عزيزي المؤمن، لما تشوف شخص مشكك، ذاتيتك في الانتصار لغضبك ليست أهم من واجبك في السعي لهداية إنسان. لا تحاول إقناعي أن غضبك أما شخص ضعيف حائر متسائل هو الحل الوحيد!
وبالذات في مجتمع مثل عُمان، أنت الأغلبية!
لماذا ذاتيتك أهم من أن يهدي الله بك رجلا!
واحد ملحد [يقول عن نفسه ذلك]! خلاص! خرق الأرض وبلغ الجبال طولا! لا حول له ولا قوة، غارق في الشك ربما حد الذهان، أو حد عدائية اجتماعية جعلته متهورا! أو؟ أو؟ أو! المهم الإيمان أم عدائيتك؟ المهم سعيك لهدايته أم سعيك لإرضاء نفسك؟ المهم ماذا؟
يجب أن تسأل نفسك أيها المؤمن!
وعزيزي المؤمن! لا تقل لي أنك تسلم من النفس الأمارة بالسوء، وبالشر! لا تقل لي أنك تسلمُ من الذاتية، لا تقل لي أنَّ اعتباراتك الاجتماعية غائبة تماما عن كل ما تفعله من اعتبار المشكك مطية لأغراضك الدنيوية.
ملحد! بائس، خائف، حائر، يعيش في دولة مسلمة!
هذا تستقوي عليه!
يا رجل!
ونعم أعرف أن النقاش مع ملحد [قليل أدب] صعب، ولكن أين الهدف الكبير؟ أين هدف الدعوة النبيل؟ أين تحملك؟ أين صبرك؟ باغي الطريق السهل؟ روح فتَّن عليه مع أقرب شخص متشنج! وخلاص، مبروك لقد انتصرت اجتماعيا!
هل هذا ما أمرك الله به؟ أن تجادل بالتي هي أحسن؟
اعترف بذاتيتك على الأقل!
وأكتب وعيني تدمع الآن. ماذا لو كان إسحاق الأغبري الذي ذهبت معه للعمرة كان بهذه القسوة! ماذا لو كان سليمان الحسني الصديق العزيز جدا جدا كان بهذا الرفض؟
ماذا لو كان الشأن الاجتماعي أهم من شأن الجدال بالتي هي أحسن، شأن الدعوة لله.
شأن التوحيد، النبيل، والمُنقذ؟ والمُنجي؟
وهل تفهم حيرة المتشكك؟ وتساؤله؟ وعذابه؟
هل تشعر بذلك؟ إن لم تكن تشعر بذلك فلماذا تتصدى له بالكراهية! هل أنت ضعيف؟ هل أنت أقلية؟ هل أنت في بلادٍ على وشك أن يذهب دينها للفناء!
ذاتيتك ليست أهم من التوحيد بالله، ليست أهم من الدعوة له!
فافهم يا عزيزي المؤمن
افهم!
وأين وصلنا؟أين وصلنا يا عزيزي المؤمن؟إلى الدعائية الفارغة؟ إلى الحجج الجاهزة؟ إلى ماذا يا عزيزي المؤمن؟
والله وأقسم بالله، عشت في هذه البلاد وأنا أصرخُ أصرخ أصرخ ألما!
من الذي نفعني في النهاية!
الذي كفّرني؟
أم الذي تحمَّلني وأكد لي أن طريق الله نجاة؟
افهم يا عزيزي المؤمن، افهم!
ولماذا لا تفهم، المشكك إنسان ضعيف، وأنت النهر الهادر. إنسان خائف، وحائر، لماذا جعلت من أسئلته عذابا؟
ستقول لي: يشكك الآخرين في الله!
هل هذا من قوته؟ أم من ضعفك في الإقناع؟
هل هذا من تدبيره أم من تقصيرك؟
إن كنت جعلت من السؤال رعبا!
فأنت المخطئ أيها المؤمن! أنت المخطئ!
وافعل ما تشاء، واجلب من النصوص ما تشاء، أردت أن تقنع بها نفسك فافعل ما تشاء، هُناك سياق حازم لازم جازم قاطع واضح بيّن.
لستَ في عصر بداية الدعوة، لست في عصر بداية النبوَّة، الغلبة لك، فلا تدع ضعفا غير موجود.
ولا تصنع شبحا، لتبرر ذاتيتك!
والصبر على الحائرين واجبٌ عليك، والنصح بالمعروف واجب عليك، والجدال بالتي هي أحسن واجب عليك، هل تريد أن تنفّر؟ لماذا؟ لأن نفسك تقول لك ذلك؟ لأن هذا الطريق السهل؟ لأنك تريد صناعة الخوف؟
هذا ليس شأن فكر، هذا سلوك مجتمعي، وأنت تعلم ذلك، فقم بواجبك أيها المؤمن. قم بواجبك أولا!
الدين أكبر من فرد. أكبر من وزارة الأوقاف، أكبر من المساجد، أكبر من سماحة الشيخ المفتي، أكبرُ من الشيخ الصوافي. الدين أكبر من فردٍ واحد، أكبر منك، ومني، ومن المشكك والمتقين، أكبرُ من المتلزم وغير الملتزم. دين الله أكبر من كل هؤلاء. الدين دين الله، لا دين الناس.
وازدرني كما تشاء. قل ما تشاء عني، ملحد سابق، مدمن مخدرات، مريض نفسيا، كُل ما تصفه صحيح. أعلم أن الله محبة، وأن الدين سلامٌ داخلي، وأنَّ السعي واجب، وأن الجدال بالتي هي أحسن أولوية. لك ما تشاء، من غضبك، ومن ضيقك، ومن نفورك، أما أن تجعل دين الله مطية لغضبك الذاتي!
أنت المخطئ!
ولك ما تشاء! تريد أن تجعل الدين مذهباً لك ذلك، فالطريق لله بعدد نفوس الخلائق. تريد أن تجعل الطريق لله مدرسةً فلك ذلك، فالطريق لله مدارس، أنت تخطئ عندما تضع التوحيد في طريق واحد، تخطئ عندما ترجّح مدرسيتك فوق سعة الحياة، وإنسانيتها، تخطئ عندما تجعل ذاتك أهم من الرسالة. تخطئ كثيرا!