بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 15 أغسطس 2021

لحظة ما

 لم أعد متفائلا بشيء، أقصى ما أستطيع فعله هو اللواذ إلى كهوف اللغة، إلى بقايا الشعاع القديم من المعنى الذي جابَ الأرض طولا وعرضا، إلى أنين الذات وحرقة النفس ولوعة القلب وذاكرةِ الأمنيات وما تلاشى فيها من أغانٍ وفرح. للجحيم طريقٌ مشتعلٌ بما يشبهه من حرائق.

تتوقَّدُ نيران الإرادة، أما الطريقُ فيحترق. اللهيبُ أقربُ إلينا من حبل الوريد، تلفحنا حرارتُه. ماذا تبقى حقَّا سوى شعورِنا بالضيمِ والمرارة والأسى؟ من كان ذا لبٍّ فليكتئب وليعصر الصبرَ من مرارةِ الحزنِ. خمرُ أيامِنا انتظار المجهول. القشُّ ينتظر الشرار ولا يستنكف أن تبلله الدموع.
تأجَّلت أعمارُنا والنهرُ يهدرُ. غربت شمسُ الرفاق، والأحلام. تبدد النضال الأخير من أجل ما تبقى من الآمال، نحن والوقت والفراغ الشاهقُ في قمم الجبال المجهولة. ليس لدينا ما يكفي من الكلمات لنقولَ: عشنا! لكل زمنٍ مأساة وحكاية، وما أفدح تشابه حكايتنا، ومأساتنا مع أعمارِنا!
ما عزاء الذي أتقنَ الحياةَ؟ وما مصير الذي نسجَ حبال إرادته من خيوط العنكبوت؟ في ظلامِ المجهول يتساوى الظالم والمظلوم. المؤمنُ يتمسّك بحفنةٍ من الرماد، والكافر بنفسه كالكافر بغيرِه يشد أزرَه بنار الكراهية! تلفَ الذين يكرهون النار، لا مطر أغرقهم في بدايات النعيم.
وما عذرنا؟ أن نهمس بخجلٍ أننا عشنا أياما ما، أوقاتا ما. مرَّ علينا الدهرُ، كما غفل عن أحزاننا العُمر. عشنا لنعيش، وكتبنا لنكتب، وصرخنا لنصرخ. أي حتفٍ فادحٍ أن تكون الحياة موتا مؤجلاً، وانتظارا متحمسا للمجهول! نامت أعينُ الجبناء، واستيقظت عيونُ الغادرين. وسرقَت الأنقياء أحلامُهم.
+