عقدة اسمها [معدل 4]
أكتشف اليوم أنني صرتُ الثاني على الدفعة. ودفعتنا هذه دفعة عجيبة بمعنى الكلمة بشهادة كل من يعلمنا. مجموعة من المدفعجية ذوي المذاكرة الذين لا يقبلون بأقل من تقدير [A] في كل مادة! وبعضهم لا يقبل بأقل من درجة كاملة في كل امتحان!
أصبت بتقدير [A-] في آخر فصل لي، لم يمنعني ذلك من بقائي في قائمة الشرف على مستوى القسم والكلية، ولم يمنعني هذا من الشعور بفرحة التفوق، لا أنافس على المركز الأول بقدر ما أحاول التخرج بمعدلٍ عالٍ قد يحسن من فرصي في الدراسات العُليا. والآن! في السنة الثالثة! التخرج يقترب أيها الجدعان!
دخلتُ الكلية مصاباً بكل أنواع الضربات النفسية التي يعيشها إنسان بلا شهادة. لدي قصة طويلة مع محاولات الدراسة، وكانت تخصص علم النفس هو الحلم القديم، للأسف لم يختر هذا التخصص أن يطرح في كلية مزون إلا وأنا في السجن أخوض محاكمتي الماراثونية في الإمارات العربية المتحدة، وخرجت بحمد الله بحكمٍ عادلٍ بالبراءة مما نسب إلي من اتهامات.
دخلت السنة الأولى بعقلية الثانوية العامة، المحارب، القلق جدا، الذي يخاف كل الخوف أن يعيش مجددا كلمة [فشل دراسي]، دخلت عاشقا شغوفا بتخصص علم النفس، ولم يمض وقت طويل حتى عرفت معنى أن تدخل مجتمع النفسانيين قيد التكوين! جانب اجتماعي سأكتب عنه في تدوينة أخرى.
وشيء ما حدث! نهاية العام أقرأ معدلي [4]!!!! ما هذا! هل حققت حقا المعدل الكامل! وتستمر الفصول بدون إصابات، بجنونٍ سبب لي ضغطا نفسيا هائلا بمعنى الكلمة. حتى حدثت الإصابة [A-] في مادة من المواد! ومنها بدأت أرتاح في دراستي.
أستطيع أن أقول أنني كنت أقوم بضعف الجهد الذي يحتاجه أي طالب للحصول على درجة تتجاوز [90] الدرجة التي تكفيك لكي تصل إلى مدراج الكمال [المُعدَّلَيِّ]. لا أعرف ماذا حدث لي عندما رأيت [3.9] وكأنني شفيت من عبادة المعدل، وعدت إلى اعتبار الدراسة مرافقا لحياة أخرى أنوي بناءها.
اليوم أعلن شفائي أيضا من حكاية الأول على دفعته، ودائما دائما في كل حياتي أنا الثاني في كل شيء، على الصف، على المدرسة، وأظن أنني لو شاركت في سباق الفورميلا سأحصل على المركز الثاني، ولو كنت مدربا سأحصل على مسيرة فضية، لا أعرف لماذا ولكنني راضٍ والحمد لله ويحفظنا الله من شر الحاسدين بهذا.
أشعر بهدوء تام، لست خائفا من الإصابة بمعدل أقل، رفعت العبء الدراسي، أخطط للتخرج، باء حلوة، باء موجب حلوة، معدل ألف جميل جدا، ولكن لا يوجد ذلك الضغط النفسي الذي جعلني تحت ضغط هائلٍ.
في السنة الثالثة، أشعر أنني تجاوزت، وشفيت من تجاربي الدراسية، وإخفاقاتي الدراسي السابقة، ثمة شفاء عام، ولست نادما على إنفاق هذه السنوات في الدراسة.
إن كان ثمة نصيحة أوجهها لأي إنسان، الدراسة عمر تدفعه، إن لم تدفعه في وقته قد تأتي أهميته وأنت في قلب نجاحك، قلب فرصك في الحياة، وأنت في الوقت الذي تحتاج له بمعنى الكلمة.
لا أنسى الألم الشديد الذي كنت أشعر به في فعاليات كثيرة، أجالس أكاديميا وأناقشه، يبدي إعجابه [بثقافة العُمانيين] ثم يأتي السؤال المُر "ما هو تخصصك!"
مرارة عالقة في النفس، الحمد لله الذي رزقني اليوم الذي أتجاوز فيه ذلك الموال الطويل العريض. والثاني على الدفعة، جميل! لست الثاني الوحيد، وهناك طابور من المتنافسين الكبار الذين حافظوا على المعدل الذهبي [4] هل أتمنى أنني بقيت منهم! نعم، لكنني الآن أنظر للجانب الإيجابي للتخلص من وسوسة مدارج الكمال في المعدل، رفعت العبء الدراسي، وأحاول توفير فصل من الدراسة، والتخرج مبكرا، والبدء في رحلة علم النفس الحقيقية لباقي سنوات العُمر.
معاوية