تمضي في
الحياة، تواصل أيامك، لكنك خائف. مما تراك خائف؟ من الكلمات؟ أم هذا التحدي الهائل
الذي أصبح على عاتقك أصبح هو هاجسك المؤرق؟ هذا جيد بشكل ما يا ماريو. أن تصاب
بالقلق خارج لحظة [اللحظة] الخاطفة والعابرة، أن تفكر بكتابٍ جديد، أن تتأمل
الكلمات بمنظورٍ يختلف عن تلك اللحظة الكائنة بين الناس.
لستَ اجتماعيا،
ولا يظهر أي أملٍ واضحٍ إنك ستكون اجتماعيا في أي بلادٍ من بلدان الكوكب. تحاول أن
تكتب، وتخاف، تمسح، وتغير، وتتراكم المسودات فوق بعضها البعض، آلاف السطور في مئات
من الصفحات تخفي وراءها كاتبا نشطا أصبح الآن شاحبا، خاليا من الطاقة، مستنزفا بكل
معاني الكلمة، مجهدا من الفصول المريرة التي تعاقبت عليه، سواء كان في أشد حالات
توتره واستفزازه، أو في تلك السياط اللاسعة لشهور متتاليةٍ من العزلة، والبعد عن
الناس، والإحباط من كل شيء، واليأس من العالم.
تحتقن الكلمات
في غدتها السرية، تنزف مزيجها الملون المعطر على الذاكرة، تتوفز آلة اللغة، ويستعد
منطق الأفكار لموسمٍ ممطر، تقف مثل الأرنب المبلل، خائفا، متوترا، كأنك تتحرش
بالورقة البيضاء لأول مرة في حياتك، تصاب بالهلع، وتخاف، وتفعل كل ما بوسعك ليعود
مطر الكلمات إلى أراضيه الخضراء، تقاتل نفسك، تنازلُ هلعك، وترتمي في نهاية يومٍ
مرهقٍ في هذا العناق المقدس البهيّ، تَجِدُكَ فتبتسم، وتكتب كأن العمر لا نهاية
لأيامه.
برمنجهام