جدالات كثيرة عن الواقع الرقمي، وما يسميه البعض "نُصرة الوطن" والخوف على الوطن، والمصلحة العامَّة. ولا اختلاف في الهدف، وكل الاختلاف في الطريقة.
من منظور مرتبط بشكل رئيسي بالخطاب المستخدم. هل تعرف يا عزيزي المندفع خطر ما تفعله على وطنك؟ ألسنا هُنا نبدأ النقاش، وهُنا ننهيه؟ مصلحة عُمان أولا وأخيرا؟
مصلحة عُمان لا تتمثل فقط في شيء واحد، دعاة الأمن والأمان لديهم وجهة نظر نبيلة للغاية، من الذي يريد عُمان التي تصول وتجول فيها العصابات؟ من الذي يريد عُمان يشيع فيها مهرجان من الدماء والمواجهات؟ من الذي يريد عُمان خبيثة لئيمة تدعم الحروب؟ لا أحد، كلنا متفقون على هذا المبدأ.
الأمن والأمان هذه حقوق وواجبات تجاه الوطن، تجاه الهدف، وليست تجاه الطريقة، لأن الطريقة هي التي تحدد الاختلاف. أنت تدافع عن وطنك، ولا تدافع عن المقاربة، فالمهم هو الهدف. وهذه المعضلة الرقمية التي بدأت تعود للسطح.
الذي ينادي بالحرية وبالعادلة يرسّخ أهم مبادئ الأمن والأمان، الذي ينبذ الفتن الطائفية يفعل الشيء هذا نفسه، وقس على ذلك عشرات المواضيع. السؤال هو: ما هي ضرائب الشدَّة، وما هي ضرائب التراخي؟
إليك مثال التفاعل مع اللاجئين الذين خارج عُمان، فئة تقول: هادنوا، سالموا، خلوهم، تراهم مساكين، تراهم طيبين، والنتيجة؟ وكأنه يقول لك: ليس لك رأي تجاه وطنك، دعنا نكون مليئين بالحنية والطيبة وندير الخد الآخر.
على صعيد المصلحة العامة ماذا يحقق ذلك؟ المزيد من التمادي الداخلي، وانطباع بإنك دولة بلا ردع والتطاول عليها الذي يشبه التطاول القادم من الخارج والذي لا يحاسب عليه من يفعله قانونيا وبالتالي ندخل في تعقيدات حرية التعبير بمنظورها الغربي، وحرية التعبير التي يحددها قانون، وتصبح الأمور [سايبة].
لكن هل الحل هو شتم أمهاتهم؟ واعتبار أن الردع بالشتائم، والقذارة، هو شيء ينفع عُمان؟ الأمر ذاتي يخص من ينتشي بمهمة الدفاع هذه ليمارس الاندفاع نفسه، فماذا تعطي من انطباع لواقعك الداخلي وللعالم؟ أنَّك تخالف القانون ضد من تعتقد إنه يخالف القانون! وبالتالي، بأي وجه تحاضر عن ضرورة ضبط القول العام، وكلام الناس (اتفقنا أو اختلفنا مع ذلك) وأنت من الأساس تتطفل على ساحة سياسية مسببا الضرر لبلادك؟ أعرف أن مجادلة هؤلاء ستكون: ولكن هؤلاء يستحقون!
القانون قانون، لا يوجد شيء في خطاب الشتائم والتشهير يقود إلى شيء سوى خطاب المزيد من الشتائم والتشهير، ولو كان هذا قصدك من الأساس، فالأمر ذاتي، لا داعي لإسباغ صفة الوطنية عليه.
والآن هذه القضية الثانية، والتي بلغ فيها الفجور في الخصومة أشدَّ ما يتحول إليه الواقع الرقمي. لا أعرف من هؤلاء، ولا أظن أنني أو أي مواطن عُماني في مأمن من هذا القطيع من الأسماء المستعارة التي تؤجج السخط، والضيق في الناس. هل هي مساحة تنفيس شخصية؟ هل هي حسابات خارج النطاق العماني وبالتالي لا تصل لها مؤسسات القانون في عُمان؟ كلها احتمالات غامضة، الواقع هو إنها موجودة، وبكثرة، وتمارس الشيطنة والتأليب، وفي الوقت نفسه تخالف القانون بجرائم صريحة.
هل هذا حقا ما تريده ببلدك؟ هذا من الأساس إن كنت عمانيا ولم تكن جبانا متسترا تريد أن تُشعلل الوضع لغايات أخرى. لكن إن كنت عمانيا، هل هذا ما تريده ببلدك؟ أن تتحول لغابة؟ لا تدع إنك عماني خائف على بلاده وأنت من الأساس تسيء لأهم مفهوم يضمن السلم والعدالة، مفهوم القانون، والذي وإن اختلفت معه لا يمكنك أن تخالف القانون في سبيل الدفاع عن القانون، هذا ليس اسمه ردع، هذه إما ذاتية أو تخريب متعمد لمبادئ قانونية أخذت عُمان الدروس والدهور لكي تصل إليها وتستقر في وجدان الدولة والشعب.
الجبناء لا يدافعون عن الأوطان، والذي يتركب متسترا جريمة باسم مستعار جبان، كان يرفع شعار حقوق الناس، أو كان يرفع شعار الدفاع عن الوطن، أو كان يرفع شعار الدين، هو محرض آخر ومؤلب غير معلوم الوجه والحقيقة، شخص آخر يتنصل من أفكاره ويعطي التحريض، والتأليب، والعمل المتستر تبريراً لأسباب ذاتية، أو لما هو أسوأ، لمن يريد لهذه البلاد أن تقع في مستنقع المواجهات، والفتنة، والصدام.
تهديد أي رأي عقلاني، وقسر الناس على الانسياق على هذا الخطاب قاد من قبل إلى ما هو أسوأ، وإلى ردات فعل، ولا يختلف الضرر، الجبان الذي يحرض غيره ويشحنه شحنا لكي يذهب ذلك الغافل في صدامات بحجج (محاربة الفساد) هو نفسه الذي يستخدم التحريض هذا لكي يجعل إنسانا عاديا للغاية يدخل في فخاخ الصدام الرقمي بحجة (يجب أن نمارس الشدة في الخطاب) شدة الخطاب بأي شكل؟
انظر للخطاب الذي يمارس ضد طلال السلماني. هل يعرف الذي يضخم من تأثير شاب مندفع أنَّه يرسمُ هشاشةً كبيرةً تُغري الخصوم بفعل المزيد؟ نعم، هذا ما تفعله عزيزي المندفع في ظنك إن ذاتيتك في الدفاع عن الوطن أهم من الدفاع عن الوطن. تريد أن تدافع عن عُمان؟ طلال ليس أكبر أخطارها، وقد تكون أنت الذي لا يقيم أدنى اعتبار للقانون أخطر من طلال على عُمان، نعم، على الأقل هو خالف القانون باسمه الحقيقي، وتحمل مسؤولية أفعاله، لكن أنت ماذا تفعل؟ تدافع عن بلادك وكأنها غابة، كأنك بلطجي مسموح له أن يفعل ما يشاء، ويعلم الله هل أنت من الأساس داخل عُمان متستر، أو خارج عُمان تسرح وتمرح باسمك المستعار!
نهاية هذه الاستقطاب ستكون قبيحة للغاية، وسينجو منه الجبناء، كما يفعلون دائما، كل جبان مستتر بالخفاء سينجو من النتائج الوخيمة لهذا الشحن اعام.
البلطجة ليست حقا لكي تكون أداةً للدفاع عن الوطن، والذي ينظّر في فنون البلطجة الرقمية، ومحاصرة الأفراد لحصارهم في زاوية ضيقة هؤلاء هم الأذى، الدفاع عن الوطن شرف وقيمة سامية، ويجب أن تكون محكومة بمنهج، والأهم أن تكون [قانونيةً]. وإلا فإننا نتلو صلاة الغائب على الهدوء ونرحب بالفوضى بكل ما لدينا من اندفاع، والذي لا يعرف كيف حدث ذلك من قبل، عليه أن يتقصى قليلا ليعرف ما الذي سبب هذه المشكلات من قبل.
هل تعيش في بلاد هشَّة إلى هذا الحد لدرجة أنَّ فقدان أعصابك تجاه شاب اندفع في مظاهرة صغيرة قد أصبح أبرز حدث في صباحك ومسائك؟ تدينه؟ طبعا حقك، تختلف معه، طبعا وطبعا حقك، هذا ليس كلامي، هذا كلام القانون والمنطق. لكن أن تذهب إلى البعيد وترتكب أنت نفسك جريمة نشر في حقه! هُنا السؤال، هو وجد من يحاسبه، أما أنت فوضعك معلّق، فتحت بابا من أبواب الشر على بلدك وتظن إنك تحسن صنعا!
كما أن اللعب بالنار في موضوع النزول الميداني يفتح أبوابا للاحتمالات المدمرة والدموية، هذا لا يعني أن كل من نزل بشكل سلمي يريد ذلك، فقط عليه أن يعرف، ما دمت وضعت نفسك في حشد كبير سوف تتماهى مع نتائجه الكلية، خرجت لكي تنصر غزة، وخرجَ شخصٌ واحدٌ ليلقى زجاجة حارقة على شرطي، سوف تتماهى نتائج حسن نيتك مع سوء فعله.
والأمر كذلك من الجانب الآخر، خروج حشد ميداني، وانفلات رصاصة واحدة يفتح أبواب الكوارث على مصراعيها، ولنا في ما حدث من قبل خير عبرة.
الآراء تختلف، والمتفق عليه هو شيء واحد، لسنا في غابة، لسنا في مهزلة لكي يصول اسم مستعار في الساحة الرقمية دون ردة فعل تحاسبه، سواء كان حسب ظنه يحرض الناس من أجل مصلحة عُليا، ومن أجل قضية سامية، أو كان حسب ظنه يهاجم هؤلاء بحجة خوفه على وطنه وحمايته وردعه لمن [يتطاول] على بلاده.
وأعود مجددا إلى قضية طلال السلماني، إن كان طلال تطاول على القانون، أو فتح بابا للضبط القضائي كي يحقق معه ومن ثم للمحاكمة كي تحكم عليه، من الآن الذي دفع دينه للمجتمع؟ وللقانون؟ ستجد أن خصمك هذا الذي تتهمه بكل التهم البشعة في أفضلية تفوقك بمراحل وأنت تستخدم ضده جرائم النشر الرقمية وتسرح وتمرح كما تشاء.
ولو كان طلال السلماني الآن يدخل الإجراء القضائي، ويحقق قيما تردع الآخرين من الاندفاع، فهو (وياللغرابة!) في وضع يجعله كسجين أقل ضررا على عُمان منك كطليق، لأنَّك تعزز مفهوم أن بلادك هشَّة، وشديدة الهشاشة، لدرجة إنك تفيقت في تهييج البشر باسمك المستعار ضد سجين مكبَّل!
اسمع لهذا المنطق لكي تمايز في المصلحة العامة وأهدافها، جرب أن تفكر قليلا بدلا من أن تخرج بذاءتك التي لن تسبب سوى بذاءة مضادة، ثمة قانون إن لم تحترمه فأنت لا تحترم عُمان، ودع عنك الخطاب، والجدال، يمكنك أن تشمئز ممن تشاء، بل يمكنك الآن أن تستخدم أبشع المجادلات السامَّة معي، بحكم إني سجين سابق، وشخص لسانه طويل قلَّ أدبه على نفسه وغيره، بل وحتى شتم أمَّه وأباه والسلطان قابوس ولا أعلم من غيرهم. هل تعتقد أنك لو قلت لي ذلك سأغضب؟
نعم سيكون الأمر شخصيا، وسيكون سامَّا، لكن هل هو جريمة؟ هنا السؤال، لن يكون جريمةً. كحال الذي اتهم طلال بإنه يلعب بالنار، أو الذي اختلف معه بشدة وقال له: لا تلق بنفسك كقربان، وغيرهم.
إنه وضع عجيب في مقاييس المقارنة بين الضرر والنفع. السجين وهو يؤدي دينه للمجتمع، يوصل رسالة القانون، وهو سجين، ويحاسب، يؤكد قيما من قيم العدالة وتحمل المسؤولية، قبل أن يسجن هو [مُلاحق] وبعد أن يسجن يذهب إلى وضع مختلف تماما، وضع تعرف المؤسسات العدلية كيف تعرّفه.
الدفاع عن الوطن شرف لا يستحقه بلطجي جبان يخالف القانون بخطاب الغاية تبرر الوسيلة، الشدة في الدفاع عن الوطن ليست جريمة، الجدال في الدفاع عن الوطن ليست جريمة، المحاججة في الدفاع عن الوطن ليست جريمة، لكن جريمة النشر اسمها جريمة نشر، وإذا أردت الدفاع عن عمان فإن لم تلتزم بأخلاقها وسموها المتعارف عليه معياريا، التزم بقانونها، عمان ليس بحاجة إلى مجرم ليدافع عنها.
لعبة الكراهية والاغتيال الاجتماعي أحرقت سلام مجتمعات أخرى. ولا يخفى على أي عاقل نتائج هذه الأفعال.
ولأنني في عمان، وأعرف إن ما أكتبه قانوني لآخر مدى قانوني، ولأن النظام الأساسي للدولة كفل لي حقي في مخاطبة السلطات العامَّة، أدعوها للنظر بتمحيص وتفنيد إلى الانفلات هذا ومعاقبة كل من تسوّل نفسه الظن أن مخالفة القانون جائزة في حق من خالف القانون.
مسار الصوابية، والميكافيللية، وتبرير الجرائم لا يحدث من طرف واحد. هل الضربة القذرة التي أصابت عُمان في الوادي الكبير كانت ظاهرة؟ هل كانت واضحة المعالم؟ كلا، هُنا الخطر الحقيقي الذي يجب النبش عنه وتحييده بكل الشدّة الممكنة، وركز معي (الشدة) وليس بإعلان الساحة الرقمية منطقة خالية من القانون، وكأنك (سنور لاقي سمكة) تتقيأ أسوأ ما في لغتك وخطابك لكي ترضي ذاتيتك وتُشبع شعورك بالأهمية، أو تتشفى في شخص خالف القانون.
إلى الآن لا أعرف من الأحمق الذي في أيام أحداث وادي الكبير ابتكر إشاعةً أن الجناة ليسو عمانيين، ومن ثم ماذا حدث؟ تُعلن الشرطة أنهم من العمانيين، ثم تأتيك المنصات الأخبارية لكي تكابر وتتلاعب بالكلمات بحجة (سقطت عمانيتهم) .. تفاهة عمان أكبر منها بمراحل ومراحل رغم سوء الإعلام ولكنه لا يصل إلى هذا الحد من السقطات المزرية.
أعرف عزيزي الشبح المستعار أن كلامي الآن يهيّج مشاعر استسهالك للهجوم علي، هجوم ربما ستعيشه بلا عواقب، وأعرف أنك مستعد الآن لسرد تاريخ أخطائي الهائل، وأعرف إن غيرك فعل ذلك ويفعل ذلك، وأعرف إن من يجد في كلامي إزعاجا لروحه النضالية في الدفاع عن الوطن بشتم الأمهات والآباء وبث الإشاعات، وتضخيم الأحداث قد يجد الحجة المناسبة لتلقين معاوية الرواحي اللاجئ السابق درساً في البلطجة الرقمية، لعله يتأدب عن إدانة بذاءة من يزعمون الدفاع عن الوطن ويرتكبون جريمة نشر صريحة!
أعرف أنني قد أتعرض للأذى بسبب كلامي هذا، ولكن لا يهم، هذه وجهة نظري سمح لي القانون أن أكتبها، وليست وجهة نظري وحدي، بل وجهة نظر عشرات من الوسطيين الذين يتمنون لو كنت أنت وغيرك من الجبناء أقل حماقةً في حق بلادك، وفي حق قانونها، وفي حق أهلها، وليتك تعلم أنَّك أنت من يجلب الضرر ويفاقم الأشياء البسيطة ويأخذها إلى مناطق ملتهبة، وليتك تعرف كم أنت أحمق في موازين النفع والضرر الرقمي، وليتك تعرف إن السجين الذي تسميه مجرما أقل ضررا منك وأنت حر طليق، فهو سجين على الأقل، يتعرض للمحاسبة القانونية، أما أنت أيها الشبح فما وضعك؟ تبحث عن شخص جديد لكي تشتمه؟ أم تبحث عن إشاعة جديدة؟ أم تبحث عن صحفي أو إعلامي موجّه لكي تشتم أمّه، وأباه، وتطعن في كل شيء ممكن فقط لكي تُشبع ذاتيتك؟
أكتب في هذه الساحة باسمي الحقيقي منذ 23 سنة كاملةً. لم أجد في هذه الساحة الرقمية أقبح من اثنين:
- المناضل الجبان، الذي يوزع صكوك الوطنية على الشعب، والصوابية على الكون، يحارب الفساد في البار، وفي طاولة القهوة، ويحارب السلطة في آذان الآخرين، ويبقى حكم راية لكل من يخوض هذا السعي إن كان سعيا، أو المواجهة إن كانت مواجهة.
- الرادع الجبان: فاقد الحجة، المتنصل من المسؤولية، الاسم المستعار الذي لا حنكة لديه في الكتابة ولا المجادلة، ولا الخطاب، يتطفل في مكانٍ ليقوم بما ليس من واجبه، ولا مهارة لديه لكي يجيد ما يفعله.
لا حاجة لي لأبرر لماذا يحق لي أن أسجل موقفي، إلا إن كان النظام الأساسي للدولة لا يعني أي شيء لشبح رقمي سواء كان يحرض الناس على الموت، أو كان يرتكب جريمة النشر وراء الأخرى بحجة دفاعه عن الوطن.
هذا هو رأيي، أتمسك به، وإن كان سيسبب لي أي خسارة من الخسارات، فليكن، عُمان أكبر من أي سافلٍ يظن أن الدفاع عنها لا يكون سوى بالبذاءة أو الجريمة، سواء كانَ شخصا يلعب بالنار ليذهب بالناس للجحيم والخطر، أو كان شخصا يعبث في الطين ويظن أنّه يعيش في غابة.
فلا نامت أعين الجبناء!
انتهى