أسوأ شيء في التعامل مع الحالات النفسية، الظن أنَّها ستحل فقط بمجموعة أدوية. وكأن عصا سحرية سوف تحول المرض إلى حالة طبيعية فيزول الاضطراب.
يجب أن يعترف كثيرون، أن المشكلة أحيانا أن المريض لا يعترف بمرضه، أو أنَّك أنت تتنصلُ من واجبك تجاهه. إذا عجزت فابتعد، أحسن من حضور مضر.
كل ما أتواصل مع أصدقائي الذين شُخصنا في وقت متقارب بأمراضٍ عقلية بعضها جسيم. هذا أخذ ست سنوات ليستقر، وآخر أخذ عشر سنوات، وبعضهم أخذ سنتين. الدماغ البشري يصنع روابط مادية وسلوكية، وتغيير ذلك لا يحتاج إلى صبر فحسب، يحتاج إلى وعي، وأمل كبير جدا جدا بالتحسن.
ودائما السؤال الكبير: سؤال الحياة؟ كيف يعيش؟
أتمنى من من المؤسسات التدريبية حل هذه المعضلة. المصابون بأمراض عقلية، يرسمون، يعزفون، يكتبون، ينحتون، ولديهم مهارات وقدرة على وضع ساعات هائلة في تطويرها. بدلا من أن تتمنى أن يُعالج ويصبح موظفا نمطيا، استثمر في إبداعه، فهو خلاصه ونجاته.
وكلمة مريض هذه لا يجب أن تستخدم بسهولة بالغة! وكأنها ختم نهاية مصير إنسان. المريض يضطرب، ويستقر، ويتعب، وينتج، ويعود لوضع يناسب قدراته. يعوضنا الله دائما بما لا ينتبه له العقلاء.
داون: النقاء والمحبة.
الوسواس: الدقة والإتقان.
ثنائي القطب: الكتابة والإبداع.
الفصام: الخيال والصبر.
ولا ينفصل ذلك عن ما هو أهم. هل يُعالج المصاب بمرض عقلي من أجل نفسه؟ ونوعيَّة حياتِه؟ ليحقق ذاته؟ أم فقط يُعالج ويُطمس من أجل الآخرين؟
بعض الأمراض عويصة جدا، ومرتبطة بالجريمة، والقتل، والاغتصاب، والأسلحة، أما شخص يصرخُ في المكتب، فلا تقارنه بشخص يطوف وفي جيبه سكين!
وإن كنت تعلم في نفسك أنك تعاني من مشكلة، أعانك الله. لا ألوم كل من يخفون مشاكلهم، ولا هؤلاء الذين يخافون الاعتراف بها، بعضهم لأسباب وظيفية، ومعظمهم لأسباب اجتماعية. العقلاء جعلوا الحياة شاقَّة على الجميع بسبب تفاهة المثاليات الرائجة، وسوء فهم العقل والنفس والذهن لأجل السلوك فقط.
والبشر سلوكيون، وأين المظلة التي ستحميك؟ المطلوب منك هو السلوك فقط. وماذا يحدث في سبيل ذلك؟ ظلمٌ شديد، في ظلم شديد، في ظلم شديد، في ظلم شديد.
فتاةٌ تدخل حالة انهيار عصبي، فتمنع من الدراسة، موظف يصرخُ فجأة في جهة عمله لأنه يرى ضلالات بشرية ويسمع أصواتا، فيمنع من العمل.
حرام حرام!
وماذا يفعل الناس في مجتمعنا؟ يجدون قصة تعويضية؟ فلان مصاب بالسحر؟ فلان أصيب بالجان؟ لماذا؟ لأن هذا التفسير الخاطئ للدين، ومخلوقات الله من الطاقة [رأي شخصي] يسهل السلوك الاجتماعي، نعم هو أسهل، لماذا تهلك نفسك تبحث في الوثائقيات عن تفسير الفصام؟
خليها جن وعفاريت، أسهل لك يا عاقل!
والعاقل أحيانا قليل أدب، وحمار، وأناني. يتخذ هذه القرارات نيابةً عن المجانين فقط لظنه العلم بما هو أنفع لهم. المهم هو المجتمع، وكلام الناس، والمهم هو ظن الآخرين به، ماذا عن ذلك المربوط بالسلاسل في المنزل؟ أو المرمي في مستشفى المسرة منذ ست سنوات؟ لا يهم!
عاقل أناني ومنحط!
بعض الأمراض العقلية تحتاج لعلاج سلوكي مدته سنوات وسنوات، وحتى هذا لا يضمن حدوث الانتكاسات. والعاقل [يتنطط] ليس لديه سوى خرافات، أو تنصلات الأنانية: خلاص خذ دواك.
انظر لكلمة [مغيَّب حبوبه] الشائعة في المجتمع، وباء العقلاء، وتصوراتهم الغبية عن عالم الجنون! حمقى! وحمير!
وحتى هذا العاقل، إن أصيب بحالة هبوط ثلاثة أيام أطلق عليها صفة [اكتئاب] إن كنت تعلم ما هو الاكتئاب الحقيقة وعشته لعامٍ متواصل ستتأدب عن هذا الوصف. يظن العاقل أنَّه سليم عقليا، وهذه هي المشكلة، التناسب بين العقل والجنون نسبي. يعني ممكن تكون مستقر، لكنك أناني وقليل أدب وحمار!
وخليك عاقل، كما تحب وكما تشاء لكن افعل الشيء الصواب، ما لازم شغل البقر في التعامل مع المرضى عقليا، ما لازم تُعلن نفسك وصي عليه باستسهال بالغ، ما لازم تطمسه وتربطه بسلاسل وترميه في المصحات وتحرمه من أبسط شكل من الحياة الطبيعية لأنك حمار وأناني وجبان وهمك صورتك الاجتماعية فقط!
وعزيزي العاقل، عادي والله العظيم تعترف إنك حمار، وجاهل. التعامل مع المرض العقلي صعب ويحتاج لموارد هائلة، ولفريق كامل يدرس كل حالة على حدة، أثبت العلم الحديث إنك لن تصاب بجلطة دماغية لو اعترفت إنه شيء ناس ثانيين أولى بعلاجه من نظرياتك عن الجن والحسد، أو بالربط والضرب بخيزران.
وليس للمفؤود سوى أن ينفث. أعترف لك عزيزي العاقل إني اليوم حاقد عليك، وأحقد أكثر مع كل خبر يصلني عن تدمير مستقبل إنسان، لأنك تافه وأناني، شخص يرسم مالك ومال مرضه؟ مهمته يرسم ويصمم، شخص يعزف مالك ومال وسواسه القهري؟ شخص يراجع لغويا؟ مالك ومال فصامه؟ خليك مهني وعطيه حقه يا تيس!
أمراض كثيرة لا تؤثر على مهارات صاحبها. هذي ما مهمة العاقل النحرير إنه يحددها، عادي أن تخور كأي بقرة جاهلة وتترك الأمر للتشريع، وللقانون، رأيك الشخصي العتيد مهم فقط في عالم الحمير التي تشبهك، في عالم حقوق المرضى عقليا، انهق في قطيع الحمير، جنبهم اعتبار رأيك حقائق دامغة، يا غبي!
ولما ننظر لحقيقة المجتمع الذي نعيش فيه، انظر لهم في الشوارع، انظر كيف ربيت أطفالك في التعامل مع المجانين يا عاقل يا منحط! انظر ماذا يحدث لهم في المصحات، لأنك عاقل وجبان وأناني وما قادر تربي نفسك من الأساس! انظر للرعب الذي سببته بسبب إنك دجاجة وخايف من كلام الناس، يا عظريط!
وخلي الباصر ينفعك يا عاقل، يا ملك العقول، يا عبقري العوالم الموازية، نعم، ابتكر قصة عن السحر، وعن مس الجان، وانشرها في المجتمع، لأنك عقلك بحجم عقل الدجاجة. خليك جبان، ما يكفيك أن تطمس حقوق مريض آخر، بعدك ظلمه أكثر وأكثر عسى جهنم تولع بك في دنياك وآخرتك يا سطحي يا رخيص!
وختاما عزيزي العاقل، هذا حديث ودي بحكم أخوتنا وزمالتنا في كوكب واحد. أوصيك أن تعترف دائما إنك حمار وجاهل، وتخلي شأن المرض النفسي لشخص غيرك، ولو كان الباصر واجد مهم في حياتك، روح وخليه يركبك حمار ويطوف بك على ستين شارع، يمكن تشفى من أنانيتك وهربك من الاعتراف بابتلاءات الله.