بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 مايو 2022

الذين لا يريدون حلَّا

 

 

الحياة في تعريفِ البعض كفاحٌ مستمرٌ لإثباتِ أنَّهم على صواب. هذا الاعتبار الذاتيُّ أهمُّ من عيشِهم حياةً جيدة، وأعلى أولويةً من علاقاتِهم مع المحيط الذي يعيشونَه. في سبيلِ ذلك يغالون في تمييع الحقائق، وفي شنِّ الهجمات الشخصية، والاجتماعية. لم لا؟ فهم على صواب وبالتالي فإن الصوابيَّة تبرر الوسيلة. ما أصعبَ أن تتعاملَ مع الذين لا يريدون حلَّا، الذين يضعونَ أمامَك سلطتهم الصوابيَّة وكل ما عليك فعله هو أن تتقبلَ ذلك. هذا أو الصدام، بكل معانيه المؤلمة، وخلوَّه من العطف، وغيابِ العلاقات البشرية في دوَّامةِ الخصومةِ والصراع.

لكل مشكلة حل. بعضُ المشاكل حلولها العداوة. ماذا عساك أن تفعلَ مع الصديق الذي صداقته أشد ضررا من عداوته؟ الحياة لا تسير وفق أمنية العيش في سلامٍ وتصالح. ماذا عساك أن تفعلَ مع المدير الظالم، الذي ملأ محيط العمل بالوشايات، المقصِّر في عملِه، والجاهل في تطوير أي إنسان؟ قد يكون الحل الوحيد هو استقالتك وبحثك عن وظيفة جديدة، أو بحثك عن وظيفة جديدة ومن ثم الرحيل بسلام.

كذلك في عالمِ الأفكارِ، البعض لا يريد حلَّا. أيضا الصوابية تبرر الوسيلة، فأنت على خطأ مسبقا. قد تكون إنسانا مرنا فتقول له: نتفق أن نختلف. يصابُ بربكةٍ عقليةٍ جسيمة! كيف يعني نتفق أن نختلف؟ لا يمكن أن نتفق على الاختلاف، ما دمتُ أراكَ مخطئا فهذا يعني الخصومة، أحدنا يجب أن يكون على صواب! ستشعر بالسخف وأنت تضيع وقتك وجهدك في محاورة إنسانٍ مستقطب، متشنج، الحقيقة لديه هي ما يؤمن به أكثر من كون ما يؤمن به هي الحقيقة.

عند غيابِ الرغبةِ في إيجاد الحلول لا يبقى سوى صراع الإرادات. وقد تكونُ إنساناً سلميا، تؤمن بحق الجميع في أن يكون له رأي، تعتبر أن التفاوضَ على حقوق الجميع هو الحل الأنفع لكل طرف. ثم تصدمك حقيقة الحياة، وطبائع البشر، وحيل النفوس، حتى هذا التفاوض ليس أكثر من عملية مستمرةٍ من التلاعب بمنطقيتك، كم مرة شعرت بالغباء وأنت تناقش زميلا في العمل كل همه أن يكيل التهم إلى مهاراتك، أو ليطلق سهامَه تجاه حماستك وطموحك؟

قليلٌ من الناس يعترفون بمشاكلهم، وبالتالي يبحثون عن الحلول لها. البعض يضع مشكلته، وتسلطه في الدفاع عنها كنقطةٍ أولى في التعامل معك، هُنا ماذا بيديك؟ أن تبحث عن حل؟ لن يكون حلا مشتركا، وليس لديك سوى بناء استراتيجية هجومية أو دفاعية، كل من يحميك من هؤلاء البشر، الذين أساس التعامل معهم: غياب الحل. فالحلول لديهم اعترافٌ بمن يختلف معهم، وبالتالي سحبهم إلى منطقةٍ من السلام لا يعرفون التعامل معه أو الحياة فيه.

 

 معاوية الرواحي