قمتُ مفزوعاً
كأن سيارة مطافئ ستدهسني في سريري إن لم أغادره فورا. بروحٍ شبه مُكَذِّبَةٍ فتحت
باب المنزل ومددت يدي للخارج لأصافح الطقس بنهايات أناملي. لم ترتعد يدي، ولم يشق
البرد بسكاكينه الملهوفة أصابعي. وقع في قلبي أن الشتاءَ رحلَ.
هيأت نفسي أقلّ
مما فعلت بالأمس. تخليت عن طبقة كاملة من البلاستيك المضاد للمطر، وضعت الخوذة
الصوفية على رأسي. أحكمت وضعَ كمامة الوجه التي تحمي منطقة جلدية هشّة من الهواء
الذي لا يتوقف عن صفع وجهك.
أنهيت رحلةً
طويلةً في المنتزه القريب، المليء بكل أنواع المنحنيات التي أرهقت عضلاتي صعودا.
لم أشعر بالهزيمة، ولم أعد للمنزل مرهقا، ما زال في هذا الجسد ما يذهب إلى مئات
الكيلومترات في موسمٍ طرقاتٍ طويل. إنه ذعرٌ طفيف، نمو عادةٍ انقطعت عنها مؤقتا.
هذه المرة، لا هزائم، وإنما شعور طفيف بالانتماء، وبالتصالح مع الهواء البارد الذي
تخفيه عن ذقنك بكمامةٍ صديقة. تأخرت هذه العودة، ولم تتوقف الدروب يوما ما.