بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 12 يوليو 2023

ليس بعد! ليس بعد!

 كُلما أنهي جلسةً من جلسات العلاج الإدراكي مع معالجي النفسي، يعود فيذكرني بآخر واجب كتابيٍّ كلفني به. ما هي الأشياء التي تقدرها في نفسك. أقفُ أمام لوحة المفاتيح مطاطئ الأنامل، مصاب بالخجل الشديد أن أحاول استعادة الشعور بما أنا عليه، حتى وإن كنت موضوعيا، وصادقا، ثمَّة ملاذ في لوم الذات، وتقريعِها، وتشويه النفس يجعلك تنجو من فخاخ النرجسية والثقة الزائدة بالنفس، والشطحات التي كلما أتذكرها أشعر بالبؤس، وأنني شخص مضطرب لا أمل له في هذه الحياة، وسيبقى دائما مضطربا، وسيء الطباع، وهجوميا، ويؤذي الآخرين ونفسه، وتعود لي كل الذكريات التي يحتفلُ بها من يكرهني، والتي يحاول من يحبني أن ينساها. بقيتُ أنا في المنتصف غير قادرٍ على حسمِ موقفي من هذا الإنسان، الذي هو أنا!

لقد كونت ما يكفي من الأعداء في هذه الحياة كيف أتعلم ألا أغضب في غير الموضع المناسب.
هذا يختصر بعض قصتي في مواقع التواصل الاجتماعي، وعلاقتي المضطربة مع الناس، والغرباء بشكلٍ عام. اليوم، وأنا أكتبُ هذه الحروف أعيد الانتباه إلى الحال الذي أنا فيه! لست مدمن مخدرات! لستُ شاطحا مجازفا يحلو له أن يواجه أي سلطةٍ كانت في الكون، لست زائغ العينين المليء بآلام الضمير الذي يعيش واقعا سياسيا وثقافيا ملتبسا، ولستُ مع الناس الذين سببوا لي الأذى، ولست أسبب الأذى لأي إنسان. ما الذي يجعلني أشعر بالحزن، أو بالإدانة وقد قطعت سنواتٍ لا بأس بها.
يجبُ أن يأتي اليوم الذي أقرُّ فيه بقيمتي الحقيقية، غير المضخمة، وغير المصغرة، وهذه مهمة صعبة. يجب أن يأتي ذلك اليوم الذي أقول فيه أنني أكثر من شخص مضطرب نفسيا، كان مدمنا، وأنت أتوقف عن الاستجابة إلى كل من يؤطرني فقط في هذا الإطار. لقد فعلت بعض الأشياء الجيدة في هذه الحياة، ويجب أن أتعلم إنصاف نفسي.
حسناً، كيف أفعل ذلك؟ ما هي الأشياء الجيدة التي بصاحبنا؟ الذي هو أنا؟
حسنا، في البدء والأخير، ثمة شيء جيد في صديقنا هذا الذي أكتب عنه، رغم كل صخبِه وصراخه به شيء ما جيد!
نعم، شيء ما، ويقف القلم عن الكتابة، ويصبح الحديث مستحيلا، أما الكتابة عن سيئاتي فلا بأس أن أقضي فيها عشر ساعات، وأن أكتب مائة صفحة متتالية من جلد الذات. نعم يا ذهني العزيز، شكرا لك، ثمة شيء جيد في صديقنا هذا وتسكت! كم أنت عقل ظالمٌ ونذلٌ وصعب المراس.

حالة فشلٍ جديدة يا عزيزي المعالج النفسي. من الصعب جدا أن أنظر للأشياء الجيدة في نفسي، وحتى وإن نظرت لها لبعض الوقت، ذهني العزيز يرفض أن يستجيب لي، معاوية اعتاد أن يُناقش أسوأ ما فيه، معاوية اعتاد أن يكتب عن خطاياه، وإن انتهت منه هذه الخطايا قام بتأليف ما يكفي منها، اعتاد أن يكون شبحا، وعاش ما يكفي من الصدمات حتى يقفُ عند هذه اللحظة، نعم يا ذهني العزيز [ثمة شيء ما جيد في صديقنا هذا]. ويصمت الكلام!

تفو عليك أيها الذهن الظالم العنيد!