سورة آل عمران
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الم، الله لا إله
هو الحي القيوم، نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه، وأنزل التوراة
والإنجيل، من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب
شديد والله عزيز ذو انتقام، إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء هو
الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء، لا إله إلا هو العزيز الحكيم، هو الذي أنزل عليك
الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ
فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله،
والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذكر إلا أولو الألباب، ربنا
لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب، ربنا إنك جامع
الناس ليوم لا ريب فيه، إن الله لا يخلف الميعاد، إن الذين كفروا لن تغني عنهم
أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا، وأولئك هم وقود النار، كدأب آل فرعون والذين من
قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب، قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس
المهاد، قد كان لكم آية في فئتين التقتا، فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة
يرونهم مثليهم رأي العين، والله يؤيد بنصره من يشاء، إن في ذلك لعبرة لأولي
الأبصار، زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب
والفضة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن
المآب قل أؤنبئكم بخير من ذلكم، للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار
خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوانٌ من الله والله بصير بالعباد، الذين يقولون ربنا
إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار، الصابرين والصادقين والقانتين
والمنفقين والمستغفرين بالأسحار، شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو
العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم، إن الدين عند الله الإسلام وما
اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم، ومن يكفر بآيات
الله فإن الله سريع الحساب، فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعني، وقل للذين
أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك
البلاغ، والله بصير بالعباد، إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق
ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم أولئك الذين حبطت أعمالهم
في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين، ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب
يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون، ذلك بأنهم قالوا
لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون، فكيف إذا
جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يُظلمون، قل اللهم مالك
الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء وتذل من تشاء، بيدك
الخير إنك على كل شيء قدير، تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج
الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب، لا يتخذ المؤمنون
الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا
منهم تقاة ويحذركم الله نفسه، وإلى الله المصير، قل إن تخفوا ما في صدوركم أو
تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير يوم
تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا، وما عملت من سوء تود أن بينها وبينه أمدا بعيدا،
ويحذركم الله نفسه، والله رؤوف بالعباد، قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم
الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم، قل أطيعوا والرسول فإن تولوا فإن الله لا
يحب الكافرين، إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، ذريةً
بعضها من بعض، والله سميع عليم، إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني
محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم، فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى،
والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها
من الشيطان الرجيم، فتقبلها ربها بقبولٍ حسنٍ وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا
كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا، قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من
عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من
لدنك ذريةً طيبة إنك سميع الدعاء، فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن
الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين، قال رب أنى
يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر، قال كذلك الله يفعل ما يشاء قال رب
اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح
بالعشي والإبكار، وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على
نساء العالمين، يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين، ذلك من أنباء الغيب
نوحيه إليك، وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم، وما كنت لديهم إذ
يختصمون، إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن
مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن
الصالحين، قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر، قال كذلك الله يخلق ما يشاء
إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون، ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولا
إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير
فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله، وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله
وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين،
ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم، وجئتكم بآيةٍ من
ربكم فاتقوا الله وأطيعون، إن الله ربي وربكم فاعبدوه، هذا صراط مستقيم، فلما أحس
عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله، آمنا بالله
واشهد بأنا مسلمون، ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين،
ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين، إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي
ومطهرك من الذين كفروا، وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، ثم
إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون، فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا
شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين، وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات
فيوفيهم أجورهم، والله لا يحب الظالمين، ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم،
إن مثل عيسى عن الله كمثل آدم خلقه من ترابٍ ثم قال له كن فيكون، الحق من ربك فلا
تكن من الممترين، فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا
وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين
إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم، فإن تولوا
فإن الله عليم بالمفسدين، قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواءٍ بيننا وبينكم
ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن
تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون، يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم، وما أنزلت
التوراة والإنجيل إلا من بعده، أفلا تعقلون، ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم
فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون، ما كان إبراهيم
يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين، إن أولى الناس
بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا، والله ولي المؤمنين، ودت طائفة من
أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون، يا أهل الكتاب لم تكفرون
بآيات الله وأنتم تشهدون، يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق
وأنتم تعلمون، وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه
النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون، ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى
الله، أن يؤتى أحد مثلما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه
من يشاء والله واسع عليم، يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ومن أهل
الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك، ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما
دمت عليه قائما، ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل، ويقولون على الله
الكذب وهم يعلمون، بلى من أوفى من عهده واتقى فإن الله يحب المتقين، إن الذين
يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم
الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، وإن منهم لفريقا
يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب وإن منهم لفريقا يلوون
ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما
هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون، ما كان لبشر أن يؤتيه الله
الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا
ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون، ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة
والنبيين أربابا، أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون، وإذ أخذ الله ميثاق النبيين
لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال
أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري، قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين،
فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون،
أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون قل
آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط
وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون، ومن
يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين كيف يهدي الله قوما
كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق، وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم
الظالمين أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، خالدين فيها
لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون، إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله
غفور رحيم، إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم
الضالون، إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو
افتدى به، أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين، لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما
تحبون، وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم، كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا
ما حرم إسرائيل على نفسه، من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن
كنتم صادقين فمن افترى على الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون، قل صدق الله
فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين، إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة
مباركا وهدى للعالمين، فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على
الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين قل يا أهل
الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون قل يا أهل الكتاب لم تصدون
عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون، يا أيها
الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين.
وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسولُه ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى
صراط مستقيم، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم
مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم
أعداء فألف بين قلوبكم، فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار
فأنقذكم منها، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون، ولتكن منكم أمة يدعون إلى
الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون، ولا تكونوا كالذين
تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم، يوم تبيض وجوه
وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم، فذوقوا العذاب بما كنتم
تكفرون، وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون تلك آيات الله
نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين، ولله ما في السماوات وما في الأرض
وإلى الله ترجع الأمور، كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن
المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم
الفاسقون، لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون ضربت عليهم
الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس، وباؤوا بغضب من الله وضربت
عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك
بما عصوا وكانوا يعتدون ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء
الليل وهم يسجدون، يؤمنون بالله وباليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين، وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم
بالمتقين، إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك
أصحاب النار هم فيها خالدون، مثل ما ينفقون فيها هذه الحياة الدنيا كمثل ريح في صر
أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون يا أيها
الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا، ودوا ما عنتم قد بدت
البغضاء من أفواههم، وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون، ها
أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله، وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا
خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ، قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور، إن
تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم
شيئا إن الله بما يعملون محيط، وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله
سميع عليم، إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون
ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون إذ تقول للمؤمنين أن
يكفيكم أن يمدكم الله بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا
ويأتوكم من فورهم هذا ينبئكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، وما جعله الله
إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم، ليقطع
طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم
أو يعذبهم فإنهم ظالمون، ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من
يشاء، والله غفور رحيم، يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة، واتقوا
الله لعلكم تفلحون واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم
ترحمون، وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، الذين
ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين،
والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر
الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون، أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم
وجنات تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها ونعم أجر العاملين، قد خلت من قبلكم سنن
فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين، هذا بيان للناس وهدى وموعظة
للمتقين ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، إن يمسسكم قرح فقد مس
القوم قرح مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ
منكم شهداء والله لا يحب الظالمين، وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، أم
حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلمِ اللهُ الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين، ولقد
كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون، وما محمد إلا رسول قد
خلت من قبله الرسل، أفئن مات أو قتل انقبلتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن
يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين، وما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله كتابا
مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي
الشاكرين، وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثيرٌ فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله
وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين، وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر
لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، فآتاهم الله
ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين، يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا
الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين بل الله مولاكم وهو خير الناصرين،
سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ومأواهم
النار وبئس مثوى الظالمين، ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتكم
وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون، منكم من يريد الدنيا ومنكم من
يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين، إذ
تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكي لا تحزنوا
على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون، ثم أنزل عليكم من بعد الغم
أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن
الجاهلية، يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله، يخفون في أنفسهم ما
لا يبدون لك يقولون لو كان من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز
الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم
والله عليم بذات الصدور، إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم
الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا عنهم إن الله غفور حليم، يا أيها الذين آمنوا لا
تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا
ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم، والله يحيي ويميت والله بما
تعملون بصير ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون
ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون، فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب
لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على
الله إن الله يحب المتوكلين، إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي
ينصركم من بعده، وعلى الله فليتوكل المؤمنون وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما
غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون أفمن اتبع رضوان الله كمن
باء بسخط من الله ومأواهم جهنم وبئس المصير هم درجات عند الله والله بصير بما
يعملون، لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته
ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين، أولما أصابتكم قد
أصبتم مثليها قلتم أنى هذا، قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير، وما
أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين، وليعلم الذين نافقوا وقيل
لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر
يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون،
الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن
كنتم صادقين، ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون،
فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف
عليهم ولا هم يحزنون، يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين،
الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر
عظيم الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا
حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان
الله والله ذو فضل عظيم، إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن
كنتم مؤمنين، ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله
ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم، إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن
يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم، ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم
إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين، ما كان الله ليذر المؤمنين على أنتم
عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من
رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم ولا يحسبن الذين
يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم، بل هو شر لهم، سيطوقون ما بخلوا به
يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير، لقد سمع الله قول
الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء، سنكتب ما قالوا، وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول
ذوقوا عذاب الحريق، ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد، الذين قالوا
إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار، قل قد جاءكم رسل
من قبلي وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك
جاؤوا بالبينات والزبر والكتاب المنير كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم
القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ومن الحياة الدنيا إلا متاع
الغرور، لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن
الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور، وإذ أخذ الله
ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا
به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون، لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا
بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب، ولهم عذاب أليم ولله ملك السماوات
والأرض والله على كل شيء قدير، إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار
لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم، ويتفكرون في
خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ربنا إنك من
تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار، ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي
للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع
الأبرار ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف
الميعاد، فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عاملٍ منكم من ذكر أو أنثى، بعضكم من
بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم
سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله، والله عنده حسن
الثواب، لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس
المهاد لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من
عند الله وما عند الله خير للأبرار وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل
إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم
عند ربهم إن الله سريع الحساب يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا
الله لعلكم تفلحون.
صدق الله العلي العظيم.
قرأها إسماعيل المحاربي
كتبها معاوية الرواحي
1/4/2020