بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 7 سبتمبر 2024

وجدتها

 واجهت في هذه الحياة شتى صنوف الإساءة الرقمية، واجهتها وأنا في الجانب الذي يسيء ويهاجم ويسخر، وواجهتها وأنا في الجانب الذي يساء له، عشت زماناً وأنا أؤمن بالكراهية، ولا أعرف أي عملية تدريجية أعادتني إلى الإيمان بالمحبة، والغفران، والسلام، وباقي السخافات التي تطبع على حياة الذين يعيشون ما يسمى "حياة طبيعية" ...

الإساءة التي حدثت بحقي في اليومين الأخيرين كانت مختلفة، لأنها زلزلتني، أشعرتني بأن بها بعض الصواب، أخافتني بمعنى الكلمة! ماذا لو كان هذا الذي يقال لي صحيحاً. أعيد النظر في موقفي وفي كلامي، وأعني رحلتي للبصرة! كل ما في عقلي أنني شخص من التواصل الاجتماعي يرافق الرابطة! طيب على ماذا سأركز؟ على التحليل الرياضي؟ وأفعل كما يفعل كثيرون يحللون ويعطون تعليمات للمدرب وكأنهم يعرفون كل المعضلات! وهذا فخ شهير، أراه في عالم الشطرنج دائما! عندما يتابع المعلقون المباريات ولديهم رؤية شاملة، بينما اللاعبون يقعون في أبسط الأخطاء وأقبحها أحيانا ويخسرون مباريات كبيرة، ولعل حادثة مثل أن يهدي ماجنوس كارلسون وزيره في خطأ شنيع يوضح هذا الجانب! ماذا كانت مقاربتي؟ تغطية الحدث من زاوية الجمهور! وأن أنقل بشفافية تامَّة ما الذي يحدث في العراق، هذا كان في بالي! كنت أنقل تجربة التشجيع، لم أتفلسف في كرة القدم، وتجنبت بأفّيهات متعددة إعطاء رأي كروي، لأن الأمر مضحك أن تزعم أنَّك تملك الحلول من بعيد! تفاجأت حقاً من الجمهور الرياضي! الهجوم كان شنيعا، وشخصيا! يا إلهي لأوَّل مرَّة أفتقد السياسة في حياتي! السياسة رغم قبح أشياء كثيرة فيها لكنها على الأقل بها بعض المنطق! لكن الهجوم الذي تعرضت له كان مؤلما، والذي آلمني أنه ربما به بعض الصحة! هل كنت مطبلا حقاً! أعني هل كانت اللغة الدبلوماسية المبالغ فيها تطبيلا! فعلا أخاف أن الكلام لا يخلو من الصحة! وأشعر بالذعر من ذلك، أشعر بالذعر من نفسي! بالطبع يظن البعض أنَّ الأمر يتعلق بالرحلة المجانية! لأنه لا يعرف السوق جيدا! لو كان الأمر على المال، من الذي سيذهب مجاناً لتغطية شاملة مقابل رحلة لا تتجاوز تكاليفها 300 ريال ربما! الإعلان الواحد قيمته 450 ر.ع. الذي ذهب حقا ذهب لأنه يشعر بالواجب، وليس لأنه حصل على شيء مجاني! هذه نقطة أشعر أنني حسمتها. طيب! ما هو الصواب؟ حقا! هل كنت مخطئا لأنني نقلت الانطباع الجيد الذي لدي؟ الذي كان في بالي هو جهود أصدقائي، ونصر البوسعيدي منهم! يعقوب البلوشي منهم، كان حقا تنظيما جميلا! هل أنا حقاً كنت أنقل الواقع أم أزينه؟ ياخي أراجع نفسي مليون مرة، الرحلة حقا كانت خالية من المنغصات، وكانت حقا مرتبة، وكنا حقاً بمرافقة أمنية والترحيب حقا كان جميلا! ما سر الغضب! ولماذا ينالني هذا الغضب؟ وما هو الصواب فعلا أنا حائر، لكنني خائف. هل هذا هو الفارق بين التجربة الواقعية وما ينقل في الشاشات؟ أراجع نفسي مليار مرة! هل بالغت في شيء؟ أم الأمر ردة فعل، شخصنة الجمهور الرياضي! غضبٌ أصابني منه شرار!!! عندما يساء لك في العالم الرقمي، تتجاهل الخطاب النابع من إلغاء، أو حسد، أو وصاية، لكن الخوف الحقيقي هو أن يكون به صواب، ينطبق عليك، وأنا حقاً أضرب الأخماس في الأسداس! ما هو الخطاب الأمثل، يبدو أنني خضت تجربة أولى جديدة على وعيي تماما، صدمة العراق في حد ذاتها صدمة ثقافية ومعرفية، وأعلم أنني سأذهب زائرا، لكن صدمة أن تعيش التجربة، وأن ترى حجم التحطيم الذي يمكن أن يحطم إياه أي إنسان فعلا أشعرني بجسامة الحياة! أتخيل أن أكون لاعبا في المنتخب! أي شعورٍ بالدعم يمكن أن أعيشه وأنا أقرأ كل ذلك التحطيم والتسميم، إن كنت أنا مجرد إعلامي ذهب للتغطية ونلت كلاما موجعا بمعنى الكلمة، ما هو شعور لاعب في المنتخب إن فتح تويتر ووجد كل ذلك الهجوم الشرس عليه! قلتها من قبل، وأقولها دائما، بنا قسوة شديدة على بعضنا البعض، قسوة قادرة على تحطيم الطموح، وفقدان الدافع، وفقدان الشغف. الآن وأنا أراجع نفسي، لا أظن أنني أخطأت في شيء، أظن أنني أخطأت في شيء واحد فقط، أنني لم أضع السياق المناسب بوضوح، أن أضع ما يمنع المبغضين من النفاذ إلى عقلي وضخ سميتهم! كان درساً عجيباً بمعنى الكلمة! ولا يبدو أن عالم الرياضة يختلف كثيرا عن عوالم أخرى مشحونة بالكراهية والتعصب! أنا فقط مستغرب، ما الذي يدفع شاباً بعمر العشرين وباسمه الحقيقي إلى شتمي شتيمة لو ذهبت بها للقضاء بكل تأكيد سيدفع ثمنها مرا! انفعلَ بشدة! كل هذا من أجل مباراة؟ هل هذه شيمة الجمهور الرياضي أم الذي يحدث أننا نعبر عن أوجاع كثيرة وكرة القدم ومستواها ليست أكثر من تكئة لإخراج إحباطات أخرى! لحظة! وأخيرا وصلت للإجابة! فعلا! إنها تكئة! الآن اتضح السياق أمام عيني! توقف الطنين، لقد وجدت الإجابة!