لما تقرر تعيش حياة غاضبة، الكراهية، والشماتة، والتطاول، وظلم الآخرين يكون جزء من حياتك. تراه صعب إنك تتقبل إنك كنت الشخص السيء في معادلات كثيرة. تكون الشخص السيء مع الشخص السيء تحس بضمير طبيعي، إنه الشر يواجه الشر، بس تكون الشخص السيء مع إنسان فعلا بريء.
تصبح المحبة صعبة، والطريق صعب، ويحتاج غفران، ويحتاج تغفر لنفسك حقا، وتتحرك تعيد الحقوق، وتعتذر لو لزم الأمر، وممكن تندم ندم يؤذيك، وممكن تعتذر اعتذار لإنسان لا يستحق، وممكن تقع تحت طائلة الامتثال الاجتماعي الزائد عن الحد، وتغلط، وتغلط، وتغلط، لأنك ما متدرب على الحياة الطبيعية، حياة المحبة، والمسؤولية، متعود على حياة أسهل، حياة الصدام والكراهية، وهي أسهل بمراحل من حياة المحبة والعطاء.
الشماتة، تصرف البعض ما يعرف كم هو قبيح، كم شخص الآن يقرأ هذا الكلام وهو يتمنى إنه تزل لساني، وأودي نفسي في داهية. كم شخص يتمنى لو معاوية يعود إلى خانته السابقة، المجنون الرسمي لعمان وضواحيها. كم شخص يكتم هذا التشفي، وهذا الشعور بإنه على صواب، وإنه بخير وعافية.
نحن بشر ما ملائكة، شايف قضية فلسطين؟ البعض يتابعها لأنه مستحرق صح؟ ولأنه يتمنى النصر لشعب محتل! بس البعض لا يفعل ذلك، البعض يتابعها لأنه يتشفى، لأنه كلما شاف غيره يُقصف أحبَّ حياته، أحب وضع [البخير] الذي هو يعيشه، هذه حقيقة عن البشر لا يمكن إنكارها.
حياتي حقا حياة ما سهلة، لكنني أيضا لا أخلو من حياة جميلة، أنا كاتب، وشاعر، وإنسان لدي صوت في مجتمعي، إنسان يريد يعطي، إنسان تعلم المحبة بصعوبة بالغة، إنسان يتحمل مسؤوليته، إنسان في حالي، إنسان ما يهاجم شخص آخر، إنسان جالس أمضي في درب أساسه إني أعوض عائلة تعبت مني. هذا هو هدفي الأول، ما هدفي إرضاء أي جحش يظن إنه معه استحقاق في الحكم على حياتي.
الأحكام تصير، إلى الآن أعاني منها في حياتي، ولا ألوم شخص، ولا أجبره على إنه يتقبلني، أو إنه يكون لطيف معي، لكن أيضا، لا أسمح لنفسي إني أتطاول على شخص، وأعرف حدودي، ولا أسمح لأي شخص يتطاول عليَّ ويتدخل فيما لا يعنيه.
وضعي في عمان ما سهل، ولولا عطف هائل وحقيقي من جلالة السلطان فعلا كان طريقي للحياة في عمان هو الجنون، أو ربما حياة من الغضب، وربما نهايتها مأساوية، ولدي ما يكفي من الخصوم لكي يتمنوا لي هذه الحياة.
وضعي أبدا ما سهل، تقاريري الطبية منشورة على الملأ، حالتي كانت مشاعا لسنوات وسنوات، وفوق ذلك كنت بارعا في تدمير نفسي، اخترت الكراهية، وعلقت فيها، ودفعت ثمن خياري. وأعرف إنه هناك نفوس مسكونة بالضغينة تجاهي، بعضها تكرهني لأنني أذيتها يوما ما، وبعضها تكرهني لأنها تحب أن تكره، ضمن تجليات الظاهرة البشرية الطبيعية. بس وضعي ما سهل، ولا حياتي سهلة.
تخيل إنك تعيش في هذه الحياة هذا التناقض، من جهة كاتب، وشاعر، وقارئ، ورابر، وموهوب، وكاتب بمعنى الكلمة غزير الإنتاج، وعقل يحلل بلا توقف، وشخص يتدرب على حياة ذهنية منتجة ومفيدة لأهله ولنفسه وللناس، وفي الوقت نفسه، مدمن سابق، وناشط سياسي غاضب، وكاتب خارج الحدود، وشخص تحدى بضعفه كل السلطات القوية، كل حد يشوفه من زاوية تختلف جذريا عن شخص آخر. حياة حقا ما سهلة.
لكنني صمدت، وأدركت أن هذه هي الفرصة الأخيرة لي، هذه هي الفرصة الوحيدة، وهذه هي الفرصة الأجمل. حياة اجتماعية، فقط! هذا ما يحدث بسهولة، وأيضا من جانبي، اضطررت لخوض مراحلة مركبة من النضج، والفهم، والتجاوز، والخوف، والحذر، والسيطرة على الغضب، ونسيان شيء اسمه [سياسة] من حياتي. لماذا لا أمدح الحكومة ولا أقدحها؟ لأنه ذلك موقف سياسي ما، أشكر الإنسان الحقيقي السلطان هيثم بن طارق، واشكر ابنه البار وولي عهده صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم، أشكرهما إنسانيا، شكرا من القلب، شكر محبة، وتقدير، ووفاء لعطفٍ حقيقي.
تسألني هل أنا مؤيد للدولة في شيء؟ كلا، الحكومة ليست بحاجة لي ولا تطلب مني ذلك، تسألني هل أنا معارض للدولة في شيء، أقول لك: كلا. الجانب السيادي للدولة بعيد كل البعض عن تناوله بحرف.
لدي وجهات نظر تجاه الحكومة؟ وقطاعها الذي يمس حياتي كفرد، وحياة الناس كمجتمع، نعم، لدي كلام طويل عريض لا نهاية له، حالي حال أي شخص آخر في عمان، معي قانون يحكم كلامي، وأكتب في مظلة هذا القانون، وهذه المظلة متفق معها، ولا ما متفق معها مهمتي أتأقلم معها فهذه هي الحياة، ألم أعد لعمان برغبتي؟ من السخافة جدا أن أعود عشان مجددا أعيد نفس الدوامة.
لا يفهم البعض صعوبة الدفاع عن حياة ممكن أي شخص يعيد مشاعيتها السابقة، لما كان اليوم اللي أي إنسان فيه ممكن يعتدي على مساحتي، أو على وضعي، أو شأني، كانت أيام بشعة، وتعلمت إني أعيد النظر في كل اختياراتي، وأن أحمي نفسي كما تحمي نفسك أنت عزيزي القارئ، أحمي نفسي من الاشتباك في معارك عبثية البعض يروق له أن يرى إنسان يمر بآتونها الحارق.
لم أستطع النوم، فقط تخيلت أنَّ كابوس المشاعية الاجتماعية يعود مجددا، ولم أستطع الهدوء. ثم فكرت في شيء:
- ماذا لو كان هناك شيء لم أقله بعد؟ شيء يحسم كل التساؤلات، شيء يغلق الأبواب نهائيا، ويردم الماضي في سردٍ متكامل. أظن أنني فعلت ذلك، الشعور الهائل بالراحة الذي أشعر به الآن يفتح لي بابا من أبواب الفهم، حول الملفات المعلقة التي تغلق الماضي نهائيا.
لا أحد يستطيع أبدا الآن أن يجد سؤال بيدي إجابته وأكتمها، من كل الأطراف، وبعدني أدور في عقلي عن أي قطعة ناقصة ولا أجد. تسييس حياة إنسان هو باختصار تدمير لها، وإن كان هذا الإنسان يريد تسييس حياته فليتحمل ثمن قراراته، لكن أن يسيّس نيابة عنه! هُنا تبدأ مواجهات عشت فيها سنوات كافية لأعرف أن دمار حياتي الحالية، وانهيار كل هذا السلام الذي أعيشه، وتحطيم كل هذا الجهد الهائل الذي قمت به يحدث في لمح البصر، ثمة مئات إن لم يكن آلاف جاهزون في لمح البصر لانتهاك هذا الهدوء، بعضهم بلامبالاة، وبعضهم بكراهية، وبعضهم بغباء، وبعضهم ربما بأمنيات أن أختار طرفا سياسيا وأتورط بهذه الصراعات مجددا. لا يعني لا. هذا حقي.
أشعر بهدوء تام، وبراحة هائلة، وأقول ليت أكاديمية التنس كانت تفتح طوال الليل، بضع [كبسات] على طاولة عيسى العامري سوف تفرغ مشاعري المليئة بالتوتر والانفعال!
يا إلهي! حياتي السابقة كانت فعلا كابوس حقيقي لا أتمناه إلا لألد أعدائي .. كف الله شر الغرباء عني، وكفَّ الله عني أن أظلم الآخرين.
وبس
وشيء من الصعب شرحه لأي إنسان. أنا لست نادما على تجربتي السياسية. أنا نادم على أخطائها. ولست نادماً على نبذي التام للسياسة وخروجها التام من حياتي. هذا اختياري، الذي وصلت له بعد تفكير سحقني من فرط صعوبته.
لقد حطمت قواربي وسفني، كنت ذكيا في تحطيم فرصي في عُمان. لم أحسب أي حساب أنني سأعود يوما ما! لم أتوقع ذلك، لم أتوقع أن الحياة سوف تصنع لي فرصة، كل هذا كان خارج توقعاتي.
هل تتخيل أن يهرسك قطار كل يوم مرتين؟ هذا هو كان التفكير في قرار العودة. قرار العودة كان شيئا، القرار الأكبر، أن أترك النشاط السياسي كاملا! طيب كيف؟ هُنا كان السؤال الصعب. القرار الثاني، العودة لعُمان؟ بعد ماذا؟ بعد ماذا؟ قل لي بعد ماذا؟ لقد أثرت كراهية الجميع بما يكفي! وماذا أفعل؟ أعود لعمان!
تخيل معي، السلطان قابوس رحمة الله عليه، والدي، والدتي، كل شخص ممكن تناله الكراهية، تقريبا معظم وزراء عُمان، وحتى أفراد من العائلة الحاكمة، ضباط في جهاز الأمن، ضباط في المكتب، وأشخاص بعينهم، ووزير الإعلام، ومن بعد؟ قصف عشوائي مجنون بمعنى الكلمة، هجوم شخصي، لم يخل من الذهان والهذيان، لم يخل من قليل من الحق وكثير من الباطل، تحطيم تام لفرصي في الحياة في عُمان! هذا كان المشهد الداخلي الذي يجهله الأغبياء والحمقى الذين يحاولون الآن إحياء واستعادة مشاعية وضع معاوية السياسي!
الدولة لم تحسن معاملتي، الدولة قامت [بإجراء] هذه قيمة معاوية في دولة متكاملة الأركان مثل عُمان. وقد يظن جحش جاهل أن جملة [الدولة لم تحسن معاملتي] تعني إساءة لها. كلا! معاوية ملف بسيط جدا أمام دولة ذات رؤية سياسية مختلفة جدا، تميل للسلام وللاحتواء، لسنا دولة إعدامات، والعفو!! يا رجل! تتكلم عن العفو عن معاوية الذي تفوه بحماقات! العفو شمل من رفع السلاح، وشمل من اتهم بأصعب التهم، ومع ذلك تسير عُمان بمنهجها الدائم، العفو ليس شيئا جديدا، لذلك من الغباء أن يعامله البعض وكأنه فتح مبين كبير على عُمان، هذا شيء اعتيادي طبيعي متعارف عليه في عُمان.
غير المتعارف عليه إنك تتلقى عفو وتكون بغام. هذا هو غير المتعارف عليه، ولذلك كانت مهمتي غير سهلة أبدا! العفو، إجراء، يصدر، يمر بمراحل متعددة وبكل صراحة لا أستطيع أن أقول أنني أفهمها، أطراف الإجراء تصل للعائلة، وأطراف أخرى تصل للسفارة، والكلام النهائي يصل لي. قراري لم يكن العودة فقط.
قرار نهاية حياتي السياسية، وبالتالي لا إدانة لي لطرف، ولا هجوم لي لطرف، لست أداة في يد الخارج ضد الداخل، ولا في يد الداخل ضد الخارج. قرار حياة اجتماعية! ويا إلهي! تخيل أن تكون معاوية في هذا المجتمع الصعب الذي ينسفك من أول خطأ، والأمر الأشد، دولة قليلة السكان! يا عيني!
أول عامين لي في عمان كانت جحيم اجتماعي حقيقي، الدولة لا تريد مني أي شيء، وفعلا صلتي مقطوعة بأجهزة الدولة تماما، وحقا أعيش حياة اجتماعية لكن تعال خبر المجتمع ذلك، تعال قول لكم واحد متحيز ضدي هذا الكلام، وضاعت فرص، وخسرت ناس، وضاعت أرزاق كانت قادمة لي وتحملت، لأن الدولة قامت بواجبها، ووفت بعهدها، هل ستذهب وتقول للناس: خلاص حبّوه! لدي من يكرهني، وهذه خياراتي وأتحمل عواقبها.
بعدين خلاص، تيقن الجميع أن معاوية ملف سياسي انتهى، وانتهى القلق والتوتر، وخلاص مضت حياتي على ما يرام. وواصلت التحمل، والصبر، وتعرضت للتطاول، وتعرضت للشتم، وتعرضت لما تعرضت له من تنكيل لغوي، ماذا فعلت؟ مليون مرة أقرر أرفع قضايا، ثم مليون مرة أقول: دع الله يعوضك، دع الله يكف شرهم!
وانتهت حكاية معاوية العلنية، وتجربته السياسية، تدخل حسابه اليوم تحصل واحد مزاجه رايق، يكتب عن المحاضرات، ويتكلم عن الدراجات، وفي نص المعمعة السياسية يسوي فيديو عن مصر عبد الملك الدغيشي، أو يسوي فيديو زعلان لأنه إسحاق الأغبري ما رد على اتصاله، أو يطفر بصديق له، تحسه ما في الدنيا. أكتب مرات مقالات جيدة، ومرات أجلس أسولف عن مواضيع عادية. والتجربة تنمو، والتجاوز ينمو، والهدوء يكون سيد الموقف.
وأدرس، وأُكلَّف بواجب عام، وأسوي بزنس بائس كل يوم يندحق من صوب، وأحاول، حالي حال غيري، وأبذل جهدي، وبدأت أحترم نفسي، ومكاني في خارطة الكتابة في عمان. وصرت طالب علم نفس، ووقعت في عشق هذا المجال، وعدت إلى صفة "ناشط" ولكن هذه المرة في مجال الصحة النفسية، وحقوق المرضى النفسيين، وآلة توعية في هذا المجال.
وعشت حياة المشاهير فترة قبل لا أطفش منها، حياة كلها شغل في شغل في شغل وانشغال لا يتوقف، وعدت لحياة أخرى هادئة، في عالم التدوين الرحب الخالي من [الستوريات] طوال اليوم. حياة بلا زيارات، وبلا ملاحقة للجماهير، حياة إرسال لمنتج ذهني مرئي أو مكتوب، حياة أتقنها، وأجيدها.
هل أنا ناشط؟: نعم ما زلت ناشطا، وقضيتي هي حقوق الدراجين، وحقوق المرضى النفسيين، وموضوع الصحة النفسية.
مشكلتي في عمان هي مشكلة اجتماعية، لأنني ملف كان مباحا ومنتهكا، ولأسباب كثيرة كانت مني، أوقفت هذا الانتهاك بصعوبة بالغة، لذلك هل يفهم أي إنسان إلى أي مدى ممكن أذهب للدفاع عن هذه الحياة؟ إلى أبعد مدى ممكن.
ربما أنت تعيش الحياة الطبيعية وتضيق ذرعا بها، وبمللها. أنا عمري في الحياة الطبيعية أربع سنوات، توني بادي، توني أتهجأ الخطوات الأولى، مررت بصدمات صعبة الوصف، ومررت بظروف ما تتخيل صعوبتها،، وانتكست نفسيا عدة مرات، وعشت ظروف الحياة العادية بكل صعوبتها، هل تغير معاوية الذي يكتب؟ كلا، يكتب عن التنس، ويعيش هذه "العاديَّة" المفرطة في الهدوء. لأن هذا اختياري وقراري.
حياتي قد تكون صعبة، لكنني أختارها، وأدافع عنها، لا تخلو من الجمال في تفاصيل كثيرة، هذا الجمال لا يعني أحدا، وقبحي لا يعني أحدا، ومن يقترب منه سيلقى كائنا جاهزا للشر. مئات المرات أقول، أنا لست إنسانا طيبا، ولست ساذجا، ولا تغرك "هبالتي" التي هي من وسائل التأقلم النفسية التي يمارسها من مروا بصدمات سابقة.
لو كنت تقرأ هذا الكلام، فكِّر ألف مرة قبل أن تقترب من حياة إنسان، بناها بشق الأنفس، لا تستغرب من ردة الفعل، ولا من تمسكه بها. هذا حقه، فلا تستغرب من حفظه لحقه.
لما يكون شيء شخص مطبل، ومتملق وبغام ويسيء لمقام الدولة من حيث لا يدري هذي مصيبة! فإن كان يدري فهذا خبث، وإن كان لا يدري فهذه بغومية.
تأطير العفو عن اللاجئين وكأنه هذا شيء رفع مقام عمان، أو عمل شيء جديد يختلف عن نهجها، ويصدر ذلك من مطبل! هذا غباء حقيقي، وهذا التطبيل الغبي، لأنك كذاك تسيء إلى مقام الدولة، وتبين إنها دولة هشَّه ورفع مقامها العفو عن أبنائها اللي ملفهم القانوني يغلق بإجراء دستوري. العفو هذا ما بيان سياسي، هذا إجراء، واللي يريد العفو هو يطلبه، لا توجد طاولة مفاوضات في المسألة، والجاهل في السياسة ما يلام، بس كيف تطبل وأنت جهلك يعكس رسائل سيئة عن الدولة! فعلا شيء غبي!
عمان احتوت واستوعبت من رفع ضدها سلاح، واحتوت أزمات في بداية حكم السلطان قابوس رحمه الله، هذا لا جديد، ولا شيء فجأة نخليه حدث نتداوله ضد لاجئين آخرين وكأنَّه هذا شيء جديد، هذا حقا فيه إساءة للحقيقة قبل لا يكون إساءة للدولة ولعمان.
في العهد الحديث ما متداول جدا في الساحة المحلية موضوع ماذا يفعل لاجئ عاد لعُمان، والأمر مجددا عبارة عن إجراء واضح:
- قبل العفو: حياته السياسية معلنة، ترد عليه رد سياسي أو اجتماعي هذا شأنك، عائلته ما معه في النشاط السياسي عشان تستخدمها ورقة، أو حتى تذكرهم بحرف، حقوقها محمية بقانون عُمان، باغي تسوي نفسك مجادل سياسي، احترم حقوق الناس اجتماعيا وبالعربي "لا تكون قليل أدب" بعد العفو خلاص انغلق الملف السياسي، يعني تجي ترد على جرائم نشر، وجرائم معارضة وجرائم سياسية بعد ما تغلق من عفو من السلطان؟ أنته بعقلك ما تعرف أي صورة غبية تعكسها؟ والله يعينك على ردة أجهزة الدولة اللي تعرف هذا الشيء زين وتعرف إنه صون العفو السامي مهمتها وواجبها.
- بعد العفو: حياة اللاجئ العائد هي حياة اجتماعية بحتة. يعني حياة خاصة، تشهّر بها، ترجعها للساحة السياسية، تحاول تستخدمها ضد لاجئين آخرين، أنت جالس تسوي مصيبة وتصنع ضرر هائل لناس اختارت ترك النشاط السياسي، وعايشة في حالها. تجي تسيّس واقعهم أو حالهم، أو حتى تقول كلمة تنطبق عليهم، هذا اعتداء سافر، وما تفعله ضرر عليهم، وعلى عوائلهم، وباختصار أنت جالس تدفع بهم للعودة للنشاط السياسي للدفاع عن أنفسهم، واضطرار للتوضيح الاجتماعي، وسويت سالفة ما يلها آخر بس لأنك ما فاهم هذي التعقيدات.
عزيزي المطبل: التطبيل حق من حقوق حرية التعبير، ما حد من حقه يقول لك لا تطبل، بس عاد لا تستوي مطبل، ومتملق، وبغام، وتجيب العيد في شؤون سياسية، وأنت تظن إنه "من حقك" لا ما من حقك، شيء قانون، وأدبيات، وتعقيدات ما بتجي انته في تغريدة أو فيديو قصير وتحكم أبعادها.
العفو هدية من أب إلى أبنائه، طُلب منه العفو ولم يأت ابتداء منه، وسياسة الباب المفتوح والتسامح هي جزء من ارتسام السلطان هيثم لسياسة المرحوم السلطان قابوس، في الواقع اللغوي شكلها مختلف، لكن في الواقع السياسي هي منظومة إجراءات معقدة تتولاها أجهزة متداخلة، صح أنت كمطبل تضطر تؤطر الأشياء انفعاليا، وعاطفيا، وسطحيا، بس الحقيقة الموضوعية تختلف.
هذا جانب، الجانب الثاني، أتمنى حقا من أجهزة الدولة الانتباه إلى من يتشبكون مع لاجئين خارج عُمان، هم اختاروا خيارات، واختاروا الهجوم والرد متوقع، والذين داخل عُمان اختاروا الدخول في خطابات سياسية مضادة وهذا حقهم (اتفقنا معه أو لا) بس في وسط المعمعة ناس أبرياء نفذوا عهودهم، ولا أعرف كيف ستتصرف أجهزة الدولة مع هؤلاء الهواة الذين يتدخلون فيما لا يعنيهم، بس أتمنى على الأقل يكون هناك انتباه قبل أن يتعرض لاجئ سابق للتسييس والسكوت عن ذلك يعكس صورة سيئة جدا لأي شخص يريد العودة لعمان، ويعطيه انطباع واضح إنه حتى بعد عودته هو ليس آمنا من غوائل التسييس، وطبعا هذا بلا شك ليس من تصرفات النظام الرسمي، هذي تصرفات خارج السياق من أفراد، وكل إنسان جريمته السابقة سقط عنها الحق العام، وحياته الحالية الخاصة محمية بالنظام الأساسي لديه حقوق حاله حال أي مواطن، حاله حال أي سجين سابق رد اعتباره، حاله حال أي إنسان يشمله إجراء رسمي.
المطبل البغام، اللي يحشر نفسه في هذي الدعايات يظن إنه الموضوع لعبة، لكنه يفتح أبواب ضرر هائلة، وأنا شخصيا كأحد العائدين من اللجوء لا أسمح مطلقا بانتهاك حقوقي. لذلك، آخر يومين بذلت كل جهدي للتوضيح والتوعية بهذا الجانب، وقدمت بيانات واضحة تحدد موقفي.
موقفي السياسي من السياسة هو : أنا خارج معمعة السياسة، موقف حازم وصارم وواضح وأرفض أن يحاول أي شخص استدراجي لصراعات دعائية لا مع، ولا ضد، أي طرف سياسي.
ما أتمنى تجبرني الظروف مجددا أو انتهاك مساحتي الشخصية وحياتي في عمان بعد العفو على إصدار فيديو مثل هذا، لأنه ضغط على أعصابي كثيرا.
لقد جئت من ظاهرة اجتماعية سابقة، وأعي ما أتحدث عنه، وعشت فيه تجربة كافية لأعرف الخطر عندما يبرز رأسه من الأنفاق القديمة.
أتمنى هذا المقال، وهذا الفيديو يقدم بعض التوضيحات، والنقاط على الحروف لأي مطبل جاهل يظن إنه يرفع مقام عُمان وهو يسيء لمقامها باعتبار إجراء عادي جدا على عُمان شيئا جللاً. العفو السامي هو عطفٌ إنساني، شيء اسمه "رحمة" بحال إنسان مكروب وانسدت في وجهه السبل.
باغي تكون شامت، وتتقاذر على حياته، خلي عائلته بعيد ما من حقك تقحمها في كلامك ومواجهتك له.
باغي تكون وطني: الوطن أكبر من أن تصغر منه أمام شخص واحد.
باغي تكون باحث عن الخير الاجتماعي: خليك ناصح، وانقد، وحلل، ولا ترد على الجريمة بجريمة.
باغي تكون بغام: اخلط الملفات، واكتشف إنك جحش بعد ما تشوف حقل الألغام اللي أنت دخلت فيه.
باغي تكون قذر: تعمَّد أن تقحم اللاجئين العائدين في صدام مع اللاجئين الذين لم يعودوا، هذي أمّ الجرائم الاجتماعية، واعتداء سياسي يستحق أن يلفت انتباه أجهزة الدولة إلى نشوئه، ولو تحول إلى ظاهرة اجتماعية النص القانوني يضع المسؤولية في أجهزة الدولة للتصدي لذلك.
هذا ما كلامي، هذا كلام قانون عمان، وهذا كله من وقائع تاريخية، والله ما يقدر على جسامة المقام السياسي أحسن له يعترف إنه جحش ويخلي هذا الخطاب لناس آخرين فاهمة جيدا كيف تزن الكلمة السياسية، وكيف تطلقها، ومتى تشد، ومتى ترخي، وشيء نماذج عديدة جيدة متقنة لهذا الدور، لو ما قدرت تتعلم منها، لا تخترع من راسك خطاب ملتبس يخلط الحابل بالنابل، ويسبب ضرر، ويفتح أبواب لظواهر اجتماعية بعضها انتهى.
لو كنت مطبل جحش لا تفتح مندوس باندورا وأنت ما عارف كل العفاريت اللي داخل هذاك المندوس!
لا أريد ذكر النماذج التي تتولى الخطاب السياسي الداخلي الموجه للخارج، لا أريد الاتفاق معها، ولا أريد الاختلاف معها، معي مساحة واضحة أساسها "بينهما برزخ لا يبغيان" لكنني من باب التوعية الاجتماعية لأي بغام في عالم السياسة خليني أخبرك الخصال الموضوعية الجيدة التي تشمل خطابهم:
1- الرد على الشتيمة بالتسامي: الذي يشتم، يرد عليه بكلمة "أنت تقل أدبك" وتراعى أخلاق عُمان في ذلك، وإلا لو رددنا على قذارة القذر أدخلنا خطابا سياسيا في الوحل مع الخنازير.
2- التحليل الموضوعي: الهجوم السياسي على عُمان هجوم لا يخلو من موضوع، ولذلك تفكيك ذلك الموضوع، وبيان أبعاده، مهمة تصنع وعي سياسي في المجتمع وتكشف له أركان الاستهداف الخارجي.
3- بيان الموقف: لا يخلو الرد السياسي من صفة رسمية، وأحيانا من صفة وطنية، ويحق للمتحمس في محبة وطنه أن يفعل ذلك، لكنه لا يفعل ذلك لأنه [هو يريد ذلك] ولأن لديه [موقفه الشخصي الخاص] وهذا وقع أنا شخصيا وقعت فيه أيام انهماكي في معمعة هذا الخطاب، الموقف قادم من منظومة رسمية لها تاريخ وأعراف، لذلك هذا ما [اندفاعك] الخاص، هذا اتساق وانسجام وتناغم مع موقف سياسي رسمي، فلو كنت شخص تسوي هذا باندفاع خاص منك، تعلم على الأقل إنك ما تقحم مشاعرك الشخصية في خطاب سياسي به اسم عُمان، واسم عُمان كبير، وثمين، وغالي على قلوبنا ولا يلطخ بالوحل.
4- احترام الحدود: يقف الكلام حيث يجب أن يقف الكلام، بلغة سياسية رصينة، لا اعتداء على زوجة حاكم، لا اعتداء على أبرياء في وطن آخر ولا يشمل الرد من لم يهاجم، ولا تختلط الأوراق. ثمة نماذج تتعلم منها لو بغيت تدخل هذا المجال [كخيار شخصي منك] بس أيضا، لا تدخل وأنت بغام، لأنه ساحة السياسة ما مكان للبغمان، مكان خطر، وفيه سجون، وفيه أخطاء، وفي ديناميكية وحركة دائمة لا تتوقف، وتغيير في المواقف، وشد، وجذب، وسلام، وحرب، وعالم متغير، باغي تغرد ولا تسوي فيديو تسعين ثانية تعلم إحكام كل كلمة تنطقها، في عالم السياسة ما شيء حاجة اسمها "كلام عفوي" العفوية هذي ادخرها حال جلسات الشيشة ما حال خطاب سياسي.
5- الهدف هو ردع الخطاب، وليس تحطيم الشخص الذي قاله: ياما أشخاص في سياق ما يقولون كلاما سيئا عن عُمان، بعضهم قليل أدب، ويرد عليه برد يؤنبه، ويقرعه، ويستخدم معه كافة أشكال الصرامة، ولكن ليس بالخوض في الوحل مثله، والبعض قد يكون جحش من دولة أخرى ما يعرف عمان جيدا، وهذا يردع خطابه، ويوضح له مكامن الخطأ فيه، وهذه عملية نقدية فكرية، نعم هي ذات طابع سياسي، لكن أساسها مرتكزات نقدية ما أي شخص يجي ويقحم نفسه فيها.
6- الاندفاع في الخطاب السياسي له آلاف الأسباب، وخذها من هذا الذي خاض التجربة، أكبر خطأ إنك تستجيب لشر بداخلك، ورغبة في الإيذاء، واندفاع عدواني، وشراسة فيك وتظن إنك بتنفع فيها عمان، أو بتدافع عن عمان بهذي الطريقة، السياسة لها ناسها، ولهم لغة تختلف عن لغتك الانفعالية، وحتى لو كان الانفعال [لغويا] ظاهر، أو بادٍ عليهم، أنت جحش لو ظننت إنه غير موزون، لو شعرت إنه هدفك من هذه المعمعة [إيجو] أو ظهور، أو زيارات، أو بس باغي تزوع وما محصل موضوع غير خطاب الرد أو الردع لخطاب وارد وقادم من الخارج أحسن لك تطلع يا جحش، لأنك ما تعرف أنت على وعد مع أي مأزق لاحقا لما تكتشف إنك أطلقت عنان الكراهية، وستجد المحبة صعبة جدا عليك، وربما تحتاج لمعجزة عشان تطلعك من الكراهية، والغضب. الدفاع عن الوطن شرف، وبسالة، ونبل، وعُمان تستاهل نموت من أجلها، بس لما تكون ملوث داخليا، وتدفعك الكراهية للشر، لا تجعل عُمان شماعة لتلوثك الداخلي، وبالمناسبة هذا الكلام أقوله لنفسي قبل لا أقوله لك، لأنني أتكلم عن تجربة في هذه اللوثة، لا أنا ولا أنت أقوى من الكراهية إن استبدت بالقلب، يطيش ميزان اللغة، وتطيش أنت معه، وبصراحة ما أعرف ليش أصلا متعاطف مع جحش مثلك، لكن على الأقل أقول: تجربة لا أتمناها لشخص بغام!
7- تذكر إنك هاوي في هذا المجال، شيء ناس يقومون بهذا الدور في العلن، وفي الخفاء، لو تحب تدخل هذا الخطاب عشان تتدرب، وتتمرس، وتصنع وعي ومدارك أوسع لنفسك هذا شأنك، وربما يكون حقك ما متأكد، بس لا ترفع نفسك لمقام المتحدث الرسمي للدولة، ولا المتحدث الرسمي للمجتمع، واحذر كل الحذر أن تقحم عوائل الآخرين، واحذر كل الحذر أن تسيء لعُمان وتظهرها كدولة تسمح لتصرف لا أخلاقي أن يصدر من فرد من أفرادها، القانون يمنع ذلك، لذلك، تذكر، إنك هاوي، ما شغلك، فلا تجعل الموضوع احتراف يا رونالدو السياسي، هذا عالم يدرسه البعض عشر سنوات، ويشتغل فيه عشرين سنة وبعده يغلط، عاد انته يا رونالدو الريلات، أو ميسي التغريدات، اهجع شوية، وتذكر: عمان ما تحتاج لك، اصلا انطلاقك وشعورك إنه عمان تحتاج لك هذا يسيء لعمان، تذكر السياق، والإطار الكبير، وتذكر أن تعطي نفسك صفة "فرد" عشان ما تكون جحش يظن إنه يفعل خير وهو يجيب العيد. تمام يا رونالدو السياسة المخضرم الهمام؟
8- انتقاء الوقت الملائم: هذي صنعة صعبة جدا جدا، لأنها لا تدار بشكل فردي، لذلك لما تقحم في وقت ما، وما عارف ظروف السياق السياسي العام، هذه الجحشنة تضر ولا تفيد، وتعكس وتلخبط أوراق اجتماعية كثيرة، عشان كذاك، تذكر إنك ابن مجتمع، التزم بأعراف المجتمع والعقد الاجتماعي المتعارف عليه، هذا ما عشان السياسة، هذا عشانك يا غبي، السياسة ما ملعب بغمان.
لو كنت متطوع وتريد تجنب "الجحشنة السياسية" شوف لك أي شخص تنطبق عليه كل هذا الصفات بلا استثناء لواحدة منها، هنا وجدت خطاب تتعلم منه، وفي النهاية لما أكتب لك يا مطبل يا جحش هذي النصائح ما عشان أشجعك، بس عشان أقول لك إني خضت تجربة طويلة قبلك، وهذي خلاصات خرجت منها بعد فوات الأوان، ومع إني أتمنى تطيح على راسك وتتعلم بالطريقة الصعبة، لكن في الوقت نفسه في قلبي جانب من المحبة والتعاطف لك ولكل شخص بغام يستحق الرحمة. لا تخجل أن تتلمذ على يد أريب يفهم لغة الخطاب السياسي، وبعدها عاد انطلق فيما تشاء، لا أؤيدك، ولا أمنعك، بس أقول لك: لا تستوي جحش. السياسة ما فيها مجال للجحوش. هذي عالم كله ضباع وقليل فيه الأسود. صوب نيتك للخير العام، ولو وجدت لوثة كراهية، ولو قطرة في قلبك، اخرج فورا من عالم السياسة لأنه الله سبحانه وتعالى يعرف النيات، ومهما كان عملك متقن، تلك النية الفاسدة سوف تجلب لك عقوبات ربانية شديدة. صوّب النية تجد رحمة الله، وافسد النية تجد غضب الله، وهذي قناعاتي الدينية ما أفرضها عليك، بس لو كنت تؤمن بالله، تذكر: الظلم ظلمات.
أظن يسدك نصائح، أتمنى لك وقت تعليمي ممتع في تجربة الخطاب السياسي، وياخي وأنا أكتب هذا الكلام، شيء كائن سياسي سابق جالس يحن لأيام كان يفعل فيها صواب وكان يشعر بنبل دوره، وفي الوقت نفسه شيء كائن سياسي يتذكر أخطاءه. بس في كل الأحوال القرار قرار، تذكر إنه هذا الكلام جاي من شخص ترك السياسة وعاد حب يعطي خلاصات لأي جحش ما عارف العالم المكهرب الذي يتحرك فيه.
انتهت هذي المحاضرة التوعوية، أتمنى التوفيق لك وألا تدخل هذا العالم بصفة جحش. ولو كنت شخص خبيث النية، أسأل الله لك ورطة تفوق ورطتي عندما فسدت نيتي.
https://www.youtube.com/live/57GY-BoJXSA