بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 سبتمبر 2024

المواجهة على هيئة طاولة!

 إن كان على ما أشعر به جسدياً، يجب أن أكون مكفهرا، متعبا، مُحطما، أتعايش مع آلام العودة للرياضة. ليس هذا ما يحدث! الذي يحدث مغاير تماماً لما يجب أن أشعرَ به أمام هذا الألم الجسدي!


ما الذي حدث حقا؟ آخر عهدي بنفسي. منقطع عن التدخين، المزاج في حالة قرف سبعة رختر، لا حماسة لأي شيء، ولا طاقة لفعل شيء، احتراقٌ مهني وذهني شامل. صيفٌ مزحوم بمعنى الكلمة، ورحلاتٌ متتالية، وتغطيات، وعمل، وانشغالٌ قاد إلى شهر ونصف بلا رياضة! وكأنني فقدت العصا السحرية التي أحول بها اليوم السيء إلى يوم لا بأس به! ثمَّ يحدث مساء أمس!

ساعتان من تنس الطاولة! واليوم وكأنني أعيش في عقل إنسان آخر! استجابتي الشعورية لكل ما حول تغيرت، وذلك الخنجر العدمي الذي يقطع عروق الأمل تراجع إلى انغراس بعيد. لا أشعر بالسعادة، أشعر بالقدرة على المقاومة، وبأنني أملك الصبر الكافي لأعبرَ من هذه الظروف والحرائق النفسية الصغيرة، والاحتراق المتتالي إلى واقعٍ أفضل. هذا ما اشعر به، أنني استعدت وسيلة من وسائل المقاومة الأولى.

عُدت إلى عزلتي، وابتعادي، وحياتي الهادئة. عُدت مرهقا بمعنى الكلمة، لست معتادا على هذا الاندماج المتوالي مع الناس. هذا ما يدفع أذهاننا أحيانا إلى الانتقام منا، وإلى حرقنا بالقلق وفقدان الدافعية، عدم معرفتنا بحدودنا القصوى لاحتمال وجود الناس في حياتنا. ولا يهم من هم هؤلاء الناس، قد يكونون أحب من تحب، وأقرب من تود إليه أن تقترب، ومع ذلك! ستصابُ بالاحتراق، وتفقد دافعك وشغفك بالبقاء قريبا!

عدت للكتابة، دون علمي! هكذا وجدت نفسي مجددا أدخر ما لدي من طاقة لجلسة كتابة ستكون بعد ساعتين أو ثلاث، ستكون بعد المساء، بعد العمل، بعد الدراسة، بعد المذاكرة، بعد أي شيء، أعلم أن اللحظة هذه ستحين، ولا يهم ما الذي سأكتبه، يومياتي، تأملاتي، ملاحظات في علم النفس، شيء عن السلوك، مقالٌ عن حدث في عُمان، قضية تحدث، لا أعلمُ ما الذي سأكتب عنه، أعلم أنني سأكتب! هذه اللعنة الجميلة التي لا أريد الفكاك منها!

ثمَّة شيء ما حدث، تصنعه الحركة، وكنت أظن أن الذي يصنعه هو التعب! يتضح لي الآن أن هذا كله غير صحيح. الرياضة ليست لتفريغ الطاقة، الرياضة تصنع الطاقة، وتصنع وقتا أجمل، وفي المجمل ليست خسارةً على الإطلاق! بعد شهر ونصف من الانقطاع، الآن فقط أعرف أنني عشت معارك صعبة دون سلاحي الرئيسي! وأهلا بهذا السلاح في مواجهة هذا العدم المتربص!