بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 سبتمبر 2025

مفهوم أنه غير مفهوم!

للآن ما فاهم موضوع عجيب وغريب. وهو اعتداء نتنياهو على قطر! حتى هذه اللحظة أحاول تقليب الأمر من كل جانب لأجد فيه منفعة ما تخص إسرائيل ولم أجد! قصف عدو لإسرائيل، في قلب دولة عدو لإسرائيل أيضا لا يشكل مجازفةً رعناء بالمنطق الإسرائيلي. حتى للمجتمع الدولي، فهما يتحاربان ضمنيا، ولاحقا فعليا، والأمر واضح. نتنياهو بهذا السياق يكون قد حقق اختراقاً، ويطلع فيها ملك اليهود الجديد، ويؤسس لنفسه مكانة وهمية لبن جوريون عصر التكتوك والاحتفال بقتل الأطفال وغيرها من الشؤون اليومية العادية لإسرائيل. حتى على صعيد أزمات نتنياهو السياسية، ورغباته المهووسة في إيجاد حلول تاريخية، واختناقه، وتقديم نفسه كدرع يتلقى كل الضربات نيابةً عن اليمين الجاهز أيضا لاستبداله، وهو سياسي أمريكي الذهن ربما أكثر عن هيلاري كلينتون عندما يتعلق الأمر باللعبة المعقدة التي يحافظ فيها على لعبة المقاعد. كل هذا مفهوم، كل هذا متوقع، كلب مسعور مثل نتنياهو يتوقع منه أي إنسان الذهاب إلى أي أشكال من الجنون. حتى الإبادة، والتجويع، وقصف المستشفيات، كل هذا أيضا متوقع من جرذان الجيش الإسرائيلي وقائدهم المسعور. كل هذا منطقي ضمن سياقهم، ونازيتهم، ودمويتهم، وأحقادهم، وجنونهم، وانكشاف حقائقهم للعالم، ولا مبالاتهم بأي شيء أممي، أو ديموقراطي، أو السلام المزيف وغيره. أيضا كل هذا في السياق. الذي يجعلني أقفُ حائرا هو الاعتداء على دولة وسيط أولا، ودولة عربية مسالمة ثانيا، ودولة وسيط ثالثاً. لأنَّ إصابة نتنياهو بالجنون ليس احتمالا بعيداً بعد كل هذا الإشعال الأهوج لما قد يتحول لحرب عالمية ثالثة! حاولت البحث عن أي مصلحة إسرائيلية في المسألة، ولم أجد سوى نتنياهو في المعادلة! هو وجنون نهايته، كلب مسعور خائف من التقاعد والذهاب إلى مزابل التاريخ ليرى بأمِّ عينه كيف يُكتب تاريخه نيابةً عنه، وكيف يحوَّل إلى الأضحية والقربان القادم لإسرائيل الجديدة التي (تعلمت من دروسها) وقررت أن تصالح العالم والحياة وتطبع مع الدول العربية. أتمنى حقا أن يهديني أي شخص لأي منفعة ميكافيللية يمكن أن يقود إليها اعتداء إسرائيلي على قطر! لا أفهم! الشيء الوحيد الذي يمكن فهمه هو أنَّ نتنياهو يدخل حالة شمشون. بايدن الله يذكره بالشر والوبال على الأقل كان أكثر حذراً من تهور كلب إسرائيل المسعور هذا! لم يقحم أمريكا في الميدان، اكتفى بلعبة المال والدعم والإعلام والتواطؤ. لكن ما حدث في قطر! فعلا غريب. فكر بالمصلحة الإسرائيلية وتضادها مع مصالح نتنياهو، سنجد جنونا يشبه الأيام الأخيرة لأي دكتاتور في الدول التي كانت سابقا تحت مظلة الاتحاد السوفييتي وبكل عفوية ومخابرات أمريكية سقطوا بانقلابات مستحقة ولكنها أيضا كانت مدبرة. ثانيا نتنياهو وترامب زملاء في عالم الكلاب المسعورة. نتنياهو كلب مسعور، وترامب أسد سمين. كلاهما لديه طريقته في خوض لعبة القوة والهيمنة، تهاجم بهذه الطريقة ما يجعل أمريكا في حالة فقدان لخيوطها المهمة في الشرق الأوسط؟ وضمن ذلك مسارات سياسية معقدة ومتشابكة؟ ما مصلحة إسرائيل من ذلك؟ بصدق لم أستطع أبدا إيجاد أي منطق سوى شيء واحد: نتنياهو إما يهدم المعبد فوق رؤوس الجميع، أو يعيش أوهام أرمغدون وحرب النهاية الكبرى، عدا ذلك! كل هذا بلا منطق أبدا. ردة الفعل العربية، والبدء في صناعة أدوات حماية ووقاية، وغيرها انطلقت بكل قوتها. والخير في بطن الشر يقول لك: لعل هذه الأمة، وهذه المنطقة كانت تحتاج لسبب واحد فقط لكي تعود إلى رشدها، وتتكاتف، وتعرف أنَّ زمن المنطق انتهى، والتعامل مع الصهيونية الأمريكية، والأمريكية الصهيونية لم يعد أبدا وفق توافق مصالح، أو تشابه أهداف، الأمر أصبح ملطخا باللوثات التاريخية، وجنون الأفراد، وتآكل الأنظمة الديمقراطية، وتعفن الحضارات، والوعد الهائل بالشقاق الكبير. لعل هذا هو الخير الوحيد المأمول من هذا الشر الذي يطرح ألف علامة استفهام، هل هناك أي منطق في كل هذا الدمار والقتل؟ ولكي يفهمني القارئ العزيز، عندما أقول (منطق) لا أقصد شيء يقبل به. الإبادة منطقية، هذا لا يعني أنها مقبول، لكنها منطقية، منطقي جدا أن جيش جرذان حقير سيمارسها، ومنطقي جدا أنها تشكل مصلحة لنوايا إماتة دولة فلسطينية، ومنطقي جدا أنها تعيد إحياء لعنات الدم في الأجيال الإسرائيلية الجديدة. هذا منطقي، مثل منطقية هجوم بوتين على أوكرانيا، مثل منطقية الناتو وأوروبا في ردع ذلك. منطقي لأن به مصلحة ما، العقل لا يجد حيرة في فهم سببه. أما هذا!!! هذا ليس أكثر جنون أنا ومن بعدي الطوفان. جنون شمشون، ونهاية كلب نازي مثل نتنياهو أصبح غير المتوقع جزءا من المتوقع من قبله. أقصى أمنية لدي كإنسان عربي، هو أن يكون هذا نداء يقظة حقيقي، بين الشعوب العربية، وقادتها، وجيوشها. العدو الحقيقي خدش بمخلبه أسمال السلام المهترئة. والله يستر من وراء مآلات كل هذا الوضع، لأنَّه ترامب ونتنياهو من جانب، وبوتين من جانب، وكل الحشد للقوات العسكرية، كل هذا لا يبشر بخير! أرجو حقا ألا نكون مثل من سبقنا بأجيال، ظنوا خيرا بالبشرية حتى أهلكت الحروب العالمية مسار التطور البشري وحصرته بمجانين يظنون أنهم يقودون دفة التاريخ في العالم! والله غالب على أمره