بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 14 نوفمبر 2023

دين الغرب

 شيء دين خفي، سري، في هذا العالم، يؤمن به الملاحدة، واللادينيين، والمسيحيين، واليهود. وهذا الدين اسمه "القيم الغربية"

اليوم أنفقت وقتا في تأمل هذا الموضوع، والآن فقط أنتبه إلى خدعة كبيرة، أن هذه القيم، هي قيم إنسانية [مستحيلة]. هي تشكل السعي النهائي لأي حضارة، وأمَّة ودولة، وحركة سياسية، ونصيب الأمم منها ليس أكثر من الاقتراب منها كهدف إنساني، لا هدف حضاري.
القيم الغربية سعيٌ وليست منجزا، إلا بقدرِ شمولها ما شملته. الديمقراطية الغربية تعيِّن رؤساء الحكومة، وهذه الحكومة تصنع الديكتاتور وراء الآخر، وتموِّل الانقلابات، وتصول وتجول في العالم بحثا عن أقرب قطرة نفط أو حجر ألماس!

لو جئتني قبل عشر سنوات، وناقشتني فقط في القيم الغربية لربما افترستك بأقسى ما لدي من أحكام واتهامات! الآن فقط، أنتبه إلى أي مدى [القيم الغربية] حقيقية، مع فارق واحد! الخدعة تكمن في كلمة [الغربية].
أسأل صديقا مشتغلا في الفلسفة: ما هذه القيم الغربية التي تُخالف ليل نهار فيرد ببرود: هذه قيم إنسانية!

تمر ساعات، وأبدأ أرى المنظور القديم لي، المنساق انسياقا أعمى. ثم أبدأ بالانتباه إلى الخلل في الفهم الذي كان لدي، نعم، القيم الغربية حقيقية، من حيث السعي لها، كونها قيمة إنسانية، وكلمة [الغربية] امتدادٌ سياسي، يعزز الاختلاف الحضاري، ويلغي حقيقة أن الكوكب البشري يعيش هذه التجربة، ويحدث أن تسبق حضارة أخرى.

القيم! سواء جئتها من منظور أنه صنعت من قبل القوي ليتبعها الضعيف، أو من قبل الضعيف لتلجم بطش القوي، كلها مفاهيم بشرية، أقصى نصيب للأمم من الوصول لها الاقتراب منها!

الآن فقط أستطيع أن أرتاح أمام هذه الفكرة المطلقة!

الآن فهمت سر الافتتان المهول الذي يبديه البعض لقيم غربية تجدها بسهولة في الأديان السماوية، فهي جميلة ومقبولة من فمِ الغرب المهيمن، ولكنها مرفوضة من قبل الدين. مثال آخر خارج الانحيازات العقدية، ما الذي يجعلنا نردد دائما مقولة [العرب متخلفون]!
هذه المقولة تحتاج لمراجعة، لأن معايير التخلف والتقديم تتعرض لإعادة تعريف شاملة في هذا العصر. لحظة! هناك فكرة جديدة فتحت هنا.

أعود إلى هذا الدين الخفي! دين القيم الغربية. نعم، القيم الغربية موجودة، بعضها داخل حدود الدول الغربية، وبعضها يتوقف عن العمل وراء المحيطات. وهذه القيم، لا تصنع الخير بالضرورة، ولا توقف الشر بالضرورة، إنها اتفاق آخر لتجمعٍ بشري على تقبل جرائم معيَّنة تحت مظلة فلسفية، وتاصيل ديني لأتباع الدين الخفي، الذي اسمه قيم الغرب، دين بلا أنبياء، قابل للتعديل، ويتأثر بأسعار النفط، وإمكانيات الاحتلال.

عجبتني دين يتأثر بأسعار النفط!

حسنا! أشعر بالرضى، توصلت إلى فكرة مرضية.