بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 11 أغسطس 2021

دوافعٌ صافية وأخرى لا!

 في هذه الحياة ثمَّة مشاعر سامية، وفيّاضة تتعلق بمقدسات الإنسان العاطفية. الإيمان، بالوطن أو العقيدة الدينية، أو قضية فلسفية، هذه مشاعر تحدث من تلقاء نفسِها ولا يحق لأي إنسان أن يجبر غيره أو يلوي ذراعه أو يستدرجه إلى قضية من هذا النوع بالحيلة والكيد والخداع.

لا يحق لأي شخص أن يجبرك على اعتناق مبدأ ديني، أو وطني، أو أدبي ودخول حربٍ آراء بسببه. ووضع الإنسان في زاوية ضيقة ومحاصرته بالتهم مثل [إن لم تفعل ذلك فأنت لا تنتمي لدينك، لوطنك، لمدرستك الفكرية] هو تصرف جبان، ولئيم، ولا يقوم به إلا مفلس متورط لم يعد لديه سوى التحريض سلاحا.
وهذه من أكبر مشكلات التيار الجمعي، والفوضى التي يسببها الخطاب الدعائي، ويُمارس هذا من قبل المحرضين من قبل كل الطوائف الذهنية، وفيها يُحاصر الفرد لتبني خطاب وممارسته مع أن هذا ليس من واجبه، ولا وظيفته، ضغط معنوي جبان يلجأ له المفلسون فكريا ويظنون أن الحماسة تغني عن الحكمة!
ولذلك تجد خطاب مثل [لم نقرأ لك رأيا في الحدث الفلاني] أو لقد حدث الحدث الفلاني فماذا كانت ردة فعلك؟ ولماذا تكون لك ردة فعل؟ ماذا لو كنت مشغولا وقتها بإصابتك بكورونا؟ هل هذه حجة جدل مُحقَّة؟ كلا بالطبع! الضغط المعنوي على شخص ليتبنى قضيتك أو يتحمس يدل على إفلاسك وفشلك.
والجبان الحقيقي هو من يقدّم غيرَه في وجه المدفع، ذلك المحرضُ الصامتُ الخفي، فلا هو يدفع الثمن ولا هو يتحمل الضريبة، أقبحُ أشكال الجُبن في هذه الحياة أن تحرض غيرك لفعلِ ما تخاف أنت فعله وتتحاشى الوقوع فيه. أقذر أنواع البشر هم هؤلاء الجبناء الذين يجازفون بغيرهم لا بأنفسهم!
ومتى يحق لك اللوم؟ وأن تعتب على صامت؟ عندما تكون فعلتَ، وجازفتَ وقلتَ ما تراه حقا ودفعت ثمنه، ومتى يحق لك ذلك فقط، عندما يلومك الصامت الجبان على صمتك، أو يحرضك الخاملُ فكريا على فعل ما يعجزُ عن فعلِه، هُنا يمكنك أن تطلق العنان لغضبك لتذكر الجبان بمقامِه ومكانه.
ولذلك، فإنَّ الحَماسة لنُصرة قضية هي أمر بدافعٍ للإنسان من ذاتِه، وعاطفته، وأيا ما كانت هذه القضية أن تظنَّ أنك تفعل شيئا حكيما أو ذكيا باللعب على أوتارِ القلوبِ فأنت أحمق، وغبي، غضبك شأن يعنيك، ولا يحق لك أن تطالب غيرك أن يغضب نيابة عنك، ولا سيما وأنت متنصل من هذا الغضب تماما!