بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 10 أبريل 2025

يوم رقمي مُحبط!

 كالعادة، السياق ينهار، وتمضي الأخبار المهمة مرور الكرام. قبل فترة، تغييرات في شأن القضاء التجاري، خطوة هائلة في البدء في إصلاح الأوضاع التي تسهل الاستثمار الخارجي، خطوة مهمة، وطبعا خطوة أولى في الطريق الصواب لا داعي للتطبيل لكي نؤطر هذا الخبر كنهاية للسعي، هي بداية لشيء أجمل، هل نال هذا الخبر حقه من التحليل؟ كلا طبعا، مجرد مرور شاحب ككل الأشياء المهمة.

ثُم اليوم، خبر آخر، مهم ضمن تحركات الحماية الاجتماعية، هل يعني بالضرورة أن كل شيء قد حُلَّ وزالت المشاكل، هذا ما سيقوله المطبلون، كلا بالطبع، لكنه أيضا خبر مهم، وبداية لمسار صواب.

لا أعرف كيف أعبر عن إحباطي، تجاه هذا السياق المنهار، ما هو المهم حقا؟ وما هي قضية عُمان الأولى؟ القضية الأولى هي الاقتصاد، والقضية الثانية هي الاقتصاد، والقضية الثالثة هي الاقتصاد، والرحلة الطويلة في النمو، وصناعة الوظائف، وفي الوقت نفسه صناعة الحماية الاجتماعية التي تضمن أنَّه مهما مرَّت الدولة العُمانية بظروف اقتصادية وغلاء، المواطن لديه حماية، ومهما مرَّت برخاء، الدولة لديها حماية من الفساد، وفي رأيي، وهذا رأيي الشخصي، ومن الممكن أن يكون خطأ، وغير منطقي.

كابن لهذا المجتمع، أعتقد أنَّ لدينا معضلة فلسفية حقيقية في فهم عُمان اقتصاديا، وأنَّ الذي يدير شؤون الممكن اقتصاديا تجاه الطبقة الوسطى من المنظرين الاقتصاديين يتبنون نظرة الترف الخليجي، ويبقون في هذا الجانب اللازوردي المتعالي. هذه المشكلة التي لمستها عندما بدأت في الكتابة عن أهم منفعة ناقصة، وهي المنفعة الإسكانية.

يكتب البعض وكاننا في دولة خليجية من ذوات النمو الهائل، وكأن نفطنا يشبه نفطهم، ولذلك فور الحديث عن المنفعة الإسكانية، يقفز لك مدافعا، يريد الجماليات المترفة، أما الضرورات التي قد يفكر بها شاب في مقتبل العُمر ينسفها عرض الحائط من أجل هذه الجماليات والتي هي ضرورية في سياقات كثيرة، ولها أن تحدث موازية لجهود أخرى، والمدن الجديدة، وتعديل البنية المدنية، ورفع كفاءة الشوراع، وأشياء هائلة كثيرة لن تحدث إلا بوجود اقتصاد حقيقي. المنفعة الإسكانية، هي أهم ملامح الحماية الاجتماعية، شقة جاهزة يستلمها شاب عُماني متزوج حديثا، ونظام معقول لدعم الحد الأدنى من الدخل، ومبادئ اقتصادية كثيرة سهلة نظرية وصعبة عمليا، لكن كل هذا الاستقرار الاجتماعي لن يحدث بدون سقف أعلى رأس كل إنسان يبدأ حياته. حكاية الراتب الواحد الذي كان يكفي لتحقيق كل شيء لم تعد موجودة، التنافس على الوظائف شرس، وفوائده الاقتصادية ستحقق فقط مع رفع شعار الكفاءة أولا، وطبعا رأيي الذي يزعج الجميع، لا اقتصاد في الكون يعمل فيه اثنان العمل نفسه وأحدهما يأخذ نصف راتب الآخر سيصنع تلك التنافسية التي ستنفع رب العمل، وستنفع حرية السوق. لا أقول أن قرار اليوم هو القرار الأقصى، فهو قرار عملي إجرائي، لكنني أقول أنَّ الاهتمام بكل ذلك الهامشي من مهرجانات إدارة الرأي العام وتوجيهه، والخيبات المتتالية تجاه المهم حقا في عمان، وكل هذا الانشغال بقضايا لا أفهم ما أهميته؟ شخص قال كلاما في مظاهرة! وحاسبه القانون؟ ما وجه الخطب الجلل في ذلك؟ أعانه الله، كل إنسان يتحمل مسؤولية وخسارة مواجهاته، وأسأل الله أن يكتب له عودة حسنة للحياة الاجتماعية، وأن يتعلم من دروس الحياة، وأن يعيش حياة سلام وأمان بدلا من هذا الرأي العام الذي وكأنه لم يجد شخصا غيره لكي يصب جام غضبه عليه!!! بصدق، لا تفهم ما الذي يحدث، ولماذا يحدث! الخبر المهم بالنسبة لي هو موضوع الحماية الاجتماعية، والتغييرات الذي به، هذا هو المهم بالنسبة لي، وأما بشأن القلق على عُمان، لم أعد أفهم العصر الذي أعيش فيه، ولم أعد أفهم الأجيال الجديدة، ولم أعد أفهم لماذا يحدث ما يحدث! يبدو أنني في الأربعين "جدا" للحد الذي أشعر فيه بغرابة كل شيء! عُمان دولة عجيبة، لا أعتقد أن فهمها سهل أبدا! أنبش في الإعلام عن خبر يوجه البوصلة إلى المهم حقا، القطاع الخاص مشغول بالربحية، والإعلام الرسمي يكتفي بالقوالب النمطية المكررة وفي الوقت نفسه يحاضر للعالم عن الموضوعية والمهنية والمنهجية وغيره من "الطقم" من الكلام الجاهز الذي لا أعرف من رآه في الواقع! أقارن بين الخبرين، وكيف يبدو الخبر هذا شاحباً، أي حوض أفكار جمعي كان يمكنه أن ينحت مفاهيم الحماية الاجتماعية "كمادة مكتوبة" وأن يجعلها في الواجهة، وأن يبدأ الاهتمام من حوض الأفكار العام بها، ثمة ما يُنحت جمعيا، وتفاعليا، أليست هذه هي الثقافة؟ ولكن ما هو المهم؟ شابٌ عُماني اندفع، فإذا بمختلف الحسابات، والأشخاص، والأسماء المستعارة تهجم هجمة واحدة وكأنه خطر حقيقي أمام هذه البلاد مترامية الأطراف! نظام العبرة، والاغتيال الاجتماعي! كلمة إحباط لا تكفي لوصف ما أشعر به، إكسبو يحدث في اليابان بكل ما فيه من فرص، النقل الرسمي جامد! والواقع الرقمي بدلا من الانتباه إلى أهمية هذا الحدث منشغل بنشر الحكم على طلال السلماني! يا ساتر! هل حقا القضية مهمة لهذا الحد؟ عُمان والواقع الرقمي، حيث القضية تحدث دائما في مكان آخر. ولا أعرف نصيب أي إنسان من الاهتمام بالشؤون العامة! هذا اليوم الرقمي العُماني مُحبط جدا، يطيش المهم حقا كالعادة، واليوم الإعلامي العُماني محبط منذ زمن بعيد، بكل صدق، لم أشعر أنني في الأربعين من العمر كما شعرت اليوم، غُربة عن كل شيء ولا أفهم لماذا يحدث ما يحدث!
الله يعين!


يخشى كثيرون الحديث صراحةً عن هذه الشؤون الملتهبة لما يمكن أن يحدث للفرد من قبل السلطة والقانون. يخشى كثيرون القول أنَّ موضوع التجمهر، والخروج الميداني هو أسرع طريق لكي تذهب في صدامٍ مع القانون، ومع الفئة التي تعتبر هذا الشيء (أكبر الخطوط الحمراء) .. ركَّز معي، أنا هنا أصف الواقع، لست هُنا لأحدد اتفاقي أو اختلافي معه، ولست هُنا سوى لأرصف طريقاً إلى مناقشة ما يحدث بعيدا عن مهرجان التلميح الذي آل إليه الحال عندما نتحدث عن هذا الحدث الذي لا أفهم لماذا هذا التضخيم الشديد له؟ الذي يسلك درب مواجهة السلطة يعرف جيدا ما الذي ينتظره! هل هو على صواب وبطل ويضحي من أجل الشعب كما يرى البعض، أم هو مجازف ويقدم نفسها قربانا! والذي يختار ذلك، هو يتحمل اختياره، ويحق لي كمواطن أن أدينه وأبدي خوفي من عواقب التحرك الميداني (المظاهرات + الاعتصامات) ويحق لي كمواطن أن أنادي بتغيير قانون التجمهر مثلا، وأطالب بجعلها قانونية ومنظمة، في النهاية، أعيش في عمان، ولديها قانون، وهذا القانون اختلفت معه أم اتفقت معه سيطبق معي أو ضدي. السؤال هو، كل هذه الشيطنة لشخص واحد؟ لا أعرف لماذا! بكل صدق، لا أعرف لماذا؟ البعض يفعل ما يقود لضرر أكبر! طيب على صعيد التفكير الرادع! ألا تشعر أنَّك تدفع به دفعاً ليواصل كونها [القربان المفضل] فريق يقول له: استمر يا طلال، انسجن عشر مرات، أصفق لك كم أنت بطل! وجيد، بطل باسم مستعار يدافع عن حقوق الشعب! جيد جدا، بطل آخر أليس كذلك؟ فريق آخر: طلال هو الخطر الأكبر، يجب نسفه في اليم نسفا! ما هي الحقيقة: شاب عماني، يحاكم قانونيا، لديه عدة مستويات من المحاكمة، وما أن يصدر بشأنه الحكم النهائي ينفذ في حقه القانون حاله حال أي شخص آخر. الذي يختلف مع السلطة باسمه الحقيقي، وبوجهه، يختلف كثيرا عن ذلك الذي يلعب في الخفاء، يمكنك أن تحترم الخصم الواضح الصريح، ويمكنك أن تكلمه، وأن تجادله، وأن تثبت له صحة موقفك، أو خطأ موقفه في حال كنت تراه مخطئا. هل هذا ما آل إليه الحال؟ اختيار عبرةً واحدة، وتضخيم المواجهة وهي في الحقيقة حدث يومي لا يختلف عن أي إجراء قانوني رسمي؟ طلال السلماني يعرف عواقب أفعاله، كما عرف من قبله عواقب أفعاله، السؤال هو ماذا أفكر تجاهه كفرد من المجتمع؟ يذهب لأقصى نهايات الطريق؟ فريق يضحي به وبمستقبله ويدفعه دفعا ليكون في واجهة الميدان، وفريق يفتك به شر الفتك ليجعله عبرة لمن يعتبر! هل أحدهما على صواب؟ ما هو الصواب حقا في هذا الجانب؟ أليس التأهيل، والإصلاح، وإعادة المخطئين لجادة الصواب مبدأ قانوني أصيل؟ لكن انظر إلى الانهماك التام في اتخاذ موقف من الموقفين. شيء فعلا يجعلك تشعر بغربة حقيقة وتفقد قدرتك على الفهم الموضوعي. من عام 2011 والجميع يعرف، أنَّ التحرك الميداني هو أكبر خط أحمر يمكن أن يتم التعامل معه بهذه الشدة، هل هذا صواب؟ هل هذا خطأ؟ لا أريد تفنيد ذلك حفاظا على سلامتي من أي طرف، لأن رأيي لن يعجب جميع الأطراف. والآن سأقول رأيي الفردي والذي أسأل الله ألا يجلب على رأسي المغرضين، والذين يخرجونه من سياقه مع اعتقادي بصعوبة ذلك وأنا أكتب بهذا التفصيل والمجادلة، سيرد النص هذا على أي شخص مغرض، ولكن مع ذلك، أعرف أنني لن أسلم من شر جبناء الأسماء المستعارة، أو المحرضين الذين يرون ما أقوله ليس كافيا لكي يهز أركان الدولة ويدفع القوات المسلحة لرفع حالة التأهب لأن سيادة معاوية الرواحي كاتب تغريدة!! لست مؤيدا للخروج الميداني بسبب إيماني الشديد أنه فتح لأبواب خطرة للغاية يمكنها أن تأخذ بكثير من الأشياء لقطرة الدم الأولى. لست أنا من يقول ذلك، حتى العلم يقول ذلك، هذه الحالات هي فتح لباب الممكنات غير المتوقعة، رصاصة خاطئة من السلطة، أو زجاجة حارقة من متظاهر، وفتح باب خطر للغاية، لا أفضل الانسياق وراء هذه الاحتشادات الميدانية لهذا السبب فقط، هذا رأيي، لكنني لن أذهب (مجددا) إلى الحماسة في إدانتها، واعتبارها خطرا، وأدخل حالةً من الخوف والهلع والشعور أن مهرجانا من الدماء سيحدث بمجرد خروج مظاهرة سلمية، وأنا شخص هلوع للغاية ولدي الخوف الاجتماعي من هذه الأحداث بشدة، ربما لأنني أحب عمان بشكل ما أو بآخر، لكنني أضع معتقدي الاجتماعي أولاً أمام أي اعتبار آخر، حالي حال أي شخص آخر، حالي حال أي عماني يتفق الهدف الذي هو مصلحة عُمان ويختلف في الطريقة. هذا هو رأيي الشخصي في موضوع المظاهرات والخروج الميداني، لكن أيضا لدي وجهة نظر أخرى تجاه التعامل المتشنج معها، هل يدرك الذي يضخم من حدث عابر في مظاهرة سلمية لم تشهد أي شكل من أشكال العنف (والحمد لله) أنَّه يظهر الوضع بمظهر سيء! وكأنك تقول ضمنيا أن الهشاشة وصلت إلى أقصى حدودها. هل يعرف الذي يأخذ الأمور ذاتيا إلى أي مدى يسيء ولا يفيد! أم يجب أن نتعلم بالخطأ؟ ومن يكتب هذا الكلام تعلم هذه التجربة ليس بالخطأ الواحد، وإنما بالأخطاء كلها دفعة واحدة أقول هذا لكي لا تظن عزيزي القارئ أنني أطلق الأحكام دون أن أعرف جانبي من المعادلة. كل هذا التضخيم لماذا؟ هل يردع هذه المشكلة أم يفاقمها؟ يسوقها؟ يجعلها "ترند" كما تقول الأجيال الجديدة؟ هذه الذاتية المفرطة هي إحدى المشكلات الحقيقية في تناول الأحداث العامة. ماذا لو كان السياق أبسط، والحقيقة أبسط؟ مضحك من يحكي انتفاخا صولة الأسد، الاسم المستعار الذي يوزع صكوك الحق والصواب على الأمم، والمحرض الذي يريد غيره أن يتظاهر وهو لا يعبأ بمصيرهم، والمتشنج في الدفاعية الذي يضع ذاتيته أولا قبل المصلحة العامة. وماذا نريد أولا وأخيرا؟ سلاما، وحقوقا، وسلامةً، وحريةً. أنا أريد، وأنت تريد، وفي النهاية القانون هو الحكم، أما تفاعلنا الاجتماعي فهو موضوع فكري مستمر، شد وجذب، ونقد، ومجادلة. من المؤسف أن يصل الحال إلى هذا الشكل من الانتقائية، وهذا التضخيم الذي يصنع الحدث ولا يوقفه! إن كان البعض سيهاجمني إن قلت "أتمنى السلامة لطلال السلماني" فليهاجم كما يشاء، نعم، أتمنى السلامة للسجين المدان طلال السلماني، وأتمنى له ولكل سجين أن يوضع أمر إصلاحه، وتأهيله، ونصحه، وإعادته للمجتمع بعد سداد دينه للقانون وللحق العام ليعود ليعيش حياةً يستحقها قانونا، هذا ليس كلامي، هذا كلام القانون، وهذا ما نصَّ عليه النظام الأساسي للدولة، وهذا ما تنص عليه القوانين العدلية النافذة في السلطنة بكل مستوياتها المعقدة. لست محاميا عنه لأقول أنه لم يخطئ، ولست وكيل ادعاء لكي أدينه، أختلف معه في الرأي لكنني لا أتمنى أن يتم تدميره اجتماعيا للحد الذي يوضع فيه في طريق اللاعودة بسبب هؤلاء الذين يضعون ذاتيتهم الانتقامية أولا أمام مصير أي فرد عماني. إن كان البعض سيهاجمني إن قلت أتمنى الهداية، والإصلاح للسجين العُماني المدان في المحكمة الابتدائية طلال السلماني فليفعل. وإن كان البعض سيهاجمني لأنني أوجه ندائي للسلطات العامة في عمان أن تتخذ مقاربة الإصلاح، والتأهيل، وتعميم ذلك على كل سجين فليهاجمني. وإن كان البعض سيهاجمني ويشنّع في حقي لأنني أرفض كل الرفض أن تتحول عُمان لغابة يُمارس فيها سلوك غير قانوني، وسب وشتم، الذي يدعو ليكون الوطن في فوضى يجرم القانون فعله، والذي يدعو لكي يكون الوطن غابة ينجو فيها من يرفع أستار الوطنية يجرم القانون فعله. إن كنت سأهاجم طلال السلماني، كان ذلك سيكون وهو حر طليق، يلعب بالنار في المظاهرات الميدانية، ويعرض نفسه وغيره للخطر، أما وهو سجين، فهو مواطن يسدد دينه للمجتمع، إن كنت سأعلن خوفي على عمان من قطرة الدم الأولى التي هي احتمال كبير في أي مظاهرة، من أي مواجهة، من أي تخريب، من أي سلوك يمارسه البعض تحت مظلة أشخاص يقودون إلى حراك ميداني سأعلن ذلك هُنا، ولكن ليس وأنا أضرب سجينا مكبلاً. الذي يدينه هو القضاء، ولا يدينه معاوية ولا غير معاوية ولا اسم مستعار وجد بغيته الآن في نسف إنسان نسفا. ولكي أضع كل مجادلتي بوضوح يمنع كل المنع إخراجها من سياقها، هذا رأيي الشخصي، مخاوفي الشخصية، لا ألزم به أحدا، لا أؤيد ولا أعارض سجن أي إنسان تظاهر، ولا أؤيد ولا أعارض الاختلاف معه في الرأي، الذي أرفض كإنسان يعبر عن رأيه هو أن نكون في غابة، هو أن يخالف القانون ويصبح شيئا اختياريا وانتقائيا. هذه القضايا، وغيرها، مكانها ليس تويتر، هذه أيضا من معضلاتنا الكبيرة، كيف نخاف أن نقول الواضح الصريح. الواضح الصريح: السلطة في عمان لديها كل التشدد في التعامل مع التحرك الميداني. الواضح الصريح: أن عددا غير قليل من الجبناء يحركون هذه الجماهير بأسماء مستعارة في تويتر. الواضح الصريح: أن عددا غير قليل من اللئام يخالفون القانون بجرائم نشر صريحة وبأسماء مستعارة ويرفعون قميص الخوف على الوطن لتغطية جريمة النشر هذه. الواضح الصريح: أن صوت العقل خافت للغاية. الواضح الصريح: أن الذاتية الوطنية والفردانية الزائدة عن الحد في اعتبار الموقف الواحد هو أساس التعبير عن الرأي هي ظاهرة متزايدة في التعبير العماني العام. الواضح الصريح: أن الإعلام لا يقدم ما يكفي لكي يقلل من هذا الاحتداد المستمر. الواضح الصريح: أن الإنسان أصبح يخاف على نفسه من الهجوم العشوائي الرقمي إن قال رأيا لا يعجب اطرفين مستقطبين. أكتب ما أكتبه لا لأدعو أحدا للاقتناع به، أكتب ما أكتبه لأنني أؤمن بطريق العودة لكل إنسان، ولأنني أؤمن أنني أعيش في دولة ولا أعيش في غابة، ولأنني أؤمن أن أشياء كثيرة تحدث مستغربة، وتفتعل المشاكل من العدم. هذا رأيي، قد أكون مخطئا، قد يكون به بعض الصواب، قد يكون به بعض الخطأ، هذا رأيي، لا ألزم به أحدا، وليته ينفع أحدا ما في أن يفهم أن الأمر تفاعلي، مليء بالجدل، وهذا طريق صعب للغاية، ومتعب، ولكنه أفضل وأنفع للمجتمع وللبلاد بمراحل من سياسة الصوت الذاتي الذي يتعامل مع القضايا العامة بلغة الاستقطاب. إن كان طلال السلماني شخصا قد تم تحريضه، فالذين يخالفون القانون في حقه هم أشد ضررا من محرضيه، وإن كان طلال السلماني قد أخطأ باندفاعه، فإن الذين يبررون له تقديم نفسه كقربان أشد ضررا عليه من الطرفين. كم هو سهل أن تختار نهاية مستقبل إنسان، تختار أن تقدم إنسانا غيرك بحجة أنه "سقط من حسبة الحياة الاجتماعية" نعم، سهل، سهل أن تتعامل مع لاجئ خارج عمان أنه يعمل لصالحك، من أجل قضاياك ولو عاد لبلاده شننت عليه الهجوم لأنه "خذلك" يا بطل الصوابية الذي يكتب باسم مستعار. كم هو سهل أن تنتقم لذاتيتك، لكي تأخذ إنسانا إلى طريق اللاعودة، وترميه لقمة سائغة في يد الجبناء الذين يحرضون من بعيد، بدلا من أن تكون أنت الذي يتدخل لبيان حقائق هذا الدرب، ومآلاته. لا أتكلم عن تنظير، أتكلم عن تجربة، وأعي جيدا كل حرف أقوله، وأعرف خطره وضرره علي، وأعرف كل خساراته الاجتماعية التي قد تعرضني لها، لكن كل هذا الذي يحدث هو ضرر فوق ضرر، كله يصنع قطبين مزيفين كلاهما يضر بلاده بحجة سعيه لصالحها. لست هنا إلا لأعبر عن رأيي، الذي يريد مواجهة السلطة هذا خياره وهو يدفع ثمنه لن أكون شامتا فيه ولا مؤيدا له، والذي يريد الدفاع عن السلطة هذا خياره وهو الذي يدفع ثمنه، لن أكون مؤيدا لشخص يرتكب جريمة في حق مواطن آخر بحجة أنها "غاضب لأجل وطنه" نعيش في دولة ولا نعيش في غابة، والقانون هو الحكم الأول والأخير. أكتب ما أكتبه منطلقا من إحباطي لكل ما يحدث، نحن لا نعيش في عصر الكتابة، نعيش في عصر الأسماء المستعارة وصراع الخوارزميات، نعيش في عصر المنصات الإخبارية التي تركت كل شيء في عمان لكي تتفيق لحادثة هامشية لشاب عُماني مندفع ويدفع ثمن اندفاعه، نعيش في عصر السياق المنهار، نعيش في عصر القضية التي ليست في موضعها، أعيش في العصر الذي سأكون فيه كغيري بعد عشر سنوات، خمسيني، لا يستطيع سوى أن يشعر بالغربة وأنه يعيش في زمن ليس بزمنه. فلا نامت أعين الجبناء!