ربما عندما
تكتشف نفسك؛ تجد إنسانا لا يعجبك، فما الحل؟ أقرب الحلول الحمقاء التي تعالج
المشكلة بمشكلة أكبر أن تخفي المشكلة عن الجميع وبالتالي تعيش حياة شبحية قد تفتك
بك وبوعيك وقد تؤول بك إلى مهاوي الجنون. عندما تكتشف إنك شخص غير جيد ببساطة لا
تكن نفسك!
هناك أشياء
تعالج بالتوقف عنها؛ تركها بعيدة عن الاستفحال يشكل علاجا نهائيا لما يمكن أن تصل
إليه من نهايات مؤسفة. الحياة من طبعها أن تملأ الإنسان بالحزن هذا شيء طبيعي؛ إلا
أن قدرة الإنسان على أن يتحمل قلق الأشياء الرديئة والصدئة في معدنه أيضا تطرح
التساؤل. في نهايات الأشياء السيئة يتحول الإنسان إلى قاتل وسفاحٍ وربما يصبح
دونالد ترامب! نعم! هناك نهايات للأشياء السيئة؛ ولكن عندما نتحدث عن أشياء كلنا
نعلم نهاياتها فور أن تبدأ، عن أحداثٍ يمكنها أن تجعلنا نرفضها بسهولة بالغة مثل
فكرة القفز بدون مظلة على قماشٍ مطاطيّ، هناك مساحات تجعلنا نرفضُ هذه الخطر فقط
بعد أن نعلم أن قلة في كوكب الأرض فعلوها. هل الشيء نفسه يتعلق بنا؟ بنا وبذواتنا
الرديئة التي يمكنها أن تفعل الكثير من الأشياء السيئة؟
الأمر لا يتعلق
بالنفس السيئة، ولكنه يتعلق بالأفعال السيئة. يمكنك أن تنوي إلى أن تشبع الكثير من
الأشياء السيئة، الشيء الوحيد الذي تفعله بذلك هو غرس استعداد لفعلها في نفسك؛
ولكن فعليا حتى تفعل كل تلك المحفزات القبيحة في عقلك أنت تحتاج إلى ظروف أكثر
تعقيدا لكي تصبح واقعا، مثل ما يحدث للجندي عندما يجد نفسه وجها لوجه مع عدوه؛
هناك لا مساحة للتأمل الإنساني وإنما تحسم ضغطة الزناد موقف الحياة من الموت! خارج
هذه الميادين المعركة أقل تعقيدا بكثير؛ ربما لذلك يميل المسالمون إلى حل مشاكلهم
بسرعة أكثر من هؤلاء غير المسالمين أو هؤلاء الذين يمارسون العنف الجسدي أو
الإيذاء للآخر. النفس السيئة واحدة سواء
كانت توسوس لك أن تمارس الضرب والتعنيف الجسدي على شريكك العاطفي؛ أو تلك التي
تجعلك تقطع يدك بالموس وأنت تجتر ما يمكنك اجتراره من بقايا دماغ مرهق لم يعد
يمنحك أي استقرار أو سعادة، هي نفسها في الكيفية التي تبدأ فيها وفي الكيفية التي
تنتهي فيها. الذي يؤذي نفسه يحول كل الظروف التي حوله إلى ظروف سالبة تجعله دائما
يعود للخلف، ومن ضمن هذه الظروف النوع الآخر من البشر وهم الذين يؤذون الناس؛
هؤلاء يتعلقون بالمازوشيين تعلق القراد ومن هناك يجدون فرصة للتطور أكثر وأكثر في
إيذاء الآخرين. فكرة إيذاء الآخر لا تتعلق دائما بالعنف الجسدي؛ هناك ما هو أشد
عنفا من ذلك ألا وهو العنف المعنوي. البعض يجد كراهية هائلة في نفسه لأشخاص يمارس
القرب منهم بشكل هو لا يفهمه؛ هؤلاء أيضا يبقون معه ربما للسبب نفسه ولكن في
النهاية الأحداث هي التي تفرض المنطق بين الطرفين. من الصعب أن تتحدث عن نفس سيئة
وأنت نفسك تعززها بالحديث عنها بالسوء؛ هنا فكرة دائمة التكرار بين المسوخ يظنون
أن إيذاء النفس سهل وبالتالي لا يؤذون أحدا لكن عدم تعاطفهم مع ذاتهم يعكس أيضا
غيابا للتعاطف البديهية مع الآخر، وكذلك هؤلاء الذين يحبون أذية الآخرين، يصنعون كل
الظروف الممكن لإبقاء أنفسهم بعيدا عن أي شيء جيد يمكن أن يعزز في ذواتهم فعل
الخير، هؤلاء يهربون من الحب وهؤلاء يهربون من الحياة، والذي يؤذي الناس يؤذيه
الحب بشدة، ولا سيما هؤلاء الذين يحبون تدمير العلاقات الطبيعية للبشر، مثل تلك
المراهقة التي تدفع أخرى للتمرد ضد عائلتها لتجد رفيقة لها للهروب من المنزل،
الأشياء تبدأ مبكرا أحيانا من حيث لا نستعد لها، مثل اكتشاف صديق حولك يسرق المال
من خزانة المنزل؛ هناك تبدأ الأشياء بالتبلور بعد حدوث المرة الأولى والباقي خاضع
للظروف وللسلوك أو في الأحوال النادرة التي يتدخل فيها المجتمع لإيقاف سلوك سيء.
في ختام ما
أريد قوله؛ إن اكتشف إنك شخص غير جيد؛ لا تكن نفسك، ولا تخفها. عندما تسمح لنفسك
ألا تكونها ستسمح لنفسك ألا تخفيها وهناك يمكنك أن تعالج أشياء كثيرة، لكن ألا
تكون نفسك وأن تخفيها فهناك ما تريد فعله بها، ولذلك أقول لك أن الخلاص لن يأتي
بسهولة؛ سيأتي باعتراف هائل ومرير؛ ولكن النتيجة تستحق. إن كنت تعرف نفسك جيدا
وترفضها؛ لا تكنها! هذا هو الحل باختصار واصنع إنسانَك من جديد، هناك دائما مساحة
للتوقف عن الحماقة!
معاوية