سمعت
أخبار منظومة الحماية الاجتماعية، ودارت في بالي مجموعة من الأفكار والأمنيات التي
أتمنى أن تتبع هذا التغيير. الأمنيات أن تكون هذه المنظومة ضمن خطوة جادة للذهاب
إلى مرحلةِ الاقتصاد الكبير، ولا أقصد بذلك المصطلح المتعارف عليه في علوم
الاقتصاد، أقصد [اقتصادا كبيرا]. الرأسمالية العالمية كافية للغاية لكي تقوم
بإنشاء دولةٍ من الصفر وتجعلها ساحقة النجاح، فعلت ذلك النماذج الشرقية، ودولٌ
انتشلت نفسها من الفقر والجهل والجوع إلى محطات عالمية وعواصم جاذبة للمال،
وللبشر، تنتج المعارف، وتصنع الفرص، وتضيف إلى مائدة المجتمع الدولة صنوف الابتكار
والتجديد.
إن فكرة
رأس المال الجامد التي سيطرت على الاقتصاد العُماني لسنوات فعلت ما فعلته في واقع
المعيشة، وجاءت سنتي كورونا لكي تكشف لك تراجع ملحوظ في القوة الشرائية، وفي عامل
المجازفة الذي تأخذه الوحدات الاقتصادية الصغيرة، ما زال السوق العُماني كما هو
عليه رهينة في يد مجموعة متمكنة سلاحها الرئيسي هو الاحتكار، ماذا نفهم من هذا
الزخم الذي يدور حول هذه المنظومة؟ مبدئيا يمكننا أن نفهم أن التوجه إلى دعم قاع
الهرم يعني تغييرات قادمة ستؤثر عليه بالضرورة، كيف ستكون هذه التغييرات؟ لا أحد
يدري، لكن المأمول هو أن تكون في صالح اقتصاد عُماني جديد في الشكل والمضمون، أساس
إنتاجيته إكثار الوحدات الاقتصادية الصغير والمتوسطة، وبالتالي تحولنا مع الوقت
إلى دولة القطاع الخاص.
قد حان
الأوان منذ سنوات طويلة أن نتوقف عن فكرة أن الميزانية العامَّة للدولة تأتي من
النفط، ثم تتحول إلى رواتب، هذه النظرية الجامدة فعلت الأفاعيل وحان وقت تغييرها.
أمنياتي
لعُمان تتلخص في أمور قليلة، أولها صناعة سوق قادر على النمو، إيقاف فكرة التعليم
بناء على سوق العمل وترك ذلك للقرار الشخصي، إنشاء منظومة تبدأ من قاع الهرم [وهذا
ما يحدث حاليا] وأن تكون المبالغ المصروفة غير جامدة، وأن تكون مرتبطة مع التضخم
والغلاء الطارئ.
أتمنى أن
تلتحق عُمان بالركب الكبير، وأن تنجح في معركتها ضد غيلان كثر في القطاع القاص
يعتبرون كل هذا الذي يحدث كابوسا يهدد مصالحهم الاحتكارية. أتمنى أن تكون هذه
المنظومة فاعلة، ومتفاعلة قادرة على التأقلم مع ظروف التغييرات الاقتصادية
المأمولة في عُمان.
المؤشرات
المتتالية تقول لنا أن كل شيء يحدث ببطء، البعض يقول لنا ذلك لحكمة، والبعض الآخر
يقول لنا ذلك لإخفاء، في كل الأحوال، كل ما يدعم معيشة الأسر الأقل دخلا، ويحميها،
يفتح الباب للمزيد من المجازفة الاقتصادية، وضخ الأموال في السوق، وثمة أعراض
جانبية ستحدث، الغلاء، ارتفاع أسعار العقار.
أتمنى
هذه المرة الانتباه إلى سوق العقار لتجنب المصائب التي حدثت من قبل، في أسعار
الأراضي، وفي حالات الطرد التي قام بها المؤجرون لمستأجرين فقط من أجل رفع سعر
الإيجار.
الذي
يتبع منظومات الحماية عادةً هو تغييرات اقتصادية، كيف ستكون؟ لا أعرف، الذي أعرفه
أن منظومة الحماية هي استعداد لشيء قادم، وكل ما أرجوه أن أرى الأمرين يتعاملان بذكاء
مع الواقع، الضريبة الذكية التي تؤدي إلى نمو القطاعات الاقتصادية لا تلك الجامدة
التي تشبه الجباية، ومنظومة الدعم التي ستشمل رعاية الطفل، المرتبطة بظروف الغلاء.
وربما جمعيات تعاونية تجعل الأسر الأقل دخلا في مأمن من تقلبات السوق الاقتصادي،
إن تم ضخ المليارات في السوق، نحن أمام تغييرات كثيرة، والغلاء أولها.
كل ما
أرجوه، هو عدم اعتماد فكرة [المخصص الجامد]، فهذه الفكرة دفعت عمان ثمنها طويلا،
يجب أن ترتبط مخصصات الأسر قليلة الدخل بمؤشر اقتصادي واضح يحدد متى تُرفع، ويحدد
متى تبقى مكانها.
كل ما
أتمناه من عُمان، هو سوق نامٍ، يبدو أننا بدأنا نتحول إلى دولة القطاع الخاص، وكل
الأمنيات تقول قطاع خاص، لا قطاع قاص.