بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 21 يونيو 2025

الذين يراقبون!

 كيف يحضر االغريب السام في حروفنا وفي تعبيرنا عن أنفسنا! 

إليك هذا المثال عن حوار داخلي بيني وبين نفسي.

أحب أن أكتب عن يومي، فهذا حسابي أليس كذلك؟ ليس حسابا يقوم فيه شخص صاحب استحقاق عالٍ بفرض ما يجب وما لا يجب أن أكتبه فيه.

هذا موضوع كسرته منذ سنوات قريبة، بناء الحدود، ولذلك ولأنني جديد على هذه المدركات، أتعامل معها بطريقة شرسة بعض الشيء، كما أتعامل مع أي شخص قليل أدب يضع صورتي مثلا في مكان عام مثل مجمع تجاري، وبكل استحقاق (بريء وغبي أحيانا) يرد عليَّ: لقد رأيتك في المكان الفلاني!

موقف شخصي، مكان شخصي، حياة خاصة يعتدي عليها، فما الواجب؟ رد الاعتداء، ولأنني معاوية، والعداونية جزء من طبيعتي، وقتها لا يلوم المرء سوى نفسه أمام ردة فعلي الدفاعية، وأعترف، أجد العداونية في الدفاع عن النفس تنفيسا غير صحي مطلقاً عن الاندفاع الذي بخصالي تجاه الخصومات والعداوات، ولكن على الأقل أقول لنفسي: أدافع عن نفسي خير من افتعال خصومات من أجل الخصومات.


هذا شيء جديد جدا علي، لذلك ستأخذ عملية بناء الحدود وقتها حتى تصبح منطقية. ولا سيما وأن الأمر لم يعد يتعلق بعزّابي، أو إنسان صعلوك مغامر لا يعبأ بأي شيء، تغير الحال، وتغيرت الحدود.


ثم يأتي الأمر الآخر، الحدود التي أكتب فيها عن يومي. مع الوقت بدأت أنتبه إلى أحوال كثيرة ليست صحية في سلوكي العام، سلوك الكتابة في مكان عام، ألا وهي حجم الخصوصية الذي أبوح به للغرباء، مع الوقت بدأ يقل موّالي السابق، ويتلاشى تدريجيا، موَّال الإدمان، وثنائي القطب، والنوبات، والغضب، والمشاكل العلنية السابقة، وبدأت أحكم تدريجيا المساحة التي أبوح بها. 


هل كانت هذه رحلة سهلة؟ طبعا لا! لأنَّ العالم لا يخلو من البشر الذين لا يتنازلون عن شعورهم باستحقاق أن تكون مشاعا، بل وربما منتهكا عرضة لما تعلكه الأفواه دون خوف من العواقب. والحق يقال، تعلمت هذا بالطريقة الصعبة للغاية، سنوات بسيطة عندما كنتُ أحد حالات المجتمع العماني العامَّة، في الخير، وفي الشر، وأيضا كانت معركة صعبة للغاية من الصبر والثبات والاستعداد التام للعدوانية في الدفاع عن نفسي.


لا أعبأ حقا أن يخسر إنسان اعتدى عليَّ مستقبله، أو أفتح على رأسه هجوماً (قانونيا، ومتفق مع مبادئ الحقوق الفردية) ولم أعد أعبأ مطلقا أن يذهب للسجن، أو أذهب به للادعاء العام، لم تكن الظروف التي جعلتنا قاسيا سهلة، ومن الأساس عندما أخطأت في حق القانون دفعت ثمن الخطأ، سجنت، وحوكمت، وحكم عليَّ، ووقفت في القفص، ودخلت تحقيق الادعاء، وتحقيق أجهزة أخرى. لا يوجد أي سبب لدي يجعلني أتعامل مع ما يسمى (الطيبة) سوى كونها حالة من الضعف والبحث عن التوكيدات من الغرباء، وأغلبية هؤلاء الغرباء لم يكونوا معي وأنا أمر بأقسى أزماتي في هذه الحياة. لذلك، كم أنزعج عندما يظن البعض بي بسذاجة أنني إنسان طيب للغاية، طيب مع الطيبين، وأحب الأنقياء جدا، ولست منهم. 


أحاول أن أتعايش مع مختلف البشر في هذه الحياة، وأحيانا المواجهة هي الخيار الوحيد، ولا سيما مع الذين يعتبرون اللطف بهم عذرا للتمادي، وماذا بيد المرء أن يفعل سوى أن يدافع عن نفسه!!! ليس لدي خيار آخر حقا! 


الرقيب الاجتماعي السام هو الذي يتربص بالغرباء الذين لا يعرفهم للبصق في أفراحهم، وتسميم لحظاتهم، ليس دائما لسبب مبدأ، أو وازع اجتماعي أو ديني أو وطني، إنه يفعل ذلك لأنه يفعل ذلك، يظن أن هذا السلوك عادي للغاية ولا ينطبق عليه. 


ونحن دون أن ندري نستجيب لهذا السلوك الضار ونعطيه صفة الأمر الواقع، لذلك نراعي كل المراعاة ما نكتبه بحجة أن الحاسد والحاقد والناقم لديه عذر ما، نتراجع عن واجب مهم تجاه أنفسنا، وهو المواجهة وحماية الذات ونقرر سلوك الطريق الأسهل.


هذا ما ألاحظه من بقايا الحطام الاجتماعي الذي كنت عليه، وكأنني صرت أراعي كثيرا عدم الاصطدام بأي شيء لدرجة أن هذا الغريب السام أصبح يغير بعض ما أكتبه.


أشتكي أحيانا من ضغط العمل، ومحاولتي المستمرة للدفع بعملي التجاري على الرغم من المشاغل الدراسية والمشاغل الأخرى، لكنني أسعى كل السعي أن أكتب بطريقة محايدة بعض الشيء، وكأن الذي يحك في قلبه أن أتحدث عن نجاحٍ ما لديه وجهة نظر. أصبح شائعا ومتداولا للغاية أن نعتبر أن هذا الكائن لديه وجهة نظر! ولذلك يشيع بين الناس: "عش حياتك ولا تخبر أحدا"


منطق ليس سليما، لا ينطبق مع سعي الإنسان لصناعة حضوره الاجتماعي.

منطق البعض يسميه "الصراحة"


يطالبك بالوضوح التام وهو اسم مستعار! منطق غريب جدا!


يبدو أنني أنحت شيئا ما في بالي!!!


على أية حال، نداء العمل، أكمل الحديث لاحقا!


يا رب هذا الشهر يكون مليئا بالمال والفرص والعملاء الجدد!