بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 11 أكتوبر 2024

يوم التصوير!

 

يوم التصوير! كما المجنون! اليوم السبت! إجازة كما يقولون، وأنا كما الدبي العقر (الدبور) أخلص موضوع شغل، أتصل، أتصل بالمونتاج، أتابع موضوع فيديو. أجلس على اللابتوب، أوصله بالتلفزيون، أبدأ أكتب سيناريو! تو مالك معاوية! مالك كذاك مضغوط! موه حال بك؟ أظن أنني فقدت السيطرة على قلقي الإنتاجي والإبداعي! ذاكرت شوية، وكأنني أريد أعوض المهنة عن تقصيري! بكل لهفة وهوس! المنطق يقول: اليوم السبت، اللي يعمل في الحقل الإبداعي لازم عقله يهدأ، لازم يفكر بصفاء، ما يشتغل تحت الضغط والقلق والخوف من التقصير! لكن الذي يحدث في عقلي شيء آخر، شهية شخص عاد إلى القلق، حياة لا تهدأ، حياة من الضغط الهائل على العقل ليخرج أفضل ما عنده! وهذا خطأ، وأعلم أنَّه خطأ، ثمَّة كائن كان كامنا، استيقظ عندما بدأت أعيش تحت الضغوط مجددا، كائن يحب الضغوط، وهذه الأجواء المليئة بالتحديات التي تفوق طاقته! كائن يتحدى الانهيار، يكتب بسرعة الكلام، ينجز كل شيء وكأن الوقت سينتهي، وكأن الغد لن يأتي، ويعيش كل يوم وكأنه اليوم الأخير!!! لحظة!!!!! لحظة!!!!!!!!!!! لحظة!!!!!!!!!!!!!!!! وكأنَّه اليوم الأخير!!!! هُنا مربط الفرس! يا إلهي! الكتابة تفعل العجائب أحيانا! عرفت القلق الذي أعيشه، وما سببه! عرفت الكائن الذي استيقظ تحت هذه الضغوط! الآن فهمت! ياخي عجيبة النفس البشرية! فعلا، عجيبة!


يوم التصوير، شكله سهل جدا صح؟
أن تصور مرة كل شهر، وأنت ذاهب متشوق لأنك ستعيش فرصة للضوء، للظهور، فرصة تداعب شعورك بالتحقق، وبالنجاح، وبتأثيرك على العالم يختلف تماما عن يوم التصوير الذي تؤديه كواجب، وكمهنة، أو كالتزام!
الذي كسر فكرة خوفه من الكامرة يفهم هذا الكلام جيدا. ومع الوقت عندما تفقد الكامرة، ويفقد الضوء دهشته، يتحول إلى احترافٍ مهني، تسعى أن تؤديه رغم كل ظروفك بإتقانٍ تام.

يوم التصوير! ممكن تتشعفط في أي شيء ممكن! تروح شاطئ، ثم تروح مول، تروح محل، أو تبقى أمام إضاءات وخلفك (كروما) خضراء. ومزاجك ليس ملكاً لك، إنه تحت رحمة المصور، الذي هو تحت رحمة الإعدادات، والضوء، والظل، والانعكاسات!
خمس ثوانٍ فقط قد تأخذ ساعة من الإعداد، فقط لأجل مشهد يعلم من يصوره ماذا سيفعل به في المونتاج!

هذا هو الجانب الآخر من صناعة المحتوى! وهذا لا يشمل إدارة المنصات، ولا يشمل جدولة النشر، ولو كنت من المشاهير، يا إلهي! أنت تتحدث عن ساعات عمل مهولة، كيف لا! وسناب يأخذ منك ساعات وساعات ويحرمك حتى من عيش أبسط لحظة بسبب انشغالك بتغذية منصة تستنزف حياتك ووقتك.

تصور مهما كان مزاجك، الأمر ليس اختياريا، وإن كنتَ أعددت سيناريو تذهب للتصوير بصعوبة أقل عن انتظار اللحظات العفوية وما تجلبه من خطط مفاجئة، قد تضبط معك ويفتح عليك ربنا بفكرة، وقد تتعصلج معك وتشعر إنك حائر وتقول: ليتني كتبت سيناريو!

هل المكان جاهز؟ والكامرات جاهزة؟ تصل والقهوة تلعب برأسك، وتنطلق أمام الكامرة بتدفق عجيب! أم تصل لتجد صاحب المحل متأخرا، والمصور يبحث عن (محول) كهرباء، أو تتأخر لأن في المحل زبائن، أو غيرها من الظروف، تنطفئ القهوة من رأسك، تفتعل الطاقة من نخاعك الوجداني، وتصور.

يوم التصوير، ليس سهلا، لأنك ستدفع ثمنه لاحقا بعد النشر، وبعد خيبة تصوير واحدة يصبح الرعب الحقيقي أن تعيش خيبة تصوير ثانية، أن تبدو باهتا، ومتعبا، ومرهقا، ولأنك لست "روبرت دينيرو" الذي يمكنه إيقاف تصوير فيلم فقط لأنه يريد أن يحك أرنبة أنفه، لستَ هذا الشخص!

مكان مليء بالأسلاك، والإضاءة، يرى المشاهد أجمل ما فيه، وأنت ترى أشد ما فيه صعوبةً، وفوق ذلك، يغلق التكييف أحيانا للحفاظ على جودة الصوت!

عملية صناعية متكاملة الأركان، من السهل أن ينخدع المرء ويظن أنها سهلة، حتى يدخل بنفسه معمعة الإنتاج وخط الإنتاج هذا، بعدها يعرف أي جهد، وأي وقت، وأي تكاليف يحتاجها!

الهاتف أعطى للجميع خيارا سهلا، لكن الذي يحسب حساب عوامل أخرى كثيرة، يعرف أن الكامرة هي الشيء الوحيد الذي ينجزه.

وفوق ذلك، تعيش وتتعلم، وأسوأ مقلب في التاريخ، المايكرفون يفقد بطاريته في منتصف الطريق!

يا إلهي، لو بدأت لن أنتهي حتى صباح بعد غد.
كان يوما مرهقا.
والآن عقلي يرفض أن يهدأ