بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 نوفمبر 2024

صرخةٌ أخرى لإنقاذ كرة القدم!


لم تكن مقابلتي مع ديفد ليون رئيس سوكا العالمية إلا بالضبط مثل توقعاتي، ولا عجب أن تنشأ تلك الثنائية الرياضية بينه وبين وليد العبيداني الرئيس التنفيذي لصناع الرياضة. العالم يتغير، ومعه تتغير المفاهيم، وأيضا تتغير معه حركة الاقتصاد الرياضي، كل تلك الكيانات الرأسمالية الضخمة التي تحولت إلى بورصات، وإلى مزايدات مالية، وتحديات احتكار، تتلقى اليوم منافسين جدداً في الساحة العالمية. وسوكا إحدى هذه الابتكارات/الحلول. وقد يبدو لك عزيزي القارئ جديدا، وقد يبدو لك مختلفا، وقد يبدو أيضا مستغربا، وقد تظن أن هذه ليست أكثر من فعاليات كرنفالية سريعة تتلاشى سريعا! الأمر ليس كذلك، الأمر مرتبطة بحركة عالمية تعيد الرياضة للناس، وتوقف ذلك الاستلاب الذي مارسته الرأسمالية التنافسية (والتي لا شيء سيء في كونها تنافسية، ولا شيء سيء في كونها تفعل ما تفعله عندما تنفع الناس)، سوكا صرخةٌ في وجه كل ذلك الضجيج الذي سحبَ من الناس العاديين الكثير، وهذا ما خرجت به اليوم في الحوار مع ديفيد ليون، الحماسة العالية للفكرة، محليا وعالميا. شعرت بالأسى الشديد عندما وجدت مجموعة من الشباب العُمانيين من الجيل الجديد، القلة القليلة التي تعاملت مع الموضوع بسخرية واستهزاء. ليتك حضرت المكان لتعرف سر حماستي؟ هل تتوقع إنها الرياضة؟ أو أنني رياضي حتى النخاع؟ كلا يا عزيزي، أؤمن بهذه التجربة لأني عُماني حتى النخاع. ألا يكفي فوز المنتخب العماني على المنتخب الإيطالي المدجج بالمواهب؟ هذا حقا لا يكفي؟ ولهذا السبب، ولأحافظ على سلامة حماستي اتصلت بوليد العبيداني، وقلت له أنني قررت أن أجعل جميع عملي في صناع الرياضة في بطولة كأس العالم عملا تطوعيا، فقط لأسمح لنفسي معنويا أن أستمد طاقتي من الإيمان بالفكرة أكثر من تجليات الطمع التي تجعل الإنسان يفكر بالمال أكثر من كل شيء، قرار شعرت أنه صواب، وفعلا، هذه الصوابية هي التي جعلتني اليوم في المدرجات أنطلق كصانع محتوى أكثر من موضوع التسويق، والترويج وغير ذلك. أحزنني الذين لم يفهموا الفكرة، ولم يعرفوا ضخامة الحدث، ولم يعرفوا كيف أن رياضات مثل سوكا تتنشر في العالم انتشار النار في الهشيم، لأنها من الناس، وإليهم، وكما هو شعار صناع الرياضة، من المجتمع وإليه. صناعة الأسواق فن يحتاج إلى عبقرية، وهذه العبقرية لن تفهم في بدايتها، والذي رأيته اليوم من استفادة للشباب العُمانيين الذين حملوا هذه الفعالية على عاتقهم، والمشاريع التي استفادت من تلك المدرجات المليئة كنت أقول في قلبي: هذه البداية فقط!! كيف ستسير الحكاية بعد سنين! أنا مؤمن حقا أن هذه الفكرة سيكون لها ما بعدها، فكرة سوكا السداسية، وفكرة صناع الرياضة التي جعلت كل هذا ممكنا، وثمة من آمن بهذه البطولة، وجعلها ممكنة، وثمة من يعمل فيها ويجعلها ناجحة، وهناك من يحضرها ويستمتع بها. كل الذي أقوله للقلة القليلة من الذين تعاملوا مع كل هذا الحدث بالانتقاص والسخرية، إن لم يكفك استفادة هؤلاء الشباب العمانيين ماديا من الحدث، على الأقل، اعتبر الأمر استفادة على صعيد بناء الخبرات، والتفاعل مع العالم، وما يُنقل من المشهد العماني إلى العالم. على الأقل اعتبر أن الوصول العالمي الذي تحقق سوكا له فائدة لعمان، وإن لم تنظر للأبعاد السياحية والاقتصادية والرياضية للمسألة، على الأقل انظر بقليل من النقاء والمحبة لأبناء بلدك، وانظر إلى إنجازهم لإنجاح هذا الحدث العالمي. إن لم تدهشك قصص النجاح، ولم يدهشك الابتكار، ولم يدهشك كل هذا، على الأقل انظر إلى الجماهير التي عاشت جوا جميلا وممتعا، وانظر إلى كل ما تحققه الرياضة في النفوس من مشاعر نبيلة، ومن رسائل صحية ونفسية نافعة. إن لم تنظر لكل ذلك، فعلى الأقل انظر إلى نفسك وتعاطف معها واحضر هذا الحدث ولو لمرة واحدة، أنا متأ:د أنك ستعرف سر حماستي الشديدة، وستعرف لماذا آمنت بالفكرة، وستعرف لماذا نسفت فكرة التعامل التجاري بيني وبين صناع الرياضة لأصبح متطوعا متحمسا في هذه المنظومة. ستعرف أن الأمر يتعلق ببناء مستقبل عالمي للهواة، وهذا يشمل عُمان. كلي آمال بذهاب صناع الرياضة، بل وأقول أيضا، ومنافسيها المستقبليين إلى صناعة سوق رياضات الهواة في عمان، هذا لن يخدم على صعيد اجتماعي، بل أيضا عبر السنين، سيخدم المشهد الاحترافي العُماني بكل هؤلاء الذين كانت بدايتهم هُنا، في مثل ذلك الاستاد الذي قد يبدو لبعض الساخرين صغيرا، لكنه كبير في فكرته، وكبير في تأثيره. كان يوم افتتاح مذهل، وتعمق إيماني بالفكرة، وتعمقت حماستي تجاهها، وصنعت محتوى جميلا للغاية كان متناثرا على الرصيف الزمني والمكاني لذلك المكان العجائبي. لن تفهم مشاعر الحماسة التي لدي حتى تزور المكان بنفسك، ووقتها تعال وقل لي: أنت مخطئ يا معاوية! إن لم يكفك أن هذه البطولة تقام في عُمان، بكل ما تنفع به مجتمعها، فلا أعرف إن كان هذا الكلام سيكفيك فقط لكي تجرب، وأن تحضر مرة واحدة فقط، ومن ثم يمكنك أن تطلق ما تشاء من أحكام جارحة. معاوية الرواحي متطوع في بطولة كأس العالم سوكا 2024