مرّت ينابيع
الكتابة الممطرة وغَفت. الحقول الخضراء أصبحت مكسيّة بالورق الأصفر، والخريف يحدث
أكثر من مرة واحدة في العمر. القلق صديق مثمر للكاتب، حاله حال الجنون، والأرق،
والغياب الساحق في الذات. كل هذا يحدث حتى تقرر الخروج من هذه الحواف الحادة
للجمجمة، تسقطُ من السفحِ الذي نما فوق دماغِك إلى عالم الواقع، حيث لا كلمات
تنبلجُ من الوجدان الشغوف بالمعنى. حتى هذا الأخير المفضل للكائن الكاتب وغير
الكاتب، حتى هذا المعنى يقرر أن يستريح من الطنين قليلا، أن يتأملَ شيئا ما آخر
خارجَ اشتباك النفس الدائم مع نسخها الميتة في غياهب الإنسان. تمر ينابيع الكتابة،
وتعود. وطين الذاكرة مليء بالبذور دائما، وأشجار الكتابة دائما جميلة، ودائما
خضراء، ولن تتوقف الكلمات يوما ما عن مصائرها.