بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2020

الحياد العدائي!

 

 

 

إن كانت كل الآراء التي تقولها تثبط أحدا أو تحمّس أحدا آخر، أنت في ساحة معركة وربما لم تكن تدري لأنك الوحيد الذي بلا سلاح في ذلك الميدان. لعلك تعيش وقتذاك في عالمِك الخاص لا تضرُّ أحدا، تعبّر عن مشاعرك وآرائك بحيادٍ فلسفي مقبولٍ في كل عقل يعيش في كوكب الأرض، لكنك ما تنفكُّ أن تثير أحدا ما ضدك؛ فتتساءلُ بحرقة عن السبب الذي يجعلك غير مفهومٍ بالرغمِ من أن ما تقوم به لا يوصف سوى بالعادي، والمحايد.

في مثل هذا الوضع ستجدُ نفسك مضطرا لتسبرَ أغوار الرأي النقدي تجاهك، ما تقوله يثبط أحدا أو يشعل حريقا في آخر متناقض في ضفة الميزان، بعد التقصي تكتشفُ الحقيقة المرَّة، أن حيادك هذا يغضب الطرفين، يشعلهما دون أن تقصد إشعال أحدهما. هذا إن كنت حقا صادقا في رأيك، وإن كنت حقا وتعرف ويقر العقلاء أنك تكتب أو تعبر عما في مكنونات ذهنك بعفوية غير مخطط لها.

عندما يوصف ما تفعله بعفوية ودون تخطيط بالذكاء، فأنت أمام الارتياب، وعندما يوصف بالحظ، فأنت أمام الحسد. وعندما يوصف بالصدق فأنت أمام من يفهم، وعندما يوصف بالجنون فأنت أمام من لا يفهم، وعندما يوصف بالتافه فأنت أمام العنجهية، وعندما يوصف بالمهم للغاية فأنت أمام الحب أو الإمّعيّة.

لا مهرب من إغضاب أحد من عندما تعتنق رأيا وتؤمن به حد العقيدة، قد تكون حقا في معركة وأنت الوحيد الذي فيها بلا سلاح، ولكن أن تكون مقبولا لدى طرفين متناقضين، هذا يعني أنك الوحيد منهما الذي لديه درع من المنطق، ولا سيما وإن كانت المعركة التي تُغضب طرفيها دائما مبنية على الاستحقاق الشارد عن محلّه، أنت ما أنت عليها عندما تعتنق ما أنت عليه كخلاصة مقبولة لك كإنسان في هذا الكوكب. الحياد عدائي أحيانا، يخبر الطرفين أن معركتهما ليست محقة ولا منصفة، وقد يوصف التسامي النبيل، والسعي للسلام بالنكوص، أو قد يوصف بالاستعلاء، لا مهرب من هذه الأحكام العاطفية الغضوب ما دمت مطلوبا لتكون مع أحد الخصمين، مُعاركا، أو درعاً، وهكذا دواليك تستمر دوامة التدافع في الكوكب البشري، بشراسة، أو بارتكاس، أنت ما أنت عليه، لك رأيك ويحق لك أن تقوله، والذي يغضب لأنك تثبطه، أو يغضب لأنك تحمسه يعلم جيدا أنك الوحيد الذي في ذلك الميدان الذي يقتنع جزئيا بحقوق الطرفين حتى في هذه الخصومة.

 

ماريو