بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 5 أكتوبر 2024

وكل ملاقي دروسه!

 سبحان الله، وكيف لله في عدله، وفي خلقه شؤون! وأسأل الله أن يقيني شرَّ التجارب السابقة في هذه الحياة. لعلكَ لا تعرف ما الذي يدخره الله لك عندما تظلمُ الآخرين! ولا تعرف ما سنن العدل التي وضعها بين البشر! والذي لا يتعظ من تجاربِ غيره، سيتعظ من تجربته الخاصَّة.


وما أصعب شيء على الإنسان؟ هل من أصعب أن يكون مضغةً حلالاً في لسان الناس؟ هذا ما يعاقب الله به الذي يظلمُ الآخرين، ويرقص على جروحهم، ويتخذ الخيارات الخطأ في اللحظةِ الخطأ. وما الذي يحدث داخل هذا الحال؟

تخيل معي، كلبٌ سافلٌ يخوضُ في حياتك بلا حساب وبلا عقاب. سفيهٌ يتفوه بما يشاء عنك، تصبح مشاعاً، متاحاً، لأي بهيمةٍ في الشارع. هل تتخيل هذه الحياة؟ وهذه العقوبة؟ عندما يأتي شامتٌ قذر يتطاير اللعاب من شدقيه، فرحان بوقوع إنسان في القاع، وتحوله إلى حكاية اجتماعية تؤخذ إلى الموت النهائي.

هُناك من يتغذى على أوجاع الآخرين، وليس الشامت فقط، أيضا هُناك ذلك السمج الذي لا يفهمُ اقتحامه لحياة الآخرين. الشامت حقير، يقوده عفنه الداخلي إلى بث التقيؤ، وياللعجب! ينعكس ذلك عليه بالكراهية، ومقت الناس، وعدم ثقتهم به، وهو يشمت ويمارس هذه اللذة الآثمة، يخسر ويكوّن الجميع تجاهه شتى أنواع الحواجز والمحاذير، وهو يتقيأ، والناس تنفض عنه وهو لا يفهم ويصيح بذعر: ما الذي حدث لي؟ ما الذي حدث لي؟

حدث لك عدل الله في الأرض، فاحمده أنَّه عاجلك ولم يمهلك. على الأقل لديك فرصة لتغيير مسارك، وللتعلم من أخطائك، وللنمو بعدها.
أن تكون سمجاً، تتدخل في حياة الآخرين، وأن تكون شمَّاتا محترفا، تظنُّ أن بحثك المجنون عن الآخرين الذين يسقطون في الخطأ، أو في الخطيئة، وتعتقد أنَّك تفعل خيرا، أنت لا تفعل خيرا، ما تمارسه قذارة نفسية لا أكثر، اعتداء على نفسك، ومع استساغة هذا السلوك سيبدأ في الظهور عليك، وعلى من تحب، ومع الوقت سترى تلك الهالة التي تحولك تتحول إلى سجن، من أنت؟ شمَّات، سمج، تقفز فيما لا يعنيك، والعلاقة بينك وبين الأفكار هي علاقة شخصية، تفقد تفكيرك، تتحول إلى غبي، وأنت غارق في المكابرة، والعموميات السطحية، وفوق ذلك تعتقد أنَّه حق من حقوقك!

من واجب المرء على نفسه أن يكون صلباً، وشرساً في الدفاع عن نفسه أمام هذه الزبالات البشرية. الشمَّات ليس أكثر من زبالة بشرية قادمة من [درامات] ومرادم الأشخاص الذين ماتت أحلامهم، وفقدوا الطريق إلى غدهم، وشعروا أنَّ الانشغال بالآخرين وأخطائهم خير لهم من بناء حياة لهم، وإلا فماذا يصنع الفاشل غير ذلك؟ ما الذي يفعله الفاشل في هذه الحياة؟ ينشغل بكل طاقته بأي شيء إلا ببناء حياة خاصَّة به، يتحول إلى مخرِّبٍ هاوٍ يمارس هذه الهواية الآثمة ولا يعرف ما الذي ينتظره في نهاية النفق المظلم!

الدفاع عن النفس أمام سماجة الغرباء يبدأ ببناء الحدود الضرورية مع جميع الناس. سؤال: هل له حق في ذلك؟ هو أول الأسئلة الضرورية لبناء هذه الحدود.
السمج يبدأ حواره بالاستحقاق الغبي، وكأنَّه يتدخل في شيء يعنيه، ثمَّ إن سمحتَ له بالدخول لعالمِك، يوزع الأوامر عليك كأنَّه يعرف الصواب الفلسفي، والاجتماعي، والنفسي، والسياسي، ولا يتوقف، سيدخل في نخاع عظامك إن تيسر له ذلك. هي مهمة من أن يبني الحدود؟ مهمتك أنت، وفي ظروف ما صعبة للغاية، مهمتك أنت أن تدافع عن حدودك، وقد تضطرك الحياة لخوض حروبٍ شاقَّة فقط لكي تخرج من غزو الغرباء لعالمِك.

التنازل عن الحدود الشخصية مع إنسان واحدٍ، قذرٍ، وسمجٍ، ويتدخل فيما لا يعنيه، ويمنح نفسه استحقاقا فوق مكانه، ومكانته في حياتك هذا شيء، وأن تسمحَ لعموم كبير من الغرباء فعل ذلك دون ردة فعل هذا هو الانتحار الاجتماعي، وإن لم تتعلم من تجاربك السابقة، فتعلم لتحمي نفسك من تجاربك القادمة. ثمة خلل في نظامك الحدودي النفسي، خلل هائل يجب عليك إصلاحه، والطريقة المثلى طبعا هي الحصول على الإرشاد الملائم من الشخص المختص، قد تحاول ابتكار أدواتك الخاصَّة وتصل للصواب الصحي، وقد تتأخر في ذلك فتصل للصواب متأخرا، أن تصل خير من أن تترك الباب على مصراعيه وأنت تنتظر أن تغير الحياة من طبيعتها فقط لأنَّك طيب زيادة عن اللازم.

الشامتُ كلبٌ بشريٌّ قذر، والسمج يرقةٌ بشرية دبقة ولزجة. لا يوقفهم شيء، بلا وجوه ليخافوا عليها، وبلا محاذير، ولا مخاوف، أناسٌ بانتظار دروسهم الكبرى في هذه الحياة، وكل إنسان ملاقٍ درسه الأكبر في هذه الحياة، ومن رحمة الله أن تعيش دروسك الكبرى في سن العشرين حيث الخطأ جزء من ياتك، لا أعرف ما مصيرك إن اكتشفتَ أنَّك شامتٌ وكلب بشري سمج وأنت في عمر الخمسين! لعلك ستجد وسيلة للحياة وللنمو، ولعل معركتك ستكون اصعب، مع ذلك!!
لا تتوقف عن المحاولة، سواء كنت في طرف المعادلة الهش الذي وجد نفسه في ورطةٍ من ورطات الحياة ولا يجيد مواجهتها، تعلم، مضطراً، وجد لنفسك المساعدة والنصح، وإن كنت في الطرف القذر الذي يتعامل مع آلام الآخرين بفضول، وسماجة، واقتحامية، وقذارة، تعلم أن تواجه العفن الداخلي، لعلك ستجنب نفسك دروسك الكبرى في هذه الحياة بالقليل من الحكمة والحفاظ.

قبل أن تصبحَ سمجاً يوزع الأمر والنهي على حياة الآخرين، فكِّر قليلا في أفعالك. روحك الملطخة بغائط الاستحقاق، وبسوائل المرادم الفكرية التي جئت منها، هل تعرف إلى أي مدى تركتك إنساناً لامباليا، تتلذذ عندما تجدُ مصيبةً تتدخل فيها كأنك طرف فيها! فكر قليلا في هذا التصرف المنحط الذي يعكسُ وجهك القاتم الذي ترهقه خيارات إنسان وصل إلى مرحلة من الاندفاع في السماجة، ولا يفهم لماذا يجد رداً لا يعجبه من كثيرين.

لو وصلت حالتك إلى أن يقول لك الناس عدة مرات: لا تتدخل في حياة الآخرين الشخصية، فأنت على موعدٍ مع دروسك الجيدة. لأنك سمج، وإنسان بغيض، وتستحق الإهانة، وربما تستحق ما هو أكثر إن لم تتوقف عن هذا الاستحقاق الغبي الذي لا تعرف بم سيعود عليك. وحتى وإن كنت تلوك الصوابية، أو تزعم كذبا أنَّك إنسان طيّب يريد الخير العام، هذا لا يغير من حقيقة الأمر، أن بناء تدخلاتك الاقتحامية في حياة الآخرين قادم من شعورك أنَّك "تستحق" ذلك.

صناعة الحق في هذا الفعل إن كانت شخصيةً فهي فعل محتقر، تخيل، أن تفعل ذلك بينك وبين إنسان، هذا فعلٌ محتقر، فما بالك أيها السمج الوضيع أن تفعل ذلك علنا؟ تفتح الأبواب لكل الفئران والخنازير الملطخة بالغائط لتفعل ذلك في حديقة إنسان آخر بكل وضوح يقول لك: لا أرحب بك!

لذلك لما تكون سمج، ولوح، وفأر وضيع، ومتطفل، وفضولي، وتلوك ما شئت من استحقاق الصواب العام، على الأقل اعترف لنفسك أنَّك تعاني من مشكلة، لعلك ستجد طريقا أو طريقةً لحلِّها. تتدخلُ فيما لا يعنيك "وتزعل" عندما يوقفك شخص عند حدَّك، أنت حالة إبداعية من السماجة عالية المستوى، لزجٌ محترفٌ، وستتعود على قبول الإهانة ممن يرفضك، وهو موضوع وقت قبل أن تتشوه، وتتلوث نفسيا وتبدأ في البحث عن من تهينه. اقطع المعادلة من البداية، ولا تكن سمجا، ولا متطفلا على حياة الآخرين، ولا على خصوصيتهم ففي هذه الحياة ما يسمح لك بغدٍ أجمل إن درست أخطاءك وغيرتَها، وأيضا في هذه الحياة ما يودي بك في عواقب سلوكك الاقتحامي لحياة الآخرين.

أن تكون سمجا، ومتطفلا، وفوق ذلك عدوانياً مع الآخرين، أنت لست أكثر من مشروع مأساة في هذه الحياة، وستصنع خسارتك بكل حماسة حتى تصل لها وبعدها لعلك ستتعلم من دروسك، أو ستعيش عمرا من المكابرة قبل أن تصل إلى النهاية التعيسة لكل من يشبهك. تخيَّل أن تعيش وكل من حولك مثلك! سمجٌ، يبحث عن أقرب إهانة بلا عواقب يمكنه أن يوجهها لغريب، شمَّاتٌ يعيش في حظيرة الخنازير بين الوحل والغائط.

لا تعط لتطفلك صفاتٍ قيمية عالية، أنت سمج، هذا اسم ما تفعله، ولا تعط لتدخلك فيما لا يعنيك صفات في غير موضعها، الصواب العام موضوع فكري، والنصيحة موضوع شخصي، والتشهير ليس نصيحةً، والاعتداء على خصوصية إنسان حماه الله قبل أن يحميه قانون الناس، فكل أعذارك التي تخفي بها عفنك، وسلوكك المنحط ليست أكثر من تبريرات لإنسان ضعيف هو أنت، ضعيف أمام نفسه، وأمام اندفاعه الأقوى منه، اندفاع يخفي وراءه روح ملوثة بالشماتة، وسلوك ملوث بالتطفل، وشخصية متخمة بالسماجة، فلا تكن هذا الإنسان!

وماذا يحدث في حياة (السمج الهاوي) هو عادةً يشتغل في محيط هؤلاء الذين يعانون من مشكلة في بناء حدودهم الشخصية. يتسلى باقتحام حياتهم، ومع الوقت يتدرب على هذه السماجة، والتدخل في شؤون الآخرين. وتكبر الهواية، وهذا السمج يفكر أن يدخل في دوري الاحتراف في التدخل في حياة الآخرين، حتى يقع مع الأشخاص الخطأ، وفجأة يضربه (جلتش) .. وكأنه وجود شخص طبيعي في سلوكه يفاجئه! لأنَّه سمج باختصار، ومتطفل، وبلا كرامة، ولا يفهم أنَّ حياة الآخرين ليست ملك يديه. عندما تتدخل في حياة إنسان فأنت تعامله كعدو، وسيراك عدواً. التسلط، أو التدخل، والاقتحام في حياة إنسان لا يختلف عن محاولتك دخول بيته عنوةً، لا تستغرب ردة فعل عدوانية وأنت غارق في سماجتك تظن أنَّه "من حقك" أن تتدخل في حياته. لذلك أيها السمجُ الذي لا يفهمُ ما الذي يفعله، أتمنى أن تعلمك الحياة ما يجعلك إنسانا أجمل مما أنت عليه الآن. لا شيء يجعلك تبرر لسلوك اقتحامي، ولا شيء يجعلك تجد له أي تبرير، سمّه باسمه، وابدأ رحلة النمو في تغيير هذه القذارة، وانبذها، فالله جعل طريق عودة للجميع، وأنت رغم كل بذاءة ما تفعله بالآخرين الآن لديك الفرصة، لكنها لن تكون وأنت تكابر، وتبرر، وتحاول أن تجعل استحقاقك الغبي هذا شيئا طبيعيا يمكنك أن تكمل حياتك به!