسعى لك، لا تطلب لقاءه مطلقا، واقلب الآية عليه، يحق لك التشفي به فقد أذاك لسنوات ولم تكن تعلمت الحيلة.

تذكر، أنت تنتقم انتقاما ظريفا، لا تخلط الأوراق. حافظ على روحك المسالمة وراقبه وهو يهلع ويبحث عن أداة جديدة، ما لم يتحول إلى مريضٍ معك فلا داعي لأن تتحول إلى مريض معه. اسلقه على نار هادئة، واجعل كل لقاء بينكما تأكيد إضافي على قلة أهميته وأهمية وجوده ورأيه في حياتك.

لماذا أنت مشغول؟

- لقد اكتشفت هواية جديدة؟

 

أحس أنك تغيرت عليّ؟

- لا والله، فقط منشغلٌ بالعالم النفساني الكبير ودروسه العميقة!

 

- أنت عبيط ما يدريك بعلم النفس!

- يا سيدي، خليني أتعلم شيء بدل ما أعيش عبيط لنهاية العمر.

 

- تعرف ويش رأيي فيك؟

- قوله، لكنني أفضل العالم فلان.

متى تعلم أن انتقام اكتمل؟ عندما يجلسُ معك ويصمت، عندما تتولى أنت دفة الكلام، عندما يتحول هو إلى وضع المتربص [الذي أنت تمارسه] هو لا يعلم إنك تكيد به معنويا [بظرافة انتقامية] هو يريد أن يلقنك درسا يسحق استقلالك لتعود إلى دائرته صاغرا، كن قويا، وتعلم كل يوم من لقائك به.

مع الوقت سيقل اهتمامه بك، لا تسأل عنه، اكتفِ بالمجاملات الاجتماعية السابقة [عيد/ رمضان/ عزاء] ولا تربك علاقاتك مع أصدقائه، أنت الآن قوي، تعلمت الاستقلال، لقنت نرجسيا سممك درسا من الهلع، إنه الآن الذي يسعى لك، عندما يصاب بالملل، ويتوقف عن إطلاق الأحكام، وصلنا للحظة الحاسمة.

الآن أنت في الموقف الأقوى، أخرج الجلاد الفكري الذي بوجدانك. اجعل كل لقاء بينكما جحيما، لا تفسد الود بينكما ولكن دافع عن رأيك، ردد على مسامعه دائما [النرجسي، والشخصية السامة]، ودائما اضرب المثل بأفعال بعيدة عنه، عندما تفعل ذلك في محيط جماعي، سوف يبدأ بالقلق تجاهك.

أنت هُنا تلعب بالنار، هل أنت قدها؟ إن كان احتمال أن يكون مجرما ونذلا أو ربما مبتزا يمكنك أن تكتفي بما وصلتما إليه، سعيه لك ورفضك له، انشغالك عنه، أن تخرج من دائرة ضحاياه بهدوء وأن تكمل حياتك، أو يمكنك أن تكمل الانتقام إلى مداه الأخير، المواجهة والإبلاغ.

ما هو الإبلاغ؟

أن ترد على كل كلمة يقولها عنك بكلمة تقولها عنك. يقول لك أنت تظن بنفسك الذكاء، ترد عليه أنت الذي يظن بنفسه الذكاء، أنا لا أظن بنفسي أي شيء، يقول لك أنت مصدق نفسك، قل له يا شيخ وأنت الذي يظن نفسه عالم زمانه وأوانه، يقول لك كبر رأسك، قل له رأيك لا يهمني وابتسم.

سيتلوى حزنا كاذبا على فراقك، سيزعم أنه فعل بك خيرا وأنك ناكر للجميل، ربما يقلب عليك باقي أصدقائه/ ضحاياه/رفاقه في النرجسية، لا تحزن يا صديقي، هؤلاء خسارتهم مكسب، إن لم يذهب للقبح معك فلا تكن قبيحا، إن لم يحاول إيذاءك فلا تؤذه، هذا ليس ظريفا. إن فعل

دافع عن نفسك بالحقيقة، وبنبل.

إن كان نرجسيا جبانا كذوبا هشا، هذا وقت الرحيل. إن اكتفى بلعب دور الضحية والمسكين فلقد انتصرت، يمكنك أن تُنهي المعرك بنبل وبنقاء، بالابتعاد دون أن تكيد به، هذا هو الانتقام الظريف، أن ترحل واثقا بنفسك راضيا وضميرك غير ملتهب بالندم. لقد واجهت أول نرجسي في حياتك، والبقية موضوع وقت.

تذكر عزيزي الذي [كان] يصاحب النرجسيين بتعلق، أنت لست ضعيفا، ولست جبانا، أنت إنسان لديه أزمة أو مشكلة ولم يكن محظوظا بصديق يساعده على تجاوزها بل بلئيم يستغلها ضده، لقد كسرت أول أصنامك، ألا تهتم هذا في حد ذاته إنجاز، ألا تندم هذا يعني أنك تتخلص من مصادر السموم في حياتك.

"اهجرهم هجرا جميلا" هذا هو الحل الإنساني النقي والنبيل، انساهم، ولا تتذكرهم، وإن تورطت بأحد هؤلاء لا فرار من صداقته، كأن يكون ابن عمك أو خالك أو أخوك، تعلم عن النرجسيين، وتعلم إغلاق الأبواب التي تؤدي لأزمتك، ستصبح أقوى ما دمت تتعلم حيلهم الكثيرة.

وأخيرا يا صديقي، أنت أمام حياتك الجديدة، كلما ابتعدت عن مصدر السم صرت أقوى، تذكر، كل ما حدث من قبل لم يقتلك، أنت أقوى، لم يعد النرجسي يخدعك بسهولة، احذر من أن تشفق على من لا يشفق عليك، احذر أن تتعاطف مع من لا يتعاطف مع أي أحد، ترفق بنفسك، ستشفى، وتجاوز ولكن لا تنسَ.

عندما يتجنبك النرجسي مع حافظه على مودة مزيفة معك فلقد انتصرت، إن حاول أن يجلدك بنقائصك، انطلق في تحليل نقائصه، في جلسة أخرى، في سياق مختلف، سيشعر أنك تقصده ولكن سيرضيه أنك لم تواجهه، سيتعلم مع الوقت تجنب ألم بصيرتك الجديدة، أنصحك بالرحيل عنه، إلا إن كنت تحب الانتقام، عاد هنا شورك

وهذا أول #درس_في_الانتقام أقدمه لك في هذه التغريدات. من المؤكد أنني أخطأت في أشياء كثيرة لأنني من الأساس كنت أكلم نفسي وأعزز جانبها القبيح بشتى أنواع العقلنات، هذه مشكلتي، أنا لست نقيا، ولست بريئا، ولست ساذجا، كنتُ مثلك وصرت إنسانا مختلفا أخافُ من قدرته على الأذى.

وفي ختام هذا السرد الطويل أقول لك، ستكون غبيا إن طبقت كلامي دون أن تجد مرشدا نفسيا يعلمك أصول الأشياء، كلامي عن النرجسيين قد يكون إسقاطا، فلا تعتبر كلامي سوى إشارة تشجعك على البدء في البحث. لا تعش ضعيفا، حل مشاكلك لن يكون بيد أن نرجسي، بما في ذلك كاتب هذه السطور.

الذي أستطيع أقوله لك بالباقي من الحب في قلبي، وبالقليل المتبقي من الإنسانية، يمكنك أن ترحل دون أن تنتقم، أن تعتزل دون أن تؤذي، ولكن إن كنت مشروع شخص انتقامي هذه الخيارات التي أتمنى أن تقيك قليلا من شرور نفسك. أنصحك بالانتقام الظريف إن كان لا بد إلا أن تصفي ألمك بإيلام من آلمك.

أما إن كنت أشد شرا، وأبلغ كيدا، وأعمق فهما مني، فاضحك على كل ما قلتُه أعلاه، ككائن تعلق بالنرجسيين معظم سنوات شبابه حتى أدمن تشويه ذاته ليرضيهم لن أن أكون خير من ينصحك، إن كان لا بد إلا من الانتقام، حافظ على أقنعتك ولتكن شبحا، أنت تعلم حقيقتك. وأنت تعلم أنك نرجسي ايضا.

وهكذا ينتهي كلامي، هذا هو القبح الذي أتعايش معه كل يوم، لا يوجد له حل معك، ثمة مرشد يرشدني، يجلدني بحقيقتي ولكنه لا يفعل ذلك لأنه يتلذذ بذلك، إنه عالم في الأوراق والأفكار والكلمات، جد لك عالما تثق به، لا تعرفه شخصيا، وانطلق في حياتك الجديدة، ظالما، أو نبيلا.

ويا عزيزي الانتقامي، افعل كل ما يمكنك أن تفعله لكي لا تتحول إلا قاتل، هذه نصيحتي التي أتمسك بأن أقدمها لك، من أذاك معنويا قد [وأقول قد] يستحق شعريا أن ترد له صاعه، لا تكن قاتلا، لا تحمل سكينا في جيبك، لا تشتر مسدسا، هذا انتقام الجبناء، أنت أعلم بآلامك، فلا تحولها لجريمة.

 

انتهى.