وجيد أنني عدت للكتابة، وهذه وحدها لها دور آخر كبير، من الجيد أن (أكتب) عنها أيضا في قادم الأيام.
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الخميس، 26 ديسمبر 2024
لنفسك عليك حق!
في الأشهر الأخيرة، قررت أن أرهق نفسي، والنتيجة كانت جيدة في البداية، وهكذا ظننت الحياة (ملايعة) المال، والنجاح، والتحقق، ورميت بنفسي وصحتي في آتون هذا السعي، ولكن ما هي إلا شهور حتى بدأ المفعول العكسي لنمط الحياة هذا بالظهور. وفي الأسابيع الأخيرة، بدأت شبح الخسارات، والقرارات الخاطئة، والتركيز، والأسوأ الجفاف الإبداعي، وهذا بالذات يعني خسارة هائلة على أصعدة متعددة في حياتي.
سبعة أشهر! لم يحدث لي في حياتي من قبل أن عشت هذا الضغط الهائل، حتى الثانوية العامّة التي أحرقت أعصابي وخلّفت آثارا مزمنة لم تكن بضغط هذه الأشهر السبعة. كان كل شيء يسير بصورة معقولة، رغم الزحام، والانشغال، بسبب ورقة خفية وصغيرة لم أحسب لها حسابا!
تنس الطاولة!
تخيّل، هذه التي غفلت عنها، كانت هي السبب الرئيسي في احتمالي لكل ذلك الضغط، وفي اللحظة التي بدأت أعتدي فيها على حصص الرياضة الأسبوعية، بدأت الأمور تأخذ منحنى سيئا للغاية.
أول شعور هو: ما الذي أفعله بالضبط! أتعب لأجل أي حياة؟ هل هذه الحياة التي أتعب نفسي من أجلها؟
وللنفس مناعةٌ تجاه هذا الاحتراق، ذلك الشغف الذي كنت أزود به نفسي للعمل وللدراسة انتقل إلى شعور هائل من شلل المهمات (Task Paralysis) والمهمة البسيطة أصبحت تؤجل وتؤجل حتى تحين جلسة تنس الطاولة، بعدها ينقضي العمل.
ثمَّ انفرط العقد، وبدأت ألعب بالخطوط الحمراء، وصرت أسلّم وقت تنس الطاولة لاجتماعات مع الفريق، أو العملاء، أو أخصصه للرد على الاتصالات المعلقة، وهُنا بدأت النفس المرهقة برد الضربات، وبدأ العقاب الداخلي يأخذ عدة أشكال من الاضطراب، والعصبية، والضيق الشديد، والقرارات الخطأ!
قال (زينهم) وهو لاعب تنس معنا في الأكاديمية ذات يوم كلمة لفتت انتباهي: "وقت التنس الذي نقضيه قد يكون الوقت الوحيد في اليوم الذي نقضيه بلا شاشات وبلا هواتف!"
فعلا، استراحة المحارب الرياضية ليست رفاهية، أو متعة، إنها ضرورة. ضرورية للعمل، ضرورية لكي يسير على ما يرام، وضرورية لكي تكون الأفكار الإبداعية أكثر جودة. التخطيط يصبح أفضل، الواقعية تكون أكبر. وباختصار، تنس الطاولة جزء من جودة العمل، وهذا ما وصلت لها كخلاصة.
وأنا أعيد حساب المكاسب والخسارات في الأشهر السبعة الأخيرة، ترسخت لدي هذه القناعة بشكل لا لبس فيه، وقت الرياضة لا تفريط فيه، هو وقت (التزام) وأي موعد يتعارض مع تنس الطاولة يؤجل، يغير، يفعل به أي شيء سوى أن تسلم رقبة الحصة الرياضية لأي مشاغل غير طارئة.
أن تنفق وقتك في صناعة الفرص، وإمساك خيوطها هذا شيء جيد، لكنه لا يدل على أنك تفعل ما هو صواب، الصواب هو أن تعرف حدود احتمالك النفسية، وأن تجنب نفسك الاحتراق الذي نهايته وخيمة على كل الأصعدة.
الأمر لا يتعلق بالمال، يتعلق بالحياة، وقد يصنع المرء مالاً هائلا باحتراق مدته شهر، ولكن احتراق مدته سبعة شهور، ماذا يعوضه المال إن ذهبت الصحة؟
أعتقد أنني تعلمت لأول مرة منذ أن بدأت حكايتي مع أكاديمية التنس معنى التنس وقيمتها في حياتي، ليست التنس فقط، ولكن الرياضة بشكل عام. خطأ لن أكرره، مهما كانت المشاغل، تنس الطاولة هي جزء من (المشاغل) لا تسلم قرباناً لأي مكسب مهما كان مغريا، لأن هذا الصفاء الذهني هو ما يقود لقرارات حكيمة، وليس الشعور بملاحقة قلق الخوف من التقصير ..