كل ما يداهمني قلق الإنجاز، وفعل شيء، عادةً ألجأ إلى مكتبي، وأستخرج تلك الملفات الإلكترونية للكتب التي أخطط لنشرها. رواية متناثرة الأشلاء والمسودات، مجموعة شعرية تناقلتها نسخ المايكروسفت وورد حدَّ تلف النص وظهوره مشفرا مليئاً بالصور، والخطوط، والدوائر الغامضة، أخرج بدراجتي لنصف ساعة، أحاول أن أهدأ، أتأمل تحدي الحياة القادم في وجهي، وهذا الضغط الشديد الذي أعيشه، وأقول في نفسي:
لماذا؟ لماذا يجب أن أجعل كل شيء صعباً. ما الذي غيرني من ذلك الشخص المليء بالرضا، القانع بما لديه، إلى هذا الذي يلاحقُ النجاح، والحياة، والطموح، والتفوق الدراسي، والوفرة المالية، وفوق ذلك يتعلم بيانو، وجيتار، وينفق ساعات لا بأس بها في كتابة أغنيات الراب؟ لماذا كل ذلك يا ماريو! لماذا هذا الضغط الهائل على نفسك؟ ولماذا تهربُ من الوقت بفعل كل شيء، وأي شيء؟
ما شيء طاير! هذا الذي أقوله لنفسي بعد ثلاث سنوات من التعب. أحسب حساب الساعات التي أرتح فيها لأجد أنها قليلة، شحيحة، ما تلبث أن تتحول إلى شحن سريع لألاحق شيئا ما بعدها، وكأنني أشعر بالذنب لأنني أنفقت بعض الوقت مع لعبة إلكترونية!
ألاحق كل شيء ثم أعود مرهقا، عقلي لا يستوعب حرفا إضافيا، كتب علم النفس التي أسمعها في رحلات الدراجة تصبح غامضة، لا تُسمع، ولا تُفهم، نقرة واحدة في البيانو تصبح مليئة بالشوك، الاحتراق الحقيقي الذي أكابر في شأنه، وأرتاح لساعات طفيفة قبل أن أعود للقلق نفسه.
أكتبُ ما لا يقل عن خمس ساعات يوميا، أتمرن على الكتابة لعل أيامَها الجميلة ستأتي، وأتفرغ يوما ما لكتابة الروايات. وأحرق الوقت قدر استطاعتي.
أليست هذه هي الحياة؟ في السعي؟ سأحاول قدر استطاعتي، والله هو الموفق والرازق والحافظ.