بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 أكتوبر 2024

تغريدة: بناء الحدود






 



مرحبا أخي العزيز، أرد على هذه التغريدة التي وردت منك في حسابي الشخصي، وهذا الرد ليس أكثر من سانحة لتوسعة النقاش، ولأخذه إلى مناطق أخرى لعلها تطرح شيئا من الفائدة لي ولك وربما للآخرين: - بدأت كلامك بكلمة "أحسّ" وربطت ذلك بمشاهدات ورصد لديك أن حساباتي بها خاصية الاشتراك. هذا في حد ذاته مؤشر على الانطباعية التي في غير محلها، والتي لا "أحسُّ" إحساساً أنَّها في غير محلها، بل أذهب إلى ما هو أبعد. - الحسابات والمنصات هي أصول رقمية، معترف بها، من قبل وزار التجارة، وينظمها إضافة إلى القانون العُماني قانون عالمي. لذلك تساؤلاتي لك كما يلي: * هل من المنطقي أن أتدخل في أصولك المادية أو الرقمية؟ لو كانت لديك عِمارة وتؤجرها، هل من المنطقي أن أعتبرك ماديا لأنك تسعى لاستخدام أصولك في طلب الرزق الحلال؟ * لماذا هذا التدخل في حياة شخص آخر؟ ما وجه الاستحقاق الذي سمح لك بذلك؟ طبعا أقول ذلك بلطف شديد لكنني حقا أتساءل، ما الذي يجعل هذا التصرف "عاديا" علما أن إسباغ صفة [العاديَّة] الاجتماعية غير منطبق لأننا لسنا أصدقاء، ولا تربطنا سابق صلة لكي أعتبر الأمر حقا من حقوق الصديق الذي يسأل بلطف وفضول مستحق نتيجة طبيعة العلاقة والمكاشفة بين صديقين. * المشتركون في أي حساب هم أشخاص في "سوقٍ" رقمي، وهم يعلمون أن اشتراكَهم يعطيهم امتيازات، كما أن اشتراكي في تويتر أعطاني امتياز كتابة هذه التغريدات الطويلة، ما وجه التدخل الذي تقوم به في علاقة بين مقدم خدمة في أصل رقمي يملكه، ومستفيد من هذه الخدمة، هل من المنطقي أن أتدخل في مؤجرين في بناية تملكها، أو لو كان لديك مكتب سيارات، هل تتوقع أنني سأتدخل في علاقتك بينهم ولو بسؤال؟ - أنت تقول إنسان "مادي" طيب، أنا رجل أعمال [كحيان جدا طبعا] ولكن على الأقل هذه الصفة الرسمية، ولدي سجل تجاري (أيضا كحيان جدا) هل من الغريب أن أطلب الرزق وأقدم خدمات رقمية؟ هذه ليست مادية، هذا يوم عمل طبيعي جدا في عالم المنصات الرقمية، وهي من المهن غير النمطية والتي أتمنى أن يخوض غمارها آخرون هذه هي صناعة الأسواق، وفتح باب للوظائف غير النمطية. - الأمر ما يتعلق بإني زعلان من تغريدتك، الأمر يتعلق بإني فعلا مستغرب إنه كل هذي السياقات الأخرى المرتبطة بحقوق إنسان لا تعني لك شيئا لكي يكون أول تواصل بيني وبينك في هذه الحياة مبني على كلمة "أحس" ولاحقا إلصاق صفة وكأنني أرتكب جريمة في حق الكون بوجود اشتراك في حسابي. - رأس مالهم اثنين من المشتركين، شكلك فعلا وقعت مع مادي متعثر بينما نسيت إيلون ماسك من إحساسك الجميل. - لا تثريب، وقعت في أخطاء أشد من تدخلاتك هذه، ولقد تعلمت، ونموت، وأكتب لك هذا السرد العريض الطويل على أمل أن ينفعك كلامي لكي نعرف الحدود التي بيننا كبشر، ومتى هذه العفويَّة، والعاديَّة الاجتماعية تتحول إلى اقتحام لمساحات خاصَّة جدا، وبالذات في شؤون الرزق، وطلبه، هذه فعلا مساحات لن يروق لك أن يتدخل فيها شخص لا تعرفه. - عارف إنك حسن النية، وإنك ما قصدت كل ذلك، لكن حسن النية ما يعني إنه الأفعال لم تملك مقاصدها. - الله يحفظك ويكتب لك الرزق الحلال الوفير.