بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 16 أغسطس 2023

عنان !

 للمرة الألف أعيش هذا الإدراك الهادئ، الجامد مثل حقيقة تشبه علاقة الطاقة بالأشياء. أدرك كم تعني رياضة تنس الطاولة في حياتي، وأربط الآن بينها وبين أشياء كثيرة. ذكريات الجامعة في بريطانيا، ومدرسة مازن بن غضوبة، والأهم، طاولة المنزل، وذكريات الطفولة.

أكمل خمس سنوات منذ أن استقرت حالتي العقلية، أسلحة الاستقرار كانت دائما تتضمن الرياضة، الدراجة، وتنس الطاولة. لم ينتصر الاكتئاب علي إلا بعد ذلك الكسر الموجع لكتفي، أكتشف الآن لأي مدى كنت أوازن حالتي الوجدانية بالحركة، وأشعر بتأثير تلك الطاولة على مجريات حياتي ككل. عامان كاملان بلا تنس، الشهور الأولى أتعافى من كسر مركب أصاب مفصل الكتف المدعم الآن بصفائح التيتانيوم، والعام الثاني في الخوف من الشوارع في مسقط. معظم من حولي يمارس كرة القدم، في ملاعب الترتان، ولسبب ما، الرباط الصليبي، والإصابات والعمليات! كل يوم صديق يقول لي: غضروف! أو إصابة في الوتر الصليبي! مخيف! أفكر كل يوم في هذا الجسد الذاوي، الآيل لا محالة للضعف والهرم، أمامي سنوات كافية لأغير من نظامي الغذائي، والرياضي، وأن أعتمد الحركة [كشغل] كجزء من أيامي، كأولوية أضحي بأشياء أخرى من أجلها. رغم هذا الزكام الطارئ الذي نسف ثلاثة أيام من رحلة صلالة، الأمور تسير على قدم وساق. تذكرت كم أحب رياضة تنس الطاولة، وكم تعني لي في هذه الحياة، وفهمت لماذا أصبح الاكتئاب ينتصر بين الفينة والأخرى، صرتُ سمينا، لا احتمل رحلاتٍ طويلة بالدراجة، عملية جراحية، ثم عملية ثانية، وتعافٍ مع كسر الكتف، وزيادة في الوزن، وانشغالٌ لعامٍ كاملٍ لم أستطع فيه التنفس، ضغط شديد. عندما وصلت صلالة أيقنت، أنني كنت متعباً بصدق، مرهقاً من كل شيء، وموشكٌ على الانهيار أو الانفجار. لا شيء يمنح هذا الصفاء الذهني، كما تفعل الرياضة! أووووه! تذكرت، دراجتي الهوائية وصلتني! في صلالة القديمة، كل شيء صديق للدراجات! خطة صلالة للرياضة تسير على قدم وساق ..
يا رب حفظك لي من كل شر وسوء وإصابة ..


في سياق مختلف


لعبُ دور المشهور المليء بالحيوية، والانطلاقة، والحماسة عقوبة إغريقية ظريفة بمعنى الكلمة لكائن مليء بالجروح، والتشوهات، والأمراض النفسية، والاضطرابات الوجدانية، والصدمات. هو دور "أظرف" لإنسان يسعى في هذه الحياة أن يكون كاتباً. هي "وظيفة" بكل ما في الكلمة من دلالات متناقضة، مجموعة من التصرفات تؤديها باحتراف ومهنيةٍ، وبالنسبة للبعض تأتي معه طبيعيةً للغاية، فلا ترهقه، ولا تتعبه، بل بالعكس، تنشطه وتجعله يحب الحياة وينطلقُ أكثر وأكثر، كم هو محظوظ هذا الذي طبيعته [غيميَّة] إلى هذا الحد، يطوفُ ويمطر وإن لم يمطر يُظلُّ. أمرُّ بمخاض فكري عميق، والأمر لا يتعلق بمصالحِ الحياة، أو الوجود بقدر ما يتعلق بطبيعتي الحقيقية، المليئة بالاضطراب، والاكتئاب، والسودواية، واليأس، والعدمية. أنا لستُ كل ذلك، لكنني أيضا لا أخلو من لحظاتٍ مثل هذه. هذه الحيوية ليست فوق طاقتي، أؤدي [مهنتي] بإخلاصٍ وبعض الإتقان، الأمر كما أسلفت ليس فوق طاقتي، إنه فوق حقيقتي. إيجابية [الشهرة] بالنسبة لكثيرين تحقق اجتماعي، أو [تاثير]. يحزنني أنني لا أشبههم، تمنيت أنني إيجابي لهذا الحد! لولا الكتابة، لكنتُ الآن أخونُ كل أحزاني، هذه هي الباقية الصالحةُ للتكوين. لم يبق لي سوى لحظات التأمل الصافية هذه، وحتى هذه اللحظة لا تأتي بسهولة، يجب أن أمرَّ بشتى أنواع الآلام والمخاضات لكي أحصل على هذه اللحظة التي تنير لي الطريق. الآن وأنا أكتب أعرف ما الذي أنا مقبل عليه، التصالحُ مع أحزاني، وسخطي، ويأسي، نعم التصالح مع، وليس الافتتان به، وليس الاحتفاء به، وإنما التصالحُ أنَّ هذه الحياة لن تمر بلا كدرٍ، ولن تسير بلا مرارة. هل تعلمون ما هو المحزن حقا؟ أن لحظة الحقيقة هذه ستمر مرور الكرام، مهما اجتهدتُ، وكتبت، وسردتُ، وأوضحت، وحللتُ ستبقى هذه اللحظة هامشيةً أمام الحقيقة الجديد للعالم المليء بالضجيج، حيث يحمل الناس وجوههم في أيديهم، وينحتون ابتساماتهم بالمباضع! ساخرةٌ هي الأقدار، ساخرةٌ دائما .. الذي أعرفه، أنني سأطلق العنان لسوداويتي، وتشاؤمي، كما أطلق العنان لذلك الكائن [الهجلي] الذي لا أعر من أين يستمد طاقته على المرح والفرح! شخصٌ عاش ما يكفي من القرف في هذه الحياة يستحق تشاؤمه بلا منازع! ومع ذلك، ها هو يحاول في هذا الكوكب الظريف! ماذا عساي أن أقول، سأنحت ابتسامة في وجهي وأمضي!