بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 14 ديسمبر 2025

خاطرة جاءت على البال

 من أسوأ التشوهات المعرفية اللي كثير من الناس تظن إنها ما موجودة في عمان هي فكرة #الفرصة_الثانية ....


لما نسأل نفسنا، اللي ماشي صح؟ ليش ماشيء صح؟؟ أحيانا ما لأنه يسعى للفضائل لأنها فضائل في حد ذاتها. لأنه لديك سلاح مصوّب على رأسك، سلاح (تحطيم السمعة) .. والاغتيال الاجتماعي. واللي يمر بالاغتيال الاجتماعي ويستوي عبرة لمن يعتبر، هذا بالذات فكرة الفرصة الثانية له تكون معركة أصعب بمراحل!
بس هل الفرصة الثانية صعبة فعلا في عمان!

الذي لا يراه كثيرون، هو إنه الناس عايشة حياتها، وفرصتها الثانية، ووصلت لحالة من الاستغناء عن طلب الاعتراف من الذين لديهم الحياة عبارة عن (خطأ واحد). خريج السجن، يعيش حياته، ويجد من يقف معه، ويكون نفسه. المدمن المتعافي، يعيش حياته، ويجد من يقف معه، ويكون نفسه. الفرصة الثانية في عمان شيمة أصيلة في المجتمع، وهذه الشخصية الإعلامية العامة الجديدة ليست أكثر من بناء مثالي للأسف البعض يحاول أن يصنع به ما يسمى (الشخصية العمانية). مجرد وهم وزخرف!! يعني في سجن سمائل المركزي من قتلة؟ ومن مغتصبين؟ ومن مزورين؟ هذيلا ما عمانيين!!! مجرد تشوه معرفي آخر، ومحاولة لصناعة تمجيد لاتباع الفضيلة باعتبار إنها منتج قومي اجتماعي. كذبة أخرى بيضاء، ونعم لها فوائدها.. بس هي كذبة، وتبقى كذبة. من اللي يستفز من فكرة الفرصة الثانية؟ لدي تصور إنه الشخص اللي باني علاقته (بالتصرف بشكل صحيح) فقط نتيجة الخوف من العقوبة. لأنه يضرب معاه (جلتش)... هذا مدمن ياخي!! كيف تزوّج؟ من اللي تجرأ وزوجه!! طيب تراه ما خطب من عندكم، ولما يخطب، رفضه!! هذا لو القرار كان بيدك. خطاب الخوف صنع ناس متطوعين بالتنكيل المجاني في أي شخص يخطئ. والمشكلة ما إنه التنكيل بشخص في قلب الخطأ، مع إنه هذا ما سلوك بالضرورة مفيد، المشكلة إنه التنكيل بعد نهاية الخطأ!! يا سلام!!! البعض يعتبر هذيلا نادي التنكيل الاجتماعي المتطوع وكأنه لهم دور مفيد في المجتمع، بينما الذي يحدث فعليا هو إنه معك مدمن مثلا!!! كيف يرجع للمجتمع من الأساس وأنت جالس تعاقبه بعد ما ترك الإدمان؟؟ وكأنك تقول لشخص: موه رأيك ترجع لسياسة الخوف؟ أنت ما أدمنت لأنك تخاف الشرطة!! هو خلاص، أدمن والسلام، وربما انسجن، وكل الحواجز اللي أنت تبنيها عشان فقط ما تجرب سيجارة حشيش هو تجاوزها، وربما تجاوز ما هو أشد، هل هذا منطق؟؟؟ مجتمع عمان مجتمع عشعشت فيه فكرة الفرصة الثانية كطبيعة. والموضوع هو عقد اجتماعي، ولو الله كتب لك أن تكون من ضمن هؤلاء الناس أنت عليك أن تقوم بالذي عليك. أما هذا الواقع اللي تو، أستغرب من اللي يقول "تراه المجتمع ما يرحم" .. لا والله، هذا تشوه معرفي، المجتمع متعاطف، ومتراحم، ويرحم، ويساعد، ويشجع، وأسأل الله إنه كل شيء أنت تبنيه بالخوف ما يصير لك، بس حتى لو صار لك. السجين لما يجد الشخص المناسب، يبني حياة، ويعيش. المدمن، يبني حياة ويعيش، بس هي حظوظ وأرزاق، تطيح مع من؟ مع عائلة متفهمة وتبنيك؟ ولا عائلة أصلا تعرضت لهجوم من قبل نادي التنكيل والاغتيال الاجتماعي؟ لو كان شيء سيء في الظاهرة الاجتماعية، فهي حداثية الشماتة، وحداثية النظرة الغربية اللي استوردت. طبيعة المجتمع؟ تألف لي مجتمع من راسك، سوي ألّف. الفرصة الثانية في عمان ما صعبة، ولا مستحيلة، فقط عليك أن تقوم بواجبك. مدمن: تتقبل إنك تسوي فحص شهري، تتقبل إنك تغرس طمأنينة في كل الذين حولك، تتقبل إنك تمشي في خطة علاجية، تتقبل إنك تترك المساحة الاجتماعية الي تؤجج بك مشاعر التعاطي. سجين سابق: تتقبل إنك تمشي بشكل جيد، لو معك مشكلة عنف تعالجها، ولو معك قضية تزوير أو شيكات أو اتجار، تتقبل إنه هناك من (يرفضك للأبد) وتتعامل بإنصاف مع اللي يعطيك فرصة ثانية، وتكون أنت المجتهد عشان التطمينات تكون مستمرة. لأنه ما منطقي تبقى في موقف ضعيف ومستمر ودفاعي. هذا معناه أنت في بيئة غلط، وقد يرحمك الله بالبشر الواعين الذين يخرجونك من هذه الدوامة. وقس على ذلك. لذلك، لو شخص فعلا يقرر أن يأخذ بالفرصة الثانية، والتي هي عادة شبه الأخيرة، اعقلها وتوكل، أنت كم محتاج في حياتك؟ ألف شخص؟ ألف شخص طيب وأكثر موجودين في عمان، ويكفونك عشان تعيش، لكن لو جلست على الخوف، وصناعة الحواجز، هذا تشوه معرفي مركّب، يعني باختصار، ضيعت الفرصة هذي فقط لأنك خايف من اللي خايف! وما جالس (أرمسن) الخطأ والخطيئة. اللي جالس أقوله شيء عملي بحت، إلين تو، عمان دولة جميلة في بناء الأشخاص بعد هدمهم، أو بعد تحطيمهم أنفسهم .. مجتمع يحترم الظالم الذي يكف عن الظلم. مجتمع يقف مع المظلوم الذي يريد الفكاك من ظالمه. مجتمع فيه روح عميقة من حماية الناس من العودة للخطأ. بس لما نجي للمحيط العلني، هذه الحداثة فقط صنعت هذا المشهد الكرتوني غير الدقيق. ورسالتي للناس اللي معهم رسالة الخوف أولوية: أنت ربما ما معك في عائلتك مدمن، أو سجين، أو على قيلتك (مريض نفسيا) .. وربما لو معك، لعلك تسكت لأنك ما تريد تكون متطوع بالتنكيل الاجتماعي، وربما تبقي تحيزاتك بينك وبين نفسك. بس تراه الحياة ما بالخوف، واللي يعيش حياته الجديدة، أنت أوّل شخص يبتعد عنه، لأنك عامل ضرر، وربما أحسن لك تكون بعيد. خوفك قادك للفضائل، هنيئا لك، بس حتى لو انهار جدار الخوف اللي تحمي به نفسك، بعدني أقول لك: ليست نهاية العالم. اعقلها وتوكل ..
وكل التحية لكل من لا تعرفون عنهم في مجتمع المتعافين من الإدمان، الذين يعيشون قطار الإرادة لبناء حياة من القاع، تحية لكل عوائلهم، وتحية لكل إنسان لا ينظر لهم بمفهوم الحسرات والعبر!

الأحد، 7 ديسمبر 2025

مدون في المكسيك

 أجمل درس لي في المكسيك، هي الدروس الحقيقية اللي تعلمتها من سلسلة من الأزمات المتتالية اللي شفتها تصير. الظروف الصعبة تجعل القرار الصعب بيد من؟ بيد القائد فقط!

خلوني أخبركم عن تجاربي مع كل قائد في مجاله.


القائد الأول: بلا شك هو مدرب المنتخب، الذي لظروف كثيرة، منها حجز التذاكر، والسفر، الطويل، وعوامل مختلفة منها فقدان لاعب رئيسي، أفضل لاعب في العالم في نسخة كأس العالم سوكا مسقط 2024م. المعتصم الشهير بلقب (بوب). في النهاية أنت قائد ومدرب منتخب، لديك قائد في الميدان هو الكابتن. النقاشات العميقة التي كنت أخوضها مع نصر الوهيبي كانت فاتحة عيون على عالم شاسع كنت أجهل عنه كل شيء.

تجربة الجلوس في الدكة وحدها كانت تجربة عجيبة، وأيضا كيف تم اختياري لتقديم جلسة تحفيزية للشباب، هذا في حد ذاته فخر عظيم، أن أخاطب فريقا فاز بكأس العالم. 

أهم درس اكتسبته من نصر الوهيبي، أن البطولة ليست فقط مبارياتك، هناك التعرف على تقنيات كل الفرق. بعد خروج فريق من البطولة ينتهي عامل (التنافس) ولا يوجد حسد، كل فريق يتعلم من الثاني طرقه، وطاقمه، والأشياء الفنية التي فعلا تعلمتها من مدرب المنتخب. 

بولندا التي أخرجت المنتخب وصلت للنهائي، ومن المحتمل أن تحصل على اللقب، خسارة وليست هزيمة، ولا أحد يجب أن يشعر بالذنب، المباراة كلها تحسم بهدف واحد، لم ينهر الفريق. وفي نهاية المباراة محلل الأداء مباشرة ذهب لمدرب منتخب سوكا السداسي وقال له: أريد أجلس معك، أريد أفهم كيف أغلقتم علينا المجال تمام الإغلاق. ولذلك التجربة مستمرة، أثناء التنافس، والمعرفة بدون تنافس أوسع وأعظم! لذلك لم أشعر بنهاية البطولة هي مستمرة حتى هذه اللحظة الأخيرة.


القائد الثاني: محمد الهاشمي، الذي يعمل في وظيفة عجيبة غريبة في بنك صحار اسمها (نائب مدير عام الالتزام) شيء من هذا القبيل، كلما يشرحها لي أهز رأسي لأني فاهم عشان فكرة إني مثقف وإنسان فاهم ما أخسرها. لكن ما هذا موضوعنا. 

يمثل محمد الهاشمي الفكرة التي كتبت عنها قبل عام وأكثر، أن الرياضة تقوم فقط عندما القطاع الخاص يتوقف عن كونه القطاع القاص. عندما يستثمر في المجتمع، لذلك استثمر بنك نزوى عبر هذا الإنسان وزملاء له "في سلسلة من الأحلام" كما وصف أحد المعلقين في تويتر. من البراعم، براعم بنك نزوى. صنع محمد الهاشمي فريقا قويا، ولعدة سنوات كان ينال الوصيف، فاز في بطولتين لسوكا في عمان، الأولى بطولة الشركات، والثانية هي بطولة عام سوكا. 

هل رأيت الفكرة كيف مهمة؟ الآن بنك نزوى مستحيل يتراجع عن دعم فريق دائم له، لأنه ذاق طعم الكؤوس والبطولة؟ وماذا يحدث، الآن لدينا مؤسسة تصنع فريقا، وفي النهاية تصنع دخلا للاعبين، ومع الوقت، ومع شدة التنافس، تُصنع الوظائف لأن هذا السوق الرياضي يكبر، اليوم الشركات تدفع لفريق، غدا البطولات تنال رعايات، هكذا يكبر السوق الرياضي، ليس بالدعم الحكومي، لأن الدعم الحكومي غير استثماري، فقط يساعد ويدفع بالبدايات، الباقي يجب أن يكون سوقاً، وتنافسا، وعرض، وطلب، ورعايات، ووقتها نقول، رياضات الهواة بخير. لماذا؟ لأن سوكا مصممة كنموذج فعاليات وسوق مصغر في كل ولاية، وملعب قابل للنقل وأتمنى حقا أن يتم شراؤه بشكل دائم لمجموعة شركات متنافسة. الصديق وليد العبيداني دائما يقول (ليش تتمنى لنا منافسين) نعم، من منظور اجتماعي وفائدة اجتماعية، يجب أن يكون لصناع الرياضة منافسين، هي الأسم الأبرز في سوكا، وهي الوكيل الحصري له، لا خوف عليها، لكن لكي يصنع السوق ويستفيد الجميع يجب أن يتصالح المتنافسون، لا أن يتقاتلوا.

محمد الهاشمي قدم لي النموذج الذي كنت أتمنى رؤيته في الشركات العمانية، شغوف يبحث عن النجاح، وأيضا يبحث عن ربح البنك ففي النهاية هذا سوق، وبزنس، ويجب أن يكون مربحا للراعي لكي يكون لاحقا مربحا للاعب، والمنتخب، لعل حلمي في (مهنة اسمها لاعب) وتدخل وزارة العمل رسميا، مع تأمين طبي، وتأمين على المهنة والمخاطر، ربما كل هذا يحدث مع الوقت. سوق الهواة أقل تكلفةً من المنتخبات الكبرى، بمبلغ تنفقه في منتخبات كبرى، سوق الهواة يصنع لك زخما في محافظة كاملة، وبطولات مشتعلة، والإعلام الخاص والتواصل الاجتماعي من اسمه (مجتمعي) من المجتمع وإليه كما يقول وليد العبيداني. جزيل الشكر لمحمد على كثير من الاشياء تعلمتها منه، وبالتوفيق له في رسالة الدكتوراة، جمعنا الهم الدراسي المشترك طوال فترة البطولة والنقاشات التي بها.


القائد الأخير: وليد العبيداني


أصبحنا أصدقاء، وتغير واقع الحال والأمنيات، ومنذ أن أصبحت مستشارا لصناع الرياضة، والأمور تأخذ طابعا مختلفا. القرارات الصعبة التي اتخذها، مشاكل الحجز، وتذاكر السفر، والرحلة الفلكية التي تعبر محيطا كاملا. سلسلة جديدة تضاف لمنحنى تعلم صناع الرياضة، الذي أتعلمه من هذا الإنسان يتجاوز التجربة المهنية بل وحتى إلى التجربة الإنسانية. أستغرب من ذلك الهدوء التام. لا ينفعل، هادئ دائما. إنسان نظيف بمعنى الكلمة، ويمضي في مشروع صناع الرياضة منذ سنوات والحلم الذي لديه يتسع ويتحقق مع الوقت.

كلي ثقة أن سوق الهواة، وصناعة وظائف للاعبين، ولفريق فني، ولتنافس عماني يعيد كاس العالم لمنتخب السلطنة السداسي سيحدث مع الوقت. 

كانت رحلة المكسيك رحلة واسعة وشاسعة، مليئة بالدروس والتجارب، والصداقات التي نشأت بداياتها، وستكمل مسارها، لاحقا. 




للعلم ليس لدي علاقة رعاية مع بنك نزوى، أو أي صفقة إعلانية لهم، وأتعمد أن أذكره ليل نهار عسى أن (أغايظ) باقي الشركات لكي تحذو حذو البنك في رعاية رياضات الهواة. أؤمن برياضات الهواة لأن غرس الفسائل أهم بكثير من زراعة الأزهار التي تذبل سريعا. نعم، هناك من يهتم بغرس الزهور، الفسائل هي التي تبقى، وقد لا نحصدها نحن في جيلنا، ولا ننال فضلها، للآن أتذكر رئيس هيئة الشباب والرياضة لو كنت أتذكر اسمها بشكل صحيح، محمد بن مرهون المعمري، هل تتذكرونه الآن؟ ربما قليل من يفعل، لكن هذا المنتخب الذي أفرز الأمين وعماد الحوسني نشأ من هناك، من ذلك الاستثمار، هُنا يتغير الحال والواقع. 


جزيل الشكر لكل من دعم المنتخب في مشاركته، اليوم فريق بولندا الذي أخرج المنتخب يلعب مع منتخب المكسيك الذي يستضيف البطولة، صراع جبابرة حقيقة ومباراة من الصعب أن تنسى. 


كذلك أوجه جزيل الشكر للصديق معاوية الرواحي على حماسته في تغطية سوكا، وعلى كامرات (الأوزمو) وعلى إيمانه بهذه القضية، ومعه اشكر فريق ميزان الذي تعب مع فارق التوقيت لكتابة التغطيات والنقاش حولها في الهزيع الأخير من الليل. 


نلتقي في مسقط قريبا