الإشاعات ظاهرة فطرية طبيعية، جزء من تكوين الإنسان، شيء لا يمكن منعه، ولا إيقافه، من مجموعات [الواتساب] التي تحترفها الأمهات، إلى لقاءات الشباب، ومراسلات الأصدقاء، عنوان اللحظات الكبيرة دائما ما يكون [سمعتُ]. ممن؟ لا يهم، ماذا سمعت؟ أيضا لا يهم!
هي وسيلة تطمين، وأحيانا وسيلة تهييج، يخترعها شخص واحد ويصدقها كل إنسان يقرر تصديق خبر متناثر بلا سند، عنوان اللحظات الكبيرة [سمعت] ممن؟ لا يهم، ماذا سمعت؟ اخترت أن أسمع الذي يروق لاتجاهي الوجداني.
الإشاعة لها مرامٍ، وأهداف، ونوايا، بعضها خبيث ونابع من رغبات تخريبية، أشبه بالذي يرمي حصاةً وسط الجموع، جزء من الغياب الحضاري الذي تصنعه الفوضى، وهذه الإشاعة تفبرك وتخترع لغرض قد يكون عبثيا للغاية، فوضويا، ليثير الرعب، أو الفزع، أو القلق، أو بكل بساطة لاجتذاب الأفئدة المسكونة بالرغبة في التشفي، بعضها غاضب مبني على تحيزات مسبقة، وبعضها مصمم لأنه يخدم تحيزا مسبقا تجاه فئة من الفئات، هل يمكن إيقاف الإشاعة؟
كلا، لا يمكن، لأنها جزء من أدوات جس النبض، والتفكير، والبحث عن الحقيقة في خضم الأشياء الغامضة، خيال جماعي خلَّاق يحاول الوصول إلى أبسط المؤشرات التي تعطيه الخبر مبكرا، ربما حتى قبل أن يحدث! لماذا تخترع إشاعة؟ أحيانا لأنك أنت نفسك تريد أن تعرف، وأحيانا تستجيب لنداء الخيال وتحب أن تبدو فاهما لواقع الحال، وتستفيض في خيالاتك بصوت مسموع، وأحيانا لأنك صاحب غرض خفي، وهدف، وربما لتختبر الذي أمامك، وربما أحيانا لأن الجميع يفعل ذلك فتنساق وراء الخائضين.
حفظ الله عُمان، ومن أقام بها، ومن يزورها، ومن أحبها من كل مكروه وشر.