بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 22 أغسطس 2023

وتستمر الحياة!

 نزل الخبر على رأسي نزول الصاعقة. معالجي النفسي، أو [موجهي السلوكي] كما أحب تسميته سوف يتقاعد! يا إلهي! هذا الألماني اللعين يجب عليه أن يتقاعد في هذا الوقت. عمر كامل مرَّ وأنا معتد بنفسي اعتداداً غير نافعٍ، وعندما وجدت الشخص الذي استسغت طريقته سوف يتقاعد. يطمئنني أن علاقتنا المعرفية لن تتوقف وأن صداقتنا لن تتوقف وأنه سوف يكلمني، لكنني لن أدفع له كما كنت أفعل، لجلسة متخصصة، لا يبدو أنه يريد التخلي عني، أمثل له [لقطة] معرفية، يعرف عن الإسلام، والعرب، والمسلمين، ويعرف عن ثقافة مختلفة ومغايرة.


معالج غريب، يصرخُ في وجهي، وبمعنى الكلمة [يتنازع]. يغضبه بشدة عندما أقوم بدور المعالج، أو عندما أستخدم عضلاتي البسيطة في علم النفس ضده، يتركني أتكلم ثم يهاجمني بكل قوته، لديه تشخيصه، ويعرف جيدا كيف يحلل مشاكلي.

لسنوات طويلة علاقتي مع حالتي النفسية كلها مرتهنة بشيء واحد، [الدواء، الدواء، التشخيص، التشخيص] بعد عامٍ من العلاج والتطور على مهل أكتشف أنَّ ما أفعله إدراكيا أهم بكثير من فكرة التشخيص لمرة واحدة، الأدوية لها مفعول السحر في استقرار الحالة، لكنها لوحدها لا تفي بكامل الغرض.

يمكنك أن تستقر بالأدوية، شخص في حالتي لديه اضطراب في المزاج، وربما اضطراب الشخصية الحدية، وربما ما هو أسوأ، يستقر بالدواء، على الأقل يوقف مهرجان عدم النوم لعدة أيام، ويوقف الاكتئاب الذي يستمر أحيانا لستة أشهر. القانون العام الكبير يقول: ما دامت حالتك النفسية تؤثر على هناءة حياتِك، وقد تسبب خسارة عملك أو خسارة حريتك أنت تحتاج للعلاج.

لكنني لا أكتفي بذلك، لا أريد فقط أن أصبح مستقرا وحسب، أريد أن أحيا، وأن أنجح في الحياة، وأحلم أن أكمل دراستي، وأن أتفوق فيها، وأيضا أؤسس على مهل عملي التجاري الذي كل يوم يعلمني الدروس والعبر والعظات!
كنت أظن أنني عندما أدرس علم النفس أنني سأستطيع معالجة نفسي، يتضح لي أن المضطرب نفسيا عندما يدرس علم النفس، يتعلم كيف يكون مُعالَجَا جيدا، لا مُعالِجَاً جيدا، وفعلا! بعد عام كامل من الجلسات أرى التغيير الكبير الذي يطرأ على وعيي تجاه نفسي، الوعي شيء، وحدوث المشاكل شيء آخر.

أنفعلُ، وأغضبُ، وأتعرض لكل شيء يتعرض له كل إنسان آخر، تعلمت أن أحاول فعل ذلك في مكان بعيد عن الغرباء. توقفت عن العادة المؤذية في تغذية الانطباعات السيئة عني، صرت أفهم أنني أفعل ذلك لأنني عدواني، وأريد العدوانية، ويؤسفني أن أعترف، أريد أن أؤذي أحداً، الحيلة التي يلعبها عقلي ضدي هي أنه [هو البادئ] وبالتالي أخدع ضميري، وأطلق العنان لأسوأ جوانبي الشيطانية المسكونة بالشر والنقمة! تحزنني هذه الحقيقة، ولكنني متصالح معها، أتعامل معها كمشكلة ستحتاج إلى علاج مستمر، ليس المهم هي [الصفة] بقدر ما المهم هو الفعل، هل أنا شخص سيء، أو شخص جيد، مجددا التصنيف ليس مهما، المهم، هل أعامل الآخرين بإنصاف، وهل أبني نموذجا سلوكيا جيدا يمنعني من إيذائهم ويمنعهم من إيذائي! فكرة إغراء إنسان بأن يؤذيك فقط لكي تنتقم منه شر انتقام هذا اسمه استمرار للمشكلة، وإغراء للنفس بالعودة إلى حياة مسكونة بالشر!

يعلمني العلاج دروسا ثمينة، ربما لأن هذا المعالج يفهم عمله جيدا، وربما لأنني أدرس علم النفس مستسلما لفكرة أنني [طالب] للعلم طريقة في كسر غرورك المعرفي، وتعليمك الدرس تلو الآخر أنَّ كل شيء خاضع للتجرب، وللتمحيص، ولإعادة النظر، والعلاج في حد ذاته عملية تدريسية مستمرة. أخدع نفسي وأقول: هذه ليست جلسات علاج، هذه جلسات تعليم وأنا مصيب إلى حد ما، لكن الحقيقة كما يلي: ما أقوم به اسمه علاج، وآثاره على حياتي كل يوم تتضح وتتحول إلى هدوءٍ طبيعي، وفي الوقت نفسه إلى حالةٍ أقل توترا من القلق.

علمني العلاج السلوكي الإدراكي أشياء كثيرة من الصعب أن أكتبها في أقل من مائة صفحة. ليس المهم هي علاقتي بالناس، أو نظرتهم لي، وليس المهم أن أبقى غارقا في حالة من الندم، والتبرير الدائم، وليس المهم هو بناء نجاحي في هذا العالم، المهم هو علاقتي بنفسي وتعاطفي معها، وكلمة [تعاطف] لا تعني قبول سيئاتها، وإنما التعاطف بمعناه النفسي، [التشاعر] كما أراد أحدهم ترجمتها، أن تشعر بأنك إنسان، يستحق الحياة، ويستحق أن ينتبه لأخطائه ويصلح منها، ويستحق أن يعيش بحقوق كاملة غير منقوصة.

جربت معالجين نفسيين كثر من باب اللعب والتجربة، معظم الجلسات إلكترونية وعن بعد وفي مواقع معتمدة، هذا المعالج من بين الجميع أعطاني دفعة جميلة في حياتي، ربما لأن به تلك الخصلة التعاطفية النادرة التي تجعله يفهم جيدا أين تتعذب في حياتك، وأن تؤلمك نفسك، وأن يرهقك الوسواس.

أحترمُ نفسي بما يكفي لأقول: لقد قطعت شوطا جيدا يا ماريو، ولن يكون الطريق القادم سهلا، عدتَ للرياضة، وهذا قرار أحييك عليه، وتكاد تتوقف عن نزعتك المرضية في جلد ذاتِك، وفي الوقت نفسه تقاوم بكل شراسةٍ طبائع مؤذية، قادرة على إيذائك، وعلى إيذاء غيرك، لن تكون قصة الحياة سهلةً لأي إنسان، لكنك تحاول، وأسجل تحيةً لك.

الفهمُ العامُ للعملية العلاجية قد تحقق بنجاح. الهم الكبير الذي يسكنني تجاه الغرباء تحول إلى قرارات حياتية أسير عليها. قليل من الغرباء، كثير من الحذر، وتجنب للعفوية الزائدة عن الحد. والاعتذار عن الخطأ، وعدم قبول الظلم تحت أي ظرف كان، حتى ولو كان على هيئة كلمة.
التحدي الذي أمرُّ به هو أن أسعى في الحياة بدون دافع الذنب، أو دافع الندم، أو دافع التعويض، أن أعتبر حياتي كما هي، نتائج لكل الخير والشر الذي حدث، أنا لا أحاول الحياة لأنني خسرت فرصا في السابق، أو لأنني أخطأت، لا أحاول أن أكون إنسانا جيدا لأنني كنت إنسانا سيئا، اللعنة! سيترجمها في جوجل وسينزل على رأسي وسيقول لي بغيظ: "لا يوجد إنسان جيد وسيء، يوجد فعل جيد، وفعل سيء"
لا يجب أن أحاول فعل أشياء جيدة أو خيّرة لأنني فعلت أشياء سيئة. يجب أن أفعل الأشياء الجيدة لأن هذا هو الطبيعي، ويجب أن أتجنب الأشياء السيئة لأن هذا هو الطبيعي. فكرة التعامل مع الذنب، والندم لها نصابٌ من الممكن عندما يصل إلى حالة الاكتفاء يعيدك إلى سابق عهدك، لأنك فعلت الشيء الجيد لدافع خطأ. تقول: لقد عوضت عن خطئي، أستطيع الآن أن أخطئ مجددا! وهذا هو الذي أرصده في الأيام الأخيرة!

عجيبة الفكرة! أشعر بالذنب لأنني أستمتع بوقتي في صلالة، وألعب تنس طاولة! وماذا يفعل عقلي العزيز، يؤنبني لأنني لا أذاكر! طيب! أنا لم أسجل موادا من الأساس! ما هذا اللاوعي الكاثوليكي! لن أتعب نفسي بالتأمل، سأشرح الحالة لمعالجي، وسأنتظر منه أن يخبرني إحدى جواهره الثمينة وبعد عدة أشهر سأعود له بكل بلاهة وأقول: كلامك طلع صح!

أنا فعلا حالة صعبة ومزعجة! أتفهم الآن لماذا يسميني الوالد [الملف الصعب!] ..

افتقدت لحظات الصفاء المليئة بالأندورفين هذه، بعد جلسة رياضة جميلة! هي لحظة، وسأتعب ذات يوم، وسأكتئب، ولكنني أيضا سأنتشي بالحياة، وسأجتهد. الحياة مستمرة! ذات يوم سأكبر، وأمرض وأموت، أو ربما سأموت موت فجأة بسكتة قلبية، فكرة الموت والحياة مبهجة، تجعل لهذه الأيام معنى، لا أشعر بالتعاسة، ولا باللامبالاة، أشعر بتصالحٍ مع فكرة أنني أحاول. هل سأنجح، هل سأفشل؟ لا أعرف، أتمنى أن أبقى هادئا، وأن أكمل الحياة بعيدا عن تكرار أخطائي، أتمنى أن أفعل أشياء جيدة، وأتمنى أن أفعل أشياء خيِّرة، لا أريد أن ألاحق [الصفة] .. أريد أن ألاحق الفعل، وأن أحاول ذلك، نجحتُ: كان بها!

لم أنجح

سأستمر في المحاولة!

للحديث بقية


هم الدراسة! هل سأستطيع معالجة الدراسة بدافع الذنب؟ لأنه هذه الطريقة تحقق نتائج جيدة. معدلي الدراسي مرتفع، من الأساس لا يمكن أن يرتفع أكثر [4] .. حرفيا، والحمد لله، وقل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد، حصلت على [A] في كل مادة درستها في التخصص حتى هذه اللحظة! ولكن هل يمكنني الاستمرار على هذه الطريقة، في احتراق نفسي وصل به الحال إلى تحطيم لحظة جميلة كالتي كنت أعيشها قبل قليل!

الأمر واضح بالنسبة لي، أنا أستخدم دافع الذنب والندم لكي أتفوق دراسيا، وهذه خطير للغاية، ومن الممكن أن يسبب لي ردة فعل تجعلني أكره الدراسة. هل أكتفي هذا الفصل بأن [أستمتع] بالدراسة! هل أستطيع ذلك؟ أذاكر بما يرضي الله، وأنجح، ولو طاشت عني درجة [A] لا أحزن!

صدمتي الدراسية مريرة بمعنى الكلمة! من طالب في كلية الطب إلى صفة [الفاشل دراسيا] لسنوات وسنوات وسنوات! كنت بحاجة لأثبت لنفسي أنني قادر على التفوق، ولكن هل هذا سلوك صحي؟ كل شيء تعلمته في تخصصي يقول لي: ما أفعله خطأ، وربما يكون خطرا!

أرصد اليوم ظاهرة مرضية سيئة. أشعر بانهيار حقيقي وشعور حارق بالذنب، لماذا ذهبت لصلالة يا ماريو؟ هكذا يؤنبني عقلي العزيز! يا ماريو تريد تفشل! طيب يا عقلي المحترم، أذاكر موه بالضبط؟ لا إجابة! لأنها الصدمات التي تتكلم نيابة عني. صدمة الخروج من كلية الطب! وصدمة الملاحظة الأكاديمية في الجامعة، ولاحقا صدمة العيش تحت مسمى [ثانوية عامَّة].

أفهم كل الأسباب التي تجعل حسراتي دافعا، ولكن هذا خطأ. إن كنت أريد أن أفعل ما هو صواب، يجب ألا أستغل هذه الطريقة المؤذية لنيل التفوق الدراسي. ونعم، أعرف أنني خائف، خائف بشدة أن أنتقل من شخصية المحارب، إلى شخصية أخرى، ذلك الذي [يذاكر لينجح] وأفقد ذلك الشعور المليء بالفرح! يا إلهي، كل [A] حتى هذه اللحظة تعطيني شعورا جميلا للغاية بأن الحياة تستمر، حتى ولو كنت سأدخل الأربعين بعد أقل من ثلاثة اشهر!

حسنا يا ماريو. أمامك شهر لكي تصنع دوافع أخرى مختلفة عن هذه المرتبطة بصدماتك. فكرة تعويض الذي فات مغرية بالتصديق، ولكنها غير منطقية. لا شيء فات. الأمر متعلق بنزعة الحياة بشكل معقول ومقبول، وأن تسعى حالك حال الجميع للنجاح.
عجيب ذهن الإنسان! باقي عن الدراسة شهر كامل! وماذا يفعل مستر ماريو! يؤنب نفسه لأنه لم يذاكر! هذا شيء يجب أن تبدأ الحديث بشكل مكثف مع معالجك عنه. يجب معالجة الدافع، وأيضا يجب ان أتقبل شيئا.

النجاح الذي يؤذيك، هذا خطر للغاية. النجاح الذي يسبب لك المرض، ويجعلك تتخلى عن أشياء مهمة في حياتك، هذا خطر للغاية، ومجازفة البعض يسوق لها وكأنها "ضرائب" الحقيقة هي أنك تحدد خساراتك، ومن بين كل الخسارات، صحتي النفسية ليست أبدا محل مجازفة!

سنة بلا رياضة! وماذا كانت النتيجة، اكتئاب حاد للغاية لمدة شهرين، وحالة من الغضب الهادر! لن تستمر لسنة إضافية لهذا الحال، لقد [قنعت] عينك يا ماريو بنتيجة عالية، وما دمت تدرس علم نفس، عليك أن تقنع بنتيجة أيا ما كانت، ناجحة، حتى لو كانت [b] .. بل وحتى لو كانت [b-] أن تصل لهذه النتيجة وأنت محافظ على سلامتك النفسية خير من الحصول على هذا المعدل المرعب فقط لأنك امتلأت بالصدمات وعقدة الفشل الدراسي! ألست طالب علم نفس! لديك طبيب يصف لك الأدوية المناسبة، ومعالج نفسي عبقري، وأنت تتحسن، وحان الوقت لكي تنصت لنداء فعل ما هو أصوب، التفريط بسلامتك النفسية والإصغاء لنداء النجاح بدافع عقدة الذنب هو خطأ كبير، لقد نجوت لعامٍ، هذا الشيء يجب ألا يستمر! ضع هذا في بالك. يا إلهي! كم أريد الحفاظ على هذا المعدل! ولكنني أيضا، لست مستعدا لإرهاق طمأنينتي النفسية أكثر!
قد يأتي يوم وتختار فيه صحتك النفسية، وقد تتقبل [c+] .. قد يأتي يوم وتحصل لك ظروف تمنعك، قد تشغلك الحياة، قد تمرض، فكرة المعدل الكاملة سعي بالمعقول، إن وافقت الظروف سيحدث، وإن لم توافق الظروف، لا تفرط بصحتك النفسية يا ماريو.

أشعر براحة هائلة، لقد فهمت أشياء جديدة وكثيرة. شكرا لطاولة التنس الذي منحتني هذا الصفاء.