ونجي لفقرة ماريو، لما يقرر يزعّل الجميع منَّه لأنَّه يرفض كُل خطاب جمعي. أولاً:
التشهير جريمة قانونية، هل كانت الحملة ضد المغرد حمود النوفلي منصفة؟ لا لم تكن منصفة، ولم تكن قانونية، وتم التشهير به وإيذائه ونشر الإشاعات عنه، بل وشتمه، وسبه. هل هذا قانوني؟ هل هذا مباح في الحوار؟
نقطة ثانية، الإخراج من الملَّة، هذه أيضا جريمة، حالها حال التحريض على العنف، هل هذا منصف؟ هل الخطاب الفرد المتدين منصف؟ ليس بالضرورة، بهذا الخطاب علل، ولا يخلو من التجاوزات، هل الجدال يحدث في أرض أساسها الرأي والحوار؟ كلا، يحدث في تويتر، لأن مكانه الحقيقي نائم وغائب.
النقطة الثالثة، المؤسسات الأكاديمية والثقافية، أين دورها في كل هذا التوتر الاجتماعي؟ نائمة في العسل، لأن سياسة الرقيب صنعت قطيعا من المدّاحين الانتهازيين والمطبلين، والمبررين، وغير ذلك من أشكال القبح التعبيري، هل هذا حقهم: نعم.
هل حقي إني أرفضهم: أيضا نعم!
الحكومة! لماذا تعزز دور رقيب يقود إلى كارثة؟ كل ما يقترب سقف الحريات من الحوار، يجهز الرقيب على أي أمل في تحوله إلى واقع معرفي، وثقافي، وإنساني، واجتماعي، يُجهز الرقيب المؤسسي الذي يخنق الإعلام بتعاليمه الغرائبية على واجب اجتماعي مهم ولا يمكن طمسه، الحوار الفكري.
أين الإعلام؟ عندما جد الجد وقرر يساهم في قضايا المجتمع، اختار أبسطها، وأقلها [إقلاقا] للرقيب الإعلامي، واتصالاته، ومحاولاته اللحوحة الآن للسيطرة على الإنترنت، وتصرفاته [السرية] والمشكوك في قانونيتها. حوار أزلي، وفكري، وقديم، ولا يتوقف ولا يموت فماذا فعل الرقيب: خاف كعادته!
والمؤسسات الدينية، أين خطابها الثقافي الذي يتناسب مع ظروف العصر الحديث؟ التهديد والوعيد وإعلاء شوكة اجتماعية ومؤسسية هذا ليس نصرة للدين، ولا ترسيخا لقواعد الإيمان، وإعلان عدو ضعيف سهل والإجهاز عليه ليس أكثر من تصرف مسيّس، لا علاقة له سوى بذاتية الشوكة المعنوية للتيار الديني.
وبدلا من احتواء مجموعة من المتسائلين، وبعضهم حمقى، وبعضهم مستغفلون، وبعضهم أتباع عميان لخطابات الإلحاد الجديد، أو التدين الجديد، وغير ذلك من الصرعات، بدلا من إنشاء بديل مؤسسي لهم يمكّنهم من التفاعل المُسالم مع بعضهم البعض، مع الآخر، صراع الاستقطاب يختارهم عبرةً.
والناعشين نعيشامبينا عن خطر النسويات، وخطر الفكر الإلحادي، وغيرهم، ماذا تفعلون؟ صناعة أشباح؟ أين ردكم المنهجي على كل ملحد على حدة؟ أين تفكيكك لكل دعايته عن الإيمان؟ أين وضعك عدسة المجهر على حججه؟ أم هذا عمل صعب، وصناعة الأشباح [والنعيش] ليل نهار على وجودها يكفي؟ أهكذا ينصر الدين؟
والحمقى الذين يحومون حول الحمى، يخالفون قانونيا صريحا، حتى التلميح فشلوا فيه، يرفضون الاعتراف أن الأمر ذاتي، وأن السؤال طويل، ولا إجابة سريعة عليه، أين النقد المنهجي؟ أم الاقتباس من عظماء الشك الغاشم يكفي؟ وحرب الإشاعات، والاغتيال المعنوي المضاد هو الحل!
والآن هذا القرف، هذه الشماتة ورفع جثامين مستقبل ضاع وذهب هدرا، هذا الانتصار المهولُ أما الصمت عن الكبيرة والكبائر فهو عادي جدا، مسموح ما دام في حالة المُسايسة. مجموعة من الحمقى الذين جازفوا بأنفسهم، لا يعلمون أن هذا الصراع كفيل بتحويل حياتهم إلى ورقة تُحرق بسهولة من أي طرف!
وما نهاية هذا الحقد، والغل، والكراهية، والغضب؟ حسنا، سوف نتذاكر بعد شهور، عندما يندمُ الذي ظنَّ أن السلاح القذر يُستخدم لأن ذلك بيده. الحوار يحدث خارج مكانه، ومكانُه مسكون بالرقيب الهلوع الخائف الذي يتردد في قَبول أن في عُمان سقفين، هو سبب أخفضهما وأكثرهما ضررا للمجتمع.
ولما يسوء الحال، أكثر وأكثر، ويصبح الأمر أكثر من مجرد عناد إلكتروني، ويتحول إلى صدام فكري حقيقي، عاد خلي الرقيب يتلاحق على عمره، ويسوي شيء يذر به الرماد على العيون. عدد السكان يزيد، وفكرة الخطاب الأحادي، هذي أوهام ستضر عُمان ولن تنفعها، ولكن على من تقرأ زبورك يا داوود!
واشمتوا أكثر، نعم هؤلاء الذين تطاولوا هم الخطر الكبير، أما هذا العالم الشاسع الذي ليس لديك أداة للتعامل معه سوى طمس المجاهر، الذي أصلا جاء بلا سلاح، بوضوح، أيا ما كان السبب، كان خصما واضحا، وصريحا. أما غيرهم، الأقوياء، فلا بأس، داهنهم، وواصل مسايستك! نعم هكذا تنصر ما تؤمن به!
وعموما، نهاية كل هذا المزيد من الغضب، وهذا السجال، ومن يظن أنه يديره بذكاء وحذق سوف ينقلب ذلك على رأسه. ولكن تتكل على من؟ مؤسسة أكاديمية؟ مؤسسة دينية؟ مؤسسة إعلامية؟ تتكل على من!
تركنا كل المنابر التي تُثمر وتتحول لنتائج والآن ننعش حالنا حال الجميع في الإنترنت!
وانعش يا ناعش، انعش انته .. وانعش، عن الدين، وعن تغوّل المؤسسة الدينية، وانعش عن النسويات، واصنع الأشباح، وانعش عن العالم الجديد، وانعش عن مجتمعك يا معاوية، بو باغي ينعش يتفضل، تراه المكان كله ساحة نعيش. انعش على دمار مستقبل فتاة في مقتبل العمر، اشمت، هكذا تُحل الخلافات الفكرية.
وكل واحد خلوه ينعش في قضاياه التعويضية، مهرجان الناعشين، لازم يصنع شبح، ولازم يصنع استحقاق، ولازم يصنع امتياز، وهات يا ألهاكم التناعش. جالسة تتبلور مؤسسات اجتماعية عوجاء في النت، وما أعرف من هذا اللي ما قادر يشوف إنه نهاية هذا ستكون خارج السيطرة. ما بعدد السكان هذا!
ولا بأس، لما عاد تسرقكم السكين، عاد خلونا نرجع من أول لجديد لحسابات الأخماس والأسداس، خلونا ننعش أيضا على فوات قطار الحرية، وخلوه الرقيب الإعلامي وقتها يبتكر نظام مفيد لعمان، ممكن يشمل رقابته رسائل الواتساب أو حتى جريدة الحائط في المدارس، وحتى الإذاعة المدرسية ليش لا!
وفي قضية مريم، وغير مريم، وفي قضية السليماني، وغير السليماني، لن أعلق على حكم قضائي، سأعلق على الذي يستخدمه للشماتة من إنسان يدفع دينَه للمجتمع. إنسان في السجن من الأساس، لقد قام بأداء الحق العام، وهو سجين بحكم القانون، تشمت فيه ليش؟ يا قوي، يا بطل، يا همام!
ولو خايفين على الشباب من الإلحاد، أو التشدد الديني، ما تخلوا العالم صراع أقطاب، وما تنكروا حقيقة الواقع، وتكلموا عنه شوية، اللي خايف على أبناء بلده يشتغل شوية، ما يختار الطريق السهل، ويصنع لنفسه شوكة مع الجماعة، تيار كل قطرة فيه قادمة لتسحق فكرة إنه الإنسان: يفكر ويخطئ ويصيب.
ولو خايف على أبناء مجتمعك، ما تقبل شيوع الوشاية، والكيد، والاغتيال المعنوي، والوظيفي، والأكاديمي، لأنه فلان مطوع، ولأنه فلان ليبرالي، لو خايف على أبناء مجتمعك حقا، كن شجاعا، واصنع مكانا للحوار، مكان تضمن فيه إنه الخلاف الفكري ما يتحول لهذا الاستقطاب الاجتماعي، المضر!
وما نهاية هذا كله، خذوها من لاجئ سابق. مشروع مهاجرين، والمزيد المزيد من اللاجئين، وغيرها من كل ما يُعاكس التوجه الكبير بإبقاء الأمور في عمان في طمأنينة للجميع.
أين النصح، والنقاش، والحوار؟ بالله عليك مطوع متحمس خلاص سيلغي حرياتك الشخصية؟
ليبرالي ثرثار سيهدم دين الله!
بالله عليك!
ويالله، هذا أنا نعشت مع الناعشين، أرثي واقع الحال المرير. هل أقلقُ على المجتمع من خبث الملاحدة؟ نعم أخشى عليه، كنت منهم وأعرف ما يستطيعون فعله من تمزيق للفرد وصنع أتباع، نعم أقلق، هل الاغتيال الشخصي من قبل الشوكة المعنوية للتيار الديني مقلق، نعم مقلق!
وماذا بيدي: أنعش كماكم!