بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 4 ديسمبر 2022

أقصى ما عليك فعله!

 أقصى ما عليك فعله في هذه الحياة، هو أن تحاول أن تكون خيِّرا، مع علمك العميق بأنَّك إنسان عدائي بمعنى الكلمة، لا يغفر، لا يُسامح ويؤذي من أذاه.

 أقصى ما عليك فعله، هو ألا تصنع الأعداء لأنَّ طاقتك للشر تدفعك لذلك، وأن تجعل الشر في موضعه الصحيح، مع الأشرار الذين يطؤون ساحتك بالشر.
وما هو سؤال الخير والشر في هذه الحياة؟ التفصيل يقود للفلسفة والإجمال يقود للحياة. أن تعلم أولا أنَّ الإنسان مجبول على الشر، والأنانية، والتنافس، والبغضاء، وكل ما يحدث من قبل العقول والأديان هي محاولات لتهذيب هذا الكائن العنيد، الجاهز للشر، والمستعد لفعله.
الرومانسية المفرطة، والمثاليات الهاربة من الواقع لن تمنع اللص من سرقة بيتك، ولا قاطع الطريق من قتلك، لن تمنع طائرة من قصف وطنك، ولن تمنع مجانين العالم الحديث من صناعة المزيد من القنابل الذرية. الرومانسية المفرطة هروب ذكي يضع الاحتمالات غامضة وغائبة ووهمية.
أقصى ما عليك فعله في هذه الحياة هو أن تحاول أن تكون خيّرا، وأن تدين لنفسك بحق الدفاع عنها، والابتعاد عن من يريدك سيئا، أكثر عن الاهتمام بمن يراك سيئا. أن تحاول، يعني أن تتأمل دائما في حالتك الداخلية قبل الخارجية، أن تكون خيرا لا يعني أن تكون جميلا، فالجمال مخادع ومراوغ.
وأنت تتغير للأسوأ، لن يغضب عليك أحد، سيتحسر عليك من يحبك، وستكون فأر اختبار ذهني لقلوب لا تعبأ بك، لست أكثر من حكاية عابرة يمضغون به فراغ أيامهم وأحلامهم. وأنت تتغير للأحسن، ستبهج قلوب من يحبونك، وستغضب البعض، الذين وجدوا في سوئك منفذا يُشعرهم بأنهم أفضل حالا مما هم عليه.
هذه الحياة لعبة لا تتوقف من ألعاب المقارنات، هذه النسبية الكاسرة للمنطق التي تهبك الأمل من الرمادي وتبعدك عن الأبيض، والأسود الذي يرهقُ أوهامك. ليس المفزع أن تجد من يكرهك، المفزع حقا، ألا تجد من يحبك، وأن تعيش حياتك في دوامة الريبة، خائفاً من فنائك وأنت لم تترك أثراً خيّرا.
أقصى ما عليك فعله هو أن ترى واقعك، وأن تتجاهل ظنون الآخرين، وأقصى ما عليك فعله تجاه ظنون الآخرين هو اتقاء أفعالهم إن انساقوا وراء ظنهم فظلموك، وأقصى ما عليك فعله إن ظُلمت هو أن تدافع عن نفسك إلى أن تدفع الظلم عنك، وأن تحارب إلى أن تنال حقّك المهضوم، وبعدها عش بسلام.
أقصى ما عليك فعله هو أن تعلم، أنَّ الخطأ سيقع منك وعليك، وأن المساحةَ بين الغفران والعفو شاسعة جدا، وأن الفعل الخارجي والامتناع عنه ليس كالصفح الداخلي والاقتناع به. أقصى ما عليك فعله هو أن تحاول فهم نفسك، وأن تهذب من ارتباك أفكارها واضطراب أفعالك. أن تحاول، وألا تتوقف عن ذلك تمت