تابعت حوار أندرو تيت. وأتذكر وقت قريب حد كان منزعج مني لأنني في بعض الفيديوهات [أصرخ] وكان منزعج من هذا الشيء. تو أشعر بالشعور نفسه، يوتّرك، ويشحن وجودك بالقلق.
وهُنا أيضا سأعترف بشيء آخر [هذه مشكلتي أنا] ولن أفكر أن أكتب منشن لتيت لأقول له [غير من طريقتك في الكلام لأنني أنزعج منها]
لن أمارس هذا الاستحقاق، سأكتفي بأن أقول أن أندرو تيت قد يقول أشياء منطقية كثيرة، وبديهية، ولكنه أحيانا مبشر بالشك، وبالاستهداف.
عجيب لما تشوف مشاكل أنت تعاني منها، وترى نموذج آخر يعاني منها وتشوف تلك التشابهات المزعجة والتي تجعلك تعيد النظر في حالتك الشخصية.
عموما، تيت ليس مصدر حوار نقدي مستعد أن أقضي ساعات في تتبعه، ربما عامل العمر، وعامل الثقافة والهوية وغيرها، جوردان بيترسون موجود.
يا إلهي، متى يخلص هذا الحوار، لأنَّه فعلا تحس واحد لحوح، ومكابر، وعنيد، وما طايع يسكت، ولا يناقش، ومستعد يروح يمين، ويسار، ويجادل، ويقنع، وما يخليك في حالك عشان يقول لك: هناك مشكلة كبيرة!
بعد هذا الحوار، صرت أجد مساحة كبيرة للغفران لكل من ينزعج أو انزعج مني في مرحلة إلكترونية ما من حياتي. يتحدث كمستهدف، وهو فعلا مستهدف، لكن هذا مزعج! يتحدث عن ضرورة الشك، ونعم ضروري أن تشك، ولكن هذا مزعج، تحس إنك تضحي براحة بالك وطمأنينتك وتجي تسمع موضوع فكري عشان تحصل حد يصرخ، ويصرخ، ويصرخ، وصوته عالي.
سبحان الله!
يوما ما كنتُ في حال شبيه، طبعا مع الفارق الهائل في التأثير والأهمية، ولكن في حال شبيه، من ذلك الغضب المتراكم. الآن صرت أفهم أنانية الشخص المستقر، وكيف إنه وهو يعيش تلك المواجهات المريرة كل الذي أفكر فيه إنه مأساة حياته لا تعني لي أي شيء، كل الذي يعني لي هو الفائدة الفكرية التي قد أجدها في حواره مع كريس تاكر.
عجيب هو استحقاق المتلقي، وإلى أين يصل. أما كونه سجين، أو كونه مستهدف، أو كونه في حوار مع مذيع مفصول من أخبار فوكس، وأيضا نموذج يتعرض [للكنسلة] وكونه أصلا في هذا العالم كنسلة انتقائية، كل هذا لم يجعلني أتعاطف مع [المقابلة] وإنما أخرج بشعور بأنني أضعت وقتي في الاستماع لإنسان قلق، ومتوتر، وعذابه لا يعني لي أي شيء.
رغم كل شيء، الذي لن أفعله هو أنني سأكون [سمجا، وبجحا] وأركض له بكل هذه المشاعر السلبية، والرافضة، والإلغائية، والخارجة من التعاطف وأرسل له هذا الكلام، أعبر عن قبح مشاعري في أي مكان، لكنني لن أركض بها لأحشرها في حلقه وكأنه يجب عليه أن يتعايش مع كل هذا القرف الذي كتبته قبل قليل.
يا ساتر! بعده باقي لي ساعة كاملة. ما قادر أشعر بتعاطف معه، ولا أشعر بكراهية، وإنما شعور وقح بالحتمية، وكانني أردد على مسامعه الكلمة القبيحة التي يقوله من لا يهتم [يعني موه كنت متوقع!] ..
إنني أفعل الشيء نفسه الذي أصابني بالمرارة في عمر سابق. لحظة! لن أدين موقفي لهذا الحدث. لا أشعر بالشماتة تجاهه، وأتمنى في قلبي أن يخرج بريئا. لحظة لحظة يا ماريو، قليل من الموضوعية، خارج صوته المزعج، والقلق الذي سببه لك. هو بريء حتى تثبت إدانته، أليس هذا القانون الحضاري؟ حسنا، أتمنى أن تثبت براءته.
قليل من الموضوعية يا ماريو. وكأنك تلوم نفسك زيادة عن اللازم لأنك لست منساقا وراء تيار تبرئته، أليس هذا حقك المنطقي؟ أن تنتظر نهاية هذه المشكلة؟ وأن ترى الناتج النهائي دون إصدار حكم؟
تيت غاضب على بني ليبرال، وهذا اليسار المليء بالمخالب [والكنسلة] الناجزة. إنه يؤدي دورا فكريا ما، لا تكن إلغائيا لهذا الحد، لا يخلو من كونه [الداعية] الذي يصرخ في المنابر. لماذا أنت منزعج منه؟ هل أرهقك التشابه؟ يبدو لي ذلك. فهناك تشابه، مع غضبك، وانزعاجك وشعورك بالاستهداف، هناك تشابه ما يضايقك، عندما ترى العيوب التي بك تتجلى في شخص آخر وتسأل نفسك: يا إلهي! هل هذا الحال الذي أنا عليه أو كنت عليه!
أحاول التعاطف معك يا تيت. يا إلهي! أمامي ساعة أخرى، كل الأشياء التي مرت علي مقتطفات منها أسمع الآن خطابها الكامل والمتكامل!
هناك أشياء كثيرة يقولها منطقية، وصحيحة. يبدو أن عامل العمر يستولي على حياتك، الأربعين تقترب، وتأخذ مسار الهدوء، وكل يوم يتحول وضعك إلى حالة من حالات الحكمة وادخار الشراسة للضرورة.
أنت لا تشعر يا ماريو بذلك الشعور القبيح، لست شامتا فيه. أستطيع الجزم بذلك بوضوح، أنت تشعر بذلك اليأس تجاه العالم، وتأسف لانتصار هذا اليسار الأهوج بكل ما فيه من تشوهات منطقية، وتشعر بالحزن لأنه من بين كل النماذج المنطقية يخرج أندرو تيت ليستفز الإنسان المحافظ الذي صرت إليه، وتشعر بالانزعاج لأنَّه مع دقة كثير ما يقوله يختار أن يقوله في قالبٍ مزعجٍ، يجعلك تشعر بالذنب لأنك تشعر أن العالم بخير. الآن فهمت، الخطاب الذي يضخ القلق كجزء من السياق!
نعم، الآن وصلت للشعور الذي أشعر به، القلق شرط من شروط السياق [التيتيِّ] لذلك أشعر أن هذه المقابلة مرهقة بمعنى الكلمة! لأنها تيار من القلق أفسد بهجة الفجر، والكتابة فيه.
نعم!
القلق كجزء من السياق!
من زاوية أخرى، لا أستغرب أن يصيب أندرو تيت اليسار الليبرالي بالجلطات المتتالية، هذا تجاوز إهانة الصوابية السياسية، والفكرية، وذلك اللطف المترف الذي يعتبره البعض [شرطا سياقيا] إلى بذاءة الحقيقة التي ينادي بها، وإلى كشف بذاءة النقيض، وطبعا مع [الإيجو] الذي يجعل كل الخلطة [التيتيَّة] مزيجا من التقبل الفكري، والرفض الفكري، والكراهية، والتساؤل عن الدوافع، والتساؤل عن العالم.
لا عجب أن يثير كل هذا الجدل! وايضا، لا عجب أن يتلقى كل هذه الكراهية، ولا عجب أن ينال كل هذا الاحترام، ولا عجب أن ينال كل هذا الرفض والتحيز تجاهه!
لا عجب مطلقا فهذا المزيج من الخصال والظروف لا يحدث كل يوم في هذا الكوكب العجيب.
سأكمل مشاهدة باقي الحوار غدا! لأنه فعلا ينسف طمأنينة الكتابة في الفجر!
للحديث بقية.