المستوى الثامن في البيانو:
الأمور صارت (ما مزاح أبدا) التوافق بين اليد اليمنى واليسرى، وابتكار مختلف حيل التركيز والذاكرة للتعايش مع هذا الضغط العصبي!
يمكنك أن تسهل على نفسك عملية (تشطيف) الباور كورد، وهي نغمة مكونة من زر في اليد اليمنى، وآخر في اليد اليسرى، ولكن الكلام أسهل من التوافق مع معزوفة جديدة
أنهيت قبل قليل المعزوفة التي وقف فيها تطوري في البيانو تماما، معزوفة لا تستحمل أن تتركها أسبوعا وترجع لها، تشعر أن البيانو كله انصهر من مهارتك، فتصاب بالإحباط.
لسبب ما أحتاج هذا التمرين للحفاظ على ذهني من أثار التكلس والجمود. ولا أعرف ما الذي ضخ بي الطاقة لكي أصبر على هذا المستوى اللعين الذي قضيت فيه مدة ليست بالقصيرة.
البيانو عادة هو جزء من طقوس ما قبل المذاكرة، تسخين، يشبه الكارديو الذي عندما تذهب للجم تشعر بعدها أنك جاهز للتمرين. البيانو يشبه الكارديو إلى حد ما مع المذاكرة.
أحاول الآن ابتكار بعض الحيل الجديدة لأسهل على نفس حفظ المعزوفة. وكذلك ولأنني دخلت مستوى المعزوفات الجميلة، قررت هذه المرة أن أحفظها، وليس فقط أعزفها من الشاشة، أحتفظ بها في ذهني وأكرر عزفها عندما أصاب بالملل.
المعزوفات في هذا المستوى صالحة لكي تسمى عزفا، تسمى أغنيةً، أو معزوفة، هناك الكثير من الأغاني (والنوتة) المتكاملة، بعضها لمستويات تتجاوز المستوى العاشر، ولكنني لست بصدد الآن دخول تحديات عمر العشرين.
منذ أن بدأت الدراسة، لا جيتار يذكر، ولا عود يعاد!
أغالب النفس فقط لكي أتغلب على هذا الإرهاق المتراكم الذي عمره بالضبط أكثر من عام متتالٍ!
أقول في نفسي: يوما ما ستقل هذه الملايعة، بعض الأشياء ستصبح إنجازات، الدراسة بإذن الله ستتحول إلى شهادة وتخصص، والبزنس بإذن الله يتحول إلى شركة منظمة متكاملة الأركان والمعالم ومعنا في المقر مكينة تقوم بإعداد (سبانش لاتيه). كل هذا تعب، تعب شديد، ولكن ماذا بيدك إن لم تحلم!!! الفراغ، والكثير من الفراغ، وربما يضاف له الاكتئاب وأهلا وسهلا بحياتي السابقة.
عقلي متشبع تماما! لا أستطيع المذاكرة، ولا أستطيع فعل أي شيء، زمااااااان، كان الجهد الذهني هو أسهل شيء في حياتي، طوال يومي جهد ذهني، أكتب، أعزف، أتواصل مع العملاء، ولكن كانت هناك مشكلة صغيرة: لا أخرج من المنزل مطلقا!
لم أكون علاقة حب مع العالم الخارجي، أخرج مضطرا، للعمل، للدراسة، لكسب الرزق، وربما للمناسبات والعائلة والأصدقاء، لكنني حقا لا أحب أجواء الخروج، حتى السفر يجعلني أشعر بالواجب!
أيام كورونا!!! لا يعرف ماذا تعني هذه الأيام غير المنعزلين! بينما العالم كله لأول مرة يجرب الجلوس الطويل في البيت، أنا وطائفتي من المنعزلين لأول مرة نجد العالم جاء إلينا! حياة اجتماعية بمعنى الكلمة، طوال الوقت نجد أحدا لنكلمه، بل وأصبحنا نحن النجوم اللامعة التي طاقتها رائعة في العزلة، تشعر إنك لا تريد التوقف عن الحديث معهم!
ماذا عنك عزيزي القارئ؟ هل أنت كائن كوكبك خارج البيت؟ أم داخل البيت؟
على أية حال! انطفأ هذا النهار بما فيه وكل ما فيه، حان وقت النوم!
قبل النوم ربما قليل من البلايستيشن، وأسمع المنهج، على الأقل من باب الضمير كجيمر يدرس صيفي!
تصبحون على خير!